السيدة باسكال وردا تعود الى الوطن بعد انتهاء أعمال المؤتمر الذي اقامته الكنائس المشرقية في لبنان
22/02/2009شبكة اخبار نركال/NNN/خاص/
عادت السيدة باسكال وردا من بيروت حيث شاركت في أعمال المؤتمر بعنوان" الوجود المسيحيي في العراق "حضور الى احتضار...ام الى قيامة؟" والذي اقيم في جامعة اللويزة بالتعاون مع الكنائس الشرقية بتاريخ 19/2/2009 . القت السيدة الوزيرة السابق محاضرة قيمة نالت اعجاب الحاضرين بعنوان المسيحييون وباقي الاقليات في العراق- الحقوق والحريات وحضر المؤتمر جمهور كبير من النخب المختلفة في مقدمتهم عدد من الأساقفة والكهنة لمختلف الكنائس في لبنان والعراق بالاضافة الى حضور ممثلين عن طوائف مسلمة ودروزية وشخصيات رسمية لبنانية وحتى عسكرية , وسفراء وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والامم المتحدة كما ورد في البيان الختامي المنشور بتاريخ 20 شباط 2009 في شبكتنا ( شبكة اخبار نركال).
كما وايضا حاضر من الوفد العراقي كل من المطران لويس ساكو رئيس اساقفة ألأبرشية الكلدانية -كركوك والسيد باسم بلو قائممقام تلكيف .أما السفير العراقي السيد عمر البرزنجي فقد انسحب من الجلسة الأفتتاحية متذمرا بان "الوضع في العراق ليس بسيئا فقط على المسيحيين" (تصرف كان يقوم به ازلام النظام السابق ) في حين ان جميع المداخلين أكدوا بان وضع الاستهداف الارهابي شمل جميع مكونات الشعب العراقي خلال هذا الوضع السلبي والمدمر الناتج عن الحروب والدكتاتوريات السابقة..أما التركيز على استهداف المسيحيين والذي كان ملفتا للنظر خلال الفترات الأخيرة, والبحث عن حلول تحد من تصاعد هجرة المسيحيين, كان من المفروض ان يجعل منها السفيرالعراقي موضع اهتمامه وليس عذرا لترك القاعة للدلالة على الاستهوان بآلام العراقيين وان يشهد "السفير" على تقصيره في اداء واجبه الدبلوماسي في احترام لم يقوم به تجاه لفيف الاساقفة والشخصيات القادمين من العراق وعلى الاقله الترحيب الشفوي بهم في القاعة و حينئذ الابداء برأيه الناقد لهذا التجمع النوعي. لكنه شهد للعالم بمدى ابتعاده عن معاناة شعبه وقلة فهمه لواقعه المر وأثار التساؤولات لدى الحاضرين فيما اذا كان السفير عراقيا حقا؟
وفيما يلي نص محاضرة السيدة باسكال وردا :
مؤتمر حول الوجود المسيحي في العراق
" حضور الى احتضار أم الى قيامة؟"
نظم بالتعاون بين جامعة اللويزة و الأبرشية الكلدانية في بيروت
الخميس 19/2/ 2009
-المسيحيون وباقي الأقليات في العراق- الحقوق والحريات
باسكال وردا وزيرة المهجرين والمهاجرين سابقا
ومسؤولة العلاقات العامة لمنظمة حمورابي لحقوق الانسان
واقع التأريخ نظرة مقتبسة من
تعود العراقيون على مواكبة أوكار الحياة والتي في أكثر الأحيان تكون دموية كما انهم يملكون روح التحدي للإفرازات السيئة الناتجة عن حقيقة و هي: "التاريخ يكرر نفسه " وبشكل أم آخر تنطبق هذه المقولة على مختلف الفئات في العراق من حيث الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وخاصة من يسمون جهرا "بالأقليات". ففي العراق بينهم الكلدان الآشورين السريان والأرمن (المسيحيون) كما الأيزيديون والصابئة المندائيون, هؤلاء جميعهم يختلفون قوما ودينا عن الأكثرية المسلمة التي تتقاسم الدين مع الأقلية التركمانية والشبك ...
