Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

التراث باق لا يموت ، فهو وليد المجتمع وينتهى بزواله

على هامش محاضرة الاعظمي
بكاليري الاورفلي بعمان
يوم 29/12/2009
وما كتب عنها

*************


حسين الأعظمي:
التراث باق لا يموت ، فهو وليد
المجتمع وينتهى بزواله

الابتذال في الفن الذي نشهده الاعظمي :
اليوم ، اوجد جمهورا بائسا (تصوير اسامة الرفاعي)

سفير المقام العراق
يطمح لإيجاد مقهى بغدادي في عمان ي

غيداء حمودة
عمان-7/1/2010
جريدة الغد
أدرك سفير المقام العراقي الفنان حسين الأعظمي
في سن مبكرة أن غناء "المقام العراقي"، وهو قالب غنائي تراثي خاص بمدينة
بغداد ، سيكون مصيراً لحياته.
ترعرع هذا الشاب ، صاحب الصوت القوي ، والمتمكن وذو الخصوصية في مدينة
الأعظمية التي يقول إنها "بيئة محافظة تتميز بتمسكها بالتراث والدين"، كان
يمارس رياضة المصارعة الحرة والرومانية ، التي تأثر بها من خلال ابنيْ عمه
البطل العالمي عبدالجبار عبدالخالق ، وباسل عبد الكريم بطل العراق .. فضلا عن ممارسته لغناء المقام العراقي في الوقت نفسه
لم يكن يتوقع أن تقوده الأقدار لاحتراف الموسيقى والغناء ، إلا أن لقاءه
بالموسيقار العراقي الراحل منير بشير ، كان المفتاح الذي غيّر مجرى حياته
كليا ، والذي جاء مصادفة في الحفلة السنوية لطلبة معهد الدارسات النغمية في بغداد العام 1973.
تجربته "الخاصة" مع منير بشير التي استمرت نحو خمسة وعشرين عاما أثرت كثيرا في خياراته بالحياة والفن ، فكان أبرز ما أخذه منه أن "الموسيقى
ثقافة وخلق وإرشاد وقيادة"، وظل ملتزما في هذا الخط حتى اليوم.
ويعتبر الأعظمي استاذه منير بشير "شخصية مؤثرة ومهيمنة" لم يتعامل مع مثلها قط، مشيرا
إلى النجاح الكبير الذي حققه منير بشير في تغيير موازين ذوق المجتمع العراقي حيال
مفهوم الموسيقى بشكل عام ، فضلا عن التمييز بين الموسيقي الحقيقي الفاهم لمعانيها والموسيقي المهني او ما يسمى بالآلاتي ، مشكلا
بذلك "انعطافة تاريخية في المستوى الموسيقي في العراق ووعي الناس له".
ويدين الأعظمي لمنير بشير بـ "تغير أسلوبي في الغناء وخصوصيته"، فقد تعلم
منه كيفية تناول المقامات "التعبيرية" في الغناء و"إظهار مواقع القوة والضعف" في
تعابير صوته.
الأعظمي الذي صدح صوته بالمقام العراقي في أكثر من 70 بلدا حول العالم
لا يطمح أن تكون طريقة تشجيع جمهوره " صائحا أو راقصا"، بل يفضله "منصتا ومتذوقا" مما يشكل حالة من "الاحترام المتبادل" بحسب قوله.
محطة أخرى يعتبرها حسين الاعظمي "مهمة" في حياته ، هي لقاؤه بمطرب العصور المقامية
محمد القبانجي العام 1974 الذي سمع عن الأعظمي ، وجاء إلى المعهد بهدف الاستماع لصوته.
يقول الأعظمي "غنيت يومها مقام الحجاز ديوان ، وهو من المقامات الرئيسية والصعبة ، أمام هذا الملهم العظيم ، ولم أكن يومها مصدقا أني
اقابله وأقف أمامه ..!!
إن ما ميز غناء الأعظمي يومها ، هو اختياره
