وفي بعض الشعر نبوءة / العصر المهجن
على غير العادة ، احجم هذه المرة عن إضاءة خلفية النص ، تاركا حرية الإستنتاج والإستنباط لنباهتك قارئ العزيز ، فلحظة تـأمل وإستعادة لحوادث شريط الماضي في سبعينات القرن الماضي ، والذي يعـيه من هـو في عـمري او الأكابر سنا ، فالمثقفون الديمقراطيون العراقيون على مختلف مراتبهم يدركون تماما ما كانت تحمله في طياتها خطة التبعيث السيئة الصـيت لمؤسساتنا الثقافية ، وخاصة المدارس ، والمعاهد ، والجامعات بإعتبارها الى جانب الجيش مؤسسات عـفلقية صرفة ، اي بلغة التعبيرالعامي**طابو مختوم بشمع احمر للسلطة البعثية ، لا يمكن مساسه .
فما الذي يرتجى من المثقف الديمقراطي المحاصر في تلك الظروف الحالكة ، ان يفعل ليدافع على نقاء انتمائه ، ويصون ادبه وفنه من محاولة الإستيعاب والتلويث وحمله بعيدا عن اجواء التهليل والتزمير لصنم الحاكم بـأمره .
لقد توافق إستضافة شاعر لغة الضاد الأكبر* محمد مهدي الجواهري للنادي الثقافي المسيحي ببغداد ، ضيف شرف للحديث عن مشوار حياتـه الأدبية الزاخرة بالحوادث والمعاني والعبر، ميلاد هذه القصيدة ....فالقيتها إحتفاء بمقدمه . وبعد ثلاثة عشر عاما إلتقيته ببودابست في بيت صديق لنا ، فاعدت قراءة بعضها اليه فـأسـتحسنها بقوله ثلاث مرات * حلو حلو حلو ، فإلتفت إلى إمرأة كانت جالسة الى جانبه ، فاعقبها برابعة حلو.....
فادخلت في نفسي بهجة ما بعدها بهجـة . . إنه الجواهري العظيم الذي لا يطري على احد الاّ مـا نـدر .
فها أنذا انشرها اليوم تخليدا لذكرى شاعر كفاحنا المشترك ، ووحدتنا الوطنية التي ستبقى قارب نجاة لنا جميعا عربا وأكرادا وكلدانا واشوريين وتركمانا وكل أطياف قوس قزحنا الجميل ، التي تشكل سدة ولحمة شعبنا العزيـز في عراق آمن ومزدهر .
تمتد ساحة همي فوق اتينا
يا ثدي أمي بطهر ينتدي لينا
أورثت كل مجاعاتي وعهري مذ
هبت على جسدي ذكوى تدنينا
شيدت حلمي على قلبي جدار أسى
يا واهبا رجمي شكلا وتلوينا
جاورت ظلي رخيا من سواحله
أرتاد قلبي نبيا تاب تديينا
يا كبوة الجسد العاري بنشوته
حللت ما بين وجدي والنهى حينا
يا ريح لمي ملااتي القديمة ما
إلتذت النفس من كـأس المحبينا
توالد الموت في حقائب الزمن ال
محمول يا مروض التاريخ أسينا
ينسل من عصبي نزفا يخالطه
إغفاء حلمي على كفي تلاوينا
ما زال يلتحف الشحاذ مديته
فجر البداوات عرى وشم أيدينا
مبكى الحقيقة عصر ظل مضطربا
تروى خمائله عهرا وتهجينا
والشمس في وطني كليلة الضرع
تشق من صدرها نبعا لتروينا
تمخضي شهوة الاتـين زوبعة
من سورة الغـضب المنزاح بكينا
تمتد صورة همي عبر نافذة ال
ريح الرمادي ظلا يلتوي فـينا
رأسي سفينة ملاح جنادله
تستف من حلم الأرواح تفطينا
صبوا جرار الأسى في سمح خاطره
تحملن من زمن الفوضى براكينا
قالوا فـؤادك قديس نعـذبه
صبوا على جسدي زيتا وغسلينا
تخثر الصمت ملتفا على شفتي
لا ترهبوا حسي الممراح توهينا
أحرقت من حلمي طوفان ملكتي
أجتث أجتث أوهاما لماضينا
القيت من حافة الذكرى سحابته
قناطر الموت ، سور الليل تهوينا
والجرح ساحة إصرار وتربية
فـدوري الحرف يا اصداء تكوينا
فالموت عرس إذا لمت حقائبه
أطمار بؤسي وكوخا كان يأوينا
قلبي إلى وطني اجتاح غربته
بين التهاويم تـنزى من مآقـينا
والحرف يختال مصلوبا على شفتي
والصمت يولد أحيانا مضامينا
فالشعر رؤيا كأحلام العبيد لذا
ذة وقد لفنا الدوار تفـتـينا
*أبا الفرات* عشقـنا راح سانحة
يا شمس رحلتنا للنفس تجرينا
*أبا الفرات* حلمنا واحة الأبد
والقلب تحرقه الأصوات تخمينا
يا من حملت إلى الأطياف زهوتها
والشعر معركة الوجدان تضرينا
يمتد كالأفق ينأى حين اسرحه
ينسل من عصب الرؤيا افانينا
تنداح من ظـلك الممتد أجنحة
تمتد تمتد حبا كان يروينا
أراك من كوة الاتي على رحب ال
دنيا رحيق أوحام وزيتونا
قلبي حقائب احزان رحيل صدى
تستف من حلمي ظمأى احايينا
سحائب الشعر يا أوداج عاقرة
تختال من سحنة الأعياد تزينا
* أبا الفرات * لماذا عاد يسكرنا
كأس من الدعة الشوهاء تدجينا
طحالب الموت تنمو في حقول دمي
يا ضجة الكون في الأعراق هـدينا
والليل في وطني وجه لغانية
تجذ من نهدها عهرا وتعـدينا
لم يبق من متعي الهو سوى ألمي
وراية الجرح فوق النار تذرينا
السويد