أقليات في الموصل ما تزال تعاني الإهمال منذ سقوط داعش
المصدر: مجلة لها
تناول تقرير لموقع، نيو أراب، الاخباري استمرار معاناة كثير من أبناء الاقليات العرقية والدينية في الموصل من شبك وايزيديين ومسيحيين من تبعات اجتياح تنظيم داعش لمناطقهم وتدمير املاكهم، مشيرا الى ان أكثر من نصف المتضررين المتقدمين بطالبات تعويض لم يتم تلبية احتياجاتهم وان قسما من النصف الاخر تلقوا تعويضات جزئية فقط.
عند الضواحي الشرقية للموصل تقع هناك قرية، طوبزاوة، التي تقطنها اقلية الشبك العرقية حيث تعيش عائلة، أمينة، التي قررت بعد اجتياح داعش للموصل عام 2014 ان تبقى هي وزوجها واطفالها في قريتهم، خلافا لكثير من رجال القرية الآخرين الذين قرروا ارسال نسائهم واطفالهم لمدن شمالية أكثر امانا وبقائهم لحماية ممتلكاتهم.
عند مدخل القرية كانت هناك لافتة كبيرة تحيي ذكرى شهداء من طائفة الشبك قتلوا في الحرب ضد داعش للفترة ما بين تشرين الثاني 2016 وتموز 2017 والتي شاركت فيها قولا التحالف الدولي. مع ذلك فان الطفل ابن، امينة، الذي توفي من مرض وراثي اثناء الحصار على المدينة، لم تكن صورته موجودة في اللافتة.
تقول امينة ” لو كان بالإمكان ان ارجع بالزمن مرة أخرى للوراء لكنت قد اقنعت زوجي بان نهرب مع أطفالنا لمكان أكثر امانا. الحفاظ على الممتلكات لا يمكن ان يعوض خسارة طفلي والمصاعب التي تعرضنا لها اثناء المعارك ضد داعش”.
ويشير التقرير الى ان اقلية الشبك، الذين تتراوح اعدادهم ما بين 250 الى 400 ألف شخص، لديهم لغتهم الخاصة وغالبيتم يعملون في الزراعة متربية المواشي. وهم يشكلون واحدة من أقليات عرقية كثيرة أخرى يعيشون في الموصل مركز محافظة نينوى التي يقارب تعدادها مليوني نسمة، والتي تشكل اكبر تجمع للأقليات الدينية في العراق من ايزيديين ومسيحيين وكلدانيين وتركمان وكاكائيين، اغلبهم تعرضوا لحملات إبادة وتطهير عرقي على يد مسلحي تنظيم داعش.
وميض متي، ناشط وصحفي مسيحي، كان قد غادر الموصل عند قدون تنظيم داعش، وعندما رجع بعد تحريرها وجد بيته قد اتخذه داعش غرفة عمليات وحفروا أنفاق كثيرة فيه مما أدى الت تضرره وتدميره.
يقول متي ” كلفت الحكومة العراقية لجنة لتقييم اضرار المنازل في الموصل بعد تحرير المدينة، ولكن هذا التقييم لم يكن صحيحا ولا منصفا. قسم من أبناء الأقليات تلقوا تعويضات جيدة وذلك بسبب علاقات لهم مع أحزاب وأعضاء اللجنة”.
ويذكر التقرير ان ما يقارب من 35,000 طلب تعويض قد تم رفعه من قبل متضررين من الحرب ضد داعش في الموصل، بضمنهم آلاف قد فقدوا بيوتهم واقارب لهم جراء حملة القصف لطائرات التحالف. ولكن كثيرا منهم، كما هو الحال مع أمينة، ما زالوا بانتظار استلام التعويضات.
صائب خضر، عضو برلمان سابق ممثل عن الايزيديين في محافظة نينوى، يستذكر تحديات ومعوقات ادارية صاحبت عمليات تقييم التعويضات، يقول ان الايزيديين الذين عانوا كثيرا من بطش داعش قد شارك مقاتلين منهم في معارك التحرير. ولكن لم نلقى انصاف في تعويضهم.
قصي عباس، عضو برلمان سابق عن الشبك، يقول ” هناك حالات ظلم واجهها أبناء الأقليات في نينوى، وذلك لأنهم جميعا واجهوا نفس المعاناة منذ عمليات تحرير المحافظة. لحد الان نصف الضحايا المتضررين لم يتلقوا اية تعويضات، وقسم من النصف الاخر قد تلقوا مبالغ جزئية من التعويضات”.
يقول وميض متي من الطائفة المسيحية ” نحن لا نريد مغادرة ارضنا. علينا ان تعايش بسلام مع الأقليات الأخرى حتى بين أبناء الطائفة المسيحية نفسها. الناس يريدون العيش بسلام ولكن هناك جهات سياسية وحزبية تسبب وتخلق تناحر ما بين الطوائف”.
قصي عباس، يقول بان الشبك والكاكائيين قد واجهوا اجحاف شديد وعدم انصاف مقارنة بأبناء الأقليات الأخرى، في وقت حرموا من أراضي لهم. ويوضح ذلك بقوله ” منذ العام 2003 واجهنا مشاكل مع أقليات أخرى تعتقد باننا نستحوذ على أراضيهم ونقوم بتغيير ديموغرافي فيها، ولكن هذا غير صحيح وحاولنا اجراء جلسات مصالحة ولكن لم يتم التوصل لحلول”.
في الموصل، وخصوصا في أيام الجمع، تجد المساحات الخضراء فيها مليئة بعوائل من طوائف واعراق دينية مختلفة، وهي صورة تمثل تطلعات اهل المدينة لمستقبل أفضل رغم كل التحديات.
صائب خضر، يعتقد ان تحويل منطقة سنجار الى محافظة للايزيديين تحت إدارة الحكومة المركزية بغداد، قد يكون خيارا لضمان أفضل لحقوق الايزيديين.
يقول خضر ” هناك أطراف متنازعة عديدة على منطقة سنجار، علينا ان نطوق هذه الخلافات ونعزز التعايش السلمي فيها”.
ويرى، وميض متي، ان التعايش السلمي يتحقق بمد الجسور بين جميع الاطياف العرقية والدينية المختلفة واحتضان مبدأ المواطنية الذي يضمن مستقبل أفضل للموصل.