Skip to main content
العراق يقامر بإضاعة حقوقه المائية بمراهنته على المقايضة وإهماله المطالبة القانونية Facebook Twitter YouTube Telegram

العراق يقامر بإضاعة حقوقه المائية بمراهنته على المقايضة وإهماله المطالبة القانونية

المصدر: صحيفة العرب

لا يجد العراقيون أي أثر عملي للتقارب الكبير والشراكة المتنامية في عدّة مجالات بين بلدهم وتركيا المجاورة على ملف المياه الذي باتوا يلمسون تعقيداته في حياتهم اليومية، حيث لا يزال قطاع الزراعات المَرْوية يشهد تراجعا متسارعا بسبب تناقص مياه نهري دجلة والفرات جرّاء التغيّر المناخي وبسبب الإقبال التركي المتزايد على احتجاز المزيد من تلك المياه في سدودها الضخمة، ومازال عدد النازحين يتدفّق على المدن من المناطق الريفية التي فقد فيها السكان المحليون موارد رزقهم بسبب الجفاف وشح المياه، ولا تزال خدمة تزويد السكّان بالماء النظيف والصحّي في فصل الحرّ الشديد تعرف المزيد من الاضطرابات وعدم الانتظام.

وعلى مدى السنوات الأخيرة اتّجهت السلطات العراقية، بما ذلك الحكومة الحالية بقيادة محمّد شياع السوداني، نحو الرهان على تحسين علاقاتها بتركيا وعقد شراكات معها في عدّة مجالات أملا في أن تستفيد من تلك الشراكات وأن تشمل الاستفادة التوصّل إلى حلول تفاوضية لمشكلة المياه التي تُرجع السلطات نفسها جزءا كبيرا منها لتجاوز تركيا على الحصّة المائية للعراق في مياه دجلة والفرات، وأيضا لتجاوز إيران على حصته في عدد من الروافد الأقلّ أهمية من النهرين.

وترى حكومة السوداني أنّ للملف الأمني قيمة تفاوضية استثنائية يمكن من خلالها الحصول من تركيا على تنازلات في ملف المياه، في ظل الحاجة التركية الماسة إلى تعاون العراق في قضية حزب العمّال الكردستاني الذي استعصى على القوات التركية اجتثاث مقاتليه من مناطق تواجدهم بالشمال العراقي على مدى السنوات الأربعين التي دارت خلالها حرب بين الطرفين خلفت الآلاف من القتلى والجرحى.

لكنّ ما حدث عمليا أنّ تركيا بدت خلال الفترة الأخيرة ماضية في جني ثمار حقيقية والحصول على مكاسب عملية في ملف المواجهة مع الحزب دون منح الجانب العراقي أي مقابل واضح في ملف المياه.

وتمكنت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من إقناع حكومة السوداني بتصنيف حزب العمّال تنظيما محظورا في العراق وبحظر نشاط ثلاثة كيانات مرتبطة به. كما ضمنت صمت بغداد على عمليتها العسكرية الأوسع نطاقا ضدّ مقاتلي الحزب والجارية حاليا في مناطق بإقليم كردستان العراق.

وتم قبل يومين تدعيم تلك المكاسب التركية بالتوقيع مع الحكومة العراقية على اتفاقية أمنية نصت على إنشاء مركز تنسيق أمني مشترك في بغداد ومركز آخر للتدريب والتعاون في منطقة بعشيقة بشمال العراق بهدف محاربة الإرهاب الذي ترى أنقرة أنّ حزب العمّال هو أبرز عنوان له، ما يعني أن نشاط المركزين سيكون موجّها ضدّ الحزب بالدرجة الأولى.

ويصف منتقدون أسلوب السلطات العراقية في مقاربة ملف المياه مع تركيا بالضعيف وغير المتوازن لكونه يحاول التركيز على مقايضة الأمن بالماء ويغفل عن الحقوق القانونية للبلد والتي يفترض أن يسعى إلى تحصيلها عبر اللجوء إلى القانون الدولي والمؤسسات ذات العلاقة.

ويقول هؤلاء إنّ هذه الطريقة ترهن الملف الحيوي المتعلّق بالأمن القومي للبلد بيد تركيا وتقديراتها على الرغم مما عرف عنها خلال مرحلة حكم حزب العدالة والتنمية من تشدّد إزاء جيرانها ومن اندفاع وحتى استعلاء في التعامل معهم، الأمر الذي يجعل من تنازلها لأي منهم وفي أي ملف كان أمرا مستبعدا.

