Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

آراء في مقترح قانون العفو

د. ضياء عبدالله الجابر/
طالعنا في الصفحة الرئيسة للموقع الرسمي لمجلس النواب مقترح قانون العفو العام، والذي قد يطرح على مجلس النواب الموقر لقراءته والتصويت عليه في وقت لاحق من هذا العام، وفقاً للآليات القانونية التي رسمها الدستور والنظام الداخلي للمجلس.

إن العفو العام كما هو معلوم سبب من الأسباب التي تؤدي إلى سقوط الأحكام وما تتضمنه من عقوبات (أصلية أو تبعية أو تكميلية)، فهو يمحو الجريمة ويسقطها وكذلك قراري التجريم والإدانة، وهذا العفو يمكن أن يصدر ليشمل أية مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية، التحري وجمع الأدلة، التحقيق الابتدائي أو القضائي، أو المحاكمة وحتى بعد صدور الأحكام واكتسابها الدرجة القطعية، بل حتى في مرحلة تنفيذ الأحكام، فيؤدي إلى سقوطها وإيقاف تنفيذها، لكن لا تأثير له على ما سبق تنفيذه من أحكام، مالم ينص القانون على خلاف ذلك.

العفو العام يصدر بقانون من قبل السلطة التشريعية تمييزاً له عن العفو الخاص الذي تتكفل به السلطة التنفيذية، إن تسمية هذا العفو بالعفو العام لا يعني انه عفوا عاماً عن جميع المتهمين أو المحكومين، وفي جميع الجرائم دون قيداً أو استثناء، فهو قد يشمل جميع الأشخاص المتهمين من الموقوفين وغيرهم، والذين لم يلقى القبض عليهم أو حتى الذين لم تتخذ بحقهم الإجراءات القانونية، والمحكوم عليهم، وغالباً ما يشل جميع الجرائم إلا ما استثناه قانون العفو من جرائم خطيرة وجسيمة ((كالجرائم الإرهابية أو الدولية، القتل العمد، الاتجار بالمخدرات، تزوير المحررات الرسمية، تزييف العملة، اختلاس الأموال العامة، سرقة المال العام، تهريب الآثار، الرشوة، الزنا بالمحارم، الاغتصاب واللواط)).

ان مقترح القانون الجديد قد تضمن العديد من الأحكام القانونية منها العامة، والتي اشرنا لها في أعلاه، ومنها الخاصة والمتعلقة بكيفية تطبيقه إذا ما تم إقرارها ونفاذه.

ومن اجل تسليط الضوء على هذا المقترح نبين بعض الآراء القانونية المتعلقة بأحكامه، وكما نراها من وجهة نظر قانونية، وفقاً لتسلسل المواد الواردة فيه:-

أولاً- المادة (1)

نقترح إعادة النظر في صياغتها، وذلك لعدم الانسجام في الصياغة القانونية، ونقترح أن تكون الصياغة الجديدة كالآتي:-

((يعفى عفواً عاماً عن المحكومين من العراقيين الموجودين داخل العراق وخارجه)).

وذلك للأسباب الآتية:-

1- لا داعي لذكر مصطلح (شاملاً)، لان ذكر مصطلح (عاماً) يكفي للتعبير عن طبيعة هذا العفو وعموميته، إضافة لكونه صادر من السلطة التشريعية فهو عفو عام. كما أن بعض الدول تستخدم مصطلح (العفو الشامل) بدلاً من العفو العام، والقانون العراقي سواء في نصوص دستور جمهورية العراق لعام 2005، أو قانون العقوبات رقم(111) لسنة 1969 المعدل، أو قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل، وبالتالي لا داعي لذكر مصطلح شاملا، لكفاية مصطلح عاماً، ونرى ضرورة رفعها من صياغة المادة.

2- لا داعي لذكر عبارة (المدنيون والعسكريون)، فإضافة للخطأ النحوي واللغوي الموجود في العبارة-عن العراقيون(المدنيون والعسكريون)، والذي لابد من تصحيحه أولاً، نقول ثانياً لفظة العراقيين لفظة عامة ومطلقة فهي تشمل الجميع من مدنيين وعسكريين، فلا داعي لذكرها، إلا إذا أرُيد التخصيص والذي لا نرى فائدة منه هنا، فنقترح رفعها.

3- حذف عبارة (بالإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت أو الحبس)، فهي زيادة لا تؤثر ولا تقدم ولا تؤخر، فغالباً كل محكوم يتم الحكم عليه بهذه العقوبات الأصلية الرئيسة، فلا داعي للسرد المطول وذكر أنواع العقوبات، فنقترح حذفها من نص المادة الأولى.

4- رفع عبارة (سواء كانت أحكامهم حضورية أو غيابية)، لأنه لا فائدة ترجى من هذا التقسيم، فالقانون يسري على النوعين من الأحكام الصادرة دون الحاجة إلى ذكره، فهي زيادة وتزيد لا حاجة له، فمصطلح المحكومين يكفي للدلالة على ذلك، لان المحكومين نوعان لا ثالث لهما، فنقترح رفعها من المادة الأولى.

