Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

العنف لماذا؟

عودة للعنف عشناها وشهدناها ونحياها بإستمرار ومنذ فترات طويلة كما تشهده بلدان اخرى في عالم يسير شئنا ام ابينا نحو الحدة في ممارس العنف والمغالاة في القتل والترهيب، السنا اليوم نسمع بأسماء منظمات كبيرة وكثيرة تمارس الارهاب والقتل لم نكن نسمع بها في السابق، وعندما كانت قبل عقود قريبة منظمة سرية بالقيام بعمل تخريبياً، كان العالم كله ينشغل بها ويحللها بغية محو آثارها من الذين اثرت عليهم بصورة مباشرة او ممن اطلعوا على الخبر او شاهدوا الصور لصيانة الحالة النفسية للبشر لان الانسان هو القيمة العظمى في الوجود وهو اسمى ما خلقه الخالق وابدع في خلقه.

لكن رغم كل ما تصرفه الدول والانظمة في مجال الامن ومكافحة الارهاب نجد في المقابل ان الشر يتنامى وتزداد فنونه ليبقى معلناً وجوده وفي ارجاء كثيرة من المعمورة وكأننا نعيش ازاء نقيضين يسيران بخطين متوازيين لا نهاية لهما، لكن المعروف للجميع ان الخير يجب ان ينتصر في النهاية لان الشر لو دام دمر. وللوقوف عن سبب كل هذا علينا دراسة المسألة وحيثياتها والدواعي التي تدفع للانسان بالحاق الاذى بأخيه الانسان.

فنجد في عالم اليوم ممارسة الشر بسبب المال او بسبب الحصول على مكاسب سياسية او لدفع ظلم او لمن يعتقد انه يطبق شريعة السماء وكأن ما يقوم به هو الجهاد في سبيل الله، وجميع هذه الامور وغيرها تكون معتمدة بصورة اساسية على تفكير القائمين بها؛ فمن هو بنظري ظالم يعتبر بنظر الاخر حاكم عادل ومن هو بنظري سارق؟ فإن هذا يعتقد بأنه يقوم بإعادة ما سرق منه وهكذا ما يتعارض مع التعاليم السماوية وغيرها مثل قتلى الحروب حيث يدّعي كل طرف ان قتلاه هم شهداء وقتلى الجانب الاخر مصيرهم الجحيم!! حقاً انها معادلة تقود الى الحيرة لدينا نحن البشر عندما نجد العذر دائماً للمخطىء او للمسيء ولا جرأة لدينا لقول كلمة الحق بوجه الظالم بل بالعكس نُجمل صورته ونغطي عيوبه لنكون نحن ايضاً مشاركين بفعلته بشكل او بآخر، وتبقى الضحايا هي اخر من نتذكرها او نلتفت اليها او بأبسط حالة سرعان ما ننساها لنعود الى حياتنا الطبيعية وربما ننطق ببعض العبارات لماساة اهل الضحية لنقول (خطية ما كان يستاهل) لنعود الى حياتنا الطبيعية وتتكرر الحوادث حتى اصبح الامر شبه طبيعياً وتنامى واصبح ذو صيغة عالمية حتى لا تخلو نشرة للاخبار اليوم من امثال هذه الحوادث ووصل الامر اننا لا نستسيغ نشرة الاخبار ان لم يكن بها حوادث مثيرة وصوراً للقتل والدمار!! اليس الامر مثيراً للغرابة؟

والذي يهمنا من مقالنا هذا الظلم الذي يتعرض له الناس الابرياء المفترض ان يلتفت اليهم الجميع، يواسيهم، يرد الظلم عنهم، يدافع عنهم، يصون حقوقهم لان امثال هؤلاء لا حول ولا قوة لهم، ومثلهم كمثل الذين يقعون في الارض الحرام بين المتقاتلين، فأين الضمير الانساني عندما يلحق الاذى بإنسان برىء لا ذنب له سوى انتمائه لدين معين او طائفة دون اخرى او قومية تختلف عن قومية الفاعلين، او يكون ضحية الاطماع السياسية بين الكتل السياسية المتصارعة، وكيف لهؤلاء ان يهنأوا بما حققوه من مكاسب على حساب آلام الابرياء؟

ونعود الى الجريمة البشعة التي حدثت في كركوك 26 نيسان 2009 لنتساءل ما ذنب من كان أمناً في داره، لا علاقة له بالسياسة ولا بالمحاصصة ولا بالصراع المذهبي او الصراع على السلطة او تقاسم النفط او غيرها من امور تعيشها كركوك حالياً وربما تنتظر الاسخن منها في المستقبل القريب بحيث ان اهل الدار عجزوا عن اتخاذ القرار بشأنها ووكلوا الامم المتحدة لدراسة المشكلة وتجد لنا الحلول او تقدمة المقترحات!! تصوروا ليس لدينا ثقة الواحد بالآخر وكأن العربي غريب عن التركماني او الكردي او الكلداني السرياني الآشوري ليأتي الغريب ويفرش بساطه لعقد جلسة الفصل بين الاطراف التي يبدوا انها متخاصمة وليست من عائلة واحدة اسمها عائلة ما بين النهرين؛ العراق الذي كان يوماً هو المعلم الذي يشار له بالبنان في كل الدنيا، فهل لنا ان نحسّ بالخسارة والحسرة والالم لاننا تنكرنا لحمورابي وشريعته ونكرم الاسد لاننا نسير وفق شريعة القوي يأكل الضعيف وبدل ان نؤسس للديمقراطية وحقوق الانسان وللعدالة الاجتماعية، نحن نضع اسساً للقتل والاغتصاب وابتلاع الضعيف والتلذذ بدمائه وكأننا نعود الى عصر القراصنة وآكلة لحوم البشر، فيا خسارة البشرية من هكذا مصير تؤول اليه ما بعد التغيير في نيسان 2003، ستبقى الدماء تستصرخ الضمائر وتغلي ولا تجف ابداً وليس لهذه الدماء ديناً او مذهباً او قومية لان الدم ينقسم الى فصائل علمية متشابهة وإلا كنا بحاجة لمعرفة دين المحتاج لكي نوفر له الدم حسب دينه او نتعرف على قوميته لنزوده بالدم حسب قوميته!! ألا نحس كم نغوص بالمهازل من جراء هذا الواقع المؤلم .. المضحك .. المبكي!! فأين العقول؟ واين اصبحت التعاليم السماوية السمحاء التي توصي بالانسان والمحافظة عليه اقله انه مخلوق على صورة الله ومثاله حسب الشريعة المسيحية او على الذكر والانثى ان يتعارفا وان الاكرم عند الله هو الاكثر تقوى حسب الشريعة الاسلامية فما الذي ينقصنا او يلهينا ان لا نسير وفق الشرائع السماوية؟ فقد احتار الله بنا وربما احدثنا فوضى في الحسابات الالهية من جراء اجتهاداتنا ومحاولة خطف الحق بالقوة شاء المقابل ام ابى لنكون نحن اصحاب الحق دون غيرنا وكأن المقولة التي تفيد: بأن الاعتراف بالخطأ فضيلة اصبحت قديمة ولا تنفع لزماننا هذا، اليس الابناء يعتبرون آبائهم دوماً انهم من جيل غير جيلهم؟ اهكذا تسير الامور وتصان الكرامات والاعراض وتحقن الدماء؟ فكم صرخة تنتظر الفاعلين يوم القيامة عندما يكون الجميع امام الحضرة الالهية ولا يكون هناك مجال للغش والخداع والتسلط، بكل تأكيد ستكون صرخات الابرياء الضحايا مدوية ستكون هي التي ستحدث الزلزلة العظيمة حيث يحضر الله ويحقق العدل في الارض والى ان تحين الساعة فإن عنابر الضحايا ستستقبل المزيد حيث لا امل يلوح في الافق ويزداد البشر تغطرساً وشراسة لكي نعلن بمليء افواهنا ان الانسانية بخطر وان البشر يفقدون انسانيتهم شيئاً فشيئاً وعلى الجميع اتخاذ الحيطة والحذر لحماية انفسهم ازاء الخطر الذي لا يعرف مصدره دائماً ويترصد الغافلين غير الحذرين والآمنين غير اليقضين وهذه هي المأساة التي ليس لنا الحق بموجبها ان نسأل: العنف: لماذا؟

عبد الله النوفلي

29/4/2009






Opinions