اضواء على المجلس الشعبي .. والحركة الديمقراطية الآشورية
في هذا المقال سأحاول تسليط حزمة من الضوء على تنظيمين يبرزان على الساحة السياسية لشعبنا ، واسرد بما اعتبره مشتركاً ولا مشتركاً بين التنظيمين وسأحاول ان أقف على مسـافة واحدة بينهما .الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) منذ تأسيسها ولحد اليوم لا تقبل ان تسمى بالحزب ، فالحركة ، اية حركة ، بمفهومها التنظيمي تقبل بصفوفها مختلف الشرائح من ابناء الشعب وربما يكون المنتمون اليها اعضاء في احزاب أخرى ، فهناك حركات عسكرية كالحركة الكردية وحركات سياسية كالحركة الملكية الدستورية العراقية .
في هذا السياق تكون الزوعا مقاربة مع المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الذي لا يعتبر نفسه تنظيماً حزبياً .
الحركة الديمقراطية الآشورية تتغنى وتمجد تاريخها النضالي وهذا حق من حقوقها ، وهي تعتمد بكثير من المواقف على هذا التاريخ وتوظفه لتحقيق مكاسب سياسية ، ورغم اسمها وخطابها الآشوري ، إلا انها تنأى بنفسها عن التحالفات الثنائية مع أحزاب وقوى شعبنا إن كانوا من القوى الكلـــــــدانية او السريانية او حتى مع الأحزاب الآشورية ، ومقابل ذلك لها تحالفات مع قوى واحزاب سياسية نافذة على الساحة العراقية ، ولها ممثل واحد في البرلمان العراقي وهو الأستاذ يونادم كنا الذي لا يخف نزعته المتزمتة للتسمية الآشورية . وفي مناسبات كثيرة تطرح الحركة نفسها كممثل للمسيحيين في العراق ، ولها نشاط فعال في بسط النفوذ الآشوري وأعلاء شأن التسمية الآشورية باستمرار على حساب تهميش التسميات الأخرى لشعبنا لا سيما قوميتنا الكلدانية العراقية الأصيلة .
المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، تنظيم تمخض عن مؤتمر شعبي واسع انعقد مؤخراً في عنكاوا . ورغم ان هذا التنظيم يقف على قمة هرمه التنظيمي الأستاذ جميل زيتو ( كلداني ) ويساعده السيد شمس الدين كيوركيس ( آشوري ) والمساعد الثاني هو السيد سالم يونو ( سرياني ) وأمين المجلس هو جونسون سيواش ( آشوري ) . وإن الأستاذ سركيس آغا جان ( آشوري ) يعتبر نفسه عضواً في هذا المجلس ويبادر الى تعضيده ومساندته في شتى المجالات . وأنا اعتبره الأب الروحي لهذا التنظيم . بهذه التركيبة يبدو جلياً ان قيادة التنظيمين آشورية لكن القاعدة الشعبية للتنظيمين تتشكل بالدرجة الآولى من الكلـدانيين ومن ثم من السريان .
وهكذا يبدو أمام الثقل الديمغرافي لشعبنا الكلداني في التنظيمين معادلة لمقاربة بين التنظيمين لطرح تسميات شعبنا :
الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري يطرحان تسمية واحدة مضموناً وشكلاً فالحركة تقول شعبنا ( الكلدوآشوري السرياني ) والمجلس الشعبي يطرح تسمية شعب( الكلدان السريان الآشوريين ) والمضمون واحد كما هو واضح لكن الفرق بين الطرفين ان الزوعا تطرح التسمية كشعار للتداول مع الفرقاء ، إذ انها متشددة لاسمها الآشوري : الحركة الديقراطية الآشورية ، وكان لها فضائية آشور .
بينما المجلس الشعبي كان اكثر مصداقية وأكثر تفاعلاً مع الشعارات التي يرفعها بشأن التسمية المثيرة للجدل ، حيث اتخذ منذ ابنبثاقه اسم : المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري . وكان موقفه اكثر جلاءً ووضوحاً حينما انفتح على العمل والتنسيق مع القوى القومية السياسية لشعبنا إن كانت هذه القوى القومية كلدانيــــة او سريانية او آشورية .
