الأكراد يعيدون كتابة التاريخ على مزاج أوليائهم
قالوا: (سألوا البغل: من هو أبوك؟. فأجاب: أمي الفرس).معظم شعوب العالم عامة، والشرق أوسطية خاصة لها تاريخ مدّون هو بمثابة كنز لأجيالها المتلاحقة جيلا بعد جيل باستثناء الكرد الذين يتلخص مجمل تاريخهم، حتى بدايات القرن المنصرم، بالأحاديث المتناقضة والمروية، مشافهة، على مرّ الأزمان. ولم يكونوا على علم بمنشئهم وأصولهم التاريخية. لذلك وقفوا، على الدوام، على مفارق دروب الحيرة والارتباك في تحديد الأصل الذي تفرّعوا عنه إلى أن أرسل الله لهم نبيا هو الدبلوماسي الروسي فلاديمير مينورسكي ( 1877- 1966) أستاذ اللغة الفارسية في مدرسة اللغات الشرقية في باريس عام1937م. ففي رسالة قدمها الى المجمع الاستشراقي الدولي العشرين الذي انعقد في بروكسل سنة 1938 تعرض للبحث عن أصل الكرد فقال :(إن وحدة الكرد يجب ان تفسّر على أساس أنهم من الميديين) وذلك من دون أن يأتي بأي برهان أودليل يستند إليه في إثبات نظريته. فتلقف هذه النظرية المؤرخ الكردي محمد أمين زكي (1880 - 1948) الذي حاول، قبل ذلك، دراسة الجذور التأريخية للشعب الكردي ولكنه لم يستطع متابعة مشروعه لضآلة المعلومات التي حصل عليهاعن منشأ وأصل الأكراد والسبب في ذلك كما يقول في مقدمة كتابه "خلاصة تاريخ الكرد وكردستان" :(هو انعدام المعلومات الأكاديمية عن جذور الأكراد حيث أنه لم يكن يُعرف شيء عن تاريخ القوم الذي ينتسب إليهم، وبعد إستفساره عن جذور الأكراد من رؤساء العشائر الكردية وعلماء الدين الأكراد لم يحصل منهم على جواب مقنع يشفي غليله. فالبعض منهم قال: بأن أصل الكرد يعود إلى كرد بن عمرو القحطاني، وجعل البعض الآخر أصل الكرد منحدراً من سلالة جنيّ من الجان يُدعى جاساد).
كان الخطاب السياسي والفكري الكردي إلى نهايات القرن المنصرم عقلانيا، منطقيا، ومقبولا لدى جميع شعوب المنطقة جماعات وأفرادا. وقد لاقت قضيتهم العادلة دعما وسندا قويا من كل التنظيمات السياسية، وغالبية المثقفين الأحرار من كل الفئات الاجتماعية، والمكوّنات القومية في كل من العراق وسوريا وخاصة لدى الآشوريين عامةK وسياسييهم ومثقفيهم بشكل خاص.
