أهالي قرية كندكوسا يناشدون حكومة أقليم كردستان تحقيق العدالة
16/08/2006نركال كيت/سامي زيا ـ دهوك: لم يكن المغدور أخيقار كوركيس عوديشو على علم بموعده مع الموت قبل عودته الى داره مساء يوم الاربعاء الماضي، بعد أن قضى يوماً طويلاً ومضنياً في رعي الاغنام، لتنهيه رصاصة انطلقت من بندقية جار له من قرية مجاورة، بسبب تجاوزات على اراضي قرر لها ان تنهى بالموت والذي بات اسهل طريق لحل المشاكل في العراق منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولكنه بدأ ينتقل اليوم إلى كردستان الأقليم الأمن في شمال العراق.
لكن اخيقار والذي خلف وراءه زوجة وثلاث بنات، الكبرى لم تتجاوز العشر سنوات لم يكن من سكنة العاصمة بغداد ولا من المناطق الساخنة والتي أصبح الموت فيها سمة بارزة وامرا أعتياديا، بل هو من سكنة قرية صغيرة هادئة تكاد لا تذكر في اقليم كردستان (شمال العراق ).
وتسمى القرية (كندكوسا ) وهي القرية الكلدوآشورية (المسيحية )الوحيدة بين أكثر من خمسين قرية تعود للاكراد (مسلمين ) في منطقة الدوسكي من محافظة دهوك، وتقع شمال غرب ناحية مانكيش على نهر الخابور.
ويصف خ.ب. أحد سكنة القرية ما حدث ذلك اليوم قائلا " اغتيل أخيقار كوركيس عوديشو أحد أبناء قريتنا على يد شيردل طاهر خالد أحد ابناء قرية أكماله الواقعة شمال قريتنا يوم 9 أب، وحسب شاهده راعي اخر من قريتنا كان قرب مكان الجريمة ".
وأضاف " تتعرض هذه القرية منذ انتفاضة آذار 1991 وخروج الاقليم من تحت سلطة نظام صدام إلى التجاوزات على أراضيها وممتلكات مواطنيها وحتى التعرض لهم وترهيبهم بالتهديد والسلاح في أكثر من مرة ".
وتابع " إن الحياة في القرية كانت تمر بفترات صعبة وشاقة في ظل ما نتعرض له من جيراننا الذي عشنا معهم في السراء والضراء من ضغوطات وتهديدات وتجاوزات، ولكن رغم ذلك كنا نواصل حياتنا على أمل أن تنتهي معاناتنا بعد أستتباب الأوضاع في اقليم كردستان … ولكن الاوضاع انحدرت نحو الاسوأ منذ سنتين، حيث أنتقلت الممارسات التي يقوم بها جيراننا الكرد ضدنا إلى مستويات خطيرة مثل التعرض بالقتل ضد ابناء قريتنا واتلاف مزروعاتنا في محاولة للاستيلاء على أراضينا ".
لكن لماذا ذلك، هذا مايجيب عنه د.ي. أذ يقول "تعود جذور المشكلة التي راح ضحيتها أخيقار كوركيس عوديشو إلى عقد التسعينيات من القرن الماضي، حيث عاد أبناء القرى التي هدمها جيش صدام إلى قراهم المدمرة التي شرعت بعض المنظمات الإنسانية ببناء مساكن متواضعة فيها تأوي العائدون من أبنائها إليها، ولعدم وجود سلطة قوية إثر الفراغ الذي تركته سلطة نظام صدام غير المرحب فيها في المنطقة، شرع أبناء العديد من القرى الكردية بالتجاوز على أراضي القرى المسيحية الكلدوآشورية لكونها تتمتع بالخصوبة والمياه الوفيرة (مقارنة بالقرى الكردية المجاورة )، لتواجدها في المنطقة منذ مئات السنين".
ويمضي بالقول " هذه التجاوزات أستمرت لحد هذا اليوم وهناك عشرات الشكاوي والقضايا التي تقدم بها أهالي قرية كندكوسا إلى الجهات المختصة في حكومة كردستان لحلها، ولكن بقيت هذه الشكاوي والقضايا بدون حل مما فاقم الوضع إلى الحد الذي وصل إليه اليوم حيث قتل احد مواطني القرية بدون ذنب".
