Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أما آن الأوان لكنيسة المشرق أن تعيد النظر بأخطائها التاريخية؟!

( ها هي الأخبار الحزينة تتواصل بوصول نبأ إستشهاد كوكبة أخرى من أبنائنا في مدينة نينوى، العاصمة العظيمة التي أرعبت شعوب الأرض لقرون كثيرة وها هي اليوم تقف عاجزة عن حماية أبنائها من مجرمي الإنسانية وشواذ البشر وما جرى يثبت بأن مسلسل إستهداف شعبنا يأخذ منحى خطيرا، لتكن دماء الشهيد الأب رغيد وشمامسته الثلاث ودماء كل الذين يذبحون في أرضنا المقدسة حافزا لنا بالإنتفاض ضد كل الشرور المحيطة بشعبنا لننقذ البقية الباقية ونأمل بأن هذه الدماء لن تذهب سدى بل تكون كالنار التي توقد فينا الشهامة والعزم ونقول كفى ذبحا لشعبنا المسكين وحان موعد الإستحقاقات المصيرية).

في ظل الظروف التي تمر بها أمتنا وكما يبدوا باننا على مفترق طرق حساس سيكون تاثيره على مستقبلنا واجيالنا القادمة ذي غاية الأهمية بعدما تشتت شعبنا في اغلب دول العالم ولا نغالي اذا قلنا بأن ما نواجهه اليوم بالرغم من أننا تعرضنا سابقا للمذابح والإضطهادات وسلب الاراضي.. لا مثيل له في اي مرحلة من مراحل تاريخنا المدوّن والممتد لأكثر من ستة الاف سنة، حيث لم يحصل ان ينقسم افراد العائلة الواحدة بين أكثر من اربع دول تبعد عن بعضها البعض الأف الأميال من دون ان ننسى التاثيرات السلبية الناتجة لأجيالنا القادمة حيث يصبح أفراد العائلة الواحدة غرباء نتيجة التباينات الإجتماعية، الثقافية، اللغوية...الخ وهناك الكثيرمن التحديات التي بدأنا معايشتها حتى بين العائلة الواحدة التي تعيش معا في دول المهجرنتيجة التباينات المذكورة أعلاه، أما المشتتون في دول الجوار والكثير منهم يواجه مصيرغامض بعد مرور سنوات طويلة منتظرا رحمة موظفي السفارات وقوانين الهجرة الغربية التي فقدت جانبها الإنساني على حساب جانب المال والأعمال وتصوروا ضياع سنوات الإنتظار بالنسبة للتحصيل الدراسي والاستقرار العائلي والمشاكل النفسية التي يعاني منها الصغار والكبار في المراحل التالية في حياتهم ولمسنا هذا عند بعض ابناء شعبنا الذين حالفهم الحظ في الإستقرار في المهجر. أما الصامدون في ارض الوطن فهم لايحسدون في عيشهم ومعاناتهم والألام التي لا توصف لمن تعرض الى الإختطاف والقتل والترهيب ومحاربتهم في وجودهم وأرزاقهم ورجوع الزمن بالنسبة لأبناء شعبنا الى تلك الايديولوجية التي سادت في القرن السابع وهي إختر احد الخيارات الثلاث ( الإسلام،الجزية، القتل)، وإضطرار الآف الى النزوح شمالا وفي ظل ظروف صعبة وضياع كد السنين في لمحة البصر ولا ننسى تدمير كنائسنا ومعالمنا التاريخية وكما حصل في النهب المخطط لإرثنا التاريخي، ويبقى المخطط القديم المتجدد الذي يستهدف وجودنا في أرضنا مستمرا واصبح شعبنا ممزق ومحطم ومهان وهدفا لشواذ البشر ومجرميهم وكل من هب ودبّ في تلك الأرض التي أصبحنا فيها غرباء، ومنذ إحتلال العراق بدأ مخطط إستهداف شعبنا يأخذ تنفيذه منحى إستراتيجيا وعلى مراحل والسؤال الذي يفرض نفسه هو هل لدى مؤسساتنا الدينية والمدنية أي مخطط لمواجهة هذه المحن؟ أليست هذه ساعة الشدّة وزمن القرارات الحاسمة ووضع الخرقة البالية لذرائعنا التي عفى عليها الزمن والإنسانية والمبادىء المسيحية جانبا ولماذا نستمر رافضين للمنطق البشري الذي يصرخ في آذاننا محذرا وقبل فوات الأوان لعلنا نسمع هذه المرة ويقول: ألم تسمعوا بتلك المقولة الأبدية التي مفادها بأن في "الإتحاد قوة"-- إذا لم نكن متوحدين ونعالج سبب العلل فينا اولا فكيف نطالب بحقوقنا وأن الله يساعد الذين يساعدون أنفسهم وهل رأيتم أحدا إحترم الضعفاء والمشتتون وهل يتم منح الحقوق مجانا في مجتمع يرتكن الى العشائرية والطائفية وقانون القوي يأكل الضعيف .

