الصحافة العراقية في عيدها 140 تألق وعطاء متميز
قرن وقرابة النصف قرن من العطاء الفكري والابداعي المتميز بروحية فذة متفانية ترفع القلم شعارا لتؤسس لثقافة المجتمع العراقي. فالصحافة العراقية ومنذ نشأتها أسهمت في الكثير من العطاءات والاداءات التي تحققت في ثلاثة أدوار رئيسية من تاريخ الصحافة العراقية فيمكن لنا ان نؤشر على مرحلة النشوء ثم مرحلة الصحافة تحت وطأة العهد البائد ومرحلتها بعد عام 2003.في الوقت الذي نستذكر فيه افذاذ الصحافة وروادها الاوائل في العراق نحيي ونبارك كل الجهود التي ساهمت في انمائها وتطورها الى ما عليه الان بعد ان شرعت مسيرتها باصدار أول جريدة في العراق هي "الزوراء" وهي صحيفة رسمية ظهرت للوجود في عهد الوالي التركي "مدحت باشا" صاحب الدور الكبير في نشرها وانتشارها بشكل اسبوعي بعد ولادتها يوم الثلاثاء 15 حزيران/1869.
"الزوراء" صحيفة بثمان صفحات، تناسقت أخبارها الداخلية والخارجية وباللغتين العربية والتركية في محاولة من الوالي مدحت باشا لنشر ثقافة الولاية التركية في العراق. اشترك في تحرير "الزوراء" محررون مقتدرون منهم "فهمي المدرس" الذي كان يحرر القسم العربي وهو في نفس الحال مدير مطبعتها، ومن بعده برز فيها اسم العلم الشاعر جميل صدقي الزهاوي تلاه الشاعر المعروف معروف الرصافي.
ويبدو من مسمياتها المتعددة ان الصحيفة انشئت لتحمل اسم المدينة التي تصدر منها بداية كما نلحظ في توالي الاصدارات الصحفية في العراق كجريدة "الموصل" في محافظة الموصل وهي صحيفة رسمية صدرت عام 1885 تلتها جريدة "البصرة" في محافظة البصرة عام 1895. وبالاضافة الى ذلك فقد برزت صحف سياسية في العراق فكانت اول صحيفة من هذا النوع "جريدة بغداد" التي صدرت في بغداد اصدرها "مراد سليمان" شقيق حكمت سليمان الذي تولى رئاسة الوزراء في السادس من آب 1908، وكانت تصدر ثلاث مرات بالاسبوع باللغتين العربية والتركية.
وتتابعت الصحف تتالق في العراق كصحيفة الرقيب- الروضة- المصباح- المصباح الأغر- صدى بابل- الرياض- النهضة- مجلة العلم- مجلة لغة العرب وغيرها فيما شكلت بينها منظومة متنوعة للمفردة الادبية والعلمية والسياسية والثقافية والتراثية وغيرها. الى ان تطور هذا التنوع الصحافي في العراق ليشمل اضافة الى ما ذكرنا شؤونا مستحدثة اجتماعية واقتصادية ودينية حتى ارتطم هذا الموزائيك الخلاب بنهج الحكم العفلقي البائد لترويض الصحافة وفق متبنياته السياسية ونزعته العدوانية ضد القيم البشرية فانحسرت افاق الكلمة فيها واستبدلت الرؤى الحرة باحرى نقيضة تسير تحت راية الخنوع والارتباك. وهذه المرحلة من اشد واتعس المراحل التي خاضتها الصحافة العراقية وفيها سخر النظام العنجهي القلم العراقي المقهور لمصلحته خصوصاً عندما ورط العراق بحربين خاسرتين كان على الصحافة ان تغطي اخبارهما بما يلائم تفكير النظام فأرهقتها تلك التبعات.
بامكاننا ان نسمي هذه المرحلة التعيسة من عمر الصحافة العراقية بمرحلة السبات والخمول، لكن روح الكلمة العراقية ورقي القلم العراقي سرعان ما فجر كوامنه ليثبت للعالم انه يمتلك كل مقومات النهوض ومواكبة العصر في انتعاشة ارتفع سناها من جديد في نيسان 2003 عندما تقشعت سحابة النظام العفلقي المتهرئة فانتشرت الصحف والمجلات وراجت كلمة الحرية المنطقية المتوقعة بجهود العاملين وبراعاتهم الفذة. وكلامنا يهتم بالقلم الحر البعيد عن التوجيه والتسيس والتجيير.
باقة ورد عطرة لكل قلم وكلمة حرة وكل ابداع عراقي وتحية حب وتقدير لصحفيينا والمعنيين والمهتمين بالصحافة. وكل عام وصحافتنا بابداع وتألق جديد.
ملبورن شتاء 2009