Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

إلى أنظار رئاسة الكنيسة الكلدانية في سوريا

جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@jibs.hj.se

مقدمة
قبل بضعة أشهر كنت قد كتبت مقالا أثني فيه على بعض الأعمال الجيدة التي تقوم بها الكنيسة الكلدانية في سوريا، لا سيما في دمشق.
واليوم سأحاول الكتابة عن بعض السلبيات. وكما كان الشأن في أغلب المقالات التي كتبتها منتقدا المؤوسسة الكنسية، أؤكد هنا مرة أخرى على نقطتين بارزتين:
الأولى تخص الكنيسة ونظرتنا إليها نحن المسيحيين الشرقيين من أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني. بعضنا يرى المؤوسسة الكنسية من وجهة نظر واحدة فقط، أي كل ما يتعلق بهذه المؤوسسة جزء من رسالة السماء. هنا يكمن خطأ كبير. الكنيسة كرسالة السماء هي المسيح وإنجيله والرسائل التي تركها لنا تلامذته. في كل كتاباتي، التي تظهر على مواقع شعبنا أو في الصحافة العربية او العالمية، لم يحدث وأن تطرقت إلى الكنيسة كرسالة السماء. هذا لا يعني أبدا أن النصوص السماوية لا يجب نقدها وتحليلها لأنها مقدسة. كل نص، مقدس او غيره، يخضع، لا بل يجب إخضاعة، لمشرحة النقد شأنه شأن أي نص أخر شريطة أن يملك الناقد من العلم والوسيلة ما يمكنه من ذلك.
النقطة الثانية تخص الكنيسة كمؤوسسة أرضية ومدنية. البعض من أبناء شعبنا يلغي هذه النقطة الأساسية ويتشبث، عن علم او دونه، بالنظر إلى كل مايخص هذه المؤوسسة وكأنه من السماء. هذا خطأ فظيع دفع شعبنا ثمنا باهضا له. عندما تتدخل هذه الكنيسة بالأمور السياسية والمادية والدبلوماسية والثقافية والتراثية وبشؤون البشر الحياتية والإجتماعية تخرج عن نطاق رسالتها السماوية. عندها تصبح مؤوسسة مدنية وإدارية شأنها شأن أي مديرية او دائرة او وزارة في الحكومة. عليها واجبات وعليها حقوق ويحق لنا محاسبتها ونقدها كما نفعل مع أية مؤوسسة أخرى، وعلى الكنيسة في هذه الحالة أن لا تتشبث بجلباب رسالتها السماوية لتعزيز دورها كمؤوسسة أرضية ومدنية. التاريخ مليء بالأمثلة التي حاولت فيها الكنيسة إضفاء شرعية سماية على ما يرتبط بها كمؤسسة أرضية. ومن خلال هذا الإستغلال غير المبرر والذي يناقض رسالة السماء احرقت الكنيسة الالاف من البشر وهم أحياء بتهمة الهرطقة وقامت بالتعذيب الجسدي وإيداع الناس السجن وهادنت الظلم والظالمين وأقتنت الكنوز والمال وأقترفت من الفظائع ما يندب له الجبين. أي رسالة سماوية تقبل أمور كهذه؟
عودة إلى صلب الموضوع
قمت بزيارت كثيرة إلى سوريا التي هجر إليها العشرات الالاف من أبناء شعبنا في السنوات الأخيرة. وعدد الكدان بين المهاجرين هوالأكبر. هناك أكثر من 2000 عائلة كلدانية مسجلة في السجل الكنسي في دمشق فقط. وعدد الكلدان المهاجرين في دمشق أضعاف مضاعفة عدد الكلدان السوريين. وهذا الأمر يضيف ضغطا كبيرا على الخدمات التي تقدمها الخورنات.
وانا أسرد ما اره من أمور سلبية أوكد مرة أخرى أن الغاية هي الإصلاح وتنبيه المسؤولين من خلال الإعلام الذي صار العالم برمته اليوم يراه حقا وحقيقية كسلطة مثل السلطات الأخرى من قضائية وتنفذية وتشريعية.
الكيل بمكيالين
كلنا سواسية أمام الرب. أمام الرب تنتفي الحاجة إلى الفروقات الإجتماعية والجغرافية والعرقية والقومية والمذهبية وغيرها. سؤالي هو هل يجوز أن يتم حجز الجزء الوسطي من الكنيسة بشريط كي يجلس فيه الكلدان السوريين فقط في الأعياد؟ هل هذا التميز تقبل به رسالة السماء، المسيح وإنجيله؟ إنه إختراع يميز ليس فقط بين البشر بل بين أبناء طائفة وكنيسة ومذهب واحد. السؤال الذي نسأله كمؤمنين يجب أن يكون دائما: هل المسيح وإنجيله يقبلون بذلك؟