5- حذف عبارة (اكتسبت الدرجة القطعية او لم تكتسب)، لان الأحكام هي نوعين وذكر المحكومين يغني عن هذا التقسيم الذي لا حاجة له، فما هي الفائدة من ذكرها وما هو الضرر من عدم ذكرها، نقول لا شيء، فهي لا تؤثر أي تأثير، لا من بعيد ولا من قريب، بل العكس هي تطول وزيادة لا داعي لها والقانون بغنى عن ذكرها، والاكتفاء بمصطلح المحكومين، الذين إما أن تكون أحكامهم ابتدائية (أولية)، أو نهائية، حازت درجة البتات(باتة).

ثانياً- المادة(2) من القانون

1- إعادة النظر بصياغة المادة (2) من القانون، كونها بحاجة إلى إعادة ترتيب وتنظيم أكثر.

2- نقترح أن تكون الصياغة الجديدة كالآتي:-

((تسري أحكام المادة (1) أعلاه على المتهمين الذين اتخذت الإجراءات القانونية بحقهم، سواء كانوا موقوفين أم لا، والأشخاص الذين لم تتخذ بحقهم تلك الإجراءات، مالم يرد استثناء بهذا القانون)).

((تسري أحكام المادة (1) أعلاه على الأشخاص الذين لم تخذ بحقهم الإجراءات القانونية، والمتهمين الذي اتخذت بحقهم تلك الإجراءات سواء كانوا موقوفين أم لا، مالم يرد استثناء بهذا القانون)).

((تسري أحكام المادة (1) أعلاه على الأشخاص الذين لم تحرك الدعوى الجزائية بحقهم، والمتهمين الذين حركت الدعوى الجزائية ضدهم واتخذت الإجراءات القانونية بحقهم، مالم يرد استثناء بهذا القانون)).

ويمكن صياغة الفقرة الأخيرة الخاصة بالاستثناء بعبارة أخرى (إلا من استثني من أحكام هذا القانون).

3- رفع عبارة (وتوقف الإجراءات القانونية بحقهم كافة)، وتوضع في بداية المادة (3)، لأنه مكانها المناسب من حيث الصياغة والترتيب القانوني، فلا بد أن توضع في مادة مستقلة، أو فقرة مستقلة، وهو ما يتحقق إذا ما وضعت في المادة (3) من القانون، والتي تتحدث عن الأثر المترتب عن الشمول بأحكام العفو العام،, هي وقف الإجراءات القانونية وإخلاء السبيل.

4- نقترح تحديد طبيعة وقف الإجراءات القانونية، هل هو نهائي أم مؤقت ومشروط أم لا، ونرى أن يكون العفو العام مقيد بفترة زمنية ومشروط بعدم ارتكاب جريمة خلال تلك الفترة الزمنية، ليكون العفو مشجعاً وحافزاً على ترك الإجرام وإشعار المعفو عنه بذلك ليتوخى الحذر الشديد، وبخلافه سوف يسقط العفو وتمحى آثاره بالنسبة للعقوبة المعفو عنها، فتنفذ بحقه إضافة لعقوبة الجريمة الجديدة، وهذا الأمر نراه ضروري جداً فلا بد من تضمين قانون العفو نص بذلك.

ثالثاً- المادة (3) من القانون

1- نقترح أن يكون النص جامعاً بين الفقرة الأخيرة الواردة في المادة (2) من مقترح القانون، والمادة (3) منه.

2- نقترح أن تكون صياغة النص كالآتي:-

((أولاً- توقف وقفاً نهائياً الإجراءات المتخذة بحق المتهمين والمحكومين المشمولين بأحكام هذا القانون، باستثناء الجرائم الواردة في المادة( ) من هذا القانون، ويخلى سبيل من كان موقوفاً منهم بقرار من اللجنة القضائية المختصة

ثانياً- إذا ارتكب المعفو عنه جريمة عمديه من الجرائم المنصوص عليها في المادة( ) خلال ثلاث سنوات من تأريخ صدور قرار اللجنة القضائية، تتخذ بحقه الإجراءات القانونية التي اعفي منها سواء في مرحلة التحقيق أو المحاكمة، وتنفذ بحقه العقوبات التي اعفي منها)).

رابعاً- المادة (4) من القانون

1- إعادة صياغة المادة (4) من القانون وجعل صياغة مقدمتها كالآتي:-

((يستثنى من أحكام هذا القانون مرتكبو الجرائم الآتية.... الخ)).

((يستثنى مرتكبو الجرائم التالية من أحكام هذا القانون.... الخ)).

2- نقترح إضافة مصطلح المعدل في نهاية الفقرة (أولاً) من المادة (4) من القانون، لتكون صياغتها كالآتي:-

((الجرائم المنصوص عليها في الفقرة............. رقم (10) لسنة 2005 المعدل))

3- نقترح رفع كل ما ورد بعد كلمة إرهاب من الفقرة (ثانياً) من المادة(4) من القانون، لعدم الحاجة إليها ونراها زيادة لا داعي لها من حيث الصياغة القانونية التي يجب إن تكون مختصرة ووافية من حيث المعنى والمضمون، فجرائم الإرهاب معروفة ونص عليها قانون مكافحة الإرهاب رقم(13) لسنة 2005. لذا تكون صياغة المقترحة كالآتي:-

ثانياً- جرائم الإرهاب.