بعد التركيز على المسيحيين في العراق نرى ان خصوصية الهوية القومية الآشورية الكلدانية السريانية (شعب واحد بتسميات متعددة) هي هوية نهرينية حيث ظهرت وترعرعت على أرض ما بين النهرين, العراق اليوم . ومنذ العصور القديمة جميعهم يعتزون بجذورهم و تاريخهم العائد الى الحضارات العريقة للسومريين والأكديين والآشوريين والبايليين. وهناك اكثر من دليل على وحدة هذا الارث كاللغة والعادات والتقاليد والاعراف المختلفة . والامثلة متعددة منها انفرادهم بالتمسك بالارث الاجتماعي المعبر عنه بتسمية الاجيال باسماء قديمة قبل وبعد قبولهم البشرى السارة للمسيحية على يد الرسل الأوائل بقيادة مار توما الرسول , اسماء مثل سرجون وآشور وكلدو ,أسرخدون ,عشتار وشميرام ووو.وبنفس الوقت هم أيضا من واصلوا باستخدام الاسماء الواردة في العهدين القديم والجديد مثل آشعيا أسحق وزكريا وسارا ومتى وايشو ..الخ, أما الاكثار من التسميات المختلفة او غريبة لهو دليل لأمرين مختلفين:
1-الانفتاح الى معاني الاسماء باللغات غير لغتهم السريانية المنحدرة من الآرامية والتي تحدث بها السيد المسيح له المجد, كالعربية مثل فادي وعصام وهناء وسعد والخ والبعض الآخر من ألاسماء الغربية نسبة الى القديسين والمشاهيرفي العالم مثل جنفياف وروبرت... وحتى مارادونا !
2- شرعنة الاطاحة بحرية الاختياروالفكر والانتماء ذلك بفرض تسمية المواليد الجديدة بأسماء عربية أو اسلامية عبر سياسات التغيير الديمغرافي الذي مارسه نظام صدام ضد القوميات غير العربية لارغامهم على التعريب القسري وذلك باعمامات رسمية صادرة عن السلطات في السنوات الأخيرة والمعممة على مستشفيات الولادة ودوائر النفوس العراقية فارضين فيها تغيير كل اسم ليس له مدلولا عربيا . هذا ايضا دليل على انعدام الحريات الدينية بالمفهوم العالمي. هناك حرية العبادة في العراق و لا يمكن للمسلم الذي يرغب في اعتناق دين آخر ممارسة الحرية الدينية لان جزاءه هو القتل.أما العكس ممكن وله اجرا.
شكلت بداية الفتوحات الاسلامية في العراق في القرن السابع الميلادي تغييرا كبيرا تخلله ارغام اهل الرافدين الى الاستسلام. لكن فترة الخلفاء الراشدين بشرت بالخير من تعزيز للعلاقات والدعم الذي قدمته الكنيسة للمسلمين على المستوى الادبي والعلمي وغيره حيث كانت الترجمة من اليونانية وباقي اللغات الى العربية لا تلقى من يقوم بها سوى المسيحيين من مختلف الكنائس المنتشرة آنذاك في جميع انحاء العراق وحيث تم تعزيز التعاون المتبادل مرورا بالعصر العباسي .
اما بقساوة هولاكو وتطرف تمرلانك و سياسات الحماية لأهل الذمة التي مارستها الإمبراطورية العثمانية قزم شأن المسيحيين حيث أعيد صلب المسيح في المشرق وبشكل خاص في جلد المسيحيين في العراق حيث تصاعد ااضطهادهم لاجل الدين المسيحي أكثر من أية فئة أخرى بسبب انتشارهم الكثيف في مناطق نفوذهم. قبل حدود سايكسبيكو الجديدة والمصطنعة لبلاد الرافدين. كان للمسيحين دورا نوعيا على المستويات العلمية والأدبية المختلفة قوبل بالاضطهادات والمذابح أمام انظارالانكليز.
