العدالة والمساواة وحقوق الإنسان / المسيحية نموذجاً
دراسةالمقدمة :
"التعصب والكراهية والإجحاف - ظواهر بشعة لبشرية مريضة، ويمكن هزيمة العنصرية وسوف يتم هزيمتها ويجب هزيمتها - كوفي عنان - الأمين السابق للأمم المتحدة"، هذا القول لأرفع مسؤول على منظمة عالمية تعني بحقوق الإنسان، كل إنسان، يعيش على هذا الكوكب مهما كان جنسه ونوعه ودينه، حيث اتخذت جملة قرارات اللازمة لمكافحة التمييز العنصري والعنف الأثني، وهذا يعكس مدى إلتزام الأمم المتحدة بالمساواة والعدالة الاجتماعية والحفاظ على الكرامة البشرية في اعتمادها على الاتفاقيات والاعلانات التالية :
1948 إتفاقية منح جريمة الابادة الجماعية
1963 و 1965 الاعلان المتعلق بالقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري
1966 جعل يوم 21 / آذار اليوم العالمي للقضاء على العنصرية
1973 - 1982 العقد الأول لمكافحة التمييز العنصري
1978 المؤتمر الاول لمكافحة العنصرية - جنيف
1983 المؤتمر الثاني لمكافحة العنصرية - جنيف
1983 - 1992 العقد الثاني لمكافحة العنصرية
1994 - 2003 العقد الثالث لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري
القرار رقم 52 / 111 حول عقد مؤتمر دولي لمكافحة العنصرية، وتم ذلك في جنوب افريقيا - 2001
الموضوع :
الى يومنا هذا هناك بعض التقدم في مجال مكافحة العنصرية، ولكن مع الاسف نقول ان هذا "البعض" يزول في أمكنة كثيرة من العالم! وخاصة في البلدان التي تشهد الحروب والنزاعات المسلحة، وكذلك عند الأنظمة الشمولية وبشكل أخص عندما يكون الدين هو الذي يقود الدولة، والسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية تكون بيده، وبذلك فقدنا الغرض الاساسي من تطبيق القانون ألا وهو "العدل والعدالة والمساواة"، هل هناك مبالغة في كلامنا هذا؟
الجواب : نعم ممكن ان يكون هناك مبالغة إن :
1- يكون هناك تطبيق القانون بالتساوي بين البشر، لا فرق بين مسلم ومسيحي، وبين سني وشيعي، وبين غني وفقير، وبين قوي وضعيف، وبين رجل الدين وعلماني، وحتى بين حاكم ومحكوم! ألا تنص المادة 8 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان "يحق لكل شخص ان يلجأ الى المحاكم الوطنية لأنصافه عن اعمال فيها اعتداء على الحقوق الاساسية التي يمنحها القانون"، والمادة 14 "جميع الاشخاص متساوون أمام القضاء،،،،،" في بعض الدول هناك محاكم تحكم بدون الرجوع الى الدستور والقوانين المرعية! اما في تطبيق الشريعة أو بعدم وجود حق الدفاع ليس من قبل المدعي عليه ولا من قبل وكيله المحامي!!،،،،الخ