لقصيدة مختلفة عن تلك التي اشتهر بغنائها القبانجي في المقام ذاته والذي
كان يقلده المغنون حتى بتفاصيل الغناء ، وهي للفاتح النحاس ومطلعها
(بات ساجي الطرف والشوق يلح / والدجى ان يمض جنح يات جنح)
في حين كانت قصيدة الاعظمي المختارة هي للبهاء زهير ومطلعها ..
(نهاك عن الغـــــــواية ما نهاكا / وذقت من الصبابة ما كفــــــــاكا)
وبعد الانتهاء من الغناء اشاد القبانجي بحسين الاعظمي يومها وقال كلمته الشهيرة "إن هذا الشاب حسين
أمل المستقبل في المقام العراقي"
الأعظمي الذي يتمتع بذاكرة قوية ، حتى إنه يحفظ جميع تواريخ عروضه
الموسيقية التي تقارب نحو 400 عرض في مهرجانات عربية دولية وعالمية حتى الآن ،
يعترف الاعظمي أنه "متمرد في كل شيء" لكن من دون قصد ، وعلى الأغلب هذه "طبيعة" فيه.
ويتذكر الأعظمي يوم الثالث والعشرين من آذار العام 1973 حين صعد فيه
لأول مرة على المسرح ، وغنّى أمام الجمهور في مقهى المتحف البغدادي ، ويعتبر هذا
اليوم " يوما تاريخيا" بالنسبة له.
الاعظمي يعشق عمـَّان وشعر فيها أنه بين "أهله" لدرجة أنه يقول: "لا أعتقد الآن
أني أستطيع العيش خارج الأردن" اذ يقول ، بانه شعر لاول مرة باهمية الامان بعد احتلال بلده ، فوجد ملاذه في هذا البلد الامين والكريم (المملكة الاردنية الهاشمية) رعاها الله وحفظها من كل سوء ملكا وحكومة وشعبا ..
وبالتالي فهو يطمح لإيجاد مقهى بغدادي في عمـَّان شبيه
لتلك المقاهي الشهيرة في بغداد ، التي تشتهر بتقديم عروض غنائية من المقام العراقي فيها".
الأعظمي لا يؤمن بوجود "موسيقى جميلة وأخرى قبيحة"، فالمسألة برأيه
نسبية" تعتمد على مدى كون العمل الموسيقي "صحيحا ام عكس ذلك ، فضلا عن المزاج الآني
للمستمع الذي يحتمل التغيير"، فالمسالة الجمالية نسبية ، فالذي جميل عندي ربما لايكون كذلك عند الآخر .. إلا أنه قطعا توجد "موسيقى صحيحة وأخرى غير صحيحة من الناحية العلمية والتقنية".
ويرى الاعظمي المكرم ضمن الاعلام والعلماء العرب 2008 والحائز على الدكتوراه الفخرية من جمعية المترجمين واللغويين العرب
الدولية العام 2009 .. أن "الابتذال في الفن الذي نشهده اليوم إضافة إلى
الدور الذي تلعبه الفضائيات التي كان من شانها ان أوجدت جمهورا "بائسا" لدرجة أن "ثقافة
الكباريهات صارت أمامنا على شاشات التلفزة وفي بيوتنا". ويتساءل" أي
احترام للموسيقى هذا؟ وكيف لنا أن نبني فكرا موسيقيا تربويا خلقيا مهذبا حقيقيا في ظل هذا الوضع؟".
إنجازات كثيرة حققها الفنان حسين الأعظمي لفنه وتراثه ، فإلى جانب عمله كمدير ومغني المقام
العراقي في فرقة التراث الموسيقي العراقي في بغداد منذ عام 1978
حتى اضمحلالها أواخر الثمانينيات ، ومديرا لبيت المقام العراقي ورئيس
للهيئة الاستشارية فيه العام 2000 إضافة إلى شغله لمناصب أخرى ، منها عميدا للمعهد الموسيقي في بغداد الذي شهد بدايته كطالب فيه واستاذ ومعاون عميد اكثر من مرة حتى عاد اليه عميدا في اواخر سنواته التي عاشها في بلده العراق .. كذلك حاز
