Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

إني أحبك حب الليل للقمر

وللحب أيضا مكانة في قلبي

ولازلت أشعر أن قلبي مخلوق لكي أحب

أن أحب العالم كله -------

قصيدة حب -----3

حب في عمر النضج

مع نهاية كل عام دراسي إعتاد أساتذة معهد إعداد المعلمين حضور دروس تطبيقية
لطلابهم فكان علي أن أزور مدارس في مواقع مختلفة من مدارس مدينة الجزائر العاصمة
لمشاهدة الدروس لعدد من طلابي المتخرجين من المعهد
سكرتيرة في المعهد أغلظت يمينا أن تكون هي دليلا لي إلى تلك المدارس سيدة في ربيع
الرابع والعشرين من عمرها جمعت الفتنة من كل أطرافها مليحة القد طويلة فارعة كسنديانة
هيفاء كغصن البان إستدق منها الخصر -- وألبشرة منها كحرير الدمقس بيضاء نقية كنقاء
حليب الناقة وشعر فاحم أسود كسواد ليل شتائي حالك الظلمة أنتحر فيه القمرفي عليائه
مسترسل بدلال وغنج على كتفيها --- وأما العيون فعيون مهوات في الحسن سرقت من كل
الوان القوس قزح الجميلة وفيها من أسرار الكينونة ما يذهل العقل ويخلب حتى قلوب القديسين
وهم في ذروة حمأة تجلياتهم -- وأما صوتها - يا إلهي- فصدح عنادل في ذروة إنتشائها على
على زيزفونة الحياة الوارفة -- وأما مشيتها فهدي قطاة الى غدير ماء ثر -- وأما هدرتها - طريقة نطقها - فدرر من عقيق وزمرد منثور على قطع من رياض وزهر تستبدل جفاء وغلاظة
لهجة الشمال الأفريقي إلى نسيج ناعم كوبر الجمال ولين حرير اليمن -
والذي آسرني إلى حد الدوخة طريقة نطقها لكلمة آني - كيف كانت ترخم صوت الألف وتمده
بقابلية فاقت قدرة كل نساء الشمال الأفريقي على حسن وحلاوة نطقهن -
بادرتني مرات أن أرد على تساؤلاتها ---- ما بالك لا ترد علي أيها الأستاذ -- أراك قد أضربت
عن الكلام اليوم --- فأي رجل أنت بحق السماء -- كنت أكتفي بالرد على تساؤلاتها بنظرة صامتة
كان فيها حزم ممزوجا برقة لأنني لم أشأ أن يتحول مشوار العمل إلى أحاديث مناجاة وغرام -
وقبل مغادرتي كانت - نور - أول من حضر لإلقاء تحية الوداع --- ودار حديث كان فيه عتاب
وأسف وود كثير - فذكرتني بمشوار الصمت القديم معاتبة على سكوتي --- فقاطعتها مضربا
قائلا --- بأنني لم أكن قط صامتا جامدا بل قد ملأت الدنيا حديثا وصراخا-- فدسست في يدها
هذه القصيدة --
وما أن لامست نظراتها الوجلة المستفهمة حتى صاحت بإنفعال باد --- أنت ولا كل الرجال
كم كنت غبية يا إلهي --أعذرني أعذرني إيها الراحل --



أملى على الروح سلطان من البشر

أن أرفع الكأس بعد الصمت وألخدر

هل يقدر القلب أن يسعى لمعركة

بعد الثلاثين من وجع ومن سهر

أيقظت عندي ضمير الحب يجلدني

قد كنت أغشاه قبلا دون ما ضرر

وما خشيت علينا من صواعقه

فهل يفرط رب العين بالنظر
---------

جعلت قلبي كرسيا لمملكة

أنت المليك عليها صاحب الأمر

أهدي بقية عمري دون منقصة

وأطمئن إليك دون ما حذر

ستألفيني عميقا في مودته

وتخبريني قويا ساعة الصفر

لا تحرجيني إذا أعطيتك ثقتي

إني أحبك حب الليل للقمر
---------

دخلت يا نور قلبا دون معركة

كيف إقتحمت حصون الليل والخدر

ما كنت أحسب أن القلب معصرة

مني العذاب ومنك راحة الفكر

قلبي أفترشته بستانا وأرصفة

لذي الجلال وثير الخطوة الأسر

فالحب محرقة كبرى إذا حميت

فضت أواذيها المخلوط بالشرر

ما زال في العمر شئ من فتوته

لا تخذليني فعندي عقدة الظفر
---------

إن ناشد الناس حبا ليس تكرمه

حبي العبادة أو قرآن مغتفر

شيدت يا نور أركانا لمنزله

يزاحم العمر بين الظل وألأثر

إن كان في الحب وجع أنت صانعه

عقلي إنتزعته مني دونما خبر

لكنني واثق من أن مشكلتي

عيناك - عيناك دوما مبعث الخطر

وصوتك العذب آه من تراخمه

يفجر الماء في قلبي وفي شعري

ففي الضمير حبيب طاب منزله

مغاربي اللحاظ والدم ألأشر
----------
أحب في الناس عشاقا وقد ألفوا

مثل العصافير بين الماء والشجر

فإن بدا كلفي بالعيش منتقلا

فالحب بحر وأنت قارب السفر

فالنفس روض بغير الماء قاحلة

منك السماء ومني زخة المطر

قولي إذا سأل الغادون عن سبب

إني متيمك المذبوح بالنظر

فإستدكي الأمر عدلا يا معذبتي

منك الجمال ومني نعمة البصر

وإستورفي في جديب العمر زنبقة

وإستمطري الروح ألوانا من الزهر

فلن أكون ظلوما في مرافعتي

فكيف يؤذى حبيب القلب والعمر

ــــــــــــــــــــــ
نور إسم مستعار ---

ورد خطأ كتابي في عمر الملهمة -- إذ الصحيح في ربيعها الرابع والعشرين

كتبت هذه القصيدة في الجزائر عام 1982




= فالحب هو القوة الهائلة التي تحرك الرجال والنساء فهو هذا ألأساس العميق لهذا
العمل الإنساني الذي نسميه شعرا فهو دائما حصيلة نفوس ممتازة تمتلك التجربة وتتحكم
فيها وتحولها إلى ذكرى -----

بطرس حلبي السويد


Opinions