ولكن مالبثت شهية الأكراد القومية أن تفتّحت، بنهم، بعد سقوط نظام صدام حسين على يد الأمريكان، وبمؤازرة مدروسة ومهيئة، سلفا، من قبل الأحزاب الكردية. فبدأت، بعد ذلك التاريخ، كتابات أغلب مثقفيهم، وتصريحات جميع سياسييهم تنحو منحى مختلفا ومغايرا، كليا، عن ذي قبل. وغالوا في شوفينيتهم حتى فاقوا، بذلك، كل العنصريين العرب والأتراك الذين نعتوهم، سابقا، بأبشع صفات التعصب والعنصرية والشوفينية، حتى بات التطرف الكردي يدعو إلى الاشمئزاز والمقت لدى جميع الحكومات والأفراد في المنطقة، وعلى وجه الخصوص في العراق وسوريا وتركيا. وزادوا في غلوائهم حين صاروا يروّجون لنظريتهم المقيتة (المسيحيون الأكراد). لا. بل اشتطّ بهم الهذيان الفكري إلى درجة أنهم صاروا يّدعون، بكل بلاهة، بأن أصلهم من السومريين، وأن أنليل وإينانا إلهين كرديين، وجلجامش وأنكيدو بطلين كرديين، ونينوى وبابل مدينتين كرديتين أيضا. ولم يكتفوا بذلك بل نقّب مؤرخوهم في بطون الكتب التأريخية والدينية، وانكبّ آثاريوهم على دراسة كل الملاحم والرقم الأثرية المكتشفة في كردستان، والمكتوية باللغة المسمارية الكردية حتى توصلوا عن طريق الدراسات والمكتشفات (الكردولوجية) بأن ابراهيم الخليل كرديا أصيلا، لاتشوب كرديته أية شائبة. وقد تأكدوا من ذلك بعد تحليل الشفرة الوراثيةD.N.I) ) التي وجدها العلماء الكرد على بنطاله الجينز (Jeans) والذي نسيه على حافة بركة ابراهيم الخليل والتي كان يسبح فيها قبل أن يستقلّ، على عجل وهو بالمايوه، الطائرة التابعة للخطوط الجوية الكردية من مطار أورهاي إلى فلسطين في زيارة لأولاده الإسرائيليين الكرد الذين كانوا يعملون في السفارة الكردية لدى الدولة الكنعانية.
وقد تأكد الكرد، أيضا، بأن النبي نوح كرديا أصيلا من خلال تشريح جثته التي عثروا عليها تحت أنقاض الفلك الذي رسى على قمة جبل جودي الكردي، وهي كاملة الأوصاف، وفي أحسن حال ماعدا أنامله الرشيقة التي نهشها سمك القرش القادم من الجزر الأسترالية أثناء الطوفان، ربما لأنها كانت مثل (أصابيع الببّو ياخيار)، إضافة إلى فردة حذائه وعليها ماركة معامل النايك (Nike) التي أقامها رجل الأعمال الشهير (سيدو الجزراوي) في الألف التاسعة قبل الميلاد في شهرزور. كما وجدوا اسمه، وشجرة عائلته الكردية منقوشا بالوشم على ذراعه الأيسر (يعني الزلمة كان يساريا). وقد وردت هويته، كما حللها علماء الآثار الكرد كما يلي:
الاسم: نوحو. الكنية: كردواري. اسم الوالد: حسنيكو. اسم الأم: كوله بنت عليكو. محل وتاريخ الولادة: القامشلو- حارة قدور بك سنة 9999 نوروزية. المهنة: بحّار. المؤهل: خريج الكلية البحرية بدرجة امتياز في مدينة (نينوى) عاصمة كردستان المغتصبة.
التوقيع
العميد الركن خودَي بن خودَيدو
مدير دائرة النفوس في الحارة الآشورية
المضحك والمقرف معا هو ادعاء أحد كتابهم ( محمد مندلاوي) في مقال له في موقع دنيا الرأي (بأن الحضارة السومرية هي من الحضارة الكردية، وقد طورها الأكراد لاحقا). فبالله عليكم هل هناك سخافة أسمج وأشنع من هذه السخافة. تصوّروا بأن الأكراد، الذين ليست لهم لغة موحدة حتى الآن، ونحن في القرن الحادي والعشرين. وكلنا يعلم بأن الكردي من مدينة سليمانية لايفهم إطلاقا لغة الكردي من دهوك في العراق. كما أن الكردي من عفرين يحتاج إلى ترجمان في محادثة الكردي من عين العرب، في سوريا، والمسافة بينهما لاتتعدى عشرة