وبعد هذه المقدمة التي هي حقيقة تعرفها الأغلبية، يلزمنا البحث عن الأسباب والمسببات وعوامل الضعف والقوة ومن حقنا المقدس أن ننتقد أي مؤسسة تحت الشمس لأن المنطق يفرض التدخل وبقوة عندما يتعلق الأمر بقضية شعب مهدد في وجوده وكيانه ومن يؤمن بالخطوط الحمراء في قول الحقيقة يرتكب خيانة لأن المسيحية لا تقبل الخنوع أو السكوت عن الحق، هكذا تقدمت الشعوب الغربية لأنها تنتقد ليس حبا بالنقد بل من أجل البنيان ولذا فأن النقد البنّاء هو بمثابة عمل الكبد في جسم الإنسان حيث يقوم بتنقية الدم من الشوائب من أجل ديمومة الحياة، هناك فرق بين النقد والتهجم، ننتقد إذا كان هناك خطأ او سهو عن غير قصد للحيلولة دون تكرار الخطأ، أما التهجم فهو ضد من يخطأ عن قصد ويستمر فيه وكذلك النقد لا يعني النيل أو التقليل من شأن الشخص أو مؤسسة لأن الأمانة المرجوة في هدف تحقيق مصالح أمتنا والأفضل لشعبنا يتطلب منا ويتحتّم علينا تسمية الأشياء بمسمياتها وطرح الأراء بكل جرأة سواء عبر نقد الأمور أو الإشادة بها وليس مجرد توزيع المديح دون معرفة الحقائق لئلا يتحول المديح الى نفاق.

أما الشعوب التي رفضت التغيير وتتهاون تجاه أخطاءها وتهادن مسببيها سيصيبها المحتوم، والثمارهي الإنهيار الآجتماعي والثقافي والسياسي والديني وحينها فأن الشكوى والتذمرلن تفيد لأنها اصبحت فريسة الأخرين الذين لن يتهاونوا من الأخذ بزمام سيادة البشر ومعاملتهم بمستوى العبودية وبشتى الحجج منها الشوفينية القومية أو الدينية او العنصرية وهذا بالذات ما يخالف المبدأ الكوني حيث كل البشر خلقوا على صورة الله.

يعود السبب الاول لمعاناة شعبنا وتشتت أمتنا الى فلسفة الاتكالية على ربابنة كنيستنا في قيادة دفّة أمّتنا والتغاضي لا بل الرضى عن كلّ الاخطاء الصادرة من ريادة مؤسساتنا الدينية والدنيوية، فكأننا شعب مسّير وليس مخيّر ولم يتعلم من اخطائه الكثيرة بالرغم من إدعائه بأنه سليل حضارات علمّت الإنسانية صنوف العلوم التي أخرجته من البدائية الى النهظة والتقدم.. !!! ألا ندّعي بأن نسبتنا الثقافية والعلمية بين الشعوب التي نتعايش معها تتجاوز نسبتنا المئوية بكثير، ولكن العجب هو ان تلك الشعوب سبقتنا بعقود نتيجة تلاحمها ووحدتها تجاه القرارات المصيرية واصبحنا نتطلع الى الفتات الساقطة من موائدهم لأن ضعفنا وتشرذمنا أنهكنا ولأننا نتعمّد تناسي مقولة الكتاب " ما تزرعون فأياه تحصدون".

