Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أميركا والتاريخ

التاريخ عند الأميركيين لا يتقّدم نحو الأمام فقط، بل يمضي سريعا نحو المستقبل، وهذا أكاد أجده عند معظم شعوب المنظومة المتقدّمة والمنتجة في العالم، في حين ان تاريخنا يتقّدم فعلا وبسرعة مذهلة، لكن نحو الوراء، فهناك جدلية خفية بين الرؤيوية والماضوية في التفكير، هذه الجدلية التي قلت بها قبل ربع قرن من الزمن، وقد سخر منها بعض الزملاء التقليديين الجهلاء الذين كانوا وما زالوا لا يفكّرون، بل ينسخون ويسلخون ويمسخون في كهوف انتولوجية وخنادق ايديولوجية! المهم، انني أرى ان المدارس الأميركية في قراءة التاريخ، رغم تنوعها، ترفد يوميا الذاكرة الاميركية بما هو جديد. لكن المشكلة ليست عندها بقدر ما اجده في كيفية استفادة المؤسسات من تلك القراءات، وهي قراءات متنوعة تمتد من اقصى حالات اليمين الى اقصى ادوار اليسار، وتتنوع فيها المناهج تنوعا مذهلا.

هنا، ينبغي على القراء والمثقفين والمختصين العرب ان يكونوا اذكياء في قراءة ما يكتبه الأميركيون عنّا بالذات. وارى ان هناك تواريخ ممتازة وتنتج برفقتها تواريخ مزيّفة. ولكن رغم تطورها، الا ان المدارس البريطانية تعد صاحبة ثراء في المعلومات والتحليلات الامبريقية للتجارب الجزئية! وهذه نقطة خلاف جذرية مع الأميركيين الذين تختلط عندهم الحالات، في حين تعتمد المدارس الفرنسية على الرؤى الكلية ودراسة الظواهر الكبرى. اما الالمان فيؤكدون في مدارسهم على الفلسفات الجدلية والركون دوما الى النصوص. ان الأميركيين تختلط عندهم المفاهيم ايضا، بحيث لا يمكنك ان تقف على أرضية واحدة، اذ سرعان ما تجعلك تهتز لتقفز الى مكان آخر، فلا يمكنك التحرك على ارضيته لفترة من الزمن!

ومن خلال تجربتي المتواضعة المقارنة في العيش في اربع قارات: آسيا وأوروبا وأفريقيا واميركا الشمالية، اجد أن الاميركيين لا يمكنهم الاعتماد على ما يقوله كل المؤرخين، اذ انهم يعتمدون رأي عدد محدد منهم، بخلاف الاوروبيين الذين يحرصون حرصا كبيرا على ان يكون دليلهم وخبيرهم ومستشارهم عدد متنوع من المؤرخين وحتى الآثاريين والجغرافيين وعلماء الاجتماع والانتربولوجيا.

ان العرب لا اجدهم قد استفادوا البتة من كتاباتهم التاريخ ولا أقول قراءاتهم له، لأنهم لم يعرفوا غير السرد والنقل والتكرار لمجرد بناء سلسلة أحداث، او تركيب فقرات، او سير أشخاص. هذا ان لم يستسلموا لتسجيلات كتب معينة. انهم يسحبون التاريخ إليهم ليعيشوا معه، وليس في استطاعتهم ان ينتقلوا الى مسرح التاريخ زمناً ومكاناً ليتفاعلوا مع الأحداث من أجل تشكيل فهم معين، وأنهم لا يقرأون التاريخ من اجل بناء ذاكرة تاريخية تسهم في معالجة الحاضر وبناء المستقبل، بل يتشدقون به من اجل التفاخر او التناحر او الاحياء او اشباع رغبات السلطة، سواء كانت سلطة دولة ام سلطات مجتمع!!

نشرت في مجلة الاسبوعية ، 10 / 10 / 2010 ويعاد نشرها على موقع الدكتور سيار الجميل
www.sayyaraljamil.com

Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
زيارة البطريرك يوسف الثالث يونان إلى مديرية الثقافة والفنون السريانية: معانيها ودلالاتها منذ إعتلاء مار يوسف الثالث يونان سدة البطريركية لأشقائنا من السريان الكاثوليك، ونحن نقرأ بشكل مستمر عن زياراته ونشاطاته وإجتماعاته وندواته التي قوات الامن العراقية والقوات الامريكية تعتقل سبعة خلال عملية دهم نركال كيت/بغداد/ تمكن جنود الفرقة السادسة من الجيش العراقي ومستشاري القوات الامريكية الخاصة من اعتقال سبعة اعضاء متطرفين من تنظيم القاعدة في العراق مجلس نينوى يناقش التعيينات في دوائر المحافظة شبكة أخبار نركال/NNN/الموصل/ ناقش مجلس محافظة نينوى خلال جلسته ال44 التي انعقدت يوم الاربعاء , التعيينات في نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي يستنكر الأعمال الارهابية التي استهدفت المواطنين الأبرياء شبكة أخبار نركال/NNN/ أعرب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي عن استنكاره الشديد للتفجيرات والاغتيالات التي تعرض لها
Side Adv2 Side Adv1