أميال. تصوروا بأن هؤلاء القوم استطاعوا أن يطوروا الحضارة السومرية، أي أنهم طوروا ملاحم كلكامش، إينوماإيليش، نزول إينانا إلى العالم الأسفل، آدابا، وغيرها من عيون التراث العالمي حتى وصلوا بها، بعد سبعة آلاف عام، إلى قمة الأدب والفكر باختزالها على يد عبقري عباقرة الأكراد، وجهبذ جهابذتهم، ووحيد أزمنتهم وعصورهم، أسطورة الفكر والأدب الكردي، الشاعر الكبيرأحمد خاني صاحب الملحمة الشعرية (مم و زين) التي نال عليها جائزة (نوبل) للآداب عام 1723م. ويشهد على عظمة وروعة هذه الملحمة الخالدة معظم الأدباء الكرد وفي طليعتهم البروفيسور حاج علو أستاذ علوم (تصليح البوابير وملحقاتها) في جامعة العزيزية في مدينة الحسكة الكردية. ولكن لم يذكروا بأية لغة كتبها. أهل كانت الكرمانجية؟. أم الصورانية؟. أم الزازاكية؟. أم الفيلية؟. علما بأن هذه الملحمة، مفخرة الأكراد عبر العصور، كما ينوّه عنها سيادة القائد العام للقوات الكشفية في الجزيرة والفرات ،في الخمسيتات والستينات من القرن المنصرم، البروفيسور الآشوري العظيم ( حبصونو القامشلاوي) عميد كلية الآداب، والتاريخ، والأدب المنقارن، وعلوم الأجناس، في جامعة الهلالية الواقعة غرب مدينة القامشلي حيث يقول: ( قصة مم وزين التي يعتبرها الكرد بأنها شعر قصصي ملحمي لا مثيل له إلا إلياذة هوميروس ماهي أكثر من حدوثة أطفال تافهة تفتقر إلى كل مقومات القصة. وهي باختصار حكاية عشق بين مراهقين يفرق بينهما عذول اسمه "بكر" وتنتهي الحكاية بموت الأثنين وهما يتلوّعان عشقا وغراما من غير وصال. هذا هو ملخص القصة التي يتباهى الكرد بها ويعتبرونها قمة أدبهم العالمي). وللعلم لم يستفد من هذه الأقصوصة سوى الآشوريين وحدهم لأن قواميسهم اللغوية تخلو من كلمة العذول واشتقاقاتها فاستعاضوا عنها بكلمة (بكرو) وإيغالا في العذل يقولون: (بكروكو).
والأدهى من كل هذا وذاك أن العرب المساكين قد أصيبوا بخيبة أمل كبيرة حين اكتشفوا بعد ماينيف على ألف وسبعمائة عام بأن نبيهم الذي كانوا يظنونه عربيا قحّاخالصا قد أصبح، في غفلة من الزمن، كرديا من أخمص قدمه حتى أعلى شعرة في رأسه. وأن هناك الكثير من آيات القرآن قد أنزلت عليه من أجل سواد عيون الأكراد، ومراعاة لمشاعرهم الرقيقة والحسّاسة.
يدّعي الأكراد بأن كل قطعة أرض جغرافية وطأتها أقدامهم في طريقهم إلى القتل والسلب والنهب هي أرض كردية مغتصبة، وجزء لايتجزأ من كردستان الكبرى. كما حدث معهم في جبال هكاري وطور عبدين وشمال العراق التي كانت حتى بدايات القرن الثامن عشر خالية، كليا، من الوجود الكردي، وباعتراف جميع مؤرخي العالم قديما وحديثا. أويلتجئون إليها هربا من الظلم والاضطهاد كما حدث معهم إثر نزوحهم إلى سوريا في بدايات ومنتصف القرن الماضي فرارا من البطش التركي.
ويشتطّ بالأكراد الخيال الجامح، وهم في هذيان صرعهم القومي، فتمتد أطياف أحلام اليقظة لديهم من المحيط إلى الخليج. وقد نسيوا، أو تناسوا النتيجة التي آلت إليها الضفدعة التي صارت تعبّ الماء بكثرة لتصبح بحجم البقرة.
بهذا الخطاب الكردي المقيت والمقزز بدأ الأكراد، سياسيين ومثقفين، يجلبون على أنفسهم وشعبهم، رويدا رويدا، نقمة وسخرية كل شعوب المنطقة بدون استثناء. وبهذا الخطاب، أيضا، بدأوا يتقوقعون في شوفينيتهم الذاتية حتى لن يجدوا لهم نصيرا أو صديقا في الآتي من الأيام. ويومذاك سيكون الندم وصرير الأسنان بعد فوات الأوان.
