التمهيد لإجراء إستفتاء خاص لآشوريي سهل نينوى
23/09/2008
تشهد ساحة الامة الأشورية ، أو كما يحلو للبعض أن يسميها ( الكلدو سرياني أشوري .. ) تشهد لقاءات سياسية وعقد مؤتمرات وإجتماعات عديدة ، سواء كان في دول المهجر أو في الوطن ، وتُصدر على إثرها بيانات وتصريحات ، وتُجرى مقابلات وتُلقى محاضرات ، وتُقام ندوات خاصة وعامة ، وتُرسل رسائل الى مسؤولين كبار في الدول العظمى في الامم المتحدة والبرلمان الأوربي ... كلها تدور في إطار واحد وتحت عنوان واحد هو ( منح الحكم الذاتي للأشوريين ) في سهل نينوى ، وإجراء إستفتاء شعبي لتحديد الجهة التي سيرتبط بها الحكم الذاتي . وفيما يلي نورد غيض من فيض تلك الفعاليات التي أخذت وتيرتها تزداد بإطراد يوما بعد يوم وكأن طبخة مايُسمى بــ ( الحكم الذاتي للآشوريين ) قد قاربت الإستواء في مطابخ أربيل وواشنطن وتل أبيب ، ويجب تقديمها على المائدة قبل أن تحترق الطنجرة والطبخة معا ، أو على الأقل قبل ان تبرد الطبخة ليتذوقها الطباخون طازجة . ومن هذه الفعاليات ــ مع تقديرنا وإحترامنا لكل الجهود والمساعي الخيرة والنيات السليمة التي يقوم بها بعض الغيارى من أبناء أمتنا ـــ فإننا نذكر على سبيل المثال لا الحصر قائمة ببعض العناوين لاخبار وردت مؤخراعبر الصفحات الإلكترونية لأبناء شعبنا حول موضوع منح مايُسمى بــ ( الحكم الذاتي للآشوريين ) :
أولا – خبر إستقبال قداسة البطريرك مار دنخا الرابع لوفد من المنظمة الآثورية الديمقراطية في بروكسل ـ ـ
وجاء في معرض الخبر :
( استقبل قداسة الحبر الأعظم مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الآشورية يوم الثلاثاء المصادف 16 –أيلول، في مقر أقامته في العاصمة البلجيكية بروكسل وفدا من المنظمة الاثورية الديمقراطية (مطكستا) الذي ضم مسؤول اللجنة السياسية للمطكستا في أوربا عبدالأحد اسطيفو، ومسؤول فرع المطكستا في بلجيكا جورج شاشان وعددا من الأعضاء. واستعرض الجانبان أوضاع أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري بشكل عام وأوضاعهم في العراق بشكل خاص, كما وتم
تبادل وجهات النظر حول موضوع الحكم الذاتي لشعبنا في العراق.
وشدد بطريرك كنيسة المشرق الأشورية على ضرورة إدراج وتثبيت حق شعبنا في إقامة منطقة حكم ذاتي في دستور العراق ومشروع دستور إقليم كردستان، والتأكيد على حق شعبنا كقومية أصيلة وبالتالي إقامة المنطقة بناءا على حق قومي وليس على تسمية دينية حاله في ذلك حال العرب والأكراد والتركمان. كما أعرب قداسته عن تفاؤله وسعادته بما لمسه من تنامي الشعور الوحدوي لدى أبناء شعبنا.
ثانيا ـــ نص البيان الختامي للمؤتمر العام الخامس والعشرون للإتحاد الآشوري العالمي ــ يونشوبنك ــ السويد ــ من الرابع وحتى السابع من أيلول 2008.
ومما جاء في معرض البيان :
فأن الاتحاد الآشوري العالمي يعلن في ختام مؤتمره مايلي:
( يتوجب على الحكومة العراقية ان تمنح الآشوريين الحق الجلي والذي لا لبس فيه منطقة الحكم الذاتي والتي تشمل الاراضي الاشورية التاريخية والواقعة بين نهري الزاب الكبير ودجلة مع الحدود الدولية الى الشمال والغرب كجزء من جمهورية العراق الفيدرالية وتحت الحماية المباشرة للامم المتحدة ) .
