الشماس لويس منصور .....قنديل المذبح
في 25\5\2008وفي تجمع احتفالي لمناسبة مرور أثنا عشرة سنة على نيل أبينا الجليل مار جبرائيل كسّاب درجة الأسقفية , وبعد أن أنهى الشماس القدير (لويس منصور نيسان الهوزي)من القاء قصيدته لهذه المناسبة , فاجأته جلطة دماغية لم تمهله الا لكي يقول كلمته الأخيرة في مسيرته على هذه الأرض ( يا ألهي ) نقل على أثرها للمستشفى الذي لم يستطع رد قضاء الله بأخذه الى فردوسه . أما البداية فكانتعلت الهلاهل في دار الشماس الرسائلي ( حجّي )في يوم من أيام عام 1939( وكانت الحرب العالمية الثانية في بداياتها ) لولادة الطفل الذكر الوحبد لأبويه حيث كانت لديهم طفلة لم تكمل السادسة من عمرها بعد , وكانا طاعنين في السن , لذا كانت فرحتهما بهذا المولود لا توصف . كان المرحوم الشماس ( منصور نيسان الهوزي ) ضليعا باللغة والطقس الكلداني , وكان يحفظ الكتاب المقدس - العهد القديم -على ظهر قلبه لذا كان يطلق عليه أهله ومعارفه لقب ( الحجّي )وكان من أوائل الشمامسة في كنيسة فيشخابور ( كنيسة مريم العذراء حافظة الزروع) في عهد المغفور له , الخوري حنا خوشابا نيسان ( الذي خدم أبناء القرية لأكثر من نصف قرن ) .و
نما لويس الصغير في هذه الأجواء قريبا من الكنيسة ,حالما بدأ بالنطق أخذ والده الشماس يعلمه وحسب قابليته الصغيرة بعض مبادىء اللغة الكلدانية , ويأخذه معه صباح مساء الى الكنيسة لسماع القداس الألهي ولصلاة الرمش الذي كان المرحوم الخوري حنا خوشابا حريصا على أقامتها يوميّا , الى أن بلغ سن الدراسة فالتحق بمدرسة القرية التي كانت تشغل آنذاك أربعة غرف من غرف الكنيسة , واحدة للأدارة وثلاث للصفوف بمعدل غرفة واحدة لكل صفّين . وكان مدير المدرسة حينذاك المرحوم المعلم ( موسى ) القس موسى بعدئذ . وحال التحاقه بالمدرسة الأبتدائية أصبح مع بقية طلاب المدرسة تحت أشراف الخوري حنا خوشابا فيما يتعلق بتعليم اللغة الكلدانية فكان أن برز بين الطلاب لتعلم اللغة الكلدانية ثلاثة طلاب هم أبلحد وردة الهوزي ( المرحوم الخوري أبلحد وردة ) ولويس منصور نيسان (المرحوم ) وكاتب هذه السطور . فكان ثلاثتهم يداومون على حضور القداس الألهي صباح كل يوم وقبل بدء الدوام في المدرسة , ومساء يحضرون صلاة الرمش مع بيقية الشمامسة ولسان حالهم يقول مع المرنّم
( أما أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله , توكلت على رحمة الله الى الدهر والأبد )
مزمور 52 : 8
بعد الدراسة الأبتدائية قرر والداه تقديمه هدية الى الرب , فدخل السمنير ( معهد مار يوحنا الحبيب ) في الموصل , غير أن الرب كان لديه خطة أخرى , فترك السمنير ليلتحق بشقيقته في كركوك ( المرحومة ) التي كانت متزوجة من حنا جتّو ( المرحوم ) الذي كان يعمل في شركة نفط الشمال بوظيفة مضمد صحي , فأدخله الى مركز التدريب في الشركة , وهي مدرسة تعادل شهادنها الأعدادية ( هاي سكول ) , نظام الدراسة والمناهج فيها كالدراسة في بريطانيا
وكعادته , تخرّج بتفوق وتعين في الشركة في دائرة الحسابات , وفي عام 1959 أكمل خدمته العسكرية بعد أن أكمل دورة الضباط الأحتياط في (كلية الضباط الأحتياط). ولتميّزه في وظيفته وبين أقرانه أرسلته الشركة الى أنكلترا لأكمال دراسته العليا , وهناك كذلك أظهر تفوقه بالدراسة , فنال شهادته العليا بما تعادل ( محاسب قانوني ) ليعود الى دائرته وليتسلّم أعلى المناصب ضمن أختصاصه المحاسبي الى أن وصل الى منصب مدير الدائرة المالية في الشركة قبل أحالة نفسه على التقاعد
طيلة هذه المراحل من حياته العملية والدراسية لم يبتعد عن كنيسته مهما كانت الظروف كان قريبا جدا من الكنيسة ونشاطاتها ولم يتقاعس أبدا عن المتابعة وتثقيف نفسه وتطوير امكانياته وقابليته في الطقس الكنسي واللغة الكلدانية , حتى أصبح مرجعا للعديد من الشمامسة , تمكن من اللغة بحيث قام بتأليف قصائد لمختلف المناسبات الدينية وكتب العديد من المقالات سواء باللغة الكلدانية أو العربية , ولم يشغله عن ذلك المسؤوليات الجسام في عمله الوظيفي , فقد كان شعلة من النشاط والقابلية , ونتيجة للأوضاع الشّاذة التي مرّت على العراق بعد أحداث الكويت , والحصار القاسي الذي فرض على العراق وتدهور الأوضاع الأقتصادية والمعيشية للشعب بصورة عامة وطبقة الموظفين والمتقاعدين وأصحاب الدخل المحدود , بصورة خاصة , فهاجر الى الخارج أسوة بالآلاف من العراقيين , فكان أن أستقر مع عائلته في أستراليا بع جهد جهيد
وفي ديار الغربة أختطّ لنفسه الطريق الذي كان يهواه منذ الصغر وهوخدمة الكنيسة والطقس واللغة الكلدانية بالرغم من حالته الصحية في الآونة الأخيرة , وأصبح مثالا يحتذى به من قبل زملائه الشمامسة في الكنيسة الذين عرفوه وشاهدوه كيف يعمل بصمت ومحبة وفرح وأنسانية
لا تفارقه الأبتسامة أبدا , متواضعا وصبورا وهو بهذا العلم والثقافة . فقد كان بالفعل أنسانا يعيش من أجل مسيحه الذي أحبه من الصغر , وقلبه الكبير أحب كل الناس .
رحل عنا ولسان حاله يقول مع المرنم
بسلامة أضطجع بل أيضا أنام * لأنك أنت يا رب منفردا في طمأنينة تسكنني . مز 7:4-8
الشماس
بطرس شمعون آدم
تورونتو - كندا