أما المؤسسات الكنسية ( الكنيسة الشرقية ) فأنها تأتي في المرتبة التالية لدورها الأهم من بين كافة المؤسسات التابعة لشعبنا وهي تتحمل الكثير من المسؤولية لتمسكها ببعض الأخطاء الموروثة التي أضعفت وسلبت شعبنا من أهم مقومات قوته وهذا ما تتفق عليه الأغلبية الصامتة لشعبنا.
نحن لسنا بصدد نقد الكنيسة كعقيدة بل كمؤسسة عامة وقعت في أخطاء وما زالت، حالها حال أي مؤسسة مدنية وقرون من الإنقسام لكنيسة المشرق لهو الدليل لذا فأنه لا قدسية لمن يخطأ وما جرى في القرون الوسطى في اوربا يلزمنا دراسة أسبابه ونتائجه عندما ثار الشعب على مؤسسة الكنيسة التي سمحت للبعض من منتسبيها بالخطأ وتقاعسها في الدفاع عن شعبها ضد الطغيان وما نتج عنه من الردود العكسية والسلبية للمؤسسات المدنية والشعبية تجاه الدين المسيحي أيضا في إبتعاد غالبية المؤمنين عن الدين وفصل الدين عن الدولة وفقدان هالة القدسية التي كان يتمتع بها رجال الدين أنذاك...الخ. لقد أثبتت الأنظمة المركزية على مدى التاريخ فشلها نتيجة طبيعة البشر الميالة الى الاستقلالية والتحرر وأن زيادة الإحتقان الداخلي غالبا ما يؤدي بالسلوك الإنساني الى رد فعلي غير مدروس عواقبه، علما بأن الديانة المسيحية كانت ولا زالت الرائدة في إعطاء الفرد قيمته وتقديس حريّته

ان المتتبع للتاريخ الشرقي وتقاليده وسايكولوجيته يدرك مدى أهمية المؤسسات الدينية في تأثيرها وسلطانها على مختلف مفاصل الحياة إيجابا ام سلبا وهذا ما لا تتمتع به أي مؤسسة سياسية أو مدنية..وبالأخص في ظل ظروف إنعدام وجود كيان دولة مستقلة كما هو حال شعبنا، ومن هذا المنطلق يحق لنا توجيه الأسئلة والدعوات والتذرعات الى القائمين على المؤسسات الكنسية لكنائسنا الشرقية لعلنا نجد آذانا صاغية.

سؤال يفرض نفسه : إذا كانت كنيستنا حافظت على وحدتها او توحدت ما بعد الإنقسام، هل كان اصابنا اليوم هذا التشرد والضياع في ارض المعمورة، المنطق والدلائل التاريخية تثبت باننا لكنا في ظروف مغايرة تماما بل لكان لنا اليوم كياننا الخاص ولكنا إستطعنا الحفاظ على شعبنا في ارضه معززا بالرغم من كل العوامل الخارجية علما وعلى سبيل المثال فأن تعداد شعبنا كان اكثرمن الأكراد لغاية القرن الثامن عشر ولكن تشتتنا مكنّ الأعداء بالتفرد بشرائح وطوائف شعبنا التي خلقها الإنقسام الكنسي والحقيقة تقال بأن كنيسة المشرق كان لها دور سلبى في بعض المراحل التاريخية في زيادة المآسي لشعبها واليوم وبعد تخلخل الضعف فينا اصبحنا كلنا في مهب الريح.

يحق لنا أن نطلب ونتذرع اليكم أيها الأباء الأجلاء بطاركة كنيسة المشرق أن تبادروا لإتخاذ خطوات جريئة وجذرية ونابعة من مبدأ رسالة المسيح التي أنتم حاملين لوائها وليس مجرد إطلاق بيانات او إحتجاجات وبأسماء كنائس منفردة لأن ضخامة الأحداث تتطلب أفعالا توازيها في التأثيروننتظر منكم الكثير وننتظر ردا يهّز فينا كل المشاعر الإنسانية والقومية ويقينا إن الوحدة هي رغبة وحلم الأغلبية من شعبكم — أليس مخطط الوحدة لكنيستنا هو أفضل إستراتيجية وبيدكم فرصة تاريخية لن تتكرر في أن تصبحوا من أبطال هذه الأمة وتبقى أسمائكم مباركة في سفر تاريخ أمتنا. أما مقولة ان قرون من الإنفصال يلزمها سنوات من المشاورات والإجتماعات فهي تناقض المبدأ المسيحي ولنتعلم من المؤسسات المدنية التي تحكمها مبادىء الربح والأعمال والدنيويات وبالرغم من إختلافها اللغوي والدينى والإجتماعي فأنها توحدت وهناك قارات بدأت بالإتحاد فكم بالأحرى بين كنيسة واحدة لشعب واحد.، هذا ما عملت به الكنيسة الآرمنية والروسية واليونانية... بالرغم من تواجد كل الطوائف المسيحية فيها لكنهم حافظوا على وحدة شعوبهم.
أما بالنسبة الى كنائسنا في المهجر: أنتم اليوم بمثابة الظهير القوي لشعبنا الصامد في ارض الوطن، لديكم إمكانيات هائلة لتمارسوا ضغوطا كبيرة على حكومات بلدانكم لمصلحة شعبنا لأن طبيعة تلك الحكومات والأنظمة السياسية تسمح لكم بممارسة هذا الدور بشرط أن تظهروا وحدتكم لهم وليس وكما يحصل لليوم ان كل كاهن يذهب منفردا للمؤسسات الحكومية بأسم طائفته او كنيسته مما يجعلكم تفقدون ذلك التأثير، نرغب برؤية التعاون والتنسيق بين الكنائس ولكن حتما أن كل هذه الإشكالات ستزول بمجرد إتخاذ الأباء البطاركة القرار الذي طالما إنتظرته بلهفة أبناء شعبنا المعذّب.

