الأقليات و حقوقها في العراق و إقليم كوردستان
المصدر: المسرى
جرجيس إلياس القوشي
محلل وباحث قانون
نينوى
إن موضوع الاقليات او كما يسميها البعض المكونات هي من المواضيع المهمة و الشائكة بحيث يختلف الاراء عنها حول الحقوق التي تتمتع بها تلك الاقليات من ناحية و كيفية ممارسة هذه الحقوق و تطبيقها في الواقع من ناحية اخرى، تضم بعض دول العالم اقليات متنوعة تختلف عن الاغلبية في العرق او الدين او اللغة…الخ،كما ان حركات الهجرة على مر العصور كان له دور في انتشار هذه الاقليات وجدت مجتمعات و حافظت على تقاليدها وبدأ يختفي فيها احادية الدين او اللغة.
– تسمية المصطلح (الاقلية ، المكون) او (الاقليات ، المكونات) :
يمكن تعريف الاقلية من الناحية اللغوية بانه اقل من نصف العدد ، من قل عددهم من غيرهم ، خلاف الاكثرية ، والجمع اقليات، كما ان كلمة الاقليات غربية الاصل ، وردت كلمة قل في القاموس المحيط ، يقل ،فهو قليل ويقال قل الشي اي نقص ويقال انهم قوم قليلون او اقلاء اي هم قلة .
اما من الناحية الاصطلاحية فيمكن تعريف الاقليات بانها (مجموعة اقل عدداً عن بقیة سكان الدولة في وضعية غير سائدة، والتي يملك اعضاؤها المنتمون للدولة مميزات من الناحية العرقية، الدينية ، اللغوية تختلف عن خصوصيات باقي السكان و يظهرون حتى ولو بطريقة ضمنية ، شعوراً بالتضامن من اجل المحافظة على عاداتهم ، دينهم، لغتهم ).
مُكَوَّنَات : كلمة أصلها الاسم (مُكَوَّنٌ) في صورة جمع مؤنث سالم وجذرها (كون) وجذعها (مكون) وتحليلها (مكون +ات) .
بالرغم من وجود التشابه بين كلمة المكونات و الاقليات الا ان ما اعتاد عليه و تم استخدامه من قبل الدول او في الاتفاقيات و كذلك اعلان الامم المتحدة لعام 1992 هو استخدام كلمة (الاقليات) و ليس المكونات بالرغم من وجود نقاط مشتركة و تشابه كثيرة بين هاتين الكلمتين إلا ان كلمة الاقليات بنظرنا هي الادق في بيان الحقوق و الهوية و العدد وغيرها من الامور التي تتعلق بالاقليات و هذا ما اتفق عليه البلدان اتوا بها في قوانينهم و كذلك في اتفاقياتهم الدولية .
– الاقليات (المكونات) في العراق :
اذا تكلمنا او اتينا الى دولة العراق نجد ان دستورها الصادر سنة 2005 قد استخدم مصطلح المكونات او (المكون) في (الديباجة ، والمواد (9، 12، 49،142، 125) منه وذلك تعبيراَ على كل مكونات الشعب العراقي بحيث يعرف من خلال تلك الكلمة مكونات(تكوين) كافة الشعب العراق بكل مكوناته و اطيافه وقومياته و دياناته ….الخ ، ويقصد من خلال ذلك ان الشعب العراقي ليس وحده قومية واحدة بل ان فيه الكثير من القوميات و الاديان و الطوائف ، اي انه اتى بهذه الكلمة لجمع الشعب اي بشكل عام و ليس خاص بقومية او بمكون .
اما بالنسبة للقوانين الصادرة في العراق و تتعلق بحقوق الاقليات و ممارستها نجد انه قد استخدم ايضاً مصطلح المكونات، منها قانون انتخاب مجلس النواب العراقي رقم 9 لسنة 2020 في المادة (13) منه ، و قانون مجالس المحافظات و الاقضية رقم 12 لسنة 2018 في المواد (15، 35) منه، وقانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 11 لسنة 2007 الملغي في الفقرة (عاشراً) من المادة (9) منه .