2- ان كان لدينا قضاء مستقل، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون! هناك آلاف القضايا التي تقول عكس ذلك في العراق اليوم وعلى سبيل المثال لا الحصر ما ذهبنا اليه في مقالنا أو دراستنا القانونية "قرار اعدام قاتل الشهيد المطران "رحو" ناقص قانوناً"، نعم هناك تدخل مكشوف في عمل القضاء والدليل القانوني الملموس هو "الحكم على شخص واحد "غير معروف اشتراكه بالجريمة" والتستر على الفاعلين الاصليين والشركاء الذين قاموا بالعملية كان المفروض ان تكون عقوبتهم نفس عقوبة المجرم الاصلي حسب القانون، فهل كان مجرم واحد يقود 7 سيارات!؟ ويقتل مساعدوا الشهيد ،،،، ام هناك صفقة سياسية؟ اذن نحن امام عدم استقلالية المحاكم امام السلطات، وسيأتي يوم تنجلي فيه الحقيقة شاءوا أم أبوا
3- النتيجة تكون بأن العبرة ليست في النصوص القانونية ولا بتطبيق الدستور ولا بالتوقيع على الاتفاقيات والاعلانات العالمية، وانما في الاحترام الكامل والطوعي لها، وخضوع الجميع بعدالة ومساواة منهم الحكام والقضاة لها، وعندما نصل الى هذه المرحلة نكون قد وقفنا امام عدم انتشار ظاهرتان تتحديان المجتمع الوطني "العراقي" والمجتمع الدولي الا وهما "التمييز العنصري والعنف الأثني"، وهذه من العجائب وخاصة نعيش في عصر التكنلوجيا والانترنيت والاتصالات التي من المفروض ان تُقَرب شعوب العالم بعضها من بعض، وتزيل الحواجز السياسية والاجتماعية إيجابياً، نرى اليوم ازدياد العنف والتمييز العنصري والمذهبي والطائفي وفرض الفكر المغلق بالقوة، نحن بحاجة اليوم اكثر من اي وقت الى المساواة والعدل
المسيحية نموذجاً :
المساواة بين الأجناس / بين العبيد والأحرار/ بين الرجل والمرأة
1- "لا فرق بين يهودي ويوناني لأن رباً واحداً للجميع ... رومية 10 : 12"
2- "لا فَرقَ الآن بين يهودي وغير يهودي، بين عبدٍ وحُر، بين رجلُ وامرأة، كلكم واحد في المسيح يسوعَ... غلاطية 3 :28"
3- "ففي الربُ لا تكون المرأةُ من دون الرجلِ، ولا الرجلُ من دون المرأةِ..1كو11:11"
المسواة بين الأغنياء والفقراء
1- "الغني والفقير يتلاقيان، فكلاهما صنعهما الربُ ... أمثال 22 : 2"
2- "لا تقهرِ الفقيرَ لأنه فقيرُ، ولا تَسحَقِ المسكينَ في القضاءِ..أمثال 22:22"
3- "إسمعوا يا آخوتي الأحباءُ: أما اختارَالله فُقراء هذا العالم ليكونوا أغنياء بالايمان.... وأنتم تحتقرونَ الفقراء،،،. أحب قريبك مثلما تُحبُ نَفسَكَ.. يعقوب 2 :5-9"
حرية الإختيار وتقرير المصير
1- "وانا أَشهدُ عليكم اليومَ السماء والارضَ بأني جَعلتُ بين أيديكمُ الحياةَ والموتَ والبركةَ.. فأختاروا الحياةَ لتحيوا أنتم وذريتكم..تث 30 :19"
2- "ها أنا واقِفُ على البابِ أدقهُ، فإن سَمِعَ أحدُ صوتي وفتحَ البابَ دخلتُ اليه وتعشيتُ معهُ وتعشى هو معي..رؤ 3 :20"
3- "يَعِدونكم بالحرية وهم عبيد للمفاسد، لأن الإنسان عبد لِما استولى عليه..بط2 ف2 آية 19"
4- "أما الذي أكبَ على الشريعة الكاملة، شريعة الحرية، ولزمَها، لا شأن من يسمع ثم ينسى، بل شأن من يَعمل، فذاك الذي سيكون سعيداً في عَمله..يع ف1 آية 25"
العدالة
هناك 49 آية في الكتاب المقدس تدعو الى العدل والعدالة، سجلنا هذه الايات لتكون نماذج لدراستنا هذه، وهذا يعني ان الكتاب المقدس يخلو من التفرقة واللاعدالة بين الأجناس – وبين الاغنياء والفقراء – بين الرجل والمرأة – منها:
