أين الشبـيـبة الكلـدانية التي مثــّلتْ الكـنيسة الكلـدانية / سـدني في لقائها مع الـبابا؟
في حـياتي الوظيفـية لم أكن من هـواة المسيرات ، فـقـد إبتـعـدتُ عـنها قـدر المستطاع إلا حـينما كان يشتـد الخـناق وأرى أنْ لا بـدّ منها ، كـما حـدث يوم 15 كانون الثاني 1991 . وأتـذكـر في أحـد أيام الدوام المـدرسي من عام 1974 طافـت مسيرة في محافـظة واسط / الكـوت ، فـخـرج طلاب المـدارس مع الشغـيلة ومعـهـم الرفاق ، وهـم يرددون الشعارات والهـتافات وأنا واقـف عـنـد رصيف مع الكـثيرين . مرّت من أمامنا مجـموعة من الطلاب الصبـيان يهـرّجـون ويرددون أهـزوجة فارغة المعـنى لا تمتّ بأية صِلة إلى المظاهـرة بأي شكـل من الأشكال وهي :كـيسنجـر بطنه ﭽـبـيرة ......كـيسنجـر يشرب بـيرة
قـلتُ مع نفـسي ثم لصديق مثلي يشاطرني المشاعـر : ما هـذا الهـراء ؟ أين منظــّمو المسيرة ؟ أين القادة الصغار ؟ أين المسؤولون ؟ وأين الرفاق ؟ ماذا لو أن صحافـياًّ عـربياً أو أجـنبياً صوّر المشهـد بالصورة والصوت ؟ أليس هـذا تفاهة وعـبث ومهـزلة ومضيعة للجـهـود ؟ إن المسيرة لها قادتها ومنظــّموها وخـطباؤها ومتابعـوها وقـبل هـؤلاء جـميعـهـم ، إنّ لها أهـدافـها . هـذا في زمن مضى .
والآن ، وقـبل أيام حـضر مئات الألاف من الشباب المسيحي من مخـتلف أرجاء العالم مع الحـبر الأعـظم قـداسة الـﭙاﭙا بـيندكـتوس السادس عـشر إلى إحـتفال مسكوني في يوم الشبـيـبة العالمي الذي أقـيم هـذه السنة في سدني . حـضر الشباب وهـم يمثــّلون كـنائسهـم في دولهـم . نعـم كـنائسهـم وليس دولهـم ، كما وليس أية تـنظيمات أخـرى ، وكـنا نـتوقـع من شبابنا الكـلـداني في سدني أن يمثـلوا ( بأصواتهـم حـيثما سنحـت الفـرصة ) ومظهـرهـم المرئي، شبـيـبة الكـلـدان في كـنيسة مار توما الرسول أثـناء مسيرتهـم ومشاركـتهـم شباب العالم هـذا اللقاء الـديني السعـيـد . ولكـن هـل عـبّر شـبابنا الكـلـداني عـن تمثيلهـم الصحـيح الذي كـنا نـتوقـعه منهـم ؟ هـل عـرف الضيوف الأجانب وهـم ينظرون إلى أبـدانهـم ولافـتاتهـم أنهـم أبناء أور الكـلـدانيّـين ؟
ونظراً لأني أعـرف شبابنا وعـنفـوانهـم اللامدروس ، فـقـد كـتبتُ مقالاً بتاريخ 1 نيسان 2008 مشجـعاً إياهـم من جـهة وموجـهاً من جـهة أخـرى بصورة غـير مباشرة ، ومما قـلتــُه فـيه : ((يمكـن لشبابنا أن يرفـعـوا أثـناء مسيراتهـم لافـتات تــُدوّن عـليها كـتابات دينية مقـتبسة من الإنجـيل باللغة الإنـگـليزية والكـلـدانية بالإضافة إلى شعارات مكـتوبة أخـرى تمجّـد إنـتماءنا التاريخي كي يعـرف المشاركـون أن الشعـب الكـلـداني الأصيل والنابع من أرض أور بـيئة أبونا إبراهـيم ، لا يزال حـياً بوجـوده ولغـته التي نطق بها ربنا يسوع المسيح مثـلما عـرف كـل سكان المعـمورة هـذا الإسم عِـبر الفـضائيات في مأساة إخـتطاف وقـتل شـهـيـد الإيمان المطران مار ﭘولص فـرج رحّـو . كـما يمكـن لشبابنا أيضاً أن يتوشـحـوا بوشاح حـول الظهـر والصـدر أو يرتــَدوا رداءاً يُطــْـبَع عـليه بالألوان شعارنا الكـلـداني المشتـق والمستـنبط من تراثـنا وآثارنا التي تـدل عـلينا كالنجـمة الثــُمانيّة التي إتــّـُخِـذتْ شعاراً عـنـد ولادة الجـمهـورية العـراقـية )) ، وكـنـتُ قـد إستفـسرتُ من مهـنـدس يعـمل في مطبعة ، عـن سعـر قـميص أو ما شابه ذلك يُطبع عـليه من الجـهـتــَين الشعارات التي نخـتارها فـقال أنها ستكـلف أقـل من 25 $ ، وقـد ذكـرتُ كل ذلك في المقال المشار إليه .
إنـنا حـين نكـتب مقالاً ، فـيه موعـظة أو إقـتراحاً أو شكـوى أو أية فـكـرة ، إنما نكـتبها لمن يهـمهم الأمر أولاً سواء كان واحـداً أم كـثيرين ، ثم لغـيرهـم . فـهـل يقـرأ قادتـنا بجـميع مستوياتهـم المقالات التي تخـصهـم مما يكـتبها الكـُـتــّاب ؟ نعـم إنهـم يقـرؤونها . طيّب ، هـل ناقـشوا مع شبـيـبـتـنا ( وهـم في شباب العـمر ) مسألة ظهـورهـم بالمظهـر المناسب في هـذا المهـرجان العالمي بما يعـكس التمثيل الصحـيح لهـم ولكـنيستـنا الكـلـدانية فـيه ؟
إنّ الـذي دعاني إلى كـتابة هـذا المقال هـو إطلاعي بتاريخ 22 تموز 2008 عـلى خـبر نــُشِر في الشبكة الإلكـترونية - كـلـدايا . نيت - عـن إشتراك شبـيـبتـنا في هـذا اللقاء العالمي مع الحـبر الأعـظم كما نـُشِرتْ معه صُـوَرٌ لمجـموعة منهـم ، والملفـت في تلك الصور هـو أنهـم يحـملون فـيها يافـطة مكـتوب عـليها ( أكــبـر ) دلالة عـلى أنهـم حـملوا العـلم العـراقي أثـناء ذلك القـداس التاريخي والمهـرجان المسكوني ! . تــُرى ألا تـدل تلك الصورة ومَن ظهـر فـيها بأنهـم يمثلون شباب العـراق وهـم قادمون من العـراق ؟ فأين الشباب الكـلـداني الذي مثــّل كـنيسة مار توما الرسول الكاثوليكـية للـكـلـدان / سـدني ، في هـذا اليوم البهي ؟
بقـلم : مايكـل سيبي / عَـبر البحار