كما انهم وبالرغم من الآمال الموضوعة على مستقبل جديد عن طريق التضامن الدولي المتمثل في عصبة الآمم ليخمد جروحهم من التضحيات التي قدموها في الحرب العالمية الأولى, بدى تهميشهم اكثر من مقصود لدى رسم معالم تاسيس الدولة العراقية من قبل الانتداب البريطاني حيث مارست السلطات العسكرية الجديدة أمثال بكر صدقي ابشع سياسات القمع كالقتل والذبح ضد الكلدان ألآشو ريين السريان والأرمن وواصل الحال على هذا المنوال حيث في بداية الستينات تم استهداف المسيحيين من قبل لسلطات العراقية باستخدامهم مجاميع التي اطلق عليها الفرسان التي كانت تصنعها الانظمة المتتالية للقيام بالقتل الجماعي وسلب الممتلكات والتشريد وحرق القرى والتهجير الى خارج الحدود تحت ذرائع عديدة كاتهامهم تارة بالعمالة للاجنبي وتارة أخرى بالتبعية. ففي هذه العمليات نسب الى مباديء الشريعة الاسلامية التركيزعلى جعل حلالا مال وقتل غير المسلم جهادا في سبيل الله . واكثر المناطق مورست فيها هذه العمليات هي في سهل السليفاني والمناطق الجبلية لاقليم كوردستان وبأيادي عناصر كوردية التي كان يخصصها الانظمة الشوفينية لاضعاف الحركة الكوردية المطالبة بالحكم الذاتي آنذاك.
أما الكلدان الآشوريين السريان العزل والمسالمين أخمد صوتهم منذ سقوط نينوى وبعد القضاء على يقضة الاحساس القومي بمذابح سميل وصواريا 1933 و1969. كذلك في عهد النظام البائد حيث شملت عمليات الانفال السيئة الصيت المئات من القرى المسيحية ودون استثناء طائفي. وحاليا تكررت المسألة بايدي الارهاب والعصابات المسلحة المنفلتة والخارجين عن القانون حيث يتم استخدام الدين الاسلامي لتبريرالأعمال الاجرامية التي كلفت المئات من حياة الأبرياء في مختلف مناطق بغداد والموصل والبصرة وغيرها بشرعنة القتل على الهوية والتهجير القسري وفرض نمط اللبس والاستيلاء على ممتلاكات المسيحيين معتبرين اياها غنائم يحق لهم جمعها حسب متطلبات الاستسلام بالقوة مثلما وردت في العديد من كتب التهديدات الموجهة الى المسيحيين وايضا باقي الاقليات الغير مسلمة.
بالطبع الفرق بين عملية استخدام الدين سابقا وحاليا هو ان الحقب الماضية كانت واضحة وتدعم بقرارات من السلطات العليا لاضطهاد وحذف كل ما ليس مسلما باعتباره خارجا عن الشرائع القرآنية وامثال بكر صدقي عديدون . وبذلك كان استهداف المسيحية بشتى الوسائل في محاولة للتخلص منها كدين كان له نفوذه النوعية على تركيبة المجتمع النهريني الذي اعتنق المسيحية سبع مائة سنة قبل الاسلام اي منذ اول انتشارها في بداية القرن الأول للميلاد بواسطة الرسل ألأوائل وعلى رأسهم مار توما الرسول .
أما اليوم فالوضع مختلف جدا والسيناريوهات تتعدد في ظل الفوضى السياسية لم يعد سهلاعلى السلطات الحكومية تحديد وفضح من طالت أعمالهم المئات من الكوادر العلمية والدينية من الامة الكلدانية الآشورية السريانية والمسيحيين بشكل خاص والمؤسف هو إن تلك الأحداث كالتي حصلت في الموصل نهاية العام الماضي و كغيرها في الدورة وباقي مناطق بغداد والبصرة , توضع على شماعة الإرهاب بكل سهولة. وبالفعل اعلنت القاعدة الارهابية مسؤوليتها في ارتكاب عدد من الجرائم كالتي نفذتها في مختلف مناطق بغداد منها الدورة وبايادي عناصر غرباء قادمين من مختلف الدول حيث نجحوا باغراء عناصر عراقية ايضا مقابل أموالا زهيدة لجرهم الى الاعمال الاجرامية . وكما رصدنا في التقرير الخاص بالمسيحيين لمنظمة حمورابي لحقوق الانسان عدد من الضحايا من القتلى المسيحيين المدنيين منهم 706 أشخاص ممن لقوا حتفهم اثناء ممارستهم حياتهم اليومية العادية خلال السنوات ا لخمسة الماضية ونسبة 54% هم من بغداد التي كانت تحوي اكثر من نصف مليون مسيحي قبل احداث 2003. كما كانت تضم الموصل 250 الف مسيحي منهم 100الف في المدينة ذاتها و150 الف شخص في مناطق سهل نينوى بقرب من الموصل وان نسبة 27 % من العدد الاجمالي للقتلى المرصود من قبل منظمة حمورابي كان من الموصل معظمهم من الكفاءات كما بلغت نسبة الضحايا 3%في كل من كركوك والبصرة وصلاح الدين والانبار و1% في ديالاى و6% توزعت على باقي المحافظات ووضحت المنظمة في تقريرها الاخير هذه الاحصاءات بمخططات تبين نسبة 94% من الضحايا تتراوح اعمارهم بين 18-60سنة فيما تشكل نسبة الاطفال 4% والشيوخ 2% و الكفاءات بين طبيب ومهندس وقاضي واساتذة جامعات وصيادلة وباحثين وغيرهم 16% , بينما كانت نسبة النساء 13% ورجال الدين 2%. كما رصدت المنظمة 170 حالة اختطاف واختفاء طالت مدنيين ورجال الدين المسيحي قسم منهم تم الافراج عنهم مقابل فدية مالية والبعض قتل بالرغم من دفعه الفدية. وانما عدد المختطفين الذي سجلته منظمة حمورابي لا يشكل سوى 10% من مجموع حالات الاختطاف التي تعرض لها المسيحيون خلال الاعوام الخمسة الماضية , حيث لم تستطع المنظمة توثيق جميع حالات الاختطاف وكذلك حالات التهديد لكثرتها من ناحية ولتخوف الضحايا من اعلام المنظمة او الافصاح عما تعرضوا اليه تجنبا لمزيد من العنف ضدهم او ضدعوائلهم ...لكن منظمة حمورابي قدمت طلبا رسميا الى الحكومة والجهات المعنية لاتخاذ موقف رسمي ومحاسبة مرتكبي جرائم القتل والتهجير ومن وراء هذه المخططات في الموصل وغيرها من المناطق
هل هناك تحسن؟
لا بد من ان ينتصرالأمل. تظهر المنظمة احصائيات حققتها في 2008 عن انخفاض مستوى العنف تجاه المسيحيين في بغداد الى حد كبير قياسا بعام 2007 والذي كان قد انطوى عن انتهاكات خطيرة ,اشار اليها تقريرها السابق شملت ممارسات الاكراه الديني وتهديدات بالقتل والتهجير والتي كانت سببا للنزوح باعداد كبيرة الى اماكن اكثرأمانا في بغداد او الى المحافظات الاخرى و قسما منها ترك البلاد الى الخارج . كما تم توثيق الحملات الارهابية المختلفة ضد اكثر من 42 كنيسة ودير تعرض الى اعتداءات مختلفة من قبل مسلحين او هجمات بسيارات مفخخة او عن طريق عبوات ناسفة .
لكن اذا رجعنا قليلا الى سنوات الثمانينات نرى هؤلاء المسيحيون هم ايضا من الضحايا غير المسموع صوتهم ان كان ذلك خلال عمليات الانفال السيئة الصيت او في سجون النظام باحكام الاعدام على اعداد من الشباب المسيحي المطالب باحترام حقهم في ان يسمو باسمهم ويعترف بهويتهم الاثنية وحقهم في المواطنة العراقية دون الانتقاص بسبب الدين او الانتماء السياسي او العرقي... والسؤال لا يزال مطروحا تكرارا و مرارا في سنين التسعينات :حول من قتل ا لبرلماني الشهيد فرنسيس شابو في دهوك ليلة الأول من حزيران 1993 وهو في طريقه الى منزله, وبيرس وسمير في عنكاوة أربيل سنة 1994 ولازار وادوارفي محافظة دهوك وهلما جرى العشرات الابرياء المتطوعين في الحقل الوطني والقومي والسياسي للدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية لأمة لا يخلو تاريخها من تضحيات تفوق قياس ونسبة وجودها. والمؤسف هو ان الدفاع عن ابسط الحقوق الانسانية للمسيحين العراقيين كتمسكهم بارضهم وممتلكاتهم لا يلقي الدعم الجدي من اية جهة دولية او اقليمية. لانهم دون شك يعتبرون بانهم لا يمثلون نفعا كميا للتاثير على توازن المعادلات السياسية. وعلى المستوى الوطني حتى صراخ آلامهم يخمد بطرق فنية لا يتصورها الذهن عبر سياسات التعتيم الاعلامي وتفكيك الصف والتفريق مقابل أموالا واغراءات متنوعة تصبح شروطا اساسية في تمييع القضايا واندثار طابعها الحقوقي لا بل في بعض الأحيان جعل حتى المراجع الدينية ان يعتقدوا ويرشدوا المدنيين بان "ما الفائدة من المطالبة بالحق لاحقاقه". اذن الأسباب التي تزيد من تعقيد الوضع و تجعل العالم بعيدا عن تلك االمعناة هي أيضا ذاتية: بسبب ضعف التنظيم السياسي وتفككه وصعوبة الانسجام بين مختلف رؤساء الطوائف المسيحية الذي ينعكس سلبا على باقي المستويات وهذا هو سبب ستحالة تحقيق خطابا موحدا .
