أين مجلس أعيانك يا ألقوش
من البديهي أن يبحث الإنسان ويبدع في تنظيم وترتيب حياته ليرتقي بها إلى أبهى صورة بين المجتمعاتوالأمم لتكون نموذجا طيبا من الممكن الاحتذاء به و جعله في مصافي المجتمعات المتقدمة ولا يتأتى ذلك
إلا من خلال تطبيق الأطر الصحيحة والأفكار السليمة لاستغلال الطاقات وتوظيفها وفق برامج علميــــة
تنموية يتم فيها وضع الإمكانات والمسببات والعوامل على الخط الأحمر ليتم مجاراة ومواكبة الأزمنـــــة
العاتية وكسر شوكة الاجهادات والاجهاضات ... إننا وكما يقال نعيش في وضع لا نقول انه ديمقراطــي
ولكنه يختلف عن سابقه حيث التعبير عن الرأي وتشكيل الكيانات السياسية بحرية تامة والانتماء إلى أية
جهة يرتئيها الفرد والصحافة والإعلام هي الأخرى آخذت قسطا كبيرا في هذا المجال إضافة إلى مناحي
حياتنا الأخرى... بعد هذه المقدمة البسيطة نستطيع أن نشبه ما حصل لنا مثل بعثرت قطع الدومينو ثـــم
خلطها واعادة ترتيبها وما يتلاءم والوضع الحالي والمتبارون هم من في الساحة الآن إذن كل شئ تغيــر
وطفى على السطح أسماء وشخوص ومبادئ وكتل وأحزاب كل واحد يمثل شريحـــــة من هذا المجتمع
الذي كان مكبلا بقيود واغلال ... إذن بعد خلط الأوراق وقطع الدومينو اصطفت من جديد لتعبر عــــن
التكوين الديموغرافي الحقيقي للشعب العراقي وكل مكون ينادي باسم شريحة أو طائفة أو قومية أو دين
يمثله ويحاول مع غيره لتشكيل اللوحة الفسيفسائية الجميلة التي يمتاز بها المجتمع العراقي.... فــي هذا
الخضم الصعب المتشابك وفي هذا التلاطم الصاخب للأمواج أضحت إدارة الذات مغايرة للسابق وغدي
الجري خلال ميدان السباق ضمن خيول مدربة وجامحة بالصعب جدا ويتطلب حنكة ودراية وسياســـة
وافق... وقبل الولوج في قصدنا نود أن نقول أن مجتمعنا متعدد المعاني والمقـــــــــاصد ومتعدد الألوان
والأصناف ومتعدد الأديان والثقافات وأيضا متعدد المذاهب والقوميات وكل هذه العوامل والخصوصيات
يجب أن تعمل جاهدة لبناء الحلم المنشود والأفق الممدود وغير ذلك نكون قد آثرنا الأفق المحدود والحلم
المنكود...أن الحياة وثناياها وتفاصيلها في مرحلة الانفتاح الفكري لمجتمع لا يسير وفق برنامج ومخطط
أو نظرية اجتماعية يصيبها ويواكبها عشوائية وضبابية وتقاطع وتداخل في الحقوق والواجبات وتنتهك
حريات وتسلب ارادات وتخنق صرخات وفقا لتوجهات ضيقة الأفق أنانية المبدأ.. لهذا ولغيره ولعـــــدم
الثقة في السلطات التنفيذية تقوم التجمعات السكانية بإدارة نفسهــــا وإيجاد صيغ وسبل لتوحيد رأيهــــــا
وحلمها وصفها عبر اتحادات وجمعيات ونقابات ومجالس لتتنفس الصعداء من خلالها وتكون خير ممثل
لها وكذلك تتشعب ألوان وأطياف الحياة في هذا المنحى مختلفا كليا عن لون الكبت والحرمان والاستبداد
التي كانت عليه... نأتي إلى منطقة سهل نينوى ولو أجرينا مسح ميداني نرى أن اغلب قصباته ونواحيه
دأبت بتشكيل مجالس أعيان لها تنتخب من أناس مثقفون ميالون للتضحية وخدمة الآخرين متكونة مــن
عيون تمثل كل العشائر والاوجاغات القاطنة في تلك الوحدة الإدارية لتكون مرجعا يعتمد عليه ومنـــه
تعطى التوجيهات وما يلزم عند الضرورة لدرء الخطر وتجنب التخبط وقطع دابر المسيئين والمخربين
والذين يحبون الصيد في الماء العكر...لكن غدت القوش غير آبهة لمثل هذه المشاريع متناسية معنــــى
التنظيم والإدارة بينما كانت سباقة لمثل هذه الأفكار والإبداعات في الماضي القريب وأعطت لغيرهـــا