أين إحترام الموتى؟
هذه مسألة في غاية الأهمية. مقبرة الكلدان صغيرة جدا وضاق بها المجال قدوم الأعداد الهائلة من اللاجئين والإحصائيات تشير إلى وفاة حوالي 250 لاجىء كلداني في سوريا منذ أن بدأ سيل الهجرة.
ويبدو أن المؤوسسة بدلا من أن تقوم بواجبها كي تجد مكانا ملائما للدفن يليق بمقام البشر بدأت بإستغلال هذا الأمر لمنافع مادية وإلا كيف يعقل ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ان يدفن الكلدان في غرفة صغيرة مبنية فوق الأرض حيث توضع التوابيت فيها واحد فوق الأخر وتستوفي المؤسسة مبلغا قد يصل إلى 15000 الف ليرة سورية عن كل تابوت يوضع في الغرفة. العشرات من التوابيت مصفوفة واحد فوق الأخر في غرفة مبنية فوق الأرض، هل يجوز هذا؟. عند زيارتي لسوريا أذهب لزيارة والدتي المدفونة هناك ولا أستطيع البقاء بجانب صورتها للرائحة الكريهة التي تنبعث من هذه الغرفة التي تسمى غرفة الفقراء. وإن كنت غنيا بإمكانك شراء صندوق من الإسمنت وهذه الصناديق أيضا موضوعة الواحد فوق الأخر لأكثر من عشر طبقات. الدفن في الصندوق يكلف 75000 ليرة سورية.
المقبرة التي أقدر مساحتها بحوالي 300 متر مربع تقع في منطقة الطبّالة خلف دير مار بولس ودير مار إلياس وبإمكان الزائر التأكد مما جاء بهذا الخصوص في هذا المقال.
الشفافية
كتب الكثير عن غياب الشفافية في هذه المؤسسة وكاتب هذه السطور له باع طويل في هذا المجال. عندما تقوم أي مؤوسسة بجباية المال عليها ان تظهر للذين يدفعون أين يذهب هذا المال وكيف يصرف مهما كانت النيات صافية. النية الصافية ليست كافية. الدليل والكشف والشفافية هي التي تشفع في عالم اليوم. ولا يجوز أن تكون دفاتر الحسابات حكرا على شخص او مجموعة. دفاتر الحسابات في أي مؤسسة تحترم نفسها تكون مشاعة لكل الأعضاء وتوضع خلاصتها وتبويبها وتفاصيلها في لوحات إعلانات بارزة وفي عصرنا التكنولوجي هذا على صفحات الإنترنت. كل الذين تحدثت إليهم لا علم لهم أين تذهب وكيف تصرف الجبايات التي تستحصل من المؤمنين عن الدفن والمراسيم الأخرى التي يحتاجونها. أنا لا أقول أنها تهدر ولكن عدم بيانها وإظهارها على الملأ وغياب الشفافية يجعلها موضع شك.
دوراللاجئين
رغم أن أعداد الكلدان العراقيين تفوق بكثير عدد الكلدان السوريين فإنه لا يوجد كلداني عراقي واحد في مجلس الخورنة في دمشق. صحيح ان العراقيين لاجئون ولكن يبدو لكثير منهم أن إقامتهم في سوريا ستطول او ربما ستكون سوريا محطتهم الأخيرة. وهؤلاء كونهم أبناء كنيسة واحدة هي كنيسة المشرق الكلدانية من حقهم الإنضمام إلى مجالس الخورنات.
الموقف من تراث ولغة وليتورجيا الخاصة بكنيسة المشرق الكلدانية
هناك بين اللاجئين عدد لا بأس به من الشمامسة الذين قدموا من العراق. وفي دمشق لهم دور مشهود ومشكور حيث يحاولون تأدية الصلوات باللغة الأم، السريانية. إلا أنني لا حظت ان هناك تحول خطير صوب التعريب. كلدان سوريا قد تعربوا منذ فترة والمؤوسسة الكنسية ،حسب علمي، لا تعير أية أهمية للغة والطقس الكنسي وتفضل العربية على اللغة الأم.
هذه أفة نعاني منها نحن الكلدان وقد كتبت عن ذلك كثيرا منتقدا رجال ديننا وتشبثهم باللغة العربية وإهمالهم للغتنا القومية.




Opinions