كما أن العراق في نطاق حقوق الانسان صادق على العديد من المعاهدات الرئيسبة ، بما في ذلك عدة معاهدات تؤثر مباشرة على وضع الأقليات وذلك من خلال التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (ICERD)، فقد تعهّد العراق بالالتزام بالقانون الدولي في حماية الحقوق المدنية، الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، والثقافية للأقليات العراقية. وبالإضافة إلى ذلك ، فانه بالانضمام إلى العهد الدولي لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري (ICPAPED)، فإن العراق قد ألزَمَ نفسه بضمان أن تُجرِّم قوانينه السلوك اللاإنساني على نحو كاف وتحمي الضحايا، وبأن يقوم جهازه القضائي وقوات الامن بفرض مثل هذه القوانين على نحو فعال، وبأن يكون بمقدور الضحايا الوصول إلى وسيلة للحصول على التعويض وجبر الضرر من خلال المؤسسات أو التقاضي، أو كليهما.
من خلال ما سبق ذكره يتبين لنا بان المصطلح الدولي لهذه الفئة او هذه الجماعة من الافراد يستخدم مصطلح الاقليات لكن هناك بعض الدول تستخدم مصلح المكونات في قوانينها الداخلية و مشرعها هو الذي يختار ايةً من المصطلحين سواء المكونات او الاقليات لكن هذا لايعني انه هناك اختلاف او فرق بين المصطلحين .
– الاقليات (المكونات) في اقليم كوردستان / العراق :
ليس هناك دستور خاص باقليم كوردستان وان دستور جمهورية العراق لسنة 2005 يعد دستوراًَ لكل العراق ومن ضمنه اقليم كوردستان العراق و هذا ماجاء في الدستور المذكور و يعترف بكل مؤسسات الاقليم و عالج في بنوده المواضيع و الصلاحيات و الحقوق التي تكون متعلقة بالاقليم مع السلطة الاتحادية المركزية ، لكن هناك مشروع لدستور في الاقليم و كتبت بعض من مواده لكن هناك بعض الاختلاف او ملاحظات حول بعض بنود المشروع التي تتعلق بالحقوق و الحريات بالنسبة للاقليات وغيرها من الامور الاساسية التي لم يتفقوا عليها لحد الان .
اذا لم يكن لاقليم كوردستان دستوراً خاصاً به إلا انه جاء في تشريعاته بعض القوانين متعلقة بحقوق الاقليات و كان المشرع الكوردستاني قد اعطى ضوءا اكثر من تخصيص القوانين للاقليات وذلك بسن قانون خاص بحقوق الاقليات في الاقليم باسم (قانون حماية حقوق الاقليات رقم 5 لسنة 2015) الذي عالج فيه الكثير من الامور المتعلقة بحقوق الاقليات و ضماناتها بغية ترسيخ روح الاحترام و التسامح و التعايش بين مواطني كوردستان العراق ) ، بالرغم من وجود ايجابيات كثيرة في هذا القانون إلا ان هذا لا يعني خلوه من بعض النواقص و عيوب لذا من الضروري تصحيح هذه النواقص و العيوب وادراجها في هذا القانون ، ولنا رأيينا وملاحظاتنا في هذه ملء تلك النواقص لكي يتم تعديله و يكون اكثر مقبولاً لدى جميع الاقليات (مكونات) .
ومن القوانين التي عالجت او تحدثت عن حقوق الاقليات في اقليم كوردستان عدا قانون حماية حقوق الاقليات هي :
1. في محافظة دهوك خصص (2) من المقاعد للمكون كلدان سريان الاشوري ، و مقعد للارمن .
2. في محافظة السليمانية تم تخصيص مقعد للمكون كلدان سريان الاشوري .
3. في محافظة اربيل تم تخصيص (3) مقاعد للمكون التركماني ، و (مقعدي) للمكون الكلداني السرياني الاشوري .
واتت الفقرة (الخامسة) من المادة المذكورة ان ناخبي المكونات يختارون مرشحي المكون التابع لهم .
3. قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و الاستفتاء رقم 4 لسنة 2014 :
ان قانون مفوضية الانتخابات في اقليم كوردستان / العراق تحدث عن حقوق الاقليات او المكونات في تشكيل مجلس المفوضيين وذلك في اولاً من الفقرة الاولى من المادة (الخامسة) منه وذلك من خلال تشكيل مجلس المفوضيين الذي يتكون من (9) اعضاء على ان يضمن تمثيل المكونات، كما وجاءت المادة (18) من قانون المفوضية بانه يضمن في تشكيل المفوضية ما يحقق التوازن في تمثيل المكونات القومية .
– واقع و مستقبل مقاعد الكوتا في انتخابات مجلس النواب العراقي وبرلمان كوردستان العراق :
اولاً: نظام الكوتا في قانون انتخابات مجلس النواب العراقي لسنة 2020 .
إن اصل كلمة كوتا هي كلمة لاتينية و تعني الحصة او النصيب ، و يعود الاصل التاريخي في استخدام الكوتا الى مصطلح التمييز الايجابي عندما اطلق لاول مرة في زمن الرئبس الامريكي جون كيندي عام 1960 ، ان وجود نظام الكوتا بالاصل هو لتمثيل فئة معينة من الشعب سواء ان كانت قومية او دينية ..الخ في مؤسسات الدولة لكون هذه الفئة من الشعب في اغلب الاحيان لا تستطيع الفوز حتى بمقعد انتخابي في الانتخابات ، لذلك فان وجود هذا النظام يعد نقطة ايجابية في الدول التي تتنوع فيها القوميات ، اذا كان وجود نظام الكوتا يعد كنقطة ايجابية فلابد ان يكون نتائجه ايجابية ايضاً دون المساس او التدخل في شؤون الاخرين .
اذا كان قد خصص قانون انتخابات مجلس النواب العراقي (9) مقاعد للكوتا ، (5) مقاعد للمكون المسيحي و مقعد واحد للمكون للشبك و مقعد واحد للمكون اليزيدي و مقعد واحد للمكون الكورد الفيلي و مقعد واحد للصابئة المندائية، فاذا نظرنا الى الفقرة (ثالثاً) من المادة (13) منه نجد انة عالج نظام التصويت لنظام الكوتا للمكون المسيحي و الصابئة المندائية ضمن دائرة انتخابية واحدة !! اي بمعنى انه يجوز التصويت لمرشح مكون المسيحي او الصابئي من كافة انحاء العراق! وان الترشيح لا يكون على مستوى العراق بل على مستوي المحافظة اي بمعنى ان المرشح من المكون المسيحي يجب عليه ان يرشح نفسه على احدى المحافظات التي خصصت مقعد لها وهي المحافظات الخمسة (بغداد ، اربيل ، نينوى، دهوك ، كركوك) دون ان يشترط بان يكون المرشح ساكن او من اهل ذلك المحافظة !.
نسأل هنا عن نية المشرع العراقي في تخصيص مقاعد الكوتا بهذا الشكل و بهذا النوع من التصويت ضمن دائرة انتخابية واحدة ، فما الهدف من معالجة هذا الموضوع بهذا الشكل ، ماهي ايجابياته او سلبياته ، ايهما اكثر ،الايجابيات او السلبيات؟ سوف نتطرق الى هذه الامور في الاسطر الاتية :
إن ما تى به المشرع العراقي في قانون انتخاب مجلس النواب العراقي بخصوص حقوق الاقليات لتمثيلها في البرلمان العراقي تعد نقطة ايجابية في مشاركة تلك الاقليات في البرلمان وكذلك يكون لهم دور في القوانين المتعلقة بهم او في بعض الامور ، لكن تخصيص تلك المقاعد للاقليات و خاصة المسيحين بهذا النوع فيه سلبيات كثيرة ومن اهمها :
1. ان تخصيص (5) مقاعد للاقليات المسيحية عدد قليل جدا لان الاقليات ليست موجودة فقط في المحافظات الخمسة التي خصص لها مقعد برلماني وانما المسيحين هم اساس هذا البلد و حضاراته ويعيشون في محافظات اخرى على سبيل المثال محافظات (السليمانية ، البصرة ، الكوت (العمارة) ، حلة ، وبعقوبة ) وغيرها من المناطق التي تعيش فيها عوائل مسيحية قليلة ، لذلك لابد لمجلس النواب العراقي من خلال نواب الاقليات ان يعيد النظر في هذا الموضوع، صحيح ان عدد المسيحين حالياً اقل مقارنةً مع سنة 2003 اي ما بعد سقوط نظام السابق ، لكن لوجود كثرة عمليات ارهابية داخل العراق من قتل و خطف وغيرها ادى الى هجرة جماعية للمسيحيين الى خارج العراق والبحث عن ملجأ لكي يعيشوا فيه بسلام بعيدا عن عمليات القمع و الاساءة لهم و حفاظاً على حياتهم .