وما يضاعف خطورة قضية المياه بالنسبة إلى العراق أن نهري دجلة والفرات، موضع الخلاف مع تركيا، يمثّلان المصدر الرئيسي لتزويده بالمياه ولتحريك عجلة سلسلة اقتصادية طويلة تشمل الزراعة والصناعة والصيد النهري وتربية الماشية بما في ذلك الأبقار (الجاموس) في منطقة الأهوار بجنوب البلاد والتي تحوّلت إلى أوضح مظهر عملي على الكارثة المائية في العراق.

وتتحّدث مصادر عراقية في الوقت الحالي عن انتكاسة رابعة في الأهوار بسبب جفاف حوض نهر الفرات.

حكومة السوداني ترى أنّ للملف الأمني قيمة تفاوضية استثنائية يمكن من خلالها الحصول من تركيا على تنازلات في ملف المياه

وقال الخبير في الموارد المائية عادل المختار إن “واقع إيرادات نهر الفرات القادمة من تركيا باتجاه سوريا ومن الأخيرة باتجاه غرب العراق محدودة جدا ولا تفي بالحاجة ولو في الحد الأدنى، ما أدى الى انعكاسات خطرة طالت محافظات عراقية جنوبية وتسببت بانتكاسة في الأهوار وخاصة الحويزة وهي الرابعة من نوعها وتجلّى ذلك في هلاك ثروتها الحيوانية”.

وأضاف متحدّثا لوكالة بغداد اليوم الإخبارية أنّ أكبر سد لتركيا يقع على نهر الفرات ويستوعب أكثر من ثمانية وأربعين مليار متر مكعّب من المياه، متسائلا “هل يعقل عدم وجود قدرة مائية فائضة من أجل تمريرها باتجاه العراق من أجل التقليل من تبعات جفاف حوض النهر التي ازدادت سوءا في الفترة الأخيرة”.

ولم يحصل العراق إلى حدّ الآن من تركيا على أي مكسب ملموس في ملف المياه الضاغط بشدّة على سكانه وسلطاته السياسية، في وقت تمضي فيه القوات التركية في توغّلها داخل مناطق الشمال العراقي لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني بضوء أخضر من بغداد يبدو أنّه جزء من مقايضة غير معلنة عنوانها الأمن لتركيا مقابل الماء للعراق.

ولم تفض مساع بذلها المسؤولون العراقيون لدى أنقرة على مدى سنوات، لإقناع الحكومة التركية بتمكين العراق من حصته كاملة من مياه نهري دجلة والفرات، إلى نتيجة تذكر، بينما واصلت تركيا حجز المزيد من مياه النهرين في سدودها الضخمة لتلبية النهم المتزايد لمشاريعها التنموية الكبيرة ولتلبية طلب سكانها على المياه في ظل تناقص كمياتها جرّاء التغيرات المناخية التي بدأت بإحداث آثار كارثية على البيئة والزراعة ومختلف مظاهر الحياة في العراق.

ومع تقدّم الجيش التركي في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق وتوسيع مواطن سيطرته هناك، احتاجت السلطات العراقية إلى محاولة تحريك ملف المياه وتذكير نظيرتها التركية بالتزاماتها التي تعهدت بها ومن ضمنها تمكين العراق من حصته العادلة من مياه نهري دجلة والفرات.

سبق لتركيا أن حمّلت العراق مسؤولية الأزمة المائية التي يعيشها معتبرة أنّه يسيء التصرّف في الموارد المائية المتاحة له

ودعا محسن المندلاوي نائب رئيس مجلس النواب العراقي، خلال لقاء جمعه مؤخرا في بغداد بالسفير التركي في العراق أنيل بورا أنان، الجانب التركي إلى ضرورة متابعة تنفيذ اتفاقيات المياه ورفع مستوى التنسيق الأمني بين البلدين.