لقد طرح المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري شعار تحقيق الحكم الذاتي لشعبنا ، وبرأيي الشخصي المتواضع فإن شعبنا من حقه ان يكون له شخصية وكيان ذاتي وهذا من ابسط حقوقه فإننا في عصر نهوض الأقليات وحصولها على حقوقها ، فلماذا يكون شعبنا مهمشاً ؟ ماذا يمنع ان يكون له حكم ذاتي في وطنه بالتوصل الى اتفاق مع الحكومة المركزية العراقية في بغداد او مع حكومة اقليم كردستان ؟
من خلال الطروحات التي نطالعها بين الفينة والفينة يبدو ان الحركة الديمقراطية الآشورية تعارض هذا التوجه ، وباعتقادي ان الحركة ينبغي ان تكون في مقدمة من يعرض ويعاضد اعلى مستوى من الحقوق التي نستحقها إن كان على مستوى عرضها على الحكومة العراقية المركزية في بغداد او على نطاق حكومة اقليم كردستان ، لا سيما وإن الحركة تعرض نفسها في مناسبات عدة وفي بعض المحافل الدولية والأقليمية بأنها تمثل المسيحيين في العراق . رغم تحفظ الكثير إن لم يكن اكثرهم من المسيحيين على هذا الأدعاء ، وحتى ولو اكتفينا بالمفهوم الديني لهوية شعبنا كما تعرضه الحركة في بعض المناسبات ألا نستحق ان يكون لنا حكم ذاتي على هذه الأسس ؟
بنظري بدلاً من ان نسعى الى إقناع بعضنا البعض في جدوى الحكم الذاتي ويشغلنا الجدل وربما الصراع من اجل طرح المطلب ، ينبغي علينا ان نوحد جهودنا وننادي بصوت واحد للمطالبة بحقوق شعبنا بما فيها الحكم الذاتي لشعبنا .
كيف يمنحنا الآخر هذه الحقوق ونحن مترددون في طرحها ؟
إن جبال الجليد ينبغي ان تذوب لتقريب وجهات النظر ولتوحيد الخطاب في عرض مطالب شعبنا ، إن سفينتا ايها السادة مشرفة على الغرق ويتسرب اليها الماء وستغوص في الأعماق إن لم نتسارع الى سد وردم الثغرات التي تفرقنا .
وإذا تحدثنا بلغة الأرقام سنلاحظ مدى هشاشة جدالاتنا وتوجهاتنا القومية الأقصائية امام هذه الأرقام المخيفة . لقد كان الوجود السكاني لأبناء شعبنا من الكلدانيين والسريان والآشوريين قبل السقوط يقدر بحوالي مليون وربع من مجموع السكان العراقيين المقدرة بحوالي 28 مليون نسمة ، ويقدر عدد المهاجرين الى دول الجوار بحوالي 2 الى 3 مليون نسمة ، ويقدر عدد المسيحيين الذين غادروا الوطن بحوالي 600 ألف نسمة أي ان نسبة هجرة المسيحيين بكل تكويناتهم القومية بلغت حوالي 50% من العدد الكلي ، فيما لم تتعدى هذه النسبة بين المسلمين بكل تكويناتهم المذهبية والقومية نسبة 6 ـ 8 % ، وهذا خلل ديمغرافي خطير يهدد وجود شعب اصيل على ارضه وترابه ، وهكذا ينبغي على جميع الأطراف الأجتماع والتداول والتحاور بغية الأتفاق على الأهداف الأستراتيجية لشعبنا بما فيها مسألة الحكم الذاتي لشعبنا من الكلدانيين والسريان والآشوريين .
إن ما تيقنت منه في زيارتي الى الوطن ايها السادة هو :
إن ما يهدد وجودنا وينخر كياننا ليس تنوع تسمياتنا التاريخية ، إن السرطان الذي ينخر كياننا هو الهجرة ونزيفها الذي سيقضي على وجودنا في الوطن العراقي فهل نعمل شيئاً من اجل ايقاف هذا النزيف ؟ هذا هو السؤال ينبغي ان نجيب عليه جميعاً وهو مطروح امام تنظيماتنا السياسية بما فيها الحركة الديمقراطية الاشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وكل القوى الأخرى إنه سؤال الساعة وينبغي الأجابة عنه اليوم وليس غداً .
بقلم : حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no