التاريخ يتكلم الحلقة 85 نحن نحتاج الثقافة ام الثقافة تحتاجنا ؟؟؟
سؤال يحتاج التوجيه الى كل عراقي في هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها . تسلمت دعوة للمشاركة في مؤتمر عمان للمثقفين العراقين وللأسف لم أستطع حضور هذا الاجتماع لأسباب تتعلق بجواز سفري العراقي من نوع (اس).كنت أتمنى المشاركة للتعرف إلى الوجوه الثقافية والمثقفين العراقيين وكثيرين منهم لم ألتقِ بهم لكنني أعرفهم من خلال متابعاتي لكتابتهم وأعمالهم الأدبية والفنية. بعد عودة الأحبة إلى ديارهم اتصلت تلفونيا مع بعضهم وسألتهم عن المؤتمر كانوا يتحدثون معي بكل صراحة معلنين إيجابيات وسلبيات المؤتمر بصراحة كاملة...
كما أني تابعت جلَّ ما كتب عنه حتى القاسي منه. وإنني لأتألم لما أقرأ من شتائم وتجريح وتشهير لأصحاب أقلام يعتز بها الشعب العراقي لا بل تعتز بها كل القوى الخيرة في العالم. وسوف أكتب عن فوائد هذا الاجتماع وعن يمكن أن يكون قد اعتراه من "مضار" ولن أقول هنا إيجابياته وسلبياته لأني لم أكن حاضرة .
فوائده
1- جعل المثقفين العراقين يجتمعون مع بعض تحت سقف واحد من كل الاتجاهات الفكرية المختلفة وهذه بحد ذاتها آلية جديدة على المثقفين . على الرغم من أن مهرجانات المدى التي تستقبلها كردستان رائعة جدا وتغني الثقافة العراقية الا اننا بحاجة الى اكثر من ذلك .
2- استطاع المؤتمر أن يكشف لنا شخصيات أكاديمية لم نعرفها سابقا ولم نعرف مهاراتها .
3- استطاع المؤتمر أن يكشف ما يجري في أعماق كثير من المثقفين وهذا الذي نحتاجه اليوم. كل مثقف له هوية ثقافية لكن عدد من المثقفين يتكلم ويكتب شيئا ويمارس شيئا آخر . وهذه الاجتماعات تضعنا على المحك لنكشف أوراقنا الصحيحة. [كثير] ينادي بهوية العراق ويمارس الهوية الطائفية أو الدينية او القومية وما شابه ذلك .
4- نتعلم من أخطائنا وأخطاء غيرنا وهو أمر ضروري جدا لكل واحد منا مهما كانت ثقافته وهذه المؤتمرات تعلمنا كيف نتعامل مع الذي ليس معنا بنفس الرأي.
5- هذا المؤتمر هو درس للمصالحة الوطنية السياسية. وقد أثبت للجميع رغم اختلاف الاراء والافكار ممكن ان يلتقي العراقيون ويتفاهموا على طاولة المفاوضات .
6- هذه الاجتماعات تبرز شخصيات قيادية وهذا ما نحتاجه .
7- قرر المؤتمر عدة فعاليات قادمة منها المهرجان المسرحي في كردستان واخر مهرجان السينما في الكويت وفعاليات اخرى كلها نشاطات ثقافية والشعب العراقي والشعوب الاخرى في المنطقة تحتاج الى هذه النشاطات والكثرة منها لاننا متخلفون عن ركب الثقافة في العالم .
8- هذه المؤتمرات والاجتماعات تمتص نقمة المثقفين العراقيين الغاضبين على انفسهم اولا على واقعهم على دولتهم وعلى ظروفهم الصعبة وعندما يفرغ المثقف غضبه لجهة معينة يصفو دماغه ويتخلص من توتره العصبي ويكتب او يبدع بموضوعية اكثر وواقعية اجمل وأصح . المثقف هو المفتاح لتوجيه الثقافة الديمقراطية الصحيحة سواء للدولة أم للشعب .
9- تعرف الكثيرون الذين جاؤوا من دول مختلفة مع اخوانهم الذين قدموا من الوطن الام .
نواقصه
1- ملاحظة مهمة جدا لم يحضر المؤتمر كثير من شخصيات أكاديمية وإعلامية وثقافية معروفة على المستوى العالمي لا اود ذكر اسمائهم لانهم كثر .
