وداعا فؤاد التكرلي في رحيلك الهادئ
في ليلة هذا اليوم الاثنين 11/2/2008 .. سهرت حتى ساعة متأخرة من الليل ، مع بعض الاصدقاء في بيت استاذنا الفنان الكبير غانم حداد أحد روَّاد مدرسة العود العراقية .. وعندما عدت الى البيت والساعة تشير الى الثانية تقريباً من صباح اليوم التالي ، بصحبة صديقيَّ العزيزين الفنان التشكيلي الكبير إبراهيم العبدلي والسيد مازن الحيدري ، اللذيـْن أخبراني بنبأ وفاة الروائي الكبير فؤاد التكرلي..! وقد هالني ما سمعت .. من خبر وفاة القاضي الأديب فؤاد التَّكرْلي الذي يعد واحداً من أكبر روائيينا وأدبائنا الأعلام على الصّعيد العراقي والعربي ..عرفتُ هذا الرجل الوقور ، منتصف السبعينات في باريس أو لندن .. لا أتذكر بالضبط ..! عندما حضر إحدى حفلاتي المقامية ، وكذلك لا أتذكّر أيضاَ ، هل انني تحدثت معه في تلك الليلة أم لا ..!؟ ولكن يمكن أن يكون قد هنأني على نجاح الحفلة كسائر الجمهور الحاضر .. ولذلك أتذكر انني قد شاهدته في امسية تلك الحفلة .. ولكنني تعرَّفتُ عليه شخصياً بصورة أكيدة في تونس عام 1992 عندما كنتُ مشاركاً في مهرجان المدينة في شهر رمضان المبارك 1412 هـ الذي صادف في شهر آذار March من العام الميلادي 1992 .. حيث كنتُ قد إصطحبت زملائي أعضاء الفرقة الموسيقية الى سفارتنا بتونس لزيارة السيد السفير حامد الجبوري الذي كان وزيراً سابقاً لوزارتنا (وزارة الثقافة والإعلام) مطلع السبعينات .. وبعد نهاية زيارتنا للسفير ، زرتُ المرحوم فؤاد التكرلي في مكتبه بالسفارة .. الذي رحّب بي كثيراً ، وتحدثنا لبعض الوقت في شؤون الأدب والرواية والقصة وغير ذلك .. وأتذكر من حديثه الآن ، انه أعرب عن إرتياحه من موقف السفارة والحكومة العراقية في عدم تركه بعيداً ، وهو في غربته بتونس العربية بعد مغادرته العراق عشية ظروف الحصار الظالم الذي فرض على بلدنا عام 1990 ، وذلك بتعيينه موظفاً في السفارة براتب شهري يكفيه للعيش ..
أما بقية الاحاديث التي دارت بيننا ، فقد دوَّنتها في مفكرتي اليومية ، وكذلك هي موجودة أيضاً في الجزء الاول من كتابي المخطوط الذي لم يكتمل بعد ، تحت الاسم المؤقت – من ذاكرة أسفاري – وبعد ذلك إلتقيت بالمرحوم فؤاد التكرلي أكثر من مرَّة خلال هذه السنوات ، وعلى الاخص الاخيرة منها في العاصمة الاردنية عمّان ..
(ولد الروائي العراقي الراحل فؤاد التكرلي في بغداد عام 1927 ، واكمل دراسته في كلية الحقوق عام 1949 وعمل في مدينة بعقوبة (60 كلم شمال العاصمة) موظفا في احدى دوائر وزارة العدل . كما عمل قاضيا في بغداد عام 1964 قبل أن يسافر الى فرنسا في إجازة دراسية استقر بعدها في تونس عدة سنوات في سبعينات القرن الماضي لينتقل منها من جديد الى باريس ثم بيروت قبل أن يستقر في العاصمة الاردنية عمّان حيث تُوفِّي . كانت روايته "اللاسؤال واللاجواب" التي أصدرها العام الماضي آخر أعماله الأدبية وقد عاد فيها الى سنوات الحرمان والجور الذي عاناه أبناء شعبه في ظل فترة الحصار القاسي منذ التسعينات وحتى عام 2003. يعد التكرلي أحد كتاب جيل الخمسينات جيل الريادة في القصة العراقية مع الراحلين غائب طعمة فرمان (1927-1990) وعبد الملك نوري (1921-1998) ومهدي عيسى الصقر (1927-2006). بدا كتابة القصة القصيرة في أربعينات القرن الماضي ونشر أول قصة بعنوان "همس" في مجلة الأديب البيروتية عام 1951 وأصدر مجموعته القصصية "العيون الخضر" عام 1957. ومن ابرز اعماله الروائية "خات الرمل" (1995) و"الرجع البعيد" (1980) والمجموعة القصصية "الوجه الاخر" (1960) و"موعد النار" (1990). لم يتردد التَّكَرلي في توجيه الإنتقادات اللاذعة عبر أعماله الأدبية للسلطة السابقة..!!)*1
رحم الله فقيدنا الاديب الكبير فؤاد التكرلي واسكنه فسيح جناته وألهم أهله واصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان ، وإنا لله إنا إايه راجعون ..
مطرب المقام العراقي
حسين اسماعيــل الاعظمي
عمَّان 12/2/2008 الثلاثاء
هامش
*1 هذا الجزء منقول من موقع كوكل google