1- "لتفرح الأمم وتُهلل لِأَنَكَ بالعدلِ تدينُ بالإستقامةِ تَدين الشعوب وفي الأرضِ تهدي الأمم سلام ... مزامير 67 آية 5" – تساوي وعدالة وسلام بين الشعوب
2- "إن رأيتَ ظلم الفقير وما يخالفُ العدلَ في بعض الأقاليم فلا تعجب من الأمرِ فإن فوقَ العالي أعلى منه يسهر وفوقهما من هو أعلى منهما..جا ف5 آية 7" – لا يجب السكوت عن الظلم وخاصة "ظلم الفقير"
3- إجراء العدلِ والحق أفضلُ عند الرب من الذبيحة..أمثال ف21 آية 3" – لا تصوم ولا تصلي الا بعد ان تجري العدل وتدافع عن الحق وبعدها أذهب وقدم ما عندك لله
4- "إفتح فَمَكَ وأحكم بالعدل وأنصف البائسَ والمسكين..أمثال ف31 آية9" – أيها القاضي في أية محكمة "أُحْكم بالعدل" والا هناك لسان طويل للحقيقة والتاريخ
الخلاصة والنتيجة
عند دراستنا مبدأ العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، نجد ان القوانين والاتفاقيات الدولية قد غرفت أو إستندت الى نموذج المسيحية كأساس لهذه القوانين والاعلانات، والدليل الواقعي الملموس هو ما جاء في الوثائق (الآيات) المشار اليها والتي تدعو الى:
1- المساواة بين الأجناس – لا فرق بين يهودي ويوناني وغير يهودي
2- بين عبد وحر والغني والفقير – هما واحد في الكرامة الإنسانية
3- بين الرجل والمرأة – متساويان في الحقوق والواجبات الى الورث "التركة"
4- حرية الاختيار- اختيار الدين والعمل والزوج – وليس مثل ما نعيشه اليوم حيث يوعدونا بالحرية وهم يضعون الأغلال في معصمها! وهم عبد لمفاسدهم
5- التأكيد على العدالة والحق بإعتبارهما أفضل من الذبيحة التي يقدمها المنافقون بإسم الدين والله، كفانا صلاتاً قبل إعطاء المظلوم حقه، وقبل اشباع الفقير، والدفاع عن حقوق اليتامى والأرامل وأطفال الشوارع وحقوق الإنسان كل إنسان
6- هناك نداء الى القضاة عندما يفتحون أفواههم ((أحكموا بالعدل))، وأنصفوا المظلومين، إنها العدالة والمساواة وحقوق الإنسان أيها السادة
7- حان وقت تغيير منطق السيف! الى ثقافة المنطق والعقل، انه يوم فلسفة الواقع كما هو.
ملاحظة مهمة جداً : لم نتطرق الى المساواة عند الاسلام لوجود آيات تدافع حقاً عن الذكر والانثى منها (الحجرات 49 : 13 – آل عمران 3 : 195 – النساء 4 : 124 – النور 24 : 2-3) وهناك آيات أخرى تتكلم عن ملكات اليمين (المؤمنون 23 : 1-6 – الاحزاب 33 : 50 ،،،،) وايات عن الطلاق (البقرة 2 : 231،،،، وفاحشة المرأة (النساء 4 : 15،،،،) ونشوز المرأة (النساء 4 : 34 ،،) وحق الهجر (البقرة 2 : 226،،) المرأة نصف الرجل (النساء 4 : 11)،،،الخ، عليه يكون هذا الموضوع من إختصاص إخوتنا المسلمين وخاصة المثقفين والطيبين والشرفاء الذين يؤمنون بالعيش المشترك والاعتراف بكرامة الإنسان المتساوية،،،وإيماناً منا بقبول الآخر مهما إختلفنا، لذا وجوب إحترام مشاعره وعاداته وتقاليده ودينه، انها ثقافة الحياة.
سمير اسطيفو شبلا
shabasamir@yahoo.com