في حين يقول احد المواطنيين الذي رفض ذكر اسمه إنهم راجعوا كل الجهات المختصة بموضوع التجاوزات وسلكوا كل الطرق القانونية لأنصافهم وأعادة الحق لهم، وأضاف " راجعنا ناحية مانكيش والجهات الزراعية المختصة فيها وكذلك محافظة دهوك ومديرية زراعة دهوك، وجلبنا خرائط القرية التي تظهر حقوقنا المتجاوز عليها، وخرجت عشرات اللجان الزراعية المكلفة متابعة هذه التجاوزات وأقرت جميع هذه اللجان بحقوقنا ولكن دون أن يتم تنفيذ أي شيء، فكل الأشياء بقيت على حالها، بل وتطورت إلى التهديد والوعيد والترهيب والتخريب والقتل".
ويستعرض ش.ي. الى ما يتعرضون له في القرية بقوله " أغراق مزورعاتنا بالمياه بفتح أبواب الساقية ليلاً عليها ومن ثم أتلافها، وكذلك تحطيم مضخات المياه التي تسقي المزروعات، تكسير الأبواب الحديدة لساقية القرية لمنع الفلاحين من ري مزروعاتهم واطلاق مياه الساقية على المزروعات ليلاً واغراقها واتلافها، ومحاولة قتل الراعي نيسان يونان بالسكاكين عندما هجم عليه ثلاثة رجال ملثمين في أطراف القرية مساءاً لكنه أستطاع الأفلات من أيديهم بعد أن أصيب بعدة طعنات سكين، وكذلك حرق المزروعات برش المبيدات الكيماوية السامة عليها ليلاً".
ويقول مختار القرية خوشابا أيوب خان عن قريته وماعانته في ظل نظام صدام" قريتنا تعرضت إلى جانت ألاف القرى الكردية والكلدوآشورية عام 1988 إلى الهدم وتشريد أبناءها وأحراق بساتينها في عمليات الأنفال التي قام بها الجيش العراقي بعد أنتهاء الحرب مع إيران، وما زال 36 شخصاً من مواطني القرية من الأطفال والنساء والشيوخ مصيرهم مجهول منذ عام 1988، ونعتقد إنهم قتلوا في أحدى المقابر الجماعية.." وتابع يقول " على مدى 40 عاماً قدمت قريتنا للحركة التحررية الكردية مئات الشباب ومنهم من أستشهد في صفوف هذه الحركة، وكذلك لم تبخل قريتنا في توفير المأوى والطعام والدعم لقوات البيشمركة التي كانت تحارب النظام، ونعتقد الأن إنه من حقنا أن نتمتع بالعدالة والحقوق بعد ان تحقق في كردستنان ما ناضلت من أجله الحركة الكردية التي قدمنا لها الدعم حسب أمكاناتنا، ولكن الذي حصل هو عكس ما كنا نتوقعه..".
وناشد مواطني هذه القرية رئيس وزراء حكومة كردستان نجيرفان البارزاني للايعاز إلى الجهات الحكومية في المحافظة حل مشاكلهم التي تفاقمت ووصلت إلى حد القتل، ومسائلة مسؤلي السلطات في المنطقة كونهم ممثلي الحكومة، وشددو في مناشدتهم على " إنهم بحاجة إلى الأنصاف وتحقيق العدالة الغائبة عن منطقتهم".
معربين عن فقدانهم الثقة بالسلطات الحكومية الموجودة في المنطقة وخصوصاً في ناحية مانكيش التي" لا تستطيع أن تفعل أي شيء سوى لملمة الموضوع والتغاضي عنه بدون أن تكلف نفسها عناء السؤال أو حتى محاولة وقف التهديدات والتجاوزات ".
ويتسأل هؤلاء المواطنون هل من المعقول أن تسجل كل شكاوينا ضد الاعتداءات علينا ضد مجهول؟ وماذا سيكون حالنا في المستقبل إذا استقل الاكراد عن العراق وأعلنوا دولتهم ؟
ومقتل اخيقار ليس حادثا عرضيا بل هو حالة تتكرر في مناطق مختلفة من شمال العراق وخلال السنوات التي تلت 91 عند منح الحكم الذاتي لشمال العراق، حيث تعرض العديد من االمسيحيين للقتل على أيدي مجهولين أكراد وفي كل مرة لايتم ملاحقة المجرمين أو تسجل الحادثة ضد مجهول، ومن أبرز من تم قتلهم فرنسيس شابو عضو برلمان كردستان، بيرس ميخائيل وسمير موشى من اربيل، لازار ميخو من مانكيش، لازار وأبنه هافال في شقلاوة واغتصاب وقتل الفتاة هيلين ساواو واختطاف الشاب أدور من السجن وقتله في احدى المناطق العشائرية والعشرات غيرهم.