أيها الأباء القائمون على المؤسسات الكنسية نوّد ان نسألكم بخصوص التسمية التي توحد شعبنا: بما أن موضوع التسمية هو المسبب الرئيسي في تفرقنا وضعفنا وفي ظل عدم إلمام الأغلبية من شعبنا بالحقائق التاريخية لذا فأن الاتفاق على تسمية مفردة قد تكون محالة علما بأن كل التسميات هي إرثا تاريخيا لنا وليست منّة من أحد ونحن قادرون على إختيار أي تسمية تناسبنا في الظرف الحالي وسيأتي اليوم الذي نستطيع تبني التسمية التاريخية التي سيكون لدور المؤرخين فيه كلمة الحسم وأن زيادة المعرفة بين شعبنا والزمن كفيلان في تجاوز هذه العقبة، أما اليوم فأن العصا السحرية هي بأيديكم في إيجاد تسمية تتفقون عليها وأعتقد أن أغلب الشعب سيتفق على إختياركم وأن المؤسسات السياسية والإجتماعية لشعبكم ومهما إختلفت أيديولوجيتهم سيضطرون الى إيجاد الأرضية المناسبة للعمل معا، أمامنا الوحدة أو الانقراض ، وبذا سنتجاوزهذه المرحلة وفي زمن الإستحقاقات التي يمر بها العراق لأن الآخرين مشغولون بترتيب مستقبل أجيالهم وإستقطاع المزيد من كيكة العراق بينما نحن مشغولون بالأسماء..؟! هل أن التسميات منزّلة من قبل رب العالمين ولا يجوز إيجاد غيرها؟ وهل نعبد التسميات! الحكمة والمنطق الإنساني تتطلبان الحفاظ على شعبنا من الضياع لأن أي تسمية من دون شعب هي هيكل فارغ، هناك الكثير من الشعوب تغيرت أسمائها وفقا للظروف السياسية او الجغرافية.. والشعب التركي هو أحد هذ الشعوب حيث عرف بأكثر من ثلاث تسميات منها العثمانية وأخيرا التركية نسبة الى أتاتورك وكم من الألاف المؤلفة من شعبنا أصبح أمريكيا، اوربيا، إستراليا، كنديا...الخ وهل تظنون ان أجيالهم القادمة سيتذكرون أصلهم؟ هل تنتظرون لكي تهرب البقية الصامدة في ارض الوطن ليلحقوا بالذين سبقوهم؟ وأملنا بأن لا نتمثل بالبيزنطينيين إثناء حصار القسطنطينية العاصمة المقدسة لهم حيث إنشغلوا بالجدالات العقيمة بينما عدوهم محمد الفاتح متربصا بهم على الأسوار وحيث أعماهم تكبرهم فدخلها العدو وبطش باهلها وأنهاها الى الأبد.

لنا أمل كبير بأن هذه الدعوات ستجد آذانا صاغية حيث لايملك شعبنا صديقا قويا يتولى الدفاع عنه ولا دولة تكفل حمايته من الانقراض —السند الوحيد هو وحدة شعبنا وحينها ترون العجائب، لدينا الألاف من شعبنا في دول المهجر وهذا عامل قوة نستطيع إستغلاله، وأخيرا، وكما تشير أغلب الدلائل فأن منطقة الشرق الأوسط مقبلة الى تقلبات عديدة سيكون وطئها أشد، وماذا سيكون مصير الألاف من أبناء شعبنا في دول الجوار وفي شمال العراق في ظل الإنهيار المالي والإقتصادي العالمي المتسارع إضافة الى تسارع الأحداث السياسية العالمية التي لا تتفاءل بالخير.

ألكتابة واضحة على الجدار، كالتي عاينها الملك " بلشاصر " تحذره بأن مملكته زائلة لأن الخالق يتدخل وبقوة عندما يستمر الإنسان في إهماله للقوانين التي وضعها الخالق من أجل مسيرة الحياة كما يليق بخليقته.
عذرا لطول المقال لأن الغاية كانت إعطاء هذا الموضوع المهم حقه
وتقبلوا مني كل الإحترام والله من وراء القصد،

سليمان يوحنا
sy@cecaust.com.au

Opinions