الفرق بين الآشوري والكردي أن الآشوري يقف على أرض صلدة تمتد جذوره في أعماقها آلاف السنين. ويدرك بعمق أصالته أن العراق قد ولد من رحم الحضارة الآشورية لهذا فهو يفديه بروحه ودمه، ويقدسه كأيقونة من صنع يد الله. أما الكردي فيقف على أرض هشّة وعلى حافة الوهم والخيال وليس له أي إيمان بالعراق لا أرضا ولا شعبا لذلك فهو على كامل وأتم استعداد للتضحية به ولمساومة عليه، مع أعداء الشعب والوطن ، في أي لحظة يداهمه اليأس والخطر.
على أي حال، هناك بصيص أمل يلوح في نهاية النفق الكردي. ويتمثّل ذلك البصيص ببعض المثقفين الأكراد الشرفاء الذين يعرفون موضع أقدامهم، ويدركون الحقيقة المطلقة وينطلقون منها. وفي طليعة هؤلاء يقف اثنان من أنبل كتّاب الكرد قاطبة وهما: شهيد كلمة الحق المرحوم (الدكتور عمر ميران) والأستاذ (نزار آغري) أطال الله في عمره. ولو اقتدى بهما جميع الكتاب والأدباء والساسة االكرد لاستطاع الآشوريون، قبل غيرهم، أن يفتحوا، معهم، باب الحوار الموضوعي والمجدي على مصراعيه، وإسدال ستار النسيان على مآسي وويلات الماضي. على أمل أن يرعوي الأكراد، ويستفيقوا من هذا الهذيان والهيجان الفكري، ويعودوا إلى رشدهم وصوابهم. وينظروا إلى العالم، من حولهم، بعيون أكثر دقة وتمعّنا واتساعا من أجل الانطلاق إلى رحاب المستقبل تحت مظلة التعايش الأخوي فوق أرض الرافدين المقدّسة، والواحدة الموحّدة التي تتّسع، برحابة صدرها، لجميع أبنائها بغض النظر عن المعتقد القومي، أو الديني، أو السياسي.
فيما يلي سنقدم للقارئ الكريم نموذجين من الكتّاب الأكراد أولهما (الدكتور فرست مرعي) وثانيهما (الأستاذ هشيار بنافي) وما على اللبيب إلا استنابط الدروس والعبر.
الدور التاريخي للكرد
د. فرست مرعي. رئيس مركز الدراسات الكردية/ دهوك.
الأصول التاريخية
تباينت آراء الباحثين والمؤرخين حول الانتماء الحقيقي للكرد وجنس أسلافهم التاريخيين، وهذا ما انعكس بدوره على العصر التاريخي الذي يستطيع الباحث أن يعتمده كبداية للتاريخ الكردي قبل الإسلام ولكن استنادا إلى مصادر تاريخ الكرد قبل الإسلام من دينية (توراتية ومسيحية) ويونانية وإرمنية وفارسية وإلى الرأي الراجح بانتماء اللغات الميدية والكردية والفارسية إلى أرومة اللغات الهندوإيرانية. استنادا إلى هذه البينات فإن المستشرق الروسي مينورسكي طرح نظرية مفادها أن الكرد ما هم إلا أحفاد الميديين الذين هاجروا من المناطق التي تحيط ببحر قزوين غرباً وجنوباً نحو الغرب (كردستان) بعد سقوط الدولة الآشورية عام 612 ق.م. جاء ذلك في المؤتمر العشرين للاستشراق الدولي الذي عقد في بروكسل عام 1938 م. وكان الصراع سجالاً بين الميديين (أجداد الكرد الحاليين) والآشوريين في الفترة من 836 ق.م إلى غاية 612 ق.م عندما تمكن الميديون بالتحالف مع الكلدانيين بقيادة زعيمهم نبوبلاصر من إلحاق الهزيمة بالآشوريين واحتلال عاصمتهم نينوى عام 612 ق.م، وبذلك تقاسمت الدولتان الميدية والكلدانية منطقة الشرق الأدنى مناصفةً بينهما.
