Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

إلى متى يبقى العراق على مائدة المقامرين؟

20/7/2010
أربعة اشهر مضت على الانتخابات البرلمانية، تلك الانتخابات التي يعلم الجميع كيف جرت بموجب ذلك القانون الانتخابي الجائر، الذي جرى تفصيله على مقاس أحزاب الإسلام السياسي، وكم من الأموال التي صرفتها تلك الأحزاب لشراء أصوات المواطنين البسطاء والذين أنهكهم الفقر والجوع، وفتكت بهم الأمراض، فجاءت لنا بهذا المجلس الذي أعاد لنا نفس الوجوه التي لم يكن همها خلال الدورات السابقة للبرلمان سوى السعي للحصول على المكاسب والامتيازات والرواتب التي ضربت أرقاما قياسية لم يسبق لها مثيل في العالم أجمع منذ أن عرفت الشعوب الانتخابات البرلمانية!!.
جاءت لنا نتائج الانتخابات بالقوائم الأربعة المعروفة التي هيمنت على السلطة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، والشعب العراقي على أحر من الجمر ليشهد الحكومة العتيدة التي تنقذه من وضعه المأساوي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، صيف شديد الحرارة من دون كهرباء ولا ماء صافٍ صالح للشرب، وبطالة ضاربة أطنابها في طول البلاد وعرضها، وأمراض خطيرة تفتك بالمواطنين، وانعدام الخدمات الصحية، وتدهور الأحوال المعيشية، وتصاعد موجات الغلاء الفاحش، هذا بالإضافة إلى التدهور الأمني، وتصاعد التفجيرات التي تفتك بمئات المواطنين كل يوم، واشتداد موجات الاغتيالات بالأسلحة الكاتمة للصوت لكوادر البلاد العلمية التي أزهقت أرواح الألوف منهم منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 وحتى اليوم.
ورغم كل هذا الظروف القاسية التي يعاني منها الشعب العراقي المغلوب على أمره ، ورغم مرور أربعة اشهر على الانتخابات فما زال قادة الكتل الفائزة يتصارعون مع بعضهم البعض حول تقاسم كعكة الحكم، فهذا هو همهم الأول والأخير، حيث السلطة تجلب لهم الثروة وهنا بيت القصيد، لقد بلغ الفساد في أجهزة الدولة، من القمة وحتى القاعدة، حداً لم يسبق له مثيل في كل بلدان العالم، 300 مليار دولار ذهبت أدراج الرياح دون أن يحصل الشعب العراقي، على ماء صافي للشرب وعلى طاقة كهر بائية تقيهم حرارة الصيف التي وصلت 60 درجة في الظل، ولا خدمات ضرورية ، ولا رعاية اجتماعية ، ولا معالجة لأزمة السكن، فالمهم لهذه السلطة أن كل ما تحلم به قد جرى توفيره لهم في المنطقة الخضراء!!
وبات الشعب والوطن على مائدة القمار، وكل زعيم فيهم لا يهمه سوى ربح السلطة، تراهم ظاهرياً أصدقاء وزملاء، وباطنيا أعداء يتمنى أن يأكل بعضهم بعضا، لا قيماً، ولا برامج سياسية ، ولا مبادئ تجمعهم، فكيف نرتجي منهم خيرا؟
الأزمة العراقية الخانقة لن تجد حلاً على أيديهم ، ومن يأمل ذلك فإن أمله ستذروه الرياح، وحتى لو توصلوا في مساوماتهم الجارية خلال الأشهر الأربعة المنصرمة فلن تدوم هذه الحكومة التي تجمع النقيض مع النقيض، والفاسدين مع الفاسدين ، والأوضاع الأمنية تهدد بالانفجار لتشعل حرباً أهلية جديدة أشدة قسوة من التي شهدناها عامي 2006 و2007
إن الأمم المتحدة مدعوة بموجب مسؤوليتها عن العراق بموجب البند السابع، أن تعالج الوضع الخطير في العراق قبل فوات الأوان، وقبل أن يفلت الزمام من يد الجميع .
إن معضلة العراق أمام خيار وحيد ، خيار إقامة حكومة إنقاذ وطني من عناصر تنكوقراط مستقلة غير المنتمية للأحزاب السياسية القائمة في الوقت الحاضر، وليست لها أي ارتباط بنظام صدام المسقط، ولا أي ارتباطات بدول الجوار، وخاصة تلك التي تمارس التدخل الفض في شؤون العراق، كإيران وسوريا والسعودية وتركيا، ومن المشهود لها بالكفاءة، ونظافة اليد، والأمانة على مصلحة الشعب والوطن، تتولى السلطة خلال فترة انتقالية يمتد أمدها لفترة زمنية محددة، بدعم من قوات تابعة للأمم المتحدة، لإعادة الأمن والسلام في ربوع البلاد وإنهاء دور للميليشيات الحزبية، وسحب كافة الأسلحة منها وينبغي إلغاء الانتخابات الحالية، وتشكيل برلمان استشاري مؤقت من قبل الأمم المتحدة يضم 150 شخصية وطنية عراقية من مختلف محافظات العراق على أساس الكفاءة والحرص على صيانة الوحدة الوطنية، ووحدة العراق أرضاً وشعباً، ويختار البرلمان الاستشاري رئيساً مؤقتاً للجمهورية خلال الفترة الانتقالية، وتتولى السلطة المؤقته اصلاح ما خربته حقبة صدام الفاشية، والحرب الكارثية الأمريكية، للبنية التحية العراقية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والخدماتية، وفي المقدمة من ذلك إعادة الأمن والسلام في ربوع العراق، وإعادة المهجرين، واستعادة مساكنهم وممتلكاتهم، ومكافحة الإرهاب والإرهابيين، وتجفيف مصادر تجنيدهم، ليس من خلال القوة وحدها، بل من خلال معالجة فعّالة وسريعة لمسألة البطالة، وتأمين الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين من ماء صالح للشرب، وكهرباء، وخدمات صحية، وضمان اجتماعي يؤمن الحد اللائق لحياة المواطنين، والعمل الجاد والفعّال لبناء المؤسسات الديمقراطية التي تضمن حقوق وحريات المواطنين العامة منها والخاصة، والمساواة في الحقوق والواجبات بين سائر المواطنين بصرف النظر عن انتمائهم العرقي والديني والطائفي، واتخاذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1948 أساسا لنظامنا الديمقراطي المنشود.
كما ينبغي أن يقوم رئيس الجمهورية المؤقت وأعضاء الحكومة والبرلمان الاستشاري المؤقت بتقديم جرد لممتلكاتهم وممتلكات زوجاتهم وأولادهم وبناتهم كافة، قبل مباشرتهم المسؤولية، وبعد انتهاء مهامهم مباشرة، لضمان مكافحة الفساد المستشري في البلاد، وإعادة تشكيل هيئة الرقابة المالية من العناصر الكفوءة والمشهود لها بالنزاهة ونظافة اليد، ومنحها الصلاحيات اللازمة، والحماية الأمنية الضرورية، لملاحقة السراق والمرتشين، وناهبي أموال الشعب، وهدر ثروات البلاد، وكشف هذه الجرائم ومرتكبيها أمام الرأي العام العراقي، وتقديمهم إلى المحاكم الخاصة بهذه الجرائم لينالوا عقابهم الصارم الذي يستحقونه، واستعادة كل ما سرق إلى خزينة الدولة، ومنع مرتكبيها من ممارسة أي نشاط سياسي داخل وخارج السلطة لمدة عشر سنوات على الأقل، ولابد من سن قانون { من أين لك هذا} لمحاسبة السراق والمرتشين وناهبي ثروات البلاد، خلال مرحلة نظام صدام، والنظام الذي أقامه المحتلون الأمريكيون، وإحالتهم إلى المحاكم لينالوا عقابهم الصارم، واستعادة الأموال المسروقة والمنهوبة منهم..
إن وقف العمل بالدستور الحالي المختلف عليه أمر ضروري جدا، حيث يتضمن ثغرات دستورية خطيرة تتعلق بمستقبل العراق ووحدة أراضيه، ووحدة شعبه الوطنية، فالدستور بشكله الحالي يحمل بذور الحرب الأهلية، واتخاذ دستور مؤقت لحين إعادة النظر في كافة مواده من قبل لجنة دستورية مختارة من العناصر القانونية العراقية المشهود لها بالأمانة والنزاهة والتوجه الديمقراطي الصادق، بما يضمن التطور الديمقراطي الحقيقي بعيداً عن الطائفية المقيتة، والشوفينية القومية البائسة، والتخلف والتعصب والاضطهاد العنصري أو الطائفي، ومحاولات تمزيق العراق باسم الفيدرالية، ويتم عرضه على أول برلمان منتخب.