لكي لا نتوقف على التعقيد الموجود في الوضع العراقي بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص نستطيع ان نختصر بان هذا الوضع ليس وليد اليوم بل يتجذر في التاريخ البعيد وازداد سوءا عبر حقبة النظام البائد من التاريخ العراقي المعاصر ليواصل الخطورة التي لا تقارن في الوقت الحاضر.هذا ليس الا امتدادا للماضي حيث العمل بالطابع الشمولي لا يزال معمولا به في ممارسات عدد من الساسة العراقيين الحاليين .
ان التهجير ألقسري للمسيحيين لم تعزى اسبابه إلى الحقائق التي أوقعت بين الشيعة والسنة من العراقيين في بغداد ومختلف المدن العراقية كما من يقتلون بعضهم بعضا في سبيل السلطة والمكاسب او تصفية حسابات قديمة بين البعض الآخرمن الذين يحتسبون أهمية الثأر والانتقام وحيث بتعزيز الفوضى يغيبون القانون مما يؤدي الى الافلات عن عواقب تطبيقه في الوقت الحاضر. كل هذا لم يوصف به العراقيين من المسيحين. لانهم لم يحاربوا أحدا في سبيل السلطة كما ليس لاجل اقل ما يمكن من حقوقهم الأساسية سواء على المستوى الإنساني أوالاجتماعي أو الحقوق المدنية والسياسية .والدليل على ذلك هو عودة اعداد كبيرة المستهدفين الى الموصل بعد التحرك الحكومي لتأمين أمنهم وتقديم دعم مالي يساعدهم لفترة اعادة تسكينهم في بيوتهم.
مع ذلك جزاءهم كمسالمين كان شرعنة تقزيم وجودهم بالكوتا (نسبة تمثيل بمقعد واحد) بنقض المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافضات من قبل رئيس الجمهورية السيد جلال الطلباني ادى الى التلاعب بحق تمثيل صوت المسيحيين بالتحديد . النتيجة كانت خيبة أمل جديدة بسبب الاستصغار بقيمة هذا الوجود واعتباره رقميا لتقليله الى اقل من رمزي في جعل استحقاقه بمقعد واحد حتى في المحافظات حيث تركيزهم يستحق اكثر من ذلك في بغداد والموصل.
. هذا هو اعتبار أحد اكثر المكونات العراقية أصالة . انجز له حصة مقارنة بحصة المكونات التي لا تملك نفس مقومات الوجود لا على المستوى الكمي ولا النوعي. غض الاطراف السياسية النظر عن التأثير المبين الذي يخلفه غيابهم في بغداد والموصل ومناطق اقليم كوردستان ايضا. فالخاسر الكبير في جميع الأحوال هوالشعب العراقي برمته وفي مقدمته المسيحي. خرجنا من سيء الدكتاتورية الى فوضة الاحزاب السياسية و المحاصصة الطائفية و الانفلات الامني خلال بناء مسار االديمقراطية التي تطبق حرفيا عندما يتعلق الأمر بالمسيحيين وباقي الأقليات الجميع يصبح خبيرا في الاحصاء التخميني للتوزيع السكاني بينما هذا الأمر لا يشاورعندما يتعلق الامر بالجهات المتنفدة . اذن المسألة تتعلق ب"شيلني وأشيلك" في الساحة السياسية العراقية هذا ما لا ينطبق على المسيحيين . هذه الحقيقة هي الواقع المسيطر ليس على العملية السياسية برمتها بل و حتى على الدستور الجديد الغير منجزالى هذه اللحظة كونه لا يزال قيد التعديل لانه يحتوي على الكثير من المساومات السياسية بعيدة عن ان تكون مباديء اساسية تتصف بروح القانون الاساسي اي القانون الدستوري الذي من المفروض ترجمته على أرض الواقع بالقوانين .
