Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

( أمكنة ٌلا أسماءَ لها - تمكين اللغة -)

كأننا جئنا من التاريخ . أزحْنا الترابَ , و الطمي عن وجوهنا . وعدْنا لنرى أنْ لا شيءَ بقيَ على حالِهِ ,و كأنْ لا عيونَ لنا . سد مسدَها الطميُ و الرملُ . كأنا عُدْنا إلى أصلنا الترابي الصلصالي . فقالوا ( كنْ ) فكنا لحماً و دماً هشاً . و لو أنا لمْ نغادرْ مدينتا أو قريتنا يوماً . وكأننا منْ كتبْنا ( يا منازلُ لكِ في القلوب منازلُ ) . ما هذا الجرمُ الذي ارتكبَهُ المكانُ حتى يتغير هذا التغيرَ كله .حتى يغيره كل هذا التغيير . حتى لو أجرمَ لما تعاملْنا معَهُ بهذه القسوة و الصلابة . و كأن فيه عدواً يتربصُ بنا , فيجبُ أنْ نغرمَه , و نغير معالمَهُ ببطء ٍ.
مرة ً نهدمُ بيتاً ترابياً مبتهجاً بأهلِهِ ( المكينُ بالمكان ). ومرة نشردُ أهلَهُ منه ( المكانٌ بالمكين ) , بحججٍ علميةٍ لا يفهمُها إلا مَنْ غيرها وسادها . أو سيسودها زمنا ليس بالقليل ,نسود مهبطَ الروح أمامَ أعين آهليها . و مراتٍ بتغيير اسمه . بل أسمائِهِ . حتى باتَ المكانُ دمية نطلقُ عليها أسماءَ هزلية ً غريبة تُضحك الغريب الذي يمرََ بها . ولأن للمكان كلَ هذه الأسماء . حتى يصلَ الأمرُ إلى ( لا اسم له ) . في مجلس ٍضمَ ناشئة . أصبحَ لقرية مغضوب عليها ( ثلاثةُُ أسماءَ) الكلُ تعاركَ بأن اسمَ القرية هو ما يقولُُهُ هو , وكما سمعَه من آخرين . لهم مشاربُ في تغيير التسميات .
جاءَ في الحديث : ( ولا تنابزوا بالألقاب ) . بمعنى عدم إطلاق تسمية على شخص تقلقٌهُ التسميةُ الجديدة ُالغريبةُ عنه , غير أن الأمرَ يختلفُ للجماد الذي لا يحاسبُ مَنْ أطلقَ عليه الاسمَ الجديدَ . بل يشتمُهُ , و يثأرُمنه بطريقته الغرائبية . يلطمُ كفاً ترابياً على خد من غير اسمَهُ , فضاعَ و تبددَ اسم ُ القرية الحقيقي من بين كل الأسماء المُطلقة عليه. لكن ماذا يفعلُ طفلٌ مدرسيٌ. له اسمان , في البيت ( ولات ) , و عند التفقد المدرسي ( وطن ) . - هنا الترجمة الحرفية تلعبُ دوراَ بلاغيا قاسيا و جلموديا - , هذا التغييرُ يمنحُ صفة الأبله , والعقل الجليدي للطفل ذاك , الذي يُنادى عليه دون إجابةٍ منه : فهو المشتتُ بين اسميه في البيت و المدرسة .
إن ( تمكينَ اللغة ) و هذه تسمية في غاية الفصاحة البلاغية الحديثة المرنة. تقرأُ و تُفهم بوجه واحد . وليس لها وجهان أو أوجهٌ كما في البلاغة , وعلوم الآلة . إن المصطلحَ الجديدَ يغيرُ أمكنة ً, وأسماءَ, لكنْ قراءةُ العمق للمصطلح تقولُ : تمكينُ اللغة يغيرُ بنية الإنسان و المكان .

alanabda9@gmail.com


Opinions