2. في حال زيادة مقاعد الكوتا المسيحية الى (10) يجب تقسيمها بحسب الكثافة السكانية لاقليات المسيحية في تلك المحافظات ، مثلاً (مقعديين في كل من محافظات (نينوى ، اربيل ، دهوك ) و تخصيص مقعد واحد لكل من محافظات (بغداد ، السليمانية ، كركوك ، البصرة) .
3. ان نظام التصويت للاقليات المسيحية حسب قانون انتخاب مجلس النواب العراقي هو التصويت من كافة انحاء العراق اي التصويت ضمن دائرة انتخابية واحدة !!، مما يعني انه اي شخص داخل العراق يحق له التصويت من زاخو الى فاو لأي مرشح حتى وان لم يكن من الاقليات !!!! هذه من ناحية ، ومن ناحية اخرى هذا لا يعد تمثيلاَ حقيقاً للاقليات وقلة ما يفوز المرشح الحقيقي للاقلية المسيحية لذلك نقترح من خلال رأينا المتواضع ان كل محافظة تصوت لمرشحيها دون الولوج او التدخل في مرشحي المحافظات الاخرى .
4. يتم حل المشاكل و الصعوبات التي اشرنا اليها في النقاط (1 و 2 و3) من خلال انشاء واستحداث سجل الناخبين خاص بالاقلية المسيحية في كل العراق ، بحيث تكون لديك بيانات و سجل خاص للمسيحيين الذين تكون لديهم الاهلية القانونية لممارسة حق التصويت ، ومن خلال ذلك السجل تستطيع انشاء سجل خاص لكل محافظة وان كل في محافظته يكون له الحق في ان يصوت لمرشحة في تلك المحافظة .
5. يجوز لكل من اكمل السن القانوني للترشيح (28 سنة) ان يرشح نفسه لعضوية مجلس النواب العراقي ، لكن الترشيح يجب ان يكون على مستوى المحافظة و ليس على مستوى العراق كله ، بالاضافة الى ان الشخص الذي يرشح نفسه يجب ان يكون من اهالي تلك المنطقة التابعة للمحافظة و ان يكون مقيماً فيها .
ثانياً : نظام الكوتا في قانون انتخابات برلمان كوردستان العراق :
بخصوص اقليم كوردستان العراق حول نظام الكوتا فانه يختلف عن نظام الكوتا في العراق من حيث عدد الاقليات التي خصصت لها المقاعد في المؤسسات التشريعية و كذلك المؤسسات الحكومية لان الاخير فيه نظام الكوتا لاقليات (المسيحي، الصابئي ، الكورد الفيلي و الشبك ) بعكس القوانين المتعلقة بالاقليات الموجودة في اقليم كوردستان التي عالجت بعض حقوق الاقليات وخصصت بعض مقاعد لكوتا الاقليات (المسيحي ، التركمان ، الارمن ) وذلك حسب الكثافة السكانية لتلك القوميات في العراق و توزيعها في محافظات العراق و اقليم كوردستان ، وقد خصص قانون انتخابات برلمان كوردستان العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل (11) مقعدا لكل الاقليات وذلك حسب المادة (36) مكررة التي نصت على انه
اولاً: تخصص (5) مقاعد للكلدان السريان الاشوريين يتنافس عليها مشرحو المكون المذكور .
ثانياً : تخصص (5) مقاعد للتركمان يتنافس عليها مرشحو المكون المذكور .
ثالثاً : يخصص مقعد واحر للأرمن يتنافس عليه مرشحو المكون المذكور .
رابعاً: يجري انتخاب مرشح كل مكون من قبل الناخبين من المكونات المذكورة.