ثانياً- جرائم الإرهاب الواردة في قانون مكافحة الإرهاب رقم(13) لسنة 2005.

3- إضافة مصطلح (المعدل) في نهاية الفقرة(تاسعاً) من المادة (4).

4- نقترح إضافة جرائم أخرى إلى نص المادة (4) من القانون، لتكون مشمولة بالاستثناء من أحكامه، لخطورتها وجسامتها وتأثيرها في المجتمع، والتي لا يمكن كما نرى شمولها بقانون العفو، فهي لا تقل خطورة وأهمية عن الجرائم المستثناة أن لم تفق بعضها في الأهمية والخطورة والجسامة.

عاشراً- جرائم الاختلاس.

حادي عشر- جرائم تزوير المحررات الرسمية.

ثاني عشر- جرائم سرقة أموال الدولة.

ثالث عشر- جرائم إتلاف وتخريب الأموال العامة.

رابع عشر- جرائم الاعتداء على الموظفين.

خامس عشر- جرائم القتل العمد المنصوص عليها في المادتين(405، 406) من قانون العقوبات العراقي رقم(111) لسنة 1969 المعدل.

سادس عشر- جرائم القتل الخطأ إذا لم يتنازل ذو المجنى عليه عن الحق الشخصي.

سابع عشر- الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد والمنصوص عليها في قانون العقوبات العسكري رقم(19) لسنة 2007.

خامساً- المادة (5) من القانون

1- تقسيم المادة (5) إلى فقرات رقمية (أولاً، ثانياً، ثالثاً، رابعاً)، بدلاً من الترقيم بالأحرف (أ، ب، ج، د)، وهذا الأمر يتطلبه التنظيم الشكلي لفقرات القانون، فلابد من مراعاة ذلك، للتوحيد في الشكلية القانونية المطلوبة في الصياغة.

2- تعديل المصطلح تتشكل المستخدم في بداية الفقرة (أ) من المادة(5)، لتكون الصياغة كالآتي:-

((أولاً- تشكل........... )).

3- إضافة مصطلح (الجزائية) إلى نص الفقرة (ب) من المادة(5)، لتكون صياغتها كالآتي:-

((ثانياً- تلتزم المحاكم الجزائية العادية والعسكرية والمدنية....... الخ)).

4- إضافة مصطلح (الاتحادية) إلى الفقرة (ج) من المادة(5)، لتكون الصياغة كالآتي:-

((تكون القرارات الصادرة....... أمام محكمة التمييز الاتحادية.... )).

5- تحديد اختصاص محكمة الاستئناف عند النظر بالطعون هل تنظره بصفتها الاستئنافية، أو التمييزية.

6- إضافة مصطلح(الاتحادية) إلى الفقرة(د) من المادة (5) لتكون الصياغة كالآتي:-

((....... الاستئناف الاتحادية..... )).

سادساً/ المادة(6)، لا يوجد عليها أي تعليق.

سابعاً/ المادة(7)، لا يوجد عليها أي تعليق.

ثامناً/المادة(8)

نقترح أن يكون النفاذ لأحكام القانون من تأريخ نشره في الجريدة الرسمية لا تأريخ صدوره، لإعطاء الفرصة إلى الجهات المختصة لدراسته بدقة والإعداد والتهيؤ لتطبيقه، لذا نقترح إعادة صياغة المادة(8) لتكون كالآتي:- ((ينفذ هذا القانون من تأريخ نشره في الجريدة الرسمية)).

تاسعاً- نقترح إضافة مادة قانونية يكون تسلسلها (8) أي قبل نفاذ القانون ونشره، تعطي صلاحيات لمجلس القضاء الأعلى بإصدار التعليمات الخاصة لتسهيل تطبيق هذا القانون كونها الجهة المختصة بذلك، ونقترح أن تكون صياغتها كالآتي:-

((لمجلس القضاء الأعلى صلاحية إصدار التعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ هذا القانون)).

عاشراً/ لم تشر مسودة المقترح إلى الأثر المدني المترتب على شمول الشخص بقانون العفو، فهل يسقط الحق المدني المترتب على الدعوى الجزائية أم لا يسقط وهو الأصل العام.

نقترح تضمين القانون مادة قانونية تشير إلى اثر سريان قانون العفو على الحقوق المدنية، نقترح أيضا على اللجنة المختصة طرح المقترح في بقية وسائل الإعلام، وعقد الندوات والمؤتمرات وورش العمل بخصوصه، وإرساله إلى الحكومة لإبداء الآراء حوله، و لتنضيجه وإخراجه بالصورة النهائية التي يمكن طرحها وتقديمها لمجلس النواب الموقر، ليتم مناقشته، ثم إقراره. مع فائق التقدير والاحترام.

* مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

http://adamrights. org/




Opinions