Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

إننا محاصرون بالجرأة-الإنسان بطبعه مراهق!

حاورها: نزار جاف

إنثى ترفض خصوصية المعاناة و الإستعباد لبني جنسها! تحاول النظر من زوايا أکثر شمولية و أوسع أبعادا، لا تعتبر العرق أو الدين أو الطائفة أو أي شئ آخر فوق الإعتبار الانساني. تحاول الصراخ في عالم أصم، تحاول إستنطاق عالم أخرس، تلوذ بفناءات الوجد و تستوحش أبجديات الحياة العادية و تسعى جاهدة کي تحفر شيئا ما  في جيد الکون کأن يکون وشما أو أثر و بقايا قبلة حارة فإختلطت ألوانه ما بين الوردي الفاتح و البنفسجي الداکن و الاحمر المتقد جذوة، بيد أن مشکلة فاتن نور إنها لا تجد روضة ما في جيد الکون الطويل کي تزرع فيها قبلتها! فاتن نور التي تنادي و تصرخ و تحاجج و تحاول قلب الطاولة أو إعادة صياغة و کتابة المعادلات، لا تشعر بالملل من لهاثها المستمر وإن کان دون طائل، يخالها المرء سيزيفا بنکهة أنثوية حين لاتمل من حشر أنفاسها الحساسة"اللطيفة" في عوالم السياسة و الحرب و السلام و الإرهاب. عن قرب، بقرب المسافة ما بين الطلق و الميلاد، إلتقيتها في حوار يعتقد کلانا أنه صريح و أمطرت المغرمة دوما بعشق المطر بصيب أسألة مختلفة، وعلى الرغم من تبايني معها في بعض من آرائها المطروحة في الاجوبة، لکنني وإيمانا مني بأن الاختلاف هو أساس الانسان، ذلک إن الاختلاف يعطي للکون أريج و سحر التنوع، وجدت نکهة خاصة في تلک الإجابات تحديدا.

س: من تکون فاتن نور، وماذا تريد من الدنيا؟

 

فاتن نور: من أنا.. سؤال اكبر من أن يأخذ بفردية..

ياعزيزي..

انا الفقيرة

خرجت من احلامي  ملقاة على رصيف

انا الغربية  بين  الشروق والغروب،

اسأل التاريخ  من أنا

بين ايامي وأفراحي و أحضان الحروب

أنا.. اللقيط اسأل عن ابي.. حين اقول..

من نحن وماذا نريد؟

 

 

 لا أريد ان اطيل.. لكني مضطرة لأن اكرر السؤال كي استقطب أجابة ما: من  انا بل من نحن؟..أختصرت الأجابة مع نفسي وقلت: نحن عرب..نحن امة ممتدة بجذور ضاربة في عمق الزمن.. جاء صدى الأجابة في داخلي مرتابا لكارثية التصدع والشروخ التي اصابت جسد هذه الأمة  والتي ما كان لها أن تستفحل بالشكل الملموس الحاضر فيما لو كانت امة فعلا ولها برامجها الحاضرة والمستقبلية التي تعزز  وجودها وصيرورتها واستمرارها كأمة.. أذن من نحن، من أنا، من انت..؟  هل نحن مجموعة شتات؟..ارجو ان لا يضيق صدرك بعدم نمطية الأجابة ودعني استمر بتشوش فقد استذوقت السؤال ..

 

هل نحن بطون وافخاذ وامتدادات وفروع لقبائل عربية استقرت على هذه الأرض؟

هل نحن عرب حقا ام نحن اكراد - آشورييون - فينيقيون - آرامييون - حيثيوين أمازيغييون - كلدانييون أم كنعانيون ام آريون ام تركمان - أم أرمن أم فراعنة أم طوارق أم أفارقة ام الخ....

