أرادها من الخضراء فجاءته من السماءر
كان ممكنا لمجلس النواب العراقي المجيش ضد المالكي أن يستجيب لطلبه في إعلان حال الطوارئ في البلاد على خلفية ماحدث في الموصل، تلك الإستجابة تهيئ للبرلمان المنتهية ولايته على البلاد منذ الرابع عشر من حزيران الجاري أن يقيد رئيس الحكومة بجملة قرارات خاصة وإن حال الطوارئ تستمر لأسابيع يمكن أن تجدد، أو تنتهي بقرار من البرلمان، غير إن التهديدات التي أفرزها وجود تنظيم داعش في الموصل وبعض المناطق الأخرى التي يستعيدها الجيش رويدا من قبضة المسلحين المتشددين وعدم قدرة البرلمان على التحرك، أدت الى قرارات حاسمة من الحكومة خارج إطار سلطة البرلمان، أعقب ذلك فتوى أعلنها ممثل المرجع الأعلى للشيعة في العالم السيد علي السيستاني تتعلق بالجهاد الكفائي ضد المسلحين من التنظيمات التي هددت بإجتياح العاصمة بغداد ومدن أخرى في الوسط والجنوب ومنها كربلاء والنجف، عدا عن رغبة المنظمات التكفيرية بتدمير المراقد الدينية وقتل المراجع الدينيين.
يبدو إن التهديدات تلك كانت مخيفة الى الحد الذي حصل معه رد فعل شعبي عنيف تمثل بخروج عشرات الآلاف من المواطنين في مدن الوسط والجنوب وفي العاصمة بغداد ليعلنوا التطوع في أجهزة الدولة بناءا على تلك الفتوى التي توضحت في خطبة الجمعة، وماورد فيها من نقاط مهدت للحكومة لتتخذ خطوات كبيرة، ولتتمكن من الزمام، وتستعيد توازنها، وتبدأ بحملة عسكرية مضادة بإتجاه تكريت وسامراء ومدن وقرى في هذه المحافظة، ثم السيطرة الكاملة عليها، ويبدو إن إستراتيجية الحكومة تتمثل حاليا في حصار محكم على الموصل مع قصف جوي مكثف، وتهيئة عديد القوات بإنتظار ساعة الصفر، ومرجّح تماما إن القرار الآن هو الحصار المحكم، وحرمان المدينة الكبيرة من الموارد، والضغط أكثر خاصة إن المتشددين بدأوا في الدخول بمغامرة الصراع الداخلي الذي عاشه زملاؤهم في مناطق من سوريا منذ أكثر من عام، وأدى الى سقوط المئات من المتشددين الذين يقاتلون بعضهم بشراسة.
البرلمان العراقي ودع الدورة البرلمانية بفشل ذريع ومخز، ولم يكن ممكنا الإعتماد على السلطة التشريعية التي لم تقدم شيئا وتركت الشعب في مواجهة داعش والتنظيمات المتشددة والتكفيرية، وكان دخول المرجعية الدينية مثّل تحولا غير مسبوق في الواقع السياسي والديني، ومهد لتحرك مغاير عن المألوف، وبدأ أكثر من مليون ومائتي ألف مقاتل بالتدريب لتشكيل جيش رديف، مع دعوات لتشكيل وزارة حرب رديفة لوزارة الدفاع، وهو ماوضع السياسيين في حرج وأثبت فشلهم على الأرض وأسقط بأيدي الجماعات المتشددة التي كانت تريد تحقيق حلم الدولة الإسلامية النافية لوجود مذاهب فكرية مختلفة، أو مخالفة، وجعل في العراق حراكا غير مسبوق منذ ثورة العشرين عززه قرار المرجعية، وخروج الناس للقتال ضد المتشددين الذين فقدوا قدرتهم بعد أيام من الفورة التي بدأوها في الموصل، وأشعروا الآخرين إنهم في مواجهة تحد وجودي يتطلب منهم الرد بكل الوسائل ودون إبطاء.