باقي الأقليات
و أيضا هذا الحال ينطبق على عدد من الفئات العراقية القليلة العدد مثل:
الايزيديون اللذين تم استهدافهم جماعيا ولاكثر من مرة في مناطق سهل نينوى استهدفوا من قبل مسلحين حيث وصل عدد القتلى في مدينة السنجار الى اكثر من 800 شخص بتفجير سيارات نقل النفط في آب 2007 . ولعمق الخوف الذي دخل قلب وجهاء ومنظمات الايزيدين من هذه الفئة العريقة والمسالمة لوادي الرافدين, رفضوا التعبير واستنكار الهجمات عليهم في الاعلام . مع انهم لا يمثلون اي تهديد لاية جهة كونهم يعيشون منطويين اجتماعيا فيما بينهم ويكسبون من العمل الزراعي في مناطقهم الريفية القريبة من الموصل والمناطق الجبلية القريبة من الحدود السورية في اوضاع قاسية يعانون من اهمال كلي للقرى والقصبات الخاصة بهم ومن غياب اي نوع البناء والتطوير. لكن لاهمية السياسات الانتخابية واهمية الحصول على اكثر الاصوات ممكنة , قامت سلطات بعض الاحزاب السياسية في المنطقة بممارسة ضغوطات مختلفة لارغامهم على الولاء لهم سياسيا وعرقيا بينهم الاحزاب الكوردية المتنفذة هناك . لكن التوق الى الحرية والاعتزاز بالنفس دفع مجموعات كبيرة من ابناء هذا المكون المنسي الى تنظيم نفسهم في حركة سياسية مصلحة و من خلالها استطاع الايزيديون, اتباع الديانات القديمة لعبادة الخير وخشية الشر الترشيح بشكل مستقل الى الانتخابات البرلمانية سنة 2005 حيث حصلوا على مقعد واحد باسم قائمة حركة الاصلاح الايزيدية .كما نفس القائمة دخلت الانتخابات الاخيرة لمجالس المحافظات وحصلوا على مقعد واحد . وجدير بالذكر حدد كوتا مقعدا واحدا للايزيديين في قانون انتخابات مجالس المحافظات وهذا كان رضاهم لاحترامهم لواقعهم . يمكن تقدير عدد الايزيد في العراق أقل من نصف المليون .انهم بعد الاستقرا النسبي سابقا والتمسك بمناطقهم التاريخية لعصور طويلة بدأوا منذ التسعينات بالهجرة وازدادت اعداد من يترك دياره بعد احداث سنجار آب 2007 .
الصابئة المندائيون هم أتباع مار يوحنا المعمدان و ليسوا مسيحيين , يتمركزون في وسط وجنوب العراق بالقرب من الأهوار في الجنوب وعلى شواطيء الدجلة في بغداد . يعزى سبب تواجدهم قريبا عن منابع المياه الغزيرة والجارية الى متطلبات طقوسهم وتقاليدهم الدينية حيث يقومون بتجديد مراسم الاعتماد بين فترة وأخرى أكثر فأكثر يقل عددهم لا بل يخشون الانقراض كخصوصية بسبب الهجرة المتزايدة وخاصة بعد التعرض لرموزهم الدينية من قبل مسلحين مجهولين . كما بين 22/10/ 2003 و 17/5/2004
304 أشخاص قتلوا و118شخص اختطف بين 2003-2006 بسبب الاختلاف الديني والقومي و الثقافي أو بسبب أموالهم كونهم محترفون بتصنيع وبيع الذهب .
