العزيز بطرس أدم ... أعتقد أنك إبتعدت عن الصواب هذه المرة
جامعة يونشوبك- السويدleon.barkho@ihh.hj.se
الأستاذ بطرس أدم من زملائي الكتاب الكلدان من الذين أقرأهم بإستمرار. واكثر من مرة إقتبست منهم في كتاباتي. وردوده على مقالاتي تتسم بالهدوء والبعد عن المباشرة والشخصنة، وهاتان سمتان يجب علينا جميعا التحلي بهما، رغم معارضتهما لرغباتنا كبشر.
ورده الأخير (رابط 1) على مقالي عن الإنقساميين (رابط 2) لا يبتعد عن هذه الخانة إلا في بعده وعدم علاقته بصلب الموضوع الذي كتبته. وأنا أرد هنا إحتراما للكاتب لأن ما يصدر من كاتب مثله يهمني وإلا لما قمت بذلك.
لمذا إبتعد هذا الرد عن الصواب هذه المرة؟
أولا، أنا أنتقد في مقالي الإنقساميين من الطرفين إلا أن الأستاذ بطرس يتصور أنني أعني الكلدان منهم. وهذا ليس صحيح.
ثانيا، التهمة في محلها بالنسبة إلى الطرفين. الطرفان بودهم تشتيت البوتقة التي إنصهرنا فيها ضمن تراث حضاري ولغوي وأدبي وتاريخي يمتد دون إنقطاع لأكثر من ألفي سنة وذلك بالقفز على كل هذا التراث والتعلق والتشبث بأمم أكل الدهر عليها وشرب ونحن عن لغتها وأدبها وتاريخها بعيدون بعدنا عن العرب والعبرانيين.
ثالثا، يقفز الأستاذ بطرس إلى العهد القديم ولا أود قول رأي الأكاديمي والعلمي في هذا الكتاب. إن قلته لأنهالت علي الإتهامات بالكفر لأن الكثيرين لا يزالون يتصورون أن هذا الكتاب الذي الفه أحبار اليهود نص مقدس. وأنا كأكاديمي ارفع قناع القدسية عنه عند دراسته شأنه شأن أي نص أخر. هذا كتاب دين وليس كتاب تاريخ. كتاب ثقافة ولغة وتراث وحضارة العبرانيين وليس غيرهم. ونحن كجامعيين لا نعده مصدرا أساسيا على الإطلاق. قد يكون كذلك عند اللاهوتيين المسيحيين.
رابعا، إن كنا نحن الكلدان أصبحنا قومية عالمية، ونتحدث ونحب لغات الدنيا كلها ونحارب لغتنا السريانية، فما لنا والقومية؟ بمعنى أخر أصبح شأننا شأن المارونيين الذين غادروا تراثهم ولغتهم وأدبهم السرياني وتبنوا العروبة لغة وحضارة وقومية وقادوا النهضة القومية العربية في العصر الحديث. هل نستطيع أن نقول أنهم سريان؟ كلا. أصبح شأنهم شأننا، لا يعرفون أسماء شعرائنا لأنهم يقرأون البحتري والمتني والذبياني ويستشهدون ويفتخرون بالتراث والادب العربي وهكذا صاروا اليوم لولب العروبة ودونهم لما إستطاع العرب إحياء تراثهم بالسرعة المذهلة هذه. نحن الكلدان في إزدواجية مقيتة. من جانب نحن مثل المارونيين نحب اللغة العربية وقد عربنا أنفسنا ولساننا وتراثنا ولغتنا لدرجة أن أي مدعي للقومية الكلدانية قد لا يحفظ اليوم بيت شعري واحد لشاعر من شعرائنا السريان (سمهم كلدان هذا لا يغير في الأمر شيئا). الفرق الكبير هو أن المارونيين لا يدعون أنهم أحفاد الفينيقيين ولا يتشبثون بالرموز الفينيقية رغم أن كلمة الفينيقيين ترد في التوراة (العهد القديم) أكثر من كلمة الكلدانيين. تعرب الموارنة وهم فخورون بعروبتهم وقصائدهم والحانهم وأدبهم ونثرهم الذي يدرسه العرب ويرددونه من المحيط إلى الخليج. هم لا يعيشون الإزدواجية التي نعيشها نحن. نحن تعربنا او تاكردنا أو تأكلزنا (من الإنكليزية) ومع ذلك يظهر نفر بيننا يتشبث بقوم لا نتكلم لغتهم ولا نحفظ شعرهم ولا نعرف شيء عن تراثهم اللهم ما قرأه عنهم في العهد القديم وفي المدرسة.
رابعا، لا أعلم من أين إستقى الأستاذ بطرس معلوماته عن الإنقسامية وربطها بالفلسطينيين. الإنقسامية مفهوم علمي أكاديمي نسميه "البراديكم الإنقسامي" ونستخدمه في العلوم الإجتماعية للدلالة عل خلفية الباحث الإيديولوجية. ومن هذا المنطلق إستخدمته لتعريف الشخص الإنقسامي بين صفوفنا.