وفي الوقت الحاضر فإن غالبية المؤرخين والباحثين الكرد يعتبرون الميديين أسلاف الكرد الحاليين وعلى هذا الأساس اعتبروا بداية ظهور الميديين ككيان سياسي عام 700ق.م تقريبا بداية للتاريخ الكردي على غرار الأمم الأخرى.
الإسهام الحضاري
مما لاشك فيه أنه كان للكرد إسهام لابأس به في الحضارة الإنسانية لأنه على أرضهم ظهرت أولى الحضارات البشرية، فقد حدد سكان العراق القدماء من السومريين والأكديين والآشوريين بداية انتشار الموجة الثانية من البشرية بعد استقرار فلك اُوتونابشتم (نوح عليه السلام) في جبل من الجبال الكردية هو كشاد كوتيوم حسب النص الأكدي ونيسير أو كينيبا حسب النص الآشوري. وفي التوراة وتحديداً سفر التكوين (8: 3-5) يشير ناسخو العهد القديم إلى أنه "بعد مائة وخمسين يوماً نفضت المياه واستقر الفلك في اليوم السابع عشر من الشهر على جبل آراراط"، في حين حدد القرآن الكريم موقعاً قريباً لهذا الحدث الجلل في الآية 44 من سورة هود "... وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي.
وعلى أية حال فقد حفظت لنا السجلات التاريخية التي تعود إلى الألف الثالثة ق.م أسماء عدد من الآلهة التي عبدها سكان شمال وادي الرافدين (سكان كردستان القدماء)، فضلا عن عدد من الملاحم والأساطير التي كان لها تأثير في تطوير الوعي الاجتماعي والبنية الذهنية لهذه الشعوب والشعوب المجاورة التي انتقلت إليها هذه المعبودات وكانت لها تأثيرات واضحة وجلية في خلق مشاعر مشتركة حددت بمرور الزمن روابطها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مطورة أوجها عديدة للحياة العامة، اندثر قسم كبير منها وظل أقلها مدوناً في وادي الرافدين ومصر وإيران والهند واليونان. ومن هذه الآلهة: نيني Nini (إينانا)، الإله موس (MUS)، أُودو (UDU)، إله الشمس سوريا (آسورا) SURIYA، الإله تيشوب (TESUP)، كوماربي (KOMARBI)، الإلهان شيميكا وكوشوخ (إلها الشمش والقمر عند الخوريين).
وبجانب المعبودات الزاكروسية التي ذكرناها آنفاً، فقد شاركت آلهة أخرى في عقيدة سكان المناطق الشمالية والشرقية لوادي الرافدين (سوبارتو) ترجع أصولها إلى المعتقدات والأساطير الميثولوجية للأقوام (الهندية – الآرية) التي تركت مواطنها في جنوب روسيا في بداية الألف الثانية ق.م والتجأت إلى كل من الهند وإيران والأناضول وبلاد سوبارتو (كردستان)، وكان أشهر هذه المعبودات: آسورا(1) الهندية أو سورياش الكاشية خالق الكون والإنسان، وهورفتات (هاروت في القرآن الكريم). وماروتاش (ماروت في القرآن الكريم)، ووارونا وإندرا وناساتيا المذكورة في الفيدا (الكتاب الهندوسي المقدس)، وميثرا الذي انتشر خارج المنطقة الكردية حتى وصل أوربا، فقد آمن به اليونانيون والرومان.
1. القارئ اللبيب سيكتشف، على الفور، بأن هذا هو الإله آشور ذاته.
*****
(المؤرخ!) سيّد فرست سيّد مرعي الزاوي كنموذج للخيانة العلميّة في جامعة دهوك.
بقلم: هشيار بنافي.
