الأورومتوسطي: الأمراض تفتك بنازحي المخيمات في ظل ضعف الرعاية الصحية في العراق
المصدر: أخبار العراق
وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عشرات الشكاوى لنازحين عراقيين في مخيمات النزوح الرسمية والعشوائية ممن تفاقمت أوضاعهم الصحية بشكلٍ مزمن نتيجة ضعف الرعاية الصحية وسوء التغذية والأوضاع المعيشية.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الأربعاء، إنّ أكثر من مليون و200 ألف نازح عراقي يعيشون في المخيمات -نحو 665 ألفًا منهم في إقليم كردستان- ما يزالون يعانون من تقاعس وإهمال حكومي غير مبرر على مستوى الرعاية الصحية، ما أدّى إلى مضاعفة معاناتهم، وتراجع الحالة الصحيّة للمرضى منهم، لا سيما أصحاب الأمراض المزمنة.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ معظم مخيمات النازحين تفتقر إلى المستلزمات الطبية الرئيسة، لا سيما الأدوية الأساسية، عدا عن عدم وجود مختبرات طبيّة متخصصة، ما يدفع النازحين إلى البحث عن العلاج خارج المخيم، وتحمّل أعباء مادية يعجز معظمهم عن تأمينها.
وأكّد أنّ استمرار فشل الحكومة العراقية في تأمين الرعاية الصحية اللائقة للنازحين على مدار السنوات الماضية يعكس إهمالًا واضحًا تجاه هذه الفئة الضعيفة، ويشير إلى أنّ الحكومات المتعاقبة لم تفِ بالتزاماتها الدستورية والأخلاقية في هذا الإطار، إذ لم تول ملف النازحين الاهتمام الذي يتناسب مع المأساة الإنسانية التي يعيشونها منذ سنوات.
وبحسب الإفادات التي وثقها فريق المرصد الأورومتوسطي لنازحين في عدد من المخيمات، لا سيما في كردستان، فإنّ معظمهم يواجهون مشكلة في الحصول على الأدوية المناسبة لحالاتهم المرضية، إذ قال النازح “ح.م” لفريق المرصد الأورومتوسطي: “أعاني من مرضي ارتفاع ضغط الضغط والسكر. ومنذ نحو عام تقريبًا، لم أحصل على الأدوية التي احتاجها، وعندما أذهب إلى المركز الصحي في المخيم يعطونني مسكنّات –في حال كانت متوفرة- لا تناسب حالتي أبدًا. لطالما تلقيّت وعودًا بتأمين الأدوية ولكنّ تلك الوعود نادرًا ما تتحول إلى واقع”.
وفي بعض الحالات، لا يحصل النازحون على أي نوع من الأدوية لنفادها من المراكز الصحية داخل المخيمات، إذ أبلغت النازحة المسنة “ل.ك” فريق المرصد الأورومتوسطي: “أعاني من مرض ارتفاع ضغط الدم، ولم أحصل على الأدوية المناسبة لحالتي منذ أكثر من خمسة أشهر”.
وبالمثل، أخبر النازح “ف.م” فريق المرصد الأورومتوسطي: “عدت لتوي من المركز الصحي. أخبرتهم أنني أعاني من الصداع ومن آلام في الظهر، لكنّهم أبلغوني بعدم توفّر أي أدوية مسكّنة، وأنّ علّي الانتظار إلى أجل غير محدد للحصول على الأدوية”.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّه لا يمكن تحميل مسؤولية نقص الأدوية إلى المراكز الصحية داخل المخيمات، لأنّ الجهات الحكومية ذات العلاقة هي الجهة المسؤولة عن تزويد تلك المراكز بالأدوية والتجهيزات الطبية اللازمة. وفي هذا السياق، أبلغ “ن.ع”، مسؤول في أحد مخيمات النازحين: “نعاني من نقص حاد في الأدوية، ونراسل السلطات بشكل مستمر لسد العجز الكبير لدينا. في كثير من الأحيان، نضطر إلى تحويل المرضى للمستشفيات الحكومية نظرًا لعدم توفّر علاج لهم في المخيم، ويسبب ذلك تأخيرًا في عملية علاجهم.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ معظم النازحين لا يستطيعون تحمّل التكاليف المادية لعلاجهم خارج المخيمات نظرًا لعدم قدرتهم على العمل، إذ يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على فرص عمل بسبب فقدان كثير منهم لأوراقهم الثبوتية خلال نزوحهم من بيوتهم. وفي حال نجاح بعضهم في الحصول على فرص عمل، يكون العمل على أساس يومي ولا يتعدى دخله دولارًا واحدًا يوميًا في معظم الحالات.
ونبّه إلى أنّ استمرار نقص الأدوية وضعف الرعاية الصحية في المخيمات يمكن أن يؤدي إلى تفاقم خطير للحالات المرضية خلال الأشهر المقبلة، إذ عادة ما يشهد فصل الصيف زيادة في الحالات المرضية، وخاصة تلك المتعلقة بالأمراض الجلدية في ظل ارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب تدهور صحة مرضى الربو الذي يصابون بمضاعفات حادة نتيجة استنشاق الهواء الحار والملوث لمدد طويلة”.
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي “عمر العجلوني”: “عدم تلقي النازحين الرعاية الصحية المناسبة يشكّل انتهاكًا لحق أساسي من حقوقهم المكفولة في الدستور العراقي، وخصوصًا للمادة (31)، والتي نصت على: “لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية، وتعنى الدولة بالصحة العامة، وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف انواع المستشفيات والمؤسسات الصحية”.
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية بتزويد جميع مخيمات النازحين الرسمية والعشوائية بالأدوية والمستلزمات والتجهيزات الطبية الكافية والمناسبة، والعمل على إنهاء جميع العقبات التي تحول دون تلقي النازحين الرعاية الصحية اللائقة.
وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية على تكثيف جهودها لإنهاء مأساة النزوح المستمرة منذ نحو ثمانية سنوات، وإعادة النازحين إلى أماكنهم التي أجبرتهم الحرب على الفرار منها، والإسراع في تأهيلها على النحو الذي يضمن حياة كريمة وآمنة للنازحين، ويمكّنهم من العودة إلى حياتهم الطبيعية.