أين الوحدة الوطنية والإستحقاق الإنتخابي؟
بكالوريوس علوم سياسية/ دهوكالعراق كوطن وتاريخ هو من اكثر البلدان امتلاكا لخيرات صالحة لإقامة دولة متماسكة. فقد اقيمت على أرضه الحضارات السومرية والبابلية و الآشورية والعربية الإسلامية. وتعثره إذا حصل اليوم.. لا يكمن في ذاته "وطنا وشعبا" بل في أزمة الحكم الشبه المستديمة الراهنة منذ بداية القرن العشرين.
لقد عانى العراق من الخراب بفعل سياسات النظام السابق، والحرب والإرهابيين والجموع الوافدة من خارج الحدود، والبنى التحتية تكاد تكون منتهية، الخدمات الحيوية تكاد تكون منعدمة، هناك مستوى دراسي هابط، اقتصاد مدمر، الوضع الأمني غير مستقر.
اللحظة التي يمر بها العراق هي لحظة تاريخية بكل المقاييس تتطلب وعيا تاريخيا وإدراكا واقعيا للحاضر بروح المسؤولية الوطنية. وكعراقيين يجب ان ندرك ان ليس بالأمل والتفاؤل وحدهما يمكن ان نبني بلادنا التي دمرها الطغيان، فارتكبت بحقنا أبشع الجرائم.. لذا لا بد من البدء بعمل سريع يرتقي الى نيل حقوقنا وتطلعاتنا، عمل يعيد الثقة الى أنفسنا. فالممارسة الديمقراطية الحقيقية تقتضي مشاركة اغلب المواطنين على الأقل بوعي وايجابية في صياغة السياسات والقرارات واختيار الحكام حيث يسمح لكافة الآراء والتوجهات أن تعبر عن نفسها دون قيود، وهذا يؤدي الى الشعور بالثقة المتبادلة بين المواطن العراقي ونظامه السياسي وبين المؤسسات السياسية بعضها ببعض، حيث ان الديمقراطية ليست سلعة جاهزة يمكن استيرادها من الخارج ولا يمكن تحقيقها في ليلة وضحاها إنما تتطلب جهود خالصة من كل الأطراف حتى نتمكن في بناء ديمقراطية صحيحة تخدم مجتمعنا وتعوضنا عن المأسي التي جرت علينا.
وهذا يعني أن الديمقراطية تتجسد من خلال احترام وضمان تداول السلطة السياسية وكفالة حرية الأحزاب والتنظيمات والاتحادات السياسية والاجتماعية واحترام سيادة القانون وتحقيق العدل والمساواة ومنح القوميات والأقليات والطوائف كافة حقوقها القومية والثقافية والدينية وتبني حوار الحضاري وتجنب نظام الحزب الواحد.
انطلاقا من ذلك فإن هذا المنعطف الخطير الذي يمر به شعبنا العراقي يستوجب بنا العمل على تهيئة وتوفير المناخات الملائمة لتحقيق مستلزمات وشروط التحول السليم إلى العملية الديمقراطية من خلال نشر ثقافة الديمقراطية بتبني مبدأ التسامح وعدم رفض الآخر وتهميشه والإيمان بالمبدأ الديمقراطي من قبل كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية مهما كان حجم الأطراف على الخارطة السياسية للبلاد لينعم الجميع بنسيم الحرية والديمقراطية. وضمن هذا السياق، والنقطة التي يجب أن لا ننساها والتي هي موضع اهتمامنا هذا والمتمثلة ببروز أفكار وتوجهات وممارسات عنصرية من قبل بعض الجهات والتي اخذت منحى آخر تطبيقي والتفكير بقضايا تخص المفهوم القومي والحزبي والتي تغطى المصالح الوطنية، وهذا ما نلمسه في واقعنا السياسي الحالي وذلك بمصادرة إرادة شعبنا الكلدواشوري السرياني من ممارسة حقه الطبيعي والشرعي في أرض ابائه واجداده، والتجاوز على استحقاقه الشرعي من خلال ترشيح وزراء معينين في التشكيلية الوزارية الجديدة سواء كان في اقليم كوردستان او في الحكومة العراقية الجديدة، وهذا مؤشرآخر وواضح للظلم بحق شعبنا ومصادرة حقوقنا القومية والدستورية وتهميش دورنا التاريخي والنضالي مع عدم احترام الاستحقاق الانتخابي الذي تمتعت به قائمة الرافدين وفي مقدمة مكوناتها الحركة الديمقراطية الاشورية كونها تمثل ابناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني فقد فازت في الانتخابين الأخيرين بأغلبية اصوات ابناء شعبنا واحرازه على المقاعد الانتخابية من بين عدة قوائم اخرى المشاركة في العملية الانتخابية الا ان التشكيلة الحكومية اخذت صيغة توافقية مبنية على اساس المحاصصة الطائفية فقد أنيطت الحقائب الوزارية لشخصيات واحزاب موالية للأحزاب الكبيرة المحتكرة للسلطة.. فيا ترى أين الديمقراطية والوحدة الوطنية وأين الاستحقاق الانتخابي والتمثيل القومي.