هل نحن بقايا هجرات وصراعات وحروب وفتوحات

هل نحن بقايا مصاهرات وتهجين لقبائل

ماهي هويتنا الدينية..هل نحن.. مسلمون وحسب ام سنة-شيعة-دروزيين-صابئة-اسماعلييون-علوييون....الخ

هل نحن.. مسيحييون وحسب ام كاثيوليك-موارنة-سريان-بروتستانت-اقباط-ارثودوكس..الخ

 نحن تنوع هائل وجميل ساهم في كتابة التاريخ وبناء حضارة ولا يمكن اغفال اثنية من الأثنيات او عقيدة من العقائد او اغفال قيمة من قيم هذا الخليط البشري لأسباب سياسية سلطوية او عقائدية..فمن نحن، وهل ترهلنا بأختزال تلك المسماة -نحن- الى عرب؟ هل تصدعنا بسبب الإتكاء على عصا الإختزال اكثر مما ينبغي..لا ادري فأنا الفقيرة...

اما  الشق الثاني من السؤال(ماذا نريد من الدنيا او ماذا اريد) فستكون اجابته واضحة قطعا بالنسبة لي على الأقل وعلى ضوء ما ورد  وهي: اريد ان نكون "نحن" منها وفيها واليها فقط..... وعذرا على الإطالة...

 

س: هناک أزمة إنسانية متفاقمة في مختلف المجالات، تربطها بعض الاقلام النسائية"وحتى الرجالية المتفهمة لمشاکل المرأة"، بإشکالية تابعية المرأة للرجل، أو بتعبير أدق لمبدأ سيادة الرجل، ماهو منظورک لهذه المسألة و هل حقا أن هناک ترابط بين الامرين؟

 

 

فاتن نور: بلا شك هنالك ازمة انسانية تمتد بأتجاهات ومستويات متباينة وهي اعمق من أن تحصر  بقضية واحدة.. اما قضية المرأة وتبعيتها للرجل فماهي إلا احدى المسببات الطافية على السطح كنتيجة لمسببات وتداخلات  وتعقيدات تاريخية - اجتماعية- سياسية اكبر، ولربما وحسب رايي ممكن حصر  اغلبها في سبل تفاعل الأنسان مع  الحياة حيث كان ومازال اعتماده على مساحة اللأهوت الروحي  في الإداء والقياس تاركا الباحة  الأم والتي قوامها -إن جاز التعبير – اللآهوت العقلي بمساحته  الأبداعية المتحركة بموازاة البعد الرابع -الزمن- والذي يحلو لي تسميته بالبعد الأول حيث لا  قيمة لأي بعد آخر خارج الزمن-هذا اعتقادي- بمعنى ان الترابط او الربط بين الأزمة العامة وقضية  المرأة يبدو ممكنا وهو قائم كجزء من محصلة كبيرة لها جذور اكبر واعمق ..

 

 

س: ماهو مفهومک لحرية المرأة؟ ومامدى حدود المساواة التي تؤمنين بها مع الرجل؟

 

فاتن نور: ياسيدي اسمح لي أن اجيب سؤالك بسؤال: ما هو مفهومك لحرية الإنسان؟ وما مدى حدود حرية الرجل كي تحتذي المراة بتلك الحدود ولا تخرج عنها؟.. للأيضاح فقط دعني اقول: الحرية حق مفتوح - او يفترض هكذا- للإنسان بعيدا عن جنسه، و خصخصة نوافذ الحرية على اساس الجنس  سيكون اسقاطا  لروح ومفهوم الحرية علما أن الفوارق البيولوجية بين الجنسين ستفرض نفسها بطبيعية وانسيابية لتحقيق التجانس والتكامل البنيوي للمجتمع وبدون الحاجة الى لائحة من قوانين التحجيم الأستباقية ضد حرية المرأة .... الحرية لا تتجزأ  جنسيا وإن تجزأت فهي ليست بحرية ولك  أن تسمها ما شئت...