المزوّر(المؤرخ!) (الدّكتور!) المحترف والمدرّب ((سيّد فرست سيّد مرعي إسماعيل الزاوي)) الحربائي. كان مفوضا للأمن البعثي، وعدواً لدوداً لكل كوردستاني. وكان عربياً قحاً من نسب عدناني. و كان و كان وكان. كأي شوفيني أعرابي يعادي الثورة الكورديّة منذ نعومة أظافره. وغنيّ عن التعريف بممارساته تلك في مدينتي المظلومة التي ابتليت بالفساد الأخلاقي والقيّمي والاجتماعي والسياسي والوطني قبل المالي.
بعد أن قدمت لكم (الشيخ مصطفى الريكاني) و(عادل بيك توفيق بيك البرواري) كنموذجين لذلك الفساد. ها هو مثال صارخ آخر ليس للفساد وحسب و لكن للخيانة والعمالة الواضحة والجليّة وفي وضح النهار، في (دهوكا داسنيا)، لكل متابع غيور على وطنه و شعبه.
بعد انتفاضة آذار 1991 خلع مفوض الأمن الصدّامي العربيّ الزاوي ( فرست مرعي) بدلته الزيتونيّة وتقمّص شخصيّة إسلامي كوردي دهوكي ملتحي يسبّح بحمد ربه ما شاء له من التسبيحات والصلوات، وأخذ يجمع أمثاله من حوله ضمن تنظيمات حزب إسلامي تشكل بأموال دول الجوار من أعضاء البعث النازي وحثالات المجتمع ونكراته، وأصحاب السمعة الأخلاقية السيئة، والخونة والجهلاء. وبقيت صلاته الحميمة مع حزبه داخلياً وخارجياً.
إن أسياده الجدد وجدوا فيه ضالّتهم التي كانوا يبحثون عنها لماضيه القذر، وحقده الدفين على كوردستان. فقاموا بتدريبه وتأهيله ليقوم بدوره الخيانيّ على أحسن وجه. وبقي ينقصه شهادة جامعيّة لتسويقه وتكليفه بمهمات خاصّّة لتحقيق مآربهم الدّنيئة والواطئة المبنية على التزوير والخداع، والتّحايل على البسطاء وتحريف وقائع التاريخ القريب والبعيد بما شاء هبلهم من أكاذيب. فساعدوه ليكمل دراسته الجامعيّة والعليا. فنال شهادة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي مستفيدا من تدنّي المستوى الدراسي والعلمي والأكاديمي وخاصة في مجال البحوث الإسلاميّة.
استفاد المذكور من غباء واستهتار الكثير من مسئولينا بالعلم والثقافة والتربية والأخلاق لانشغالهم بأمورهم الشخصيّة البحتة. فتمكن من استغفالهم ليصبح أستاذاً جامعياً لمادة التاريخ، ورئيسا لمركز الدراسات الكورديّة في جامعة دهوك مع عمله المستمر ضمن الطابور الخامس للنيل من شعوبنا وتاريخها وتراثها وأديانها ومكوناتها وماضيها وحاضرها ومستقبلها، أيضا، باعتباره (مربّيا) مسئولاً عن تربية وتعليم وتدريس وتثقيف النخب المستقبليّة لأجيالنا الجديدة
إنه لم يألو جهدا في سبيل دقّ الأسافين بين مكوناتنا الدينيّة والمذهبيّة والقوميّة. ويحاول جاهدا، كأمثاله المندسّين الخونة، من تمزيق النسيج الاجتماعي لكوردستان وذلك بتلفيق الأكاذيب وتزوير الحقائق والاعتماد على المصادر غير الموثوقة بمصداقيّتها لخلق الحساسيات، وبذر العداوة والكراهيّة وحسب الخطّة المرسومة له في دوائر الأمن لدول جيرة الشرّ والعدوان. ويعمل بذكاء وهدوء وحذر وتروّي حتى يخفي حقيقته ومهمّته الخيانيّة ليقوم بدسّ السّم في الدسم. وتأكيد التّهم الباطلة على الكورد بأسلوب مراوغ ومدروس. فله، الآن، العديد من المؤلفات والأبحاث والمقابلات التلفزيونيّة عدا المقالات والتصريحات الإعلاميّة الأخرى في الجرائد والمجلات العربية. فلم لا، وأهل الدار نيام في عزّ الظهيرة وحال إفاقتهم القصيرة يتوجهون إلى مراسيم بروتوكوليّة شكليّة تافهة تتجلّى فيها إملاء شعور نقصهم. فتراهم يكثرون من إقامة (المؤتمرات) وجلب الأجانب للشّهادة على مستواهم الحضاري والعلّمي الفائق. حتّى يتصور المرء بأن جامعة دهوك أصبحت في مصافي الجامعات العالميّة كأكسفورد وهارفارد مثلا. أما في الحقيقة فإن نشاطاتهم هي لبعثرة أموال الشعب، المخصصة للبحوث العلميّة، على سفرات واستضافات معارفهم وأصدقائهم والدعاية الرخيصة لهم، والنفخ في صورهم الباهتة وتلميع أسماءهم. تلك الأسماء التي سوف أضعها تحت الأحذية الممزّقة لأشبال الشّهداء الذين رحلوا عنا جسدياً وأرواحهم تحرس، الآن، كل شريف مخلص يدافع عن قضيتهم التي هي شرف كوردستان الحبيبة الذي لا يجوز لمن يدّعي بامتلاك الحدود الأدنى من الإنسانيّة ويسمّي نفسه مثقفاً إن كان كاتباً أو أديباً أو صحفياً أو تدريسياً أو منوراً أو مفكراً أن يتغاضى عن هذه الجّرائم التي ترتكب، الآن، في كوردستان المحرّرة وباسم الوطنيّة والتقدّم والتطوّر. إنني ألوم وأعاتب، أول ما أعاتبهم، المهندس (عصمت محمد خالد آميدي) رئيس جامعة دهوك وكافة المناضلين في الجامعة بل في المحافظة. ولاأستثني المحافظ (تمر رمضان كوجر) ومسئولي الأحزاب والهيئات والمنظمات المدنية والاتحادات المهنيّة، كاتحاد الأدباء الذين يتواطئون مع نموذجنا بغضّهم الطرف عن أفعاله الخطيرة.
أتحدّى أي شخص وطنيّ يسكن في مدينتي من الإثبات على عكس ما أقوله. لذا أطالب من كافة شرفاء كوردستان بوضع المذكور تحت رقابة ضمائرهم. ويتابعوا ما تقيأ ويتقيأه من سمّ زعاف مخلوط بالعسل من أجل التّمويه والتقرّب لدوائر القرار السياسي والإداري. وهو الماهر في تكوين علاقات شخصيّة جيدة للتسلق على أكتاف ألبيشمه ركه الذين تجرّعوا الأمرّين من ممارسات أمثاله الأعداء. فكان الموما إليه، وكما أسلفت، من أنشط العناصر الأمنيّة والحزبيّة في زمن النظام البائد قرابة عقدين من الزمن. وكان هو وعائلته وأسرته وأقاربه أزلاما للسلطة البائدة. وجميع أهالي دهوك الاصلاء يعرفون هذا جيدا وسيشهدون على كلامي.
إن الاختراق الذي يقوم به الأعداء تحت يافطات (تنظيمات إسلامية). لا بل حتى استطاعوا من التسلّل إلى بعض الأجهزة الحزبيّة للحزبين الرئيسيين. إنه اختراق مدروس ومخطّط للنيل من التجربة الديمقراطيّة لإقليم كوردستان وإجهاضها، وذلك بقتل الروح المعنويّة للمواطنات والمواطنين، وإفراغ كافة المبادئ الإنسانيّة من محتواها الأصيل بما فيه تضحية الشهداء والمناضلين البيشمه ركه لسنوات طوال.