ثالثا ــ إجتماع لجنة تنسيق العمل بين احزاب ومؤسسات شعبنا
وأنقل لكم الخبر حرفيا كما ورد :
( في يوم الاحد 14/9/2008 وفي مقر جمعية الثقافة الكلدانية بعنكاوا، إجتمعت لجنة تنسيق العمل بين أحزاب ومؤسسات شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وبحضور رؤساء الأحزاب والمؤسسات داخل اللجنة. إجتمعت اللجنة لدراسة ومناقشة المستجدات السياسية في العراق والإقليم وخاصة ما يتعلق بحقوق شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في الدستورين العراقي والكردستاني، والتحرك بهذا الإتجاه لتثبيت حقوقنا القومية والسياسية، وما يتعلق بمسألة الحكم الذاتي لشعبنا في مناطق تواجده ).
رابعا ــ إعلان المنظمة الآثورية الديمقراطية .
وفيما يلي نص الإعلان حرفيا :
( بدعوة من المنظمة الآثورية الديمقراطية في هولندا ونادي بيث نهرين التقافي يقيم مكتب أوربا للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ندوة عن الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري في مناظقه التاريخية
في شمال العراق وستقام الندوة في قاعة نادي بيت نهرين في مدينة إنشخيدي يوم السبت 20 أيلول 2008 الساعة السابعة مساء .
خامسا ــ رسالة خاصة من الأسقف مار ميلس يوسف زيا الى السيد ستيفان ديمستورا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق .
وجاء في مضمون الرسالة مايلي :
( .. نتوجه إليكم بهذه الرسالة بإسم أبرشية أستراليا ونيوزيلندا لكنيسة المشرق الآشورية وبإسمي شخصيا ...لأدعوكم من خلالها للنظر بعين الإهتمام الى الشعب الآشوري... وأن تؤيدوا وتدعموا مطلب في الحكم الذاتي للشعب الآشوري في العراق ... ) .
سادسا ــ إجتماع مهم لأبناء شعبنا مع المسؤولين الأميركان :
وفي معرض ما جاء في الخبر عن هذا الإجتماع الذي عقد في ديترويت بأمريكا مايلي:
( في إجتماع شديد الإستثنائية في توقيته وأهمية موضوعه، إلتقت نُخبة من أبناء شعبنا ... يوم الأحد 14/9/2008 ولمدة ساعتين مع السيد ريجارد شميرر مساعد وزير الخارجية/ مدير شؤون العراق في وزارة الخارجية الأمريكية ومع السيد ديفيد ستيبلز مدير المكتب الإعلامي لشؤون الشرق الأوسط في الخارجية الأمريكية ... عبّر أبناء شعبنا خلال اللقاء عن قلقهم البالغ مما يجري في الداخل وبالذات مما يحصل لأبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري ... أما موضوع جهة إرتباط الحكم الذاتي المقصود فسيتم تقريرها لاحقاً بإستفتاء شعبي يُقرره شعبنا ) .
