Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الديمقراطية... وضرورة الارتقاء من أداة سياسية الى الثقافة المجتمعية

يتحتم علينا ونحن على اعتاب الممارسة الديمقراطية السادسة في العراق وقفة مع الذات لمراجعة ما تم تحقيقه بنظرة نقدية مجردة، بعيدة عن مختلف اشكال المبالغة والرياء.
اجتاز النظام السياسي بامتياز مشهود اشد واعنف العقبات التي كادت ان تفتك بمفاصل الدولة السياسية والاجتماعية، وبات يتمتع باستقرار نسبي على اكثر من صعيد، الاّ ان العراق لا يزال حتى الان باجماع المراقبين على أعتاب التأسيس لنظام ديمقراطي ناشئ لا اكثر.

مما يدفع بنا الى ضرورة سبر اغوار التجربة الديمقراطية ودراسة حيثياتها، والتمعن في مدى تفاعل المجتمع العراقي مع النظام السياسي الجديد، واكتشاف حقيقة الانطباع السائد لدى افراده من تلك الممارسة، لكي نستطيع تقييم التجربة واستشراف ابعادها الميدانية والزمنية.

فلا يخفى على احد ان العراق اعتاد منذ نشأة الدولة العراقية عام 1920 على استيراد انظمة الحكم الجاهزة، ابتداء من الحكم الملكي الذي فرضه الانكليز، مرورا بالانظمة الشمولية وهيمنة العسكر التي اتت تحت يافطات نظام الدولة الجمهوري، المنسوخ عن بعض دول الجوار.

فطيلة ثمانون عاما لم تتاح الفرصة الحقيقية للشعب للادلاء برأيه بشكل فعلي، لتكون الوصفات الجاهزة للنظم السياسية الحاكمة قدرا لازم العراقيين، لتنسحب تلك الالية على النظام السياسي الحالي والعملية الديمقراطية.

فالظروف التي سبقت عملية التحول عام 2003 كانت السبب الحقيقي في نجاح الممارسات الديمقراطية الخمس الماضية، كردة فعل طبيعية تمخضت عن الارادات المناوئة للهيمنة الديكتاتورية التي حكمت البلاد بالنار والحديد، لكن رغم ايجابيات هذا التحول لاتزال العديد من الاسقاطات السلبية تواجه النظام الديمقراطي وتهدد استمراريته على المدى المتوسط او القريب في حال بقى الحال كما هو عليه، اسوة بالعديد من التجارب الديمقراطية التي انتهت بفشل ذريع.

حيث يبرز لنا خطأ مفصلي وطأه اغلب السياسيين المتمثل باحتكار الديمقراطية واستساغة تحويلها الى مجرد وسيلة او اداة للوصول الى السلطة، دون ادراك اهمية الارتقاء بهذه الممارسة الى ثقافة مجتمعية منزهة ومتاحة، تنبعث من واقع حضاري وثقافي بعيدا اشد البعد عن بهلوانيات السياسة وتجاذباتها الضيقة.

فالديمقراطية منفردة كما يراها فلاسفة السياسة والاجتماع قد لا تستطيع الاستمرار دون ان تدعّم بوعي شامل نابع من صميم المجتمعات، بعد استيعاب فكرتها بقدر الايمان الكامن لضرورة هذه الممارسة.

يقول توكفيل صاحب كتاب الديمقراطية في امريكا: "ان مسار الديمقراطية يكون أفضل ما يكون عليه عندما يصعد من القاعدة الى القمة، لا العكس".

فدول أمريكا اللاتينية التي استقلت عن إسبانيا وأسست ديمقراطيات، لم تستطع تأمين ديمومة نظمها الديمقراطية، فسرعان ما كانت تنقلب عليها بانقلاب عسكري، بعد ان احتكرت الممارسة الديمقراطية من جانب النخب السياسية المحدودة.

أماّ فوكوياما صاحب كتاب نهاية التاريخ والانسان الاخير فيقول: "أن السبب وراء أن الديمقراطية لم تعم العالم ولم تستطع الاستقرار في بعض الدول، يعود لقصور التجاوب بين الشعوب والدول، فالدول تشكيلات سياسية ذات هدف، أما الشعوب فجماعات معنوية سبقت الدول في الظهور".

ويضيف ايضا: "لا يمكن للديمقراطية أن تأتي من الباب الخلفي، بل ينبغي أن تنشأ عن قرار متعمد بإقامة الديمقراطية، ويبقي مجال السياسة بعيدا عن المجال الحضاري المدني، كما يجب أن يكون القائمون على ذلك النظام من الساسة الأكفاء الذين يفهمون فن السياسة فهما حكيما، ولديهم قدرة واضحة على تحييد القوات المسلحة في التدخل بشؤون السياسة والحضارة".

فالرقي بهذه الممارسة الى مصاف الثقافات البنيوية و تحويلها الى لغة مشتركة لبناء مجتمع متمدن ذو وعي فعال قادر على احتواء الازمات الداخلية والخارجية بعيدا عن تأثيرات العواطف غير المنطقية، ضمان لديمومة التداول السلمي للسلطة وسيادة مناخ حر آمن لحفظ الحقوق والحريات الدستورية، وصمام الامان للدولة العراقية مجتمعة، حكومة ونخب وشعب، حيث اثبتت تجارب الديمقراطيات الناجحة فاعليتها في الارتقاء بالواقع السياسي والاجتماعي، فضلا عن الواقع الاقتصادي الذي غالبا ما يرتكز في المجتمعات الديمقراطية على اسس صلدة غير قابلة للانهيار بسهولة.

Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
وهل الأستاذ جلال جرمكا كلدانـــي ؟ استهل هذا المقال بطلب المعذرة من الأستاذ جلال جرمكا لوضع اسمه في عنوان المقال ، وبعد ذلك اقول : إن توارد الأفكار والأبداع والكتابة والنقد والنقاش والحوار كل هذا يوحي للكاتب ان يصيغ افكاره في إطار يخرج على شكل مقال او محاضرة او دراسة .. الخ وفي هذا السياق مسؤول محلي ينتقد زيارة السفير الايراني الى الموصل انتقد عضو بمجلس محافظة نينوى زيارة السفير الايراني في العراقي حسن دنائي الى تذكار مار أنطونيوس أبي الرهبان مار أنطونيوس الكبير أبي الرهبان: هو ذاك الكوكب الساطع الضياء، الذي أشرق في صحاري مصر العليا، فبدد ظلماتها، وملأها بغداد: حالة تأهب «طائفي».. والحكومة ترفض التدخل - أطراف سنية أعلنت الاستنفار لصد هجمات «مليشيا المهدي» بغداد: جوشوا بارتلو وسعد العزي* انطلقت الأصوات التي باتوا يخشونها من مكبرات الصوت في الجامع، بينما كانت الشمس تغيب في بغداد «الله اكبر! الله أكبر!». وقبل يوم واحد فقط كان الشيوخ العرب السنة في حي العامرية المتوتر يدورون على البيوت ويدقون الأبواب لتجنيد
Side Adv1 Side Adv2