 

س: تدعي العديد من الاقلام المتباينة"نسوية و رجالية"، أن الرجل الشرقي مستعبد ولذلک فهو يحتاج الى فک قيود إستعباده، ولأجل ذلک فإنه"أي هذا الرجل المستعبد"ليس بإمکانه أن يمنح أية حقوق للمرأة وهو في هذه الحال! ماذا تقول السيدة فاتن نور في هذا الصدد؟

 

 

فاتن نور: ياعزيزي الفرد رجلا كان او أمرأة  لا يمتلك حقيبة الحقوق والواجبات كي يهب منها للطرف الأخر.. فالحقوق ليست بهبة اطلاقا يتفضل بها فرد لفرد او مجموعة لمجموعة..ولا هبة من سلطان لرعية..الحقوق والوجبات بمعية مجتمع وكيان انساني متمركز حول تاريخ وعرف وتقليد وعقيدة..وهيكيلة البناء الأجتماعي بتلك القواسم وغيرها هي من يحدد سبل التعاطي مع تلك الحقيبة ومتى يجوز فتحها او لا يجوز...بمعنى أن الخلل لا يقع على فرد لأن الفرد واقع في قبضة الكيان  المعرفي العام  تلك القبضة التي تحدد صيرورة مجتمع  ما  وتغرس المفاهيم الأجتماعية بعقول افراده وبما يتناسب مع حجم تلك الحقيبة المحمولة ونوعها... وعلى  سبيل المثال هل لك ان تقول لي ما ذنب الرجل المسكين الذي يرتضع من حليب امه ابتداءا و من حليب المجتمع  لاحقا يرتضع صورة الشرف كقيمة  لاتبتعد او تركتز بين ساقي امرأة او او رجل  كقاعدة ولا يجوز تحريكها من تلك القاعدة الى رأس الإنسان بعقله وقلبه وضميره...

كما ترتضع المرأة الحالة ذاتها بمجموعة قيم وعلوم مفادها انها معففة مكرمة كما هي واي تغيير محض انزلاق...

كخلاصة فأنا ارى ان المكبل الأصل هو المجتمع بطريقة بناءه الراكدة المتعكزة على الدوجما-الثبوتية او الحق المطلق-....عدا ذلك فهو مجرد قيح الجمود وافرازات حتمية مختلفة المستويات لمن يعيش في ظلال حقيبة اجتماعية فيها من البالي الكثير، رجلا كان ام امرأة ....

 

س: تتميزين في طروحاتک السياسية و الفکرية و الاجتماعية بروح جرأة خاصة قد نفتقدها لدى العديد من الاقلام النسائية، من أين جاءت هذه الروح لفاتن نور؟

 

فاتن نور: إلا ترى معي بأننا محاصرون بالجرأة؟  سأعطيك امثلة متفرقة: هنالك جرأة لتمزيق الثروات تحت الشمس،جرأة في سفك الدماء، جرأة في تحويل ما يسمى بالديمقراطية الى محاصصة، "علما أن الديمقراطية لا تأتي سهوا ويسبقها اصلاح تنموي نهضوي وعلى كافة الأصعدة بما فيها الصعيد العقائدي"

هناك الجرأة في نزع الهوية،جرأة في الفشل حيث التنفيذ بلا تفكير والتفكير بلا تنفيذ،الجرأة في التشريد والتجويع... الجرأة في تهميش الأنسان الحاضر بفخر منطلقين من مبدأ  "لم يترك السلف للخلف أي شيء". الجرأة في تضخيم وتقديس عقل الغائب حد التأليه بأصولية دينية مقيتة افرزت لنا شخصيات تكفيريية تلجيمية امثال الغزالي وسيد قطب وغيرهم لزيادة اعداد الملجمين على الأرض، الجرأة في سرقة الأسلام  وجعله مجموعة حرف دينية تحتكر النص للأرتزاق والنفوذ والتملق للحاكم و تضليل المحكوم

ووووو...ومن عاشر القوم صار منهم ،مع أختلاف نوع الجرأة وطبيعة الخندق الذي تصب فيه.. أذا  جاز القول بأن الجرأة في الأمثلة المذكورة هي بنكهة التصدع المرن وحسب رؤيتي ..لك ان تضفي النكهة التي تراها مناسبة في حق -الجرأة- التي نعتني بها وحسب رؤيتك....علما بأني خجولة وهذا ما يعرفه المقربون مني..

