الفتاة.. بين واقعية الحاضر وأوهام الماضي
في تلك العصور المنصرمة كان للفتاة فارس أحلام، يأتي من خلف الجبال والبحار راكباً جواده المجنّح الأبيض ذا القرن الأصفر في وسط رأسه المشعر، ليأخذها معه إلى أرض السعادة والرفاه وليحقّق لها ما تتمنّاه من عيش رغيد وتوفير أجواء الحب الدافئة وراحة البال بعيداً عن القيد، قيد الأب والأخ والأم و...، وقد كُتِبت روايات وقصص كثيرة في هذا الشأن واُلِّفت المسلسلات والأفلام وكلّها كانت تنتهي بنهايات سعيدة، أي صُوّر لكل فتاة أنّ السعادة الحقيقية تكمن عند فارس الأحلام ومفتاح السعادة يعلم مكانه هو فقط!لقد تغير كل شيء في عصرنا الحاضر وأصبحت تلك الأحلام في خبر كانَ كما يقال! وقلّت نسبة تحقّق الأحلام شيئاً فشيئاً! لأن الواقع أصبح اشد صعوبة!.
فتاة هذا العصر ليست كفتاة تلك العصور: عصر الفتاة التي أهدرت حياتها تحلم وهي تعيش الأوهام ولا تدري هل سيتحقق حلمها أم لا!!.. أصبحت الفتاة الآن أكثر واقعية وأكثر وعياً، استفادت من تجارب أسلافها وأيقنت أنّ التمني رأس مال المفلس، وان لم تفعل بيدها ما تروم إليه فلن تحصل عليه بالتمني والانتظار..التعليم والحصول على الوظيفة، اقل ما سعت إليه الفتاة، بغض النظر عن الطموح السياسي والاجتماعي والنشاط النسوي والديني والثقافي وحتّى التجاري.
لقد غلبت الفتاة في بعض الدول الفتى في مسألة التعلّم والترقي لأعلى المستويات العلمية إذ أصبحت تنافس الرجل في الوظيفة وشغر المناصب في القطاعين الخاص والعام.
قد يعود الزمن إلى الوراء وقد تعود الأحلام والتمنيات لكن هذه المرة ليس فارس الأحلام بل فارسة الأحلام!! يحلم الفتى بفارسة أحلامه تأتي إليه من وراء السحاب والضباب راكبة فرسها الزهري (الوردي) حاملة شهادتها الدراسية.. لتحمل عنه بعض مشقات الحياة بوظيفتها وراتبها الشهري!!