أي قضاء هذا ألذي يمتدحه البعض؟
كانت أنظار كل العراقيين وامالهم تترّقب بلهف مراحل إستكمال ترتيب وإحكام قبضة عدالة المحكمة بشكل كامل وقانوني نظيف في ملفات كل القضايا والتهم ألتي تم توجيهها بالتتابع ضد الطاغية الذي رحل في غير وقته وزمرته القابعة وراء القضبان, نعم يصحّ القول بأنه قد تم ترحيل الطاغية وتغييبه لغرض في نفس يعقوب, وقد سبق وأعلن العديد من الساسة والقانونيون بأن نجاح سير جلسات المحاكمات اللاحقة في القضايا الأخرى لن يتحقق إلا بحضور الرأس المدبّر لتلك العمليات في بقيّة المرافعات حتى وإن صدر بحقه حكم الإعدام , لكن الذي حصل يبقى مبعث تساؤلات حول سبب إبقائه حيا طول الفتره ألتي أعقبت القبض عليه و في غفلة من القانون و من المدافعين عن ضحايا الطاغية الذين كانوا ينتظرون فرصتهم يغيب المجرم الأساسي على عجالة , نعم كلّنا كان يعلم بأن مصير الطاغية هو واحد لا غير, وحكم الإعدام ربما هو اقل ما يستحقه على الاقل في الجانب المعنوي, والقول بأن جرائم الدجيل لم تكن كافيه لإدانته ولإنزال عقوبة الإعدام بحقه هو كلام لا صحة له, لكن الصحيح هو الذي إفتقدناه و سنفتقد تفاصيله فعلا حين الولوج في ملفات القضايا الأخرى ألتي كان فيها الضحايا العراقيين من غير( الإخوة الشيعة) هم الذين قد نالوا قسطهم الوافر من جرائم و إنتهاكات النظام الذي كان (يرأسه) صدام حسين ,قضية الدجيل ألتي تم تلبيسها الرداء الطائفي الغير السنّي لم تكن هدقا وطنيا نبيلا في المعايير الإنسانية والوطنيه , والإكتفاء بهذا السناريو اللاوطني وجعله السبب الكافي لإعدام صدام (الغير الشيعي) سوف لن يتركنا بسلام في الأيام القادمة ولن يسكتنا عن المطالبة حول الأسباب ألتي كانت ماوراء هذا الإجراء, ومشهد عملية إعدامه تشير , لا بل تعزز أسباب مخاوفنا من المستقبل المجهول الذي ينتظر شعبنا والوطن بأجمعه, وإلا بماذا يمكننا أن نفسّر طريقة إعدامه من ألفها إلى يائها؟ هل كانت فعلا خلاصة نزيهة لقرار بحق مجرم إرتكب جريمة جنائيه؟ أم أنها كانت فبركة غير ذكية تم فيها القفز على القضاء من أجل أن ينتقم الشيعي من السنّي ؟ وهنا تكمن الكارثة التي لم يحسب لها أصحاب القرار التنفيذي أي حساب مستقبلي ولا أي إعتبار لما ستؤول به الأمور لاحقا.الأنفال كانت كارثة عراقية بحق شريحة كبيره من المجتمع العراقي من أكراد وعرب وتركمان وكلدواشوريين وارمن وشبك ويزيديين وصابئه , والمجرم الأول فيها كان صدام دون أي منازع, وقد راح ضحيتها الالاف من ابناء الشعب العراقي وليست العشرات كما في حادثة الدجيل, كان من المفروض (قانونيا)_ والكلام موجه إلى قضاتنا العراقيين_ أن يكون المجرم حاضرا في جميع مرافعات التهم الموجهة ضده لعدة إعتبارات علاوة على الإعتبار القانوني, أما القول بأن القضاء كان نزيها في إصدار حكمه والإكتفاء في إيجابية هذه النقطة فهو ضحك على الذقون,حيث ما ستخلّفه هذه الممارسه من تبعات سياسية وإجتماعيه مستقبليه لا يمكن لأحد ان يتجاوزها أو تغاضيها بتبرير نزاهة القضاء من عدمه, لان الأمر أكبر بكثير من ذلك , شئنا أم أبينا , فالأمر سيطال هيبة المواطن العراقي في أجندة القضاء ومستقبل شعوره الوحدوي , وذلك إنعكاس سلبي سببه الأساسي هو ضيق أفق العنصر السياسي وفكره التبعي الذي مررّ مشيئة و رغبة الأجنبي رغما عن أنف العراقيين و عن ثوابت القضاء وقوانينه المعمول بها ملقيا بنفسه في دوامة الطائفية والنفس الإنتقامي الذي تصر بعض الدول المجاوره على تفعيله و بثه بين أبناء شعبنا .
مؤسف جدا أن يتم تهزيل و تشويه سمعة القضاء العراقي بهذه الطريقة الإلتفافية ألتي مارس ضغوطها البعض من المراجع السياسية والدينية بالتوافق مع مصلحة من يريد إسدال الستار عن الكثير من أسرار وخفايا تفاصيل تلك الجرائم , هذه العناصر من سياسيين ومراجع دين لم يعد لها ما تقدّمه سوى ترضية أزلام إلإنفعالات التاريخية التي لازمت ملامح ضغائنها بعض الجهات المجاورة عبر تاريخ الصراعات السلطويه والطائفيه كما هي حال إيران وغيرها , للحد الذي لم يعد للعراقي اي مكان يذكر في مشاوير و مساعي هؤلاء الاطراف أمام الروح الإنتقامية ألتي سادت غالبية فعالياتها ألتي لا زال البعض يتمادى حين يصفها بالوطنيه , أين هي وطنيتها حين تجرف بسيولها الهوجاء رزانة القضاء العراقي وتشوّه سمعته التاريخية وكل ذلك على حساب من؟.