يختلف الاحساس بالانتماء إلى الأرض لدى هؤلاء البقايا من الحضارات القديمة لوادي الرافدين عن غيرهم من العراقيين الذين أصبحوا اكثريات تعطي كل الحقوق لنفسهم كلف ذلك ما كلف وعلى حساب ما تبقى من العراقيين الأصليين بعدم محاسبة القتل والمذابح الجماعية كما التجاوزعلى أملاكهم الخاصة وممتلكاتهم وبذلك في بعض المناطق لا يزال يتم تقنين التعرض لحقوقهم تارة باساليب عرفية ووتارة بسياقات رسمية, ما أدى إلى تطبيع فكرالهجرة هربا من الانتهاكات لحقوقهم و بحثا عن الحماية والسلام
ا.لشبك: عشائر عراقية يسكنون مناطق سهل نينوى والموصل وهم من الشيعة يصل عددهم الى ما يقارب 80000 الف نسمة وهم من اصول مختلطة بين الفرس وغيرهم من اقوام منهم من يعتبر نفسه كوردا واكثريتهم اثبتوا تمسكهم بالهوية الشبكية. أستهدفوا من قبل مسلحين ايضا بسبب خصوصيتهم القومية وهم دخلوا المعارك الانتخابية وحصلوا على مقعد واحد لقائمة الشبك المتحدون.
ما هو الحل؟
حذفت المادة 44 من المسودة الاخيرة للدستورالجديد والمتضمنة حقل الحقوق والحريات الواردة في نصوص الاعلانات والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان. هذا الحذف أضاف على مخاوف الفئات القليلة العدد تحسبا لعودة وترسيخ الاساليب والممارسات الشوفينية والتي لم تتأثر بتلك النصوص خلال سيطرة النظام البائد كونه لم يلتزم بها بالرغم من ان العراق هو احد مؤسسي المنظمة الدولية للامم المتحدة ومن الموقعين الأوائل على الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 . ولما عالج هذا الاعلان حقوق الفرد الاساسية ,عالجا فيما بعد , الحقوق الجماعية العهدان الدوليان: العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية المؤرخ في 16كانون الأول ديسمبر 1966
والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16 كانون الأول ديسمبر 1966
واللذان بداء النفاذ بهما سنة 1976 أتيا ليكملا ما لم يتطرق اليه الاعلان العالمي لحقوق الانسان وان يكون له صفة الالزام معتبرين بان يكون لهما قوة القانون عكس ما يمثله نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان من ضعف لعدم الزاميته فتتجاوزه الدول بدرجة ان في دول مثل العراق ليس هناك اية أولوية لحق الفرد بل الجماعة هي التي تتمتع بمكاسب الحقوق هذا ما يؤدي الى سهولة سلب حقوق الناس من قبل مجموعات والتلاعب بكرامتهم . هذا واكدت المنظمة الدولية على الزام الدول المعنية بالأقليات على احترام الحق في التنوع الاثني والديني في مؤتمر فينا لسنة 1993على حقوق الأقليات . كذلك في النصوص الخاصة بالشعوب الأصيلة حيث حمايتهم وتعزيز ارثهم والمحافظة على خصوصيتهم وشمولهم بوسائل خاصة لمساعدتهم على المشاركة الفعالة في خدمة بلدانهم لهو قياس لمدى ممارسة الديمقراطية .
في العراق وفي ظل الاحتقان الطائفي وبالرغم من التحسن الآمني لا يزال الأمر مرهونا بمدى تحقيق سيادة القانون . مع ان الورقة الطائفية بدءت بالتراجع بشكل تدريجي والحمد لله ,لانه بلد خال من الكره الاجتماعي والعدوان بين مختلف الفئات كونه بلد عاش متنوعا طيل تاريخ حضاراته المختلفة ولم يشهد بوقوعه في حرب اهلية شاملة. فالعلة تكمن في المجاميع السياسية التي لا تزال بعيدة عن العمل المؤسساتي في التشريع والادارة بسبب الارث الثقيل لسياسات التأليه الأشخاص لنفسهم بنفسهم و بفرض ذلك على غيرهم لفرض وصفهم واعتبارهم اشخاص "الضروف وضرورين للوضع الحالي". بهذا الطريق يتم الغاء دور سيادة القانون والتواصل بالاستيلاء على زمام الامور وغياب ثقافة احترام الصالح العام بالغاء اهمية احترامه وتعزيزه في خدمة المواطن وليس لمنافع شخصية لمجموعات معينة متفقة وبدرجات متفاوتة على المواطنة المعمول بها منذ عقود وذلك عبرسياقات السلبطة والتعسف باشكال تختلف سطحيا عن سابقاتها اما جوهريا فهي سياقات موروثة من الماضي المؤلم. .