كما ينبغي تشكيل لجنة من العناصر العسكرية المستقلة تأخذ على عاتقها تطهير الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والإدارية من عناصر المليشيات المنتمية للأحزاب السياسية، والحرص على أن يبقى ولاء أفراد الجيش والأجهزة الأمنية للعراق وشعبه وسلطته الوطنية، ولا يجوز ممارسة النشاط الحزبي في صفوفها بأي شكل كان، وتثقيف أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بالفكر الديمقراطي، واحترام حقوق الإنسان والحرص على سيادة واستقلال العراق. إن تواجد العناصر المرتبطة بالأحزاب داخل صفوف الجيش والأجهزة الأمنية سيبقى يمثل برميل بارود معرض للانفجار في أي لحظة ، حيث الولاء للحزب وليس للعراق وشعبه، فلا مجال للنشاط الحزبي في صفوف الجيش والأجهزة الأمنية .
ومن الضروري إصدار قانون جديد ينظم عمل الأحزاب السياسية بما يضمن المسيرة الديمقراطية، ورفض قيام الأحزاب على أساس ديني أو طائفي شيعياً كان أم سنياً،أو قومي شوفيني متطرف عربياً كان أم كردياً أم تركمانياً أو أية قومية أخرى، وأن يكون الشرط الأساسي لقيام الأحزاب السياسية هو الإيمان قولاً وعملاً بالديمقراطية، والالتزام التام بوحدة العراق أرضاً وشعباً..
وينبغي منع نشاط حزب البعث، ومكافحة فكره الفاشي، وإحالة كل العناصر التي مارست الجرائم بحق الشعب، والتي سطرت التقارير عن المواطنين للأجهزة الأمنية، وسببت إعدام الألوف منهم إلى المحاكم لينال كل مجرم العقاب الذي يستحقه، والعمل على احتواء العناصر التي لم تمارس الإجرام وإعادة تثقيفها بالفكر الديمقراطي، وإعادة تأهيلها لتأخذ دورها في بناء العراق الديمقراطي المتحرر، محاكمة كافة أعوان نظام صدام الذين ارتكبوا الجرائم الوحشية بحق الشعب من دون إبطاء، أو تلكؤ، وإنزال العقاب الصارم بحقهم، فهؤلاء يتحملون المسؤولية عن كل الويلات والمصائب التي حلت بالشعب والوطن جراء طغيانهم، وجراء شن الحروب الإجرامية الداخلية منها والخارجية، والتي أزهقت أرواح الملايين من أبناء شعبنا، وشردت ملايين أخرى في مختلف بقاع الأرض، ودمرت البنية الاجتماعية والاقتصادية، واستنفذت كل موارد العراق، وأغرقته بالديون بمئات المليارات من الدولارات، وملأت ارض العراق بالقبور الجماعية، وهمشّت القوى والأحزاب السياسية الوطنية، وقمعت الحقوق والحريات الديمقراطية العامة للشعب..