إن ما يُقلق شعبنا أعزائي هو ليس ( منح أو عدم منح الحكم الذاتي ) له ، إنما ما يُقلقه فعلا هو طريقة وأسلوب إجراء الإستفتاء الشعبي المزمع أن تنفذه مايُسمى بالحكومات المحلية في قرى وقصبات سهل نينوى ( التي تسيطر عليه مليشيات الأحزاب الكردية ) لتحديد جهة إرتباط الحكم الذتي ، هل يرتبط مع الحكومة المركزية في بغداد كما هو مُتبع في كل الدول ، أو أن يبقى تابعا مأمورا تحت إمرة الحكومات محلية التي تتسلط عليها عصابات أحزاب وميليشيات مسلحة خارجة عن قانون السلطة المركزية ، مُتسترة بذريعة مايُسمى بــ ( الفدرالية ) . لأن هذا الإستفتاء لو تم إجرائه بحياد تام ودون تدخل المليشيات المسلحة ، والتهديدات الحزبية المتسلطة ــ كما حدث وأختبره شعبنا وكل الشعب العراقي ، اثناء الإنتخابات البرلمانية والتصويت على الدستور في العراق ـــ فإن شعبنا رغم كل خلافاته الداخلية فلا أحد يستطيع أن يزاود على وطنيته وإخلاصه للعراق ، وهو قادر على تحديد الجهة التي سيرتبط بها حسب القانون والمواثيق الدولية ، وحسب الأصول ، وسيعلن على الملأ وبكل وضوح ــ إذا مُنحت له حرية التعبير ـــ سيعلن إن إرباطه لن يكون إلا مع العراق الموحد ، حكومة وشعبا وأرضا . أما أن تلتجأ مايُسمى بــ ( الحكومات المحلية الإقليمية ) الى وضع صيغة بطاقة الإستفتاء وتطلب من مُسلحيها ان يقوم بتوزيعها على شعبنا ليملأها تحت التهديد ، فإن إسلوب عملية الإستفتاء هذا لن يكون مُغايراعن عملية الإستفتاء الذي أجريته عبر جهاز الحاسوب حين وصلتني بطاقة للإستفتاء قبل بضعة سنوات عبر البريد الإلكتروني لأقوم بالإستفتاء على تجديد البيعة لرئيس إحدى دول المنطقة. فهذه هي قصة بطاقة الإستفتاء الإلكترونية التي وردتني عبر البريد الإلكتروني سأسردها لكم بالتفصيل :
صدف إنه في أحد الأيام ، حيثُ كانت إحدى الدول المشرقية تقوم بإجراء إستفتاء وطني على تجديد البيعة لرئيسها الذي إنتهت مدة رئاسته الثالثة على التوالي , فوصلني عبرالبريد الإلكتروني بطاقة أستفتاء إلكترونية مشابهة تماما لبطاقة الأستفتاء الرسمية المعمول بها في الدولة المعنية ، أو يمكن ان يُقال ، نسخة عنها ومُرقفة بملاحظة كُتبت بخط عريض ( تعليمات هامة جدا ). تقول هذه التعليمات :
" أخي المواطن ، إن الإستفتاء واجب وطني مقدس , فرغبة من الحكومة على ممارسة المواطن لحقه الطبيعي بكل حرية في الإختيار والإستفتاء على تجديد البيعة للرئيس الحالي ، فإننا نرفق ربطا بطاقة الإستمارة الرسمية لتدلي بصوتك بكل حرية دون أي رقابة سوى ضميرك وحريتك في الإختيار . أخي المواطن فإن كنتَ مُوافقا على المبايعة فما عليك إلا بالنقر على كلمة (نعم) الواقعة ضمن الدائرة الخضراء على يمين البطاقة ، وإن لم توافق على المبايعة للرئيس ، فإنقر على كلمة (لا) الواقعة في الدائرة الحمراء على يسار البطاقة . وإن حكومتنا تشكرك على وقتك الثمين . وعاش الوطن وعاشت الديمقراطية والحرية "
