البحث عن تماسك شيعي
كانت الجمهورية الإسلامية في إيران غير راضية عن أداء المالكي في الفترة الأولى من حكمه لإعتبارات متعلقة بنهجه السياسي وطريقة تعاطيه مع الأحداث، وربما تماهيه مع المشروع الأمريكي وتوقيعه لإتفاقية الإطار الإستراتيجي مع الرئيس السابق جورج بوش والتي مهدت للإنسحاب بنهاية 2011 ، كانت طهران على قطيعة مع واشنطن ودعمت كل إجراءات مقاومة الوجود الأمريكي لكن المالكي كان قادرا في حينه على إيصال رسائل مهمة للإيرانيين عرفوا من خلالها إمكانية أن يقوم الرجل بتلبية متطلبات المصالح الحيوية لهذا البلد الجار والكبير، وفهموا إنه يجاري الأمريكيين فهم بلد محتل ويمتلكون قدرات هائلة، وهم من أسس للعملية السياسية ومن الصعب تجاوزهم في مرحلة اولى من عمر العملية السياسية.
الإيرانيون لايريدون تغيير المالكي بالضرورة، ولكنهم لايعترضون كثيرا على وجود البديل ففي النهاية هم يضمنون وجود مرشح شيعي من طرف سياسي حليف، بينما يرى الأمريكيون إنهم غير قادرين على إقناع السنة بالتعاون في مجال مواجهة العنف بوجود شخصية أثارت حفيظة القيادات السنية المتشددة، وهي تعرف إن الكورد غير راضين، ولايمكن إيجاد أرضية حقيقية للتعاون من دون تشكيل حكومة جامعة كما يقال، وهذا مادفع الرئيس أوباما للمطالبة بتشكيل حكومة تلقى قبولا واسعا من المكونات الأساسية في العراق، الأمريكيون يتعرضون لضغط سعودي كبير فالحارس السعودي على مصالح واشنطن في الخليج يرى إن المالكي رأس حربة متقدم للإيرانيين وهو حليف لطهران مهمته تعطيل المشروع السعودي، ويعترفون إنه رجل قوي في مواجهتهم، ويريدون التخلص منه بأي طريقة ولذلك أخذت قناة العربية الحدث تنشر رسائل عبر تويتر على شاشتها تقول واحدة منها، إزاحة المالكي قطع لأيدي الفرس !
سارعت واشنطن لللترحيب بتكليف العبادي رغم إنها تعرف ان هناك المزيد من التعقيد ولكنها أرادت العبور بسرعة ورفع الحرج عنها لتأخرها في التدخل ضد داعش ومهاجمة التنظيمات المسلحة التي تهدد كردستان وحتى بغداد وتتمدد بسرعة في مناطق عدة من البلاد، ويعرف الإيرانيون ماإذا كان البديل الذي قدمه التحالف الشيعي سيلقى قبولا أم لا من المالكي، لكن طهران تريثت ثم رحبت بعد 24 ساعة من التكليف، ويبدو إن الإشارات التي وصلتها أفادت ببقاء التحالف الشيعي متماسكا وغير مفكك، ويمكن تجاوز المصاعب فيه بمزيد من الوحدة التي هي ضرورة لإستمرار العملية السياسية ومواجهة التحديات التي تهدد الكيان الشيعي ومصالح إيران في المنطقة ولذلك جاء الترحيب الإيراني بعد مدة ليست ببعيدة.
هل خرج المالكي من المعادلة أم إنه يمتلك بعض أوراق التأثير؟ وهل سيتمكن العبادي من العودة الى حال التوافق معه؟ وهل من مفاوضات لإرضاء المالكي الذي يستطيع فعل بعض الأشياء التي لايريد حدوثها الفرقاء؟ هناك تواصل بين قيادات التحالف الشيعي ويبدو إنهم سيفعلون شيئا ما لانعلمه، لكنه مهم للغاية.