ها هي صرخة أخرى أطلقها من منفاي الاختياريّ لأوقظ الضمائر الميّتة، والتي باعت شرفها، لأقول لهم، وأولهم (الدكتور!) (فرست مرعي الدهوكي) المستكرد حديثاً، ورئيس ومدير مركز الدراسات الكورديّة في جامعة مدينتي الآن. سيكون الذلّ والعار الأبدي ملاحقا لكم كظلكم بفضل تلك الدماء الغزيرة الطاهرة التي سفحت على جبال وروابي وتلول وشوارع، ودربونات دهوك الأسطورة الشعبيّة، ل(ثورة أيلول) الشّهيد الآشوري الخالد (هرمز ملك جكو). وشقيقه الايزديّ الخالد صاحب الملاحم العظيمة، والذي أصبح عنواناً بارزاً ل(ثورة كولان) الشهيد (محمود إيزدي) ومئات آلاف مؤتلفة من شقيقاتهما الشهيدات وأشقّائهما الشّهداء الخالدين الذين طرّزوا كل شبر من أرضنا المباركة بلون دمهم الأحمر الذي يتجلّى اليوم على شفاه أطفال كوردستان، وخدود عرائس المستقبل كحمرة قانية عندما يبتسمن لحياة حرّة، سعيدة، شفّافة، كريمة، ومرفّهة بعدما ارتوت الأرض بأنهار من تلك الدماء و الدموع والعرق التي لا تتلوث أبداً بفم الكلاب لأنها بحيرة ساحرة تقبع، هناك، منتظرةً شعاع الشمس في فجر وردي ليتراقص ألوان قوس قزح من نور الحوريات اليهوديّات، والعربيّات، والآشوريّات، والأرمنيّات، والتركمانيّات، والكورديّات بفيلياتهنّ وإيزدياتهنّ، وكاكئياتهنّ المسلمات لينسجن أروع سجادة كفَرش لكوردستان التي ستظل وطن التّعايش والإخاء والمحبّة والنضال المتواصل من أجل الأفضل والأجود والأحسن والأرقى بعيدا عن التسميات والمقدّسات الكاذبة وأفكار من لا فكر لهم من المحتليّن الأوغاد أمثال النموذج الذي نحن بصدد تعريته. وذلك بإزالة أقنعته المزيّفة والذي استطاع، بغفلة من الزمن الرديء، التسيّد على أجزاء من الحرم الجامعي لدهوكا داسنيا (نوهدرا الحبيبة) التي سأضحي بروحي من أجل رؤيتها بين أيادي أمينة لإيزديين، ومسيحيين، ومسلمين بل حتى اليهود من أبناء المحافظة عندما يكحلون عيون وطنهم برجوعهم المبارك الذي طال أمده. وعروستهم (دهوك) تعبت من انتظار أشرف أبنائها الاصلاء من الديانات المختلفة والذين يتحسّرون لرؤيتها وضمّها وتقبيلها ولثم خديها والبكاء على صدرها المرمري. فهي محبوبة ومعشوقة لكل شريف مؤمن وصادق في حبه لها، ومحبّ للحياة. وعدوّة لدودة لكل بغيّ مائع ومزوّر ومحبّ للموت ليعيش،بعدها، في الجنات لبعث أمجاد العروبة التي لم تكن يوما بأمجاد.
إن مقالة كهذه ستفتح قضيّة جنائيّة كبيرة في أوساط كل من يحترمون أنفسهم ووطنهم وقافلة شهداءهم. فلنرى وقعها على الذين في سبات. أتمنى لهم ربيعاً مفعماً بالنّشاط بعد أن سدّوا ثغرات نفسياتهم الدونيّة بالجّاه والسلطان والثروات. كفلل، وقصور، وخدم وحشم!، وأرصدة بنكيّة بجانب الأكواخ المتهالكة، والبيوت المختنقة بالتجاوزاتعلى كل مساحة خضراء. فناقصونا من المسئولين والمحسوبين عليهم، هم كالجراد تجذبهم الخضرة و الماء و الوجه الحسن. و لرب العالمين في خلقه شؤون.
ودمتم غير مصدّقات ومصدّقين لكل (مؤرّخ) مفخّخ، منفّخ، مفتريّ، عميل، دجّال، و إن كان أستاذاً، وبيك خائن، مأجور، تافه، مرتزق، وإن كان نائباً وملا هلّ علينا من بالوعات مياه المجاري... وإن كان إماماً.
*****