وعندما قرأتُ هذه الملاحظة تأثرتُ جدا بما جاء فيها من كلمات وعبارات حضارية راقية تدل على مدى التحضر والتمدن التي وصلت اليه حكوماتنا في الوطن ، فأردتُ أن أغتنم هذه الفرصة الذهبية ، لأمارس حرية التعبير عن رأيي بكل ديموقراطية وحرية وبدون أي ضغط أو تهديد أو خوف من أي جهة أمنية أو حزبية أو واشي عميل . لأن الذي فهمته من تلك الملاحظة المرفقة مع الإستمارة ، هو عبارة عن تحول جدي لسياسة الحكومة في تجاه مواطنيها ليمارس واجبه الوطني المقدس وليتحمل مسؤوليانه الوطنية بكل أمانة وصدق تجاه وطنه وشعبه . وبالحق هكذا شعرتُ وهكذا فهمتُ . وبناء على شعوري هذا وفهمي ، فأردتُ أنا الآخر أن أعبر عن رأيي بكل صدق وآمانة ومسؤولية وطنية ، فنقرتُ على كلمة (لا) في الدائرة الحمراء الواقعة على يسار الإستمارة حالا ، ( لأنني شخصيا أؤمن بالتغيير والتجديد في رأس الهرم لكل قيادة ، أيّ كانت ، سواء كانت سياسية أم إجتماعية أم دينية أم حزبية ، وحتى لو كان نادي فريق كرة القدم ، فتلك هي قناعتي دائما ) . وبناء على تلك القناعة جاء إختياري لكلمة ( لا ) في الدائرة الحمراء ولم يأتي هذا الإختيار لأي إعتبار آخر سوى القناعة فقط ، لكن المفاجأة كانت أكبر مما تصورته ، عندما ظهرت رسالة على الشاشة الصغيرة للحاسوب مباشرة بعد نقري على كلمة ( لا ) تقول:
( أخي المواطن ، شكرا لك لإختيارك كلمة (نعم) لتجديد البيعة للرئيس.... ) .
فإستغربتُ الأمر جدا ، لأنني كنتُ متأكداً من نفسي بأنني لم أنقر إلا على كلمة (لا) وفي الدائرة الحمراء تماما والواقعة على يسار الصفحة !! فإعتقدتُ للوهلة الأولى بإنني نقرتُ سهوا على الدائرة الخضراء التي تضم كلمة ( نعم ) بدلا من كلمة ( لا ) في الدائرة الحمراء ، لأننا في الوطن لا نعرف أن ننقر إلا على كلمة نعم في الدائرة الحمراء تلقائيا . فعاودتُ النقر ثانيةــ وهذه المرة بإنتباه وتركيز شديد على الدائرة الحمراء حيث كلمة (لا) واضحة . ومرة أخرى ظهرت نفس الرسالة لتكرر نفس الكلام : ( أخي المواطن شكرا لك لإختيارك كلمة (نعم) لتجديد البيعة للرئيس..... ) .
عندها وبإنفعال شديد كرّرتُ النقرعلى التوالي وبإستمرارعلى كلمة (لا) في الدائرة الحمراء مُعتقدا إن هنالك خلل ما في جهاز الحاسوب الذي أمامي ، وإذ فجأة ظهرت رسالة جديدة غير الرسالة السابقة وبخط عريض واضح تقول الرسالة : ( أخي المواطن ، لقد حدث خطأ طفيفا خلال عملية ممارستك لواجبك الوطني بالإستفتاء على تجديد البيعة للسيد الرئيس ، فننصحك أخي المواطن بمراجعة الجهات الأمنية المختصة حالا لتدارك الأمر وتصحيح الخطأ ومنع تكراره مُستقبلا . وتقبل شكرنا وإعتذارنا سلفا " .
وهكذا فإن كل كلمات التطرية والعبارات المهذبة والحضارية والوطنية التي أرفقت ببطاقة الإستفتاء ذهبت ادراج الرياح حيثُ إختُزلتْ جميعها في عبارة ( مراجعة الجهات الأمنية المختصة !!! ).
هذا الأمر ليس مُستبعدا عن الإستفتاء المزمع تنفيذه قريبا في القرى والقصبات الأشورية في شمال العراق لمنح مايُسمى بالحكم الذاتي ( للمسيحيين في سهل نينوى )، والذي تهيئه الأحزاب الكردية المتسلطة على رقاب كل شعوب شمال العراق بمافيه الشعب الكردي نفسه . وتحت إشراف مباشر من المحتل الأمريكي الذي لا يريد الخير لا للآشوريين ولا للعراقيين . إن الغد لناطره قريب .