كما ينبغي أن ينص الدستور على إن كلّ الثروة الوطنية في العراق، ما كان منها في باطن الأرض أو على الأرض هي ملك للشعب العراقي كله دون استثناء، وتحت تصرف حكومة مركزية ديمقراطية، ولا يحق لأي حزب أو فئة أو قومية أو طائفة التصرف في أي جزء منها بأي شكل من الأشكال، وعلى السلطة المركزية أن تخصص من عائدات هذه الثروة إلى المناطق العراقية حسب الكثافة السكانية، وبشكل عادل، مع مراعاة المناطق الأكثر تضرراً، والتي تحتاج إلى رعاية خاصة ترفع المعانات القاسية عن أهله..
وينبغي أن ينص الدستور القادم على ضرورة أن يكون استثمار المكامن النفطية تحت سيطرة الدولة وشركة النفط الوطنية التي انشأها الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال بما يضمن الحرص على ثروة البلاد من الهيمنة الإمبريالية من جهة، وتطوير الدخل الوطني اللازم لإعادة بناء البنية التحية المدمرة للعراق، وتأمين الحياة اللائقة للشعب الذي عانى الكثير من الحرمان والجوع والفقر والأمراض والقهر والعبودية خلال العقود السابقة..
وينبغي تطبيق الفيدرالية في كردستان العراق بعد الفترة الانتقالية بما يضمن وحدة العراق أرضاً وشعباً، مع العمل على تعزيز الأخوة العربية الكردية، وسائر القوميات الأخرى ومكافحة الميول الشوفينية والعنصرية لدى سائر أطياف ومكونات الشعب العراقي، وضمان مشاركة الجميع في بناء العراق الديمقراطي الحر المستقل والموحد، والمشاركة الفعّالة في السلطة بصرف النظر عن الانتماء القومي أو الديني أو الطائفي، وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات..
كما ينبغي العمل على انسحاب كافة القوات الأجنبية من البلاد حال استتباب الأمن والسلام في البلاد، وإكمال بناء قوات الجيش والأجهزة الأمنية وتجهيزها بكافة الأسلحة الثقيلة والطائرات المتطورة للجيش بما يمكنه من صيانة الأمن الداخلي وسلامة الحدود وصيانة استقلال البلاد، والسعي لإقامة أفضل العلاقات مع سائر دول العالم على أساس المصالح المشتركة، والمنافع المتبادلة، شرط عدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام سيادة واستقلال العراق، ووحدة أراضيه..


Opinions