من قريب أو بعيد أمثلة ودروس في تنظيم الذات وتلابيب الحياة ولها من الأعلام والرموز من صدعـوا
وشقوا الجبال الصماء بحنكتهم ونكرانهم لذاتهم لاجل الصالح العام ولينام الفقير المسكين مطمئنا مرتاح
البال.. هل ينقصك إبداع ومبادرة يا قصبة الثوار وقلعة المناضلين ومدرسة المؤمنين وهالة النســــــاك
والعابدين والغائرة في التاريخ غور الفراعنة والبابليين محبة لغيرك عبر العقود والسنين وباسك اقصم
ظهر الوحش والتنين ماذا ينقصك يا منجبة العلماء والباحثين واسمك نيشان على صدور الكتــــــــــاب
والمؤرخين وأبطالك تمنطقوا بحزام الحب والأنين..ماذا دهاك الآن ألا تخافي من الراقدين وقد سلموك
النور والفأس والشكيمة واثقين وحينها كانت اللطمة والصفعة تأتيك يمينا ويسارا وأبيت الخنوع ونقشت
اسمك على سارية عالية عند مفترق الطرق ليقصدك لمن يرغب اللجوء إليك والاستنجاد بك وكنـــــت
واثقة أن اسمك وكنيتك لن يكون ذي معنى إذا لم يقترن بحبيباتك تلسقف وعينكاوة وباغديدا وارموتـــا
وآزخ واصن وكرمليس غيرهم وتستمدين منهم البأس والعنفوان وكنت لهم خير معين.. ماذا جرى لك
في هذا الزمن الصعب زمن الولادات المتكررة ..زمن الديمقراطيات المنشودة..زمن السياســــــــــات
المتهرئة..زمن الكذب الصريح وزمن الخجل المباح..زمن القوي المبجل وزمن التسلق السريع وعليك
استرداد اسمك وشخصك وهويتك عنوة وان تجمعي قطرات الدم والعرق التي سالت وروت والحروف
المضيئة التي نقشت على جبين الخالدين والماجدين وان تسترسلي مع من رسم صورتك وجسد هيكلك
وان تكملي بعض الملامح وإلا فالزمن سريع وصعب ولا مجال للاعتذار فهو اخطر من هولاكو ونادر
شاه وميري كور وتيمور وبرياق لان هولاء جاءو حينها ليدمروا ويقتلوا الكلمة والرقيمات والمسلات
ثم يولوا لتنشا الحضارة والكلمة من جديد وبعزم اكبر أما الآن وكما نتحسس ونتلمس فانهــــــم ينوون
التغيير والبقاء على صدرك كالجلمود بحيث إذا نزل نفسك فلا طلعة له...إذن مفهوم مجلس الأعـــــيان
ليس جديدا وكانت الشعوب تنظم شؤؤنها وتجعل لها هيئة أو لجنة أو طليعة واعية لتسيير أمورهـــــــا
وتنظيم جهودها بدلا من التشتت وهدر الإمكانات والقدرات وكان الوجهاء والعقلاء سابقا يتولون إدارة
رعيتهم وكانوا يتمتعون بعلاقات طيبة وقوية مع السلاطين والبكوات والشيوخ والاغوات لتوفير الأمن
والامان لمللهم ورعيتهم.. في هذا المنحى أقول وبحسرة لالقوش انك كنت قد تربعت عرشا لم يكن سهل
المنال بل كانت ولادتك عسيرة وخرجت للنور بعد إلحاح وعناد وهمة أناس غيارى مجبولين من الحديد
والنار وفندوا كل التوقعات ورجموا الحاقدين بتلك القطرات المتصببة من جبين الأفذاذ..نعم لقد سلخت
كل الأسمال الرثة والأثواب المتهرئة وارتديت رداءا جميلا فضفاضا تحمين به وتأوين فيه المحتاجين
إلى محبتك السامية وتمنحين لهم هالة تقيهم شر الأشرار والان أليس مخيبا للآمال أن تكوني بدون عين
ترين بها عثرات الطريق الوعر الذي أنت بصدده هذه الأيام ...وهل إيجادك مجلسا محترما لا يميـــل
لاحد ولا يمثل أحدا غير الاسم الموحد مستحيلا وهل خنعت وخضعت لمسميات دخيلة أوجدها مــــن
لا يمت بك بأية صلة أو آصرة ولم يذرف لألمك يوما دمعة واحدة ولتكوني على بينة أن القادم الجديد
لا يملك شيئا ليخسره عندما تخسرين فتشبثي بازقتكي ومجالس شيوخكي وبيادركي وتذكري أنت من
تكوني... الجميع يقول لك أنت يمد مثواثا أي أنت أم القرى فكوني بقدر هذا الاحترام واكون شـــاكرا..