ان ما نلاحظه في هذه المادة بأن قانون انتخابات برلمان كوردستان العراق قد خصص مقاعد للكوتا المسيحيين و التركمان و كذلك الارمن وان كان موفقاً اكثر مقارنة مع قانون انتخابات مجلس النواب العراقي من حيث تخصيص المقاعد للكوتا المسيحي من حيث العدد ،لان الاخير على مستوى كل العراق من (329) مقاعد مجلس النواب العراق خصص فقط(5) مقاعد!! لكن قانون انتخاب برلمان كوردستان العراق خصص نفس عدد من المقاعد لاقليات المسيحي في ثلاث محافظات العراق الذي يكون اقليم كردستان و هو جزء من دولة العراق الفيدرالي .
لكن السؤال الذي يطرحه الجميع حالياً هل ان وجود هذه المقاعد للاقليات الثلاثة في برلمان كوردستان يمثلها النواب الحقيقيين و هل يمثلها المرشح الحقيقى لهذه الاقليات ؟هذه من ناحية ، ومن ناحية اخرى هل ان اعضاء برلمان كوردستان من تلك الاقليات يفوزون باصوات الاقليات من تلك القوميات ام غير ذلك ؟؟.
ان الاجابة عن هذه الاسئلة ليست سهلة لكون مرشحي تلك الاقليات هم بالاساس من الاقليات نفسها كقومية او دينية لكن اليس هناك اشخاص اخرين من تلك القوميات رشحوا انفسهم لكنهم لم يفوزا بالانتخابات نتيجة عدم وجود اصوات مماثلة للفائزين من نفس شريحة الاقليات ، اليس هناك اصوات اخرى داعمة لبعض من مرشحي و احزاب الاقليات تأتي من خارج اصوات الاقليات قد تكون هذه الاصوات مؤاتية في يوم التصويت الخاص او حتى في التصويت (الاقتراع) العام ؟ نتساءل اليس هناك دعم مادي و معنوي من بعض القوى السياسية لبعض من تلك الاقليات بغية السيطرة على اصوات تلك الاقليات و استخدامها في اجندتها الساسية ، اذا كانت وجود الكوتا تعد نقطة ايجابية في الاساس لكن اذا كان وجودها بالواقع يؤثر سلبياً على الوضع السياسي ، ولا تكون الاقليات حيادية ومستقلة في اعمالها و سياساتها وانما تساند و تعاون مع احدى او اكثر من الاحزاب السياسية فهذا يعني ان وجودها بهذا الشكل اسوء من عدم وجودها ، بحيث انها لا تكون الجهة الوسيطة لتقرب الاحزاب السياسية وانما تكون من ضمن اجندة احد تلك الاحزاب ولهذا ان البعض يشبهها ب (التابع) التابعة لها،لان في الاساس يجب ان تكون هذه الاقليات واضحة في سياستها و ان تعبر عن رأيها دون الولوج الى سياسة الاحزاب الاخرى ولها مكانة في الوسط السياسي، لان هذه الاقليات تراقب من قبل المنظمات الدولية و دول التحالف ، متى كانت هذه الاقليات محايدة ومستقلة عن رأيها ولا تتدخل او لا تكون اجندة احد او اكثر من الاحزاب السياسية فهذا يؤدي الى قبول موقف تك الاقليات من كل الاحزاب السياسية الموجودة على الساحة السياسية و يكون مرحبا بها ايضا لدى المنظات الدولية ، ولا يكون خلاف ايضاً حول عدد المقاعد التي تخصص لها في المجالس التشريعية .
ان ما نراه بخصوص الاقليات في اقليم كوردستان العراق هو عدم تقبل هذه الاقليات من قبل الكثير من الاحزاب السياسية وحتى منظمة الامم المتحدة (يونامي ) فرع اربيل قدمت اخر تقرير لها بخصوص الاقليات بعد ان اجتمعت مع ممثل المسيحيين و التركمان والارمن في 14 /2/2023 بانه هناك تدخل في شؤون الاقليات و كذلك في تمثيلها وكانت هناك اراء مختلفة في كيفية ممارسة حقوق الاقليات في المجالس التشريعية ولابد ان يكون هناك تغيير وحل جذري لهذه المسألة.