الأعظمي العام 2003 على جائزة "الماستر بيس "a Masterpeice"
العالمية من
منظمة اليونسكو عن بحث وتحليل ، ضم أيضا فيلما وثائقيا وتسجيلا صوتيا غنى فيه وحلل بعض المقامات العراقية ...
ويقول الأعظمي ، ان هذه الجائزة تمثل "اعترافا دوليا تم تسجيله في الامم المتحدة ، بأن غناء المقام العراقي
يمثل الجغرافية المعروفة للعراق من الشمال إلى الجنوب" مشيرا إلى أنه بهذا الاعتراف الذي اعلن في الامم المتحدة يوم السابع من تشرين الثاني 2003 تنتهي جميع "الأقاويل المغرضة" بأن المقام العراقي غير عراقي
بالرغم من "تأثره بثقافات أخرى" إلا أنه "عراقي أصيل ولا جدال في ذلك ..".
ألّف الاعظمي سبعة كتب في الموسيقى والغناء مطبوعة ، وله أكثر من هذا
العدد كمخطوطات ، ومن الكتب التي ألفها كتاب "المقام العراقي إلى أين ..؟!!"
الذي يتساءل فيه عن مصير المقام العراقي في ظل العولمة والانفتاح على
العالم والثقافات الأخرى بواسطة التطور التكنولوجي المخيف .. .
ويؤمن الفنان الاعظمي الحاصل على شهادة الدبلوم الفخرية من مهرجان عالم المقامات
الدولي في العاصمة الأذربيجانية باكو العام 2009 أن "التراث باق لا يموت"
فهو "وليد الجماعة والمجتمع ينتهي بانتهائه فقط" وهو أمر نادر الحدوث في التاريخ.
ويضيف الأعظمي أن "فترات من الانحسار أو الازدهار" قد تمر على المجتمعات بحسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتؤثر في الفن.
ويصر الأعظمي على تمسكه بغناء المقام العراقي معتبرا أن "الخصوصية والتخصص والهوية" في الفن أمران في غاية الأهمية ، ويدعي أنه "إنسان معاصر" إلا أنه رفض الانقياد وراء النمط السائد من الغناء في الوقت الحالي.
ويعتبر الأعظمي المغني العراقي الراحل الشهير ناظم الغزالي "أعظم مغن
من الناحية الفنية التعبيرية في الوطن العربي" طيلة القرن العشرين .. وأنه "أدى بذكاء الرموز
الموسيقية التعبيرية التي اعتمد عليها فنانو عصر النهضة في أوروبا حتى
اليوم" التي وصلوا من خلالها الى الافاق العالمية .. مشيرا إلى أن "فطرة الغزالي قادته إلى ذلك اكثر من احتمال انه قد درس هذه المادة في معهد الفنون الجميلة ..!".
وحول فكرة طغيان الحالة الغنائية في الموسيقى العربية على الموسيقى لوحدها - على خلاف الموسيقى الغربية –
أكثر من كونها موسيقى آلية .. يقول الأعظمي "نحن أمة أدب ولغة"، ويعتبر أن
أي "تطوير لقوالب الموسيقى العربية" بغنائها وموسيقاها ، يجب أن يسبقه "تدوين كامل للتراث
الموسيقي" حيث يمكن الانطلاق إلى آفاق عظيمة أخرى بعد ذلك.
وينوي الأعظمي الانتهاء من كتابته "موسوعة المقام العراقي" وإصدارها في
مجلدات ، فضلا عن إنجاز كتاب حول تجربته الشخصية مع الراحل منير بشير، إضافة إلى إنشاء مدرسة المقام العراقي في بغداد بتكليف وتمويل من اليونسكو - والتي تأتي كجزء من جائزة الماستر بيس- عندما تسمح الظروف الأمنية بذلك ...
Ghaida.h@alghad.jo



Opinions