 

س: المرأة بشکل عام"حتى الغربية" تعاني من العديد من المشاکل التي تحتاج الى حلول جذرية، برأيک ما هي تلک المشاکل؟

 

 

فاتن نور: حسنا.. ارى أن الأجابة واقعة ضمن الأجابات السابقة ولكن دعني اضيف...

  قضية المرأة قضية قديمة ولكني ارجح تشعبها وتفرعها الى زمن ظهور الملكية الخاصة واستغلال الانسان للانسان وظهور وسائل وقوى الإنتاج والتي ادت الى بزوغ علاقات انسانية- اجتماعية-اقتصادية  تتمحور حول الملكية والتملك ولأسباب يطول شرحها  تمركزت اهمية المرأة على انها وسيلة انتاج يمتلكها الرجل لبناء مؤسسته الأسرية، وبطبيعة الحال فمن يمتلك وسيلة الإنتاج يمتلك حق القيادة (و هذه مشكلة)..كما يمتلك حق أغلاق تلك المؤسسة وتصفية وسيلة الإنتاج او تطويرها بأدخال وسائل انتاج حديثة،( هذه مشكلة)..ولا ننسى فأن هذه الصورة جاءت متناغمة مع مكنونات الموروث الديني مما ساعد في تأصيلها واستمراها عالميا (وهذه مشكلة ايضا)- مع اختلاف المستويات نوعا وكما- هذا وقد ترتبت تداعيات كثيرة عن تلك الصورة المُستهلِكة للمرأة كوسيلة انتاج بشري ليس إلا داخل هيكلية اسرية-عبودية ضمن هيكيلية اكبر اسمها مجمتع  ففقدت المرأة حضورها الحقيقي الفاعل في المجتمع وابخست  قدرتها على المساهمة فسقطت كل اسهمها في المشاركة الحياتية في باحة جدران ضيقة....

امام تلك الصورة المعقدة يبدو من الهراء التحدث عن حلول جذرية تخص قضية المرأة بمعزل عن القضية الأم وهي المجتمع ذاته.. إلا اذا كان المقصود اعادة قراءة الواقع والتاريخ والتراث من اجل قضية المرأة  فهذه خطوة على طريق الحلول الجذرية.. واذا كان المقصود أحياء نهضة فكرية لأعادة بناء سايكلوجيا الفرد وتـأسيس العقل واعداد الروح الناقدة فهذا خطوة مباركة على طويل الدرب.. واذا كان من الحلول إحداث ثورة فلسفية- تنويرية لصياغة البنية الأجتماعية بشكل صحيّ معافى قادرة على تحرير السياسة من رقبة اللأهوت..- والمثال الأوربي كنموذج بفلاسفة التنوير امثال كانط – فهذه قفزة تلمس جذور المشكلة..

 ومن هنا ترى أن رؤيتي لقضية المرأة ومشاكلها لا تخرج عن قضية مجتمع بأكمله بمشاكله وتصدعاته كما أن موضوعية الحلول الجذرية لقضيتها لا تخرج عن موضوعية الأصلاح الأجتماعي-السياسي وبأدوات المعاينة الجذرية..

 ومن الهراء التحدث عن حداثة مسطحة تساير الحاضر ومستجداته وتتعامل بأدواته ولكن بعقلية الصحراء والبادية والقبيلة وهي بهذا حداثة استهلاكية -تبعية تلبس ثوب الحاضر بثقافة الماضي والتخلف..

 

س: ماهو مفهومک للأدب النسوي؟ وهل من الضروري أن يکون هناک ثمة فصل بين القلم الاخر و قلم نون النسوة في هذا المجال؟

 

Opinions