ومثّلت زيارة أردوغان في مارس الماضي إلى العراق حدثا نوعيا في مسار العلاقات التركية – العراقية وعلّق عليها الجانب العراقي آمالا كبيرة في أن تحدث تطوّرا ملموسا باتجاه تخفيف الضائقة المائية الشديدة التي يواجهها البلد، بالنظر إلى الأجواء الإيجابية التي سبقت الزيارة وحالة الوفاق التي ميّزتها وما تمّ التوصّل إليه خلالها من اتفاقات استثنائية في مجال التعاون الاقتصادي، لكنّها لم تسفر سوى عن اتفاق وُصف بالهزيل نصّ ضمن بنوده على تشكيل لجان مشتركة للنظر في إمكانية زيادة حصص العراق من مياه نهري دجلة.

وعلّق عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية ثائر الجبوري على الاتفاق بالقول إنّ “الحقيقة التي يجب الانتباه إليها من خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى بغداد أنّه لم يعطِ موافقة واضحة بزيادة حصص المياه للعراق”، معتبرا أنّ “الموضوع بشكل عام لا يحتاج إلى تشكيل لجان خاصة وأن القانون الدولي فرض جملة من الالتزامات على الدول المتشاطئة بضمان حصص عادلة ومنصفة من المياه”.

وسبق لتركيا أن حمّلت العراق مسؤولية الأزمة المائية التي يعيشها معتبرة أنّه يسيء التصرّف في الموارد المائية المتاحة له، وسرعان ما رأت الحكومة التركية، التي تتميّز سياساتها ببراغماتية مفرطة، في أزمة المياه بالعراق فرصة أخرى للاستفادة بأن عرضت على بغداد خبراتها في مجال تحديث أساليب الري والتحكم في المياه داعية إياها إلى التعاقد مع الشركات التركية المختصة في المجال.

وشكّك المختار في جدوى التعويل على الصفقات والمقايضة مع تركيا لحلحلة قضية المياه قائلا “ما فائدة الاتفاق العراقي – التركي الأخير في بغداد بحضور الرئيس التركي والذي مضمونه المياه مقابل المقاولات، بعد أن كان في السابق المياه مقابل النفط”.

ورأى أنّه “كان من الأجدر المطالبة بالتحكيم الدولي وتحديد حقوق بغداد في نهري دجلة والفرات من أجل تلافي أي أزمات قادمة”.

وسبق للخبير ذاته أنّ نفى في وقت سابق أن تكون هناك أي علاقة للإطلاقات المائية الإضافية التي تطلقها تركيا من سدودها بالمطالبات العراقية، قائلا إنّ ما يتم إطلاقه من كميات إضافية من سدّ أليسو على نهر دجلة سببه استخدام تلك الكميات في تحريك تربينات توليد الكهرباء، وإنّ السلطات التركية لو كانت راغبة في الاستجابة للمطالبة العراقية لأطلقت المياه من سدّ أتاتورك على نهر الفرات وهو أكبر بأربعة أضعاف من سدّ أليسو.

Opinions
الأخبار اقرأ المزيد
تمويل دولي لمعالجة الألغام في العراق تمويل دولي لمعالجة الألغام في العراق رحّبت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام بمساهمتين إضافية من استونيا وسلوفاكيا، كجزء من جهود دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في العراق مقتل مواطن مسيحي عبد الجبار خضر توزا بسلاح كاتم بالموصل شبكة اخبار نركال/HHRO/NNN/ أفادت مصادر منظمة حمورابي لحقوق الانسان في الموصل، بأن مسلحين مجهولين قاموا بقتل المواطن المسيحي     الجمعية العراقية لحقوق الانسان  تدين وتستنكر اختطاف الصحفية افراح شوقي الجمعية العراقية لحقوق الانسان تدين وتستنكر اختطاف الصحفية افراح شوقي يشهد العراق مؤخرا تراجعا ملحوظا في مجال الحريات العامة ، وخصوصا في حرية التعبير عن الرأي ، تحت مبررات وحجج غير مقبولة تحت مزاعم ان العراق يخوض حربا ضروس مع الجماعات الارهابية " تنظيم داعش الارهابي " وغيره مما يتطلب التركيز لتحرير المناطق التي استولي عليها داعش الارهابي ، وهذا التبرير يلغي اهم حق من حقوق الانسان أقره الدستور العراقي والشرعة الدولية الهجرة تعلن عودة 123 نازحا إلى مناطق سكناهم في الأنبار الهجرة تعلن عودة 123 نازحا إلى مناطق سكناهم في الأنبار أعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو، اليوم الخميس، عودة 123 نازحاً إلى مناطق سكناهم في الأنبار.
Side Adv1 Side Adv2