نظراً لوجود كل هذه السلبيات فاننا نرى ان معالجة هذه المسائل المتعلقة بالكوتا في اقليم كوردستان تأتي من خلال اتباع الاجراءات الاتية :
1. انشاء و احداث سجل خاص للاقليات الثلاثة ، بحيث يكون لكل اقلية سجل خاص بها و يتم تسجيل كل فرد من تلك الاقليات في السجل المخصص للناخبين و يتم ازالة كل اسماء تلك الاقليات من السجل العام للناخبين ويتم ذلك من خلال تعديل قانون انتخابات برلمان كوردستان العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل بادراج مادة فيه تبين فيها الاجراءات التي تتخذها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و الاستفتاء في اقليم كوردستان لانشاء السجلات المخصصة لكل من الاقليات (الكلدان السريان الاشوري ، التركمان ، والارمن ) .
2. ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و الاستفتاء في اقليم تستطيع ان تقوم باجراءت انشاء سجل خاص لكل من الاقليات الثلاثة بمدة قد تتراوح بين (3 اشهر الى 4 اشهر ) لكون ان هذه الاقليات هم في ثلاث محافظات وان المدة التي تستغرقها المفوضية هي مدة ليست بكثيرة ولا تؤثر على اعمالها الاخرى ويمكن تصنيف و انشاء سجل خاص و تسجيل و فصل اسماء الاقليات الثلاثة من السجل العام بشرط ان تراجع تلك الاقليات مراكز تحديث سجل الناخبين الموجودين في المحافظات الثلاث خلال تلك المدة وهذا لابد ادراجه في التعديل الذي يتم في قانون انتخابات برلمان كوردستان العراق .
3. عند عدم انشاء سجل خاص للاقليات لاي سبب كان فانه يجوز ان يتم تخصيص بعض المراكز الانتخابية لكل من الاقليات على حدة حسب الكثافة السكانية الموجودة لتك الاقليات في محافظات الاقليم ، على سبيل المثال تخصيص بعض المراكز الانتخابية للمكون او الاقليات المسيحية في (3 او 4) مراكز في قضاء عنكاوة ، و مركز او مركزين في كويسنجق و قريةهارموطة ، و مركز او مركزين في شقلاوة او في السليمانية ، و (4 او 5) مراكز في دهوك و مراكز اخرى في المناطق التي فيها الكثافة السكانية من الاقليات الكلدان السريان الاشوري ، وهذا ما يطبق ايضاً بالنسبة لاقليات التركمان و تخصيص مراكز لهم في اربيل و محاورها و مراكز في كل من قضاء كفري و كلار و غيرها من المناطق التي يوجد فيها الاقلية التركمانية ، ويتم معالجة الاقلية الارمنية بنفس الطريقة ، و اول انتخابات برلمان كوردستان العراق لسنة 1992 خير تجربة على ذلك عندما تم وضع صناديق الاقتراع الخاصة للمكون المسيحي انذاك .
4. توزيع مقاعد الاقليات (الكلدان السريان الاشوري ، و التركمان ، الارمن ) على محافظات الاقليم الثلاثة وذلك حسب الكثافة السكانية لتلك القوميات بغية التمثيل يكون من كل المحافظات و ليس التركيز فقط على محافظة او محافظتين، مما يؤدي الى التنويع الجغرافي لتمثيل الاقليات في برلمان كوردستان العراق ويتم تغطية كل الاراء التي قيلت وتم انتقادها بشأن نظام الكوتا في قانون انتخابات برلمان كوردستان العراق .
5. عند توزيع مقاعد الكوتا بالنسبة للاقليات على المحافظات ، من المستحسن ان يتم ترشيح كل مرشح من المحافظة التي يقيم فيها على ان يتم ذلك من خلال ادراج فقرة جديدة للمواد المتعلقة بحصة او مقاعد الكوتا للاقليات في قانون انتخابات برلمان كوردستان العراق ، وان التصويت يكون على مستوى المحافظة و لا تكون كوردستان ضمن دائرة واحدة اسوةَ بما موجود في العراق نتيجة وجود السلبيات الكثيرة التي اشرنا اليها سابقا في قانون انتخاب مجلس النواب العراقي .