2- الكارثة الاكبر المرأة العراقية تمثل 65% من سكان العراق . حرام عليكم يا الهيئة التحضيرية ان تمثلوا المراة بـ 8 نساء من مجموع 227 من الحاضرين . والاكثر ألما أن كثيرا من الحاضرات لسن معروفات على المستوى الثقافي والادبي والفني وهذه فعلا قضية مخجلة علما ان المراة العراقية موجودة في كل هذه المجالات التي ذكرتها لا بل هناك نساء كبيرات في العقل والمهارات والابداعات صغيرات في السن. كتبت عن هذا الموضوع ولدي اسماء غير قليلة منهن . وهنا بالذات اعاتب اللجنة التحضيرية والنساء الموجودات فيها هن يمثلن المراة العراقية .
3- هناك اتهامات كثيرة على الجهة الداعمة للمؤتمر انا شخصيا سألت عنها ومازلت أسأل ويجب ان يكون كل شئ واضحا ودقيقا لعامة الناس وليس للفئة التي حضرت للمؤتمر فقط كي توقف الاقلام والاقاويل الصارخة التي تدين المؤتمر . هذه القضية حساسة جدا لا يهمني الدعم بقدر ما يهمني عدم وضع شروط مقابل الدعم .
ما الذي يجب عمله؟
1- على الحكومة العراقية ان تضع المثقفين في السلة الحيوية النشطة في المصالحة الوطنية وادارة الدولة بعكس ما تعمله الان حيث وضعت المثقفين في [سلة المهملات] والكلام بالذات موجه الى رئيس الوزراء الحالي ووزير ثقافته .
2- على الحكومة العراقية ان تستفيد من اخطاء وسلبيات التي حصلت في هذا المؤتمر لعدم تكرارها في مؤتمرات واجتماعات المصالحة لان المثقفين الحاضرين كانوا يمثلون كل طوائف وفئات الشعب العراقي رغم اني لم اتفق مع كيفية التمثيل
3- على الحكومة العراقية ان تأتي بعدد من النساء الفعالات الى لجنة المصالحة والمؤتمرات التي ستعقد تحتاج عدد من النساء الجريئات المستقلات بمعنى اخر نساء من منظمات المجتمع المدني وما اكثرهم . المراة العراقية معروفة بصبرها وتحملها وحبها للسلام .
4- يجب التوضيح لكل من في نفسه سؤال ان الدعم جاء بشكل منحة غير مشروطة والدولة المضيفة مشكورة على ضيافتها من دون مقابل .
5- من المؤتمر يجب ان تنطلق كتابات موجهة الى المجتمع المدني العراقي اولا ثم الى المجتمع السياسي بهدف تطوير وانتقاد كلا الطرفين بشكل علمي مقبول من اجل التطوير والسير نحو "عراق العراقيين ".
6- يجب جذب الاسماء اللامعة العراقية في كل العالم من اكاديمين وكتاب ومبدعين في كل المجالات للسير قدما باتجاه الثقافة المفتوحة المسالمة وقطع الطريق امام ثقافة العنف التي باتت جزءا من حياتنا اليومية .
7- على المثقفين ان يضعوا مصلحة الشعب العراقي فوق مصالحهم الذاتية والشخصية ليكونوا قدوة للسياسيين الغارقين في نظرتهم القبلية والعشائرية الضيقة التي وصلت بنا الى نهر ثالث احمر في العراق يبدأ في كردستان العراق وينتهي في الفاو . دعنا نقوم بحملة عالمية اسمها ( أوقفوا النهر الدموي الثالث في العراق )
8- كل واحد من الشعب العراقي وانا من ضمنهم نحتاج الى تهذيب ثقافتنا وادارة العجلة الى زمن العشرينات والتلاثينات التي كانت تنطلق منها الثورات بنفس عراقي واحد كلنا نحتاج الثقافة والثقافة تحتاجنا .
9- من الافضل ان لا يجري تجريح الذين يهاجمون المؤتمر ويظهر ان مثقفينا ضعيفين بممارسة النقد البناء لتطوير امكانات المبدعين العراقين وعليه يجب ان يخرج اعضاء المؤتمر ببيان هادئ على كل الذين يهاجموه ويتهموه باكثر من حجمه ويجري الرد على التساؤلات الموجودة من قبل الذين لم يحضروا المؤتمر وتجدد الدعوة لهم للالتحاق في المؤتمر اللاحق .
10- واخيرا ( كلنا عراقيون وكلنا للعراق )..
مايس آيار 2007