خامسا، الإنقسامي يخفي مذهبه الإيديولوجي أي لا يقول ما يريد الناس أن تعرفه عنه ولا ما يريده هو أن تعرف الناس عنه. فهو يتصور أنه على صواب دائما لكن مصيبته لا يدري ولا يقبل أن يتعلم. ولهذا يخش أي إستبيان علمي أكاديمي وأكثر ما يخشاه هو علماء من أمثال علماء جامعة أكسفورد. وصفته الأخرى النرجسة، أي يتصور أنه أكثر علما من أكاديميي جامعة أكسفورد وجل ما كتبه مقالات متناثرة في الإنترنت التي يإستطاعة أي شخص، جاهلا كان أم عالما، النشر فيها. أمام العلم والمنطق ينهزم الإنقسامي إلى المؤسسة الكنيسة والعهد القديم او الإنجيل ويخترع أمورا غير منطقية من عنده مثل إضفاء صفة العالمية على الكلدان (كل العراقيين كلدان من زاخوا إلى فاو وأرض العراق هي أرض الكلدان)، او الإقتباس خارج السياق والكتابة التي تفتقر إلى أبسط شروط البحث العلمي مثل القول أن كلمة سوريايي مستقاة من كلمة الأشوريين بينما ألأولى سريانية والثانية عربية ويصر على رأيه حتى ولو فنده علماء اللسانيات في أرقى الجامعات في العالم. نعم، يا أستاذ بطرس شخص كهذا "لا يدري ولكنه يفكر ويكتب ويتصرف وكأنه يدري). وأسمح لي القول أن مقارنتك لنا نحن الكلدان بما ورد في الإنجيل ونزول روح القدس على التلاميذ كي يتكلموا لغات مختلفة من أجل التبشير برسالة المسيح يقع ضمن خانة التعريف أيضا. أي، أنا ليون برخو الكلداني يجب علي أن أتكلم أي لغة وأفضلها على لغتي القومية وتراثها تشبثا بالرسل. لماذا لا نتحول جميعا إلى رهبان وراهبات وقسس وأساقفة ...
سادسا، تعريفك لمعنى "التعصب" في غير محله ولا يمكن قبوله. التعصب أو التطهير اللغوي يحدث عندما تفرض لغة على قوم لا يتكلمون لغتك كعمليات التعريب القسرية في عهد صدام حسن. عندما يتشبث الكردي بلغته هذا ليس تعصبا. بل العكس صحيح عندما تفرض المؤسسة السياسية او الدينية الكردية لغة غريبة على الأكراد، عندها يصبح الإتهام بالتعصب او التطهير اللغوي واردا. وعلى من ينطبق هذا بيننا نحن الكلدان؟ ألا ينطبق على المؤسسة الكنسية التي عربتنا وألتنتنا (من الاتينية) قسرا وتخلت عن تراثنا وثقافتنا واستبدلتهما بثقافة غريبة؟ ألم ترمي مؤسستنا الكنيسة أكثر من أربعة ملايين كلداني في العراء كي تنهش فيهم أنياب الألتنة والتطهير اللغوي في كارثة قلما تعرض لها شعب أخر في الدنيا؟ هذه الأمور المهمة يغض الإنقسامييون النظر عنها ولهذا ينطبق عليهم التعريف والتهمة في أن واحد.
وأخيرا، كنت أتمنى أن يبتعد الأستاذ بطرس عن الشخصنة. ربما أنا واحد من ألأساتذة الجامعين القلائل من الذين يرفضون وضع القابهم العلمية (الأستاذ الدكتور) قبل أسمائهم. وإن ذكرت درجتي العلمية ونادرا ما أفعل ذلك، فإني أسبقها بكلمة شماس. وإن قلت أنني عالم وأكاديمي فأنا لم أدع ما أنا لست فيه. وكلمة عالم التي وردت في المقال مرة واحدة بإمكاني حذفها وهذا لا يغير في محتوى المقال شيء. وإن كانت كتبي ومقالتي تدرس في الجامعات وتتبوأ الصدارة في المبيعات في أمريكا وأوروبا، فهذه حقيقية. كلامك ينطبق على الذي يدعي ما هو ليس له. وأنا لم أدع ذلك. أنظر الرابط أدناه وكيف أن واحد من كتبي يتربع على صدارة المبيعات في حقله في أوروبا رغم صدوره في أمريكا. لا اعتقد أن الإنقسامي سيسره ذلك وأنا لا أرغب بسروره أيضا:
http://www.adlibris.com/se/content.aspx?type=cat&typeid=2&format=Pocket&value=7457
رابط 1
http://karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=103283
رابط 2
http://karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=103290