الدعم الدولي للاقليات
دوليا ما عدى الدعم على المستوى النظري ,لا زالت الأمم القليلة العدد لا تحظى بالدعم
اللازم والفعلي لا على مستوى امن بقائهم في اوطانهم ولا على مستوى مشاركتهم في الحياة العامة.
في 2007 قدرت احصاءات المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة بان 40% من عدد المهجرين من العراقيين نحو دول الجوار هم من المسيحيين وفي اكثر من مناسبة عبر السكرتير العام عن قلقه لهذا الوضع لكنهم لم ياتوا بعلاج واقعي من شأنه خلق الاطمأنان للمسيحيين وباقي الاقليات في بلدهم بدل اعادة توطين عدد منهم. والدليل على ذلك هو التهميش المبين الذي عبرت عنه ممثلية الامم المتحدة في بغداد خلال نقض قانون انتخابات مجالس المحافضات الذي نص في المادة خمسين على تخصيص ثلاث مقاعد للمسيحين في مناطق تمركزهم مثل بغداد والموصل.. ان ممثل المفوضية المذكورة لم يدافع بقوة عن هذا الحق للحصول على هذا المكسب الانتخابي بل كثف جهوده لايجاد سياسة ارضائية لصالح القوائم الكبيرة وحماية حقهم في توسيع المزيد من المكاسب السياسية على حساب الشعوب المظلومة . لمسنا بانه كان لدى معظم الكتل العراقية الرغبة في التعديل لا بل أصحاب الضمير لا يزال يلومون نفسهم على ما حدث في البرلمان واعتبروه غبنا واضحا بحق المسيحيين وعليهم تعديله . لكن عدم الاعتراض على المساومات السياسية وعدم فرض روح المواثيق الدولية من قبل ممثلي الامم المتحدة أدى الى خيبة أمل جديدة حيث حسب اهالي سهل نينوى أقل من 30% من المسيحيين شارك في الانتخابات الآخيرة.
في ظل تطور عمل القوات الامنية العراقية وبوادر التحسن الأمني المبين أملنا بوضع مختلف وان كان ذلك عبر مخاض أليم للديمقرطة بغية احترام سيادة القانون الذي هو أيضا بحاجة الى تعديلات بما يخص الأقليات . من جانب آخر وهو الجزء الاكبر للعلاج يكمن في وضعنا الذاتي المر, في انعدام وحدة الخطاب والعمل بين جميع المسيحيين في العراق حيث مطلوب من رؤساء الطوائف ألاجلاء دفع السياسيين للعمل السياسي في خدمة المشاركة وادارة الشؤون المدنية في الحقل العام بغض النظرعن انتمائه الطائفي . و ليبقى احترام الرموز الدينية واجبا مقدسا يلتهم منهم هؤلاء السياسيون المشورة لتنويرالضمير لدى الحاجة. كلنا يعلم بان شعبنا مرتبط ارتباطا قويا بالابوة الروحية لقيادات كنائسهم وهذه نعمة كبرى , بالمقابل المرجو من عظمة الاباء هو رفض خلط المهامات وخاصة رفض ادخال السياق الطائفي الى الحقل السياسي والاداري ليتسنى للمعنين تحقيق البرامج الانتخابية التي وعدوا الشعب بتحقيقها للصالح العام. بذلك تربية الشعب والوعي لاهمية الصالح العام واحترام الحقوق الانسانية المدونة في الاعلان العالمي لسنة 1948 والذي ينص في مادته الأولى على الحرية والكرامة والمساواه ليتمكنوا بعضهم مع البعض ألآخر العيش بروح الاخاء.
" يولد جميع الناس احرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعض بروح الاخاء " (الاعلان العلمي لحقوق الانسان مادة: 1)
--------
فيما يلي التوصيات التي نتجت عن المؤتمر: