- الرئيسية
- تقارير وبحوث
- العنف و"التمييز...
العنف و"التمييز المتأصل" على رأس التحديات التي تعرقل نهضة المرأة العربية
المصدر: الموقع الرسمي للأمم المتحدة
تحديات متعددة الأوجه تواجه المرأة العربية في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية يضاف إليها التداعيات الناجمة عن الحروب والنزاعات التي تعصف بعدد من بلدان المنطقة.
وقد شكلت الدورة السابعة والستون للجنة وضع المرأة، التي اختتمت أعمالها قبل أسبوع، منصة لطرح العديد من القضايا ذات الأهمية البالغة بالنسبة لنساء المنطقة العربية.
وعلى هامش أعمال الدورة، عقدت شبكة كرامة للمجتمع المدني مؤتمرا صحفيا شاركت فيه عدد من الناشطات من مختلف الدول العربية تحدثن خلاله عن التحديات التي تواجههن وأولويات عملهن.
أخبار الأمم المتحدة تحدثت إلى عدد من هؤلاء الناشطات للتعرف على أهم القضايا التي حملنها لمناقشات لجنة وضع المرأة التي تعد أكبر تجمع سنوي بالأمم المتحدة مخصص لبحث قضايا المساواة بين الجنسين وتمكين النساء.
"الحق في الحياة أولوية لنساء فلسطين"
برغم أن اجتماعات هذا العام ركزت على دور التكنولوجيا في سد فجوة المساواة بين الجنسين إلا أن الناشطة الفلسطينية أماني عروري ترى أن الأولوية بالنسبة لنساء بلدها هي الحق في الحياة وتأمين الحماية لهن ثم تأتي بعدها المطالبة بالمشاركة المتساوية.
وقالت عروري إن هذا الأمر يدلل على الفروقات الشاسعة فيما يتعلق بالأولويات النسوية. وأضافت قائلة:
"برغم أن النساء في فلسطين لديهن وضع خاص ومختلف تماما عن كافة المناطق والدول إلا أنهن يتشاركن مع نظيراتهن بالمناطق الأخرى في العديد من التحديات والعوائق التي تحول دون وصولهن لمناصب صنع القرار والمشاركة السياسية الفاعلة، ومنها التمييز المتأصل والمتجذر في السياسات والتشريعات والقوانين والتمييز المجتمعي الذي يُمارس ضد المرأة، إضافة إلى الصورة النمطية ضد المرأة وبالتحديد ضد الشابات".
وتطرقت إلى ما وصفته بالأسلوب الممنهج لاستبعاد النساء الفلسطينيات من طاولة صنع القرار والمصالحة الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالعنف ضد النساء، تطرقت السيدة عروري إلى ظاهرة قتل النساء التي قالت إنها ظلت تحدث بشكل متزايد خلال الفترة بين 2022-2021.
"كان هناك أكثر من 55 حالة قتل لعدة خلفيات، ولكن نعلم أنه بسبب الثقافة المجتمعية لا تتم محاسبة الجاني كما يجب. لأنه دائماً هناك أعذار للرجال. هناك دائماً عذر لاستباحة دم النساء. وهناك عذر لممارسة العنف ضد النساء. وفوق هذا كله تعاني النساء الفلسطينيات- بشكل يومي- من انتهاكات ممنهجة تحول دون وصولهن للعدالة والخدمات الأساسية والتعليم والصحة".
وشددت على ضرورة كفالة الحق في الحركة للنساء الفلسطينيات: "نحن نعاني بشكل يومي ونعيش في خوف مستمر عند تنقلنا من بيوتنا إلى أماكن العمل أو إلى أماكن الدراسة. نكون قلقين بشكل مستمر على أطفالنا حتى عند التنقل. الآن هناك أيضاً العنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين. يحدث هذا في كل الأماكن، في القرى، في المدن، في كل الطرق. يتم ذلك بحماية من جنود الاحتلال. أين المحاسبة هؤلاء الجناة؟ أين محاسبة هؤلاء الذين ينتهكون حقوق الفلسطينيين؟ وأيضاً تتم ممارسة عنف ممنهج ومضاعف ضد النساء الفلسطينيات والفتيات أيضاً مستخدمين بذلك الذكورية المجتمعية".
وتطرقت الناشطة الفلسطينية أيضا إلى قضية الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي:
"حالياً، يتم حرمان الأسيرات الفلسطينيات من أبسط حقوقهن وهو الحق في الحصول على المياه النظيفة. المياه الساخنة للاستحمام. الحق في الحصول على خبز صالح للأكل. يتم منع الزيارات من قبل الأهالي. يتم استخدام العنف والضرب والتنكيل داخل سجون الاحتلال".
وقالت السيدة عروري إنها موقنة بأن المجتمع الدولي على دراية بمعاناة النساء والفتيات في فلسطين، "ولكن لا يوجد لدينا حراك فاعل. يتم التنديد. يتم الاستنكار. يتم التعبير عن القلق. ولكن أين الإجراءات المتخذة من قبل صناع السياسات وصناع القرارات على مستوى الأمم المتحدة وعلى مستوى الحكومات ليتم إيقاف هذه الانتهاكات الممنهجة؟".
"تراجع كبير في قضايا المرأة في العراق"
من العراق تحدثنا مع السيدة سوزان عارف وهي رئيسة ومُؤسسة منظمة تمكين المرأة في العراق ورئيسة شبكة المرأة للسلام.
تشير السيدة عارف إلى ما وصفته بـ "التراجع الكبير" في قضايا المرأة، إذ لا تزال المرأة تعيش "أوضاعا مأساوية"، وكان لها النصيب الأكبر من المعاناة الناجمة عن الحروب والنزاعات والحصار الاقتصادي للعراق، الأمر الذي حال دون وصول المرأة إلى حقوقها الأساسية، على حد تعبيرها.
وأوضحت أن لدى العراق نظام الكوته الذي يقر بمشاركة المرأة بنسبة لا تقل عن 25 في المائة وفي إقليم كردستان بنسبة لا تقل عن 30 في المائة.
البرلمان العراقي وبرغم مشاركة 97 امرأة فيه إلا أنه لم يفلح في إجازة قانون مناهضة العنف الأسري، وفقا للسيدة سوزان عارف التي قالت إن نصف البرلمانيات وقفن ضد إجازة القانون. ووصفت ذلك بأنه دليل على أن وجود المرأة غير كاف إذا لم يكن ذلك مبنيا على نظام سليم وعلى الكفاءات.
ولفتت الناشطة العراقية الانتباه إلى بعض الإحصائيات التي قالت إنها تؤكد قولها بشأن تراجع قضايا المرأة، مشيرة إلى تزايد حالات العنف المبنية على النوع الاجتماعي وبالأخص العنف الجنسي الذي أصبح بمثابة "إنذار"، على حد تعبيرها.
"هناك إحصائية رسمية من قبل مجلس القضاء الأعلى في العراق تفيد بحدوث 4000 حالة طلاق لفتيات أعمارهن أقل من 15 سنة. وهذه حالات طلاق فقط للزيجات التي انعقدت بصورة رسمية في المحاكم لأن كثيرا من هذه الزيجات تحدث خارج المحاكم وهي غير مسجلة. نحن نتحدث عن أربعة آلاف حالة لكن كم من أربعة آلاف حالة طلاق أخرى حدثت بدون تسجيل؟".
وتساءلت الناشطة العراقية قائلا: "ما مصير فتاة لم تبلغ الـ 15سنة من عمرها وهي مطلقة أو لديها طفل؟".
وأضافت أن هناك إحصائيات رسمية من قبل وزارة التخطيط تؤكد على وجود نسبة 25.5 في المائة من الزيجات التي تحدث تحت سن الـ 18. وتقول السيدة عارف إن كل هذه الأرقام "تؤكد على التراجع وعلى عبودية المرأة".
أما فيما يتعلق بمشاركة النساء في سوق العمل فتبلغ نسبتها 10 في المائة مقارنة بنسبة 68 في المائة للرجال، وهذا يدلل على الفارق الكبير بين مشاركة المرأة والرجل في سوق العمل، وفقا للسيدة سوزان.
وبرغم أن أجندة المرأة والسلام والأمن تؤكد على ضرورة المشاركة النسائية إلا أن السيدة سوزان تقول إن المرأة العراقية مبعدة عن العمل وهي تعاني من مسألة زواج الأطفال.
هناك أيضا ظاهرة قتل النساء والتي وصفتها الناشطة العراقية بأنها "أصبحت ظاهرة خطيرة"، منبهة إلى الإحصائيات الكبيرة لما يسمى بـ "القتل بدافع الشرف".
وأوضحت أن النساء لا يحظين بالحماية ومضت قائلة:
"طالما أنه لا توجد مشاركة فاعلة للنساء فبالتالي لا يمكن أن تتحقق مسألة حماية النساء لأن مشاركة النساء تعني قدرتهن على التأثير على القرارات والسياسات التي تحمي قضايا المرأة".
لدى العراق خطة وطنية لأجندة المرأة والسلام والأمن وفقا لقرار مجلس الأمن 1325 لكن هذه الخطة غير كافية وهي محتاجة إلى الدعم السياسي والمالي والقانوني وإلى الشفافية، على حد تعبير السيدة سوزان عارف، رئيسة شبكة المرأة للسلام.
"جريمة العصر: الفساد يفاقم معاناة المرأة اللبنانية"
المرأة في لبنان ليست بأفضل حال حيث إنها تعاني من التداعيات الناجمة عن الفساد الذي عم "كافة المستويات السياسية والقضائية"، وفقا للناشطة بريجيت ليبيان، مديرة منظمة عدل بلا حدود في لبنان.
وصفت السيدة بريجيت انفجار مرفأ بيروت بأنه "جريمة العصر" وقد أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص وجرح ستة آلاف آخرين وتشريد أكثر من 3000 عائلة.
وقالت إن المحاسبة لم تتحقق حتى الآن، مشيرة إلى أن النساء تعرضن للكثير من العنف وتدهور الظروف الاقتصادية في أعقاب الانفجار ومضت قائلة:
"عانت المرأة في لبنان من التمييز، وقد وصلنا لمرحلة يمكننا القول فيها إننا توقفنا عن التمييز بين امرأة ورجل. بات التمييز الآن بين النساء أنفسهن: هناك طبقتان من النساء، طبقة فقيرة معدمة وطبقة غنية قادرة على الوصول إلى كل الخدمات".
وأوضحت أن العائلات باتت غير قادرة على تأمين الحليب لأطفالها لأن عملية الدفع صارت بالدولار. أما مرضى السرطان فهم لا يملكون القدرة على شراء الأدوية. وتابعت بالقول:
"أتتنا سيدة تشكو من تعرضها للعنف من زوجها. عرضنا تقديم استشارة قانونية لها كي تتم حمايتها. لكنها قالت إنها ليست بحاجة إلى إجراء قانوني، بل هي بحاجة إلى حصة غذائية".
فيما يتعلق بموضوع المشاركة السياسية للمرأة اللبنانية، قالت الناشطة اللبنانية إن السياسيين يستخدمون قضية المرأة باعتبارها وسيلة لتحقيق غايات سياسية في الانتخابات فقط، ولكنهم لا يوفون بوعودهم فيما يتعلق بدعم التشريعات القانونية المرتبطة بحقوق النساء. "هناك غياب في الإرادة السياسية" على حد تعبيرها:
"إذا تحدثنا عن قرار مجلس الأمن 1325 عن المرأة والأمن والسلام، أنا أعتقد أن القرار لابد أن يكون المرأة والعدالة والأمن والسلام لأنه في غياب العدالة مستحيل يتحقق الأمن ومستحيل يتحقق السلام ومستحيل أن يعيش أي مواطن بكرامة".
وأكدت على ضرورة أن يحصل ضحايا انفجار مرفأ بيروت على العدالة وكذلك ضحايا كافة الجرائم لأن الضحايا لا يمكن تحقيق العدالة لهم بحفنة قليلة من المساعدات، بل بالمحاسبة والمعاقبة، على حد تعبيرها.