الفكر الآشوري حضاري وعملي وغير منافق!!
ينشر الأخ هنري بدروس كيفا مقالات كالعادة مهاجما القومية الآشورية وتطلعاتها المستقبلية حيث يخلط الحابل بالنابل بغرض تشويه الفكر الاشوري المعاصر. لذلك في هذه العجالة سأرد على مزاعمه الوهمية وأقول:نحن كشعب مؤمن بالقومية الآشورية بمختلف مذاهبنا، ونحترم شعبنا كل الإحترام، وإذا كان لنا هدف واحد ألا وهو أن تستيقظ الشعوب من سباتها في الهلال الخصيب من كنعانيين، آراميين وكلدانيين وغيرهم إذ ستكون فرحتنا الكبرى بذلك، شريطة ان تكون في موضعها الصحيح القويم، كما ليس هدفنا كآشوريين أن نقول الشعب العراقي والسوري او اللبناني هما شعوب آشورية، كذلك الآخرين من آراميين، كنعانيين وكلديين فيما إذا وجدوا لا يمكنهم القول باننا آراميين،كنعانيين أو كلديين، لأنه ليس بوسع أحد بجرة قلم يزيل ويحذف الشعب الآشوري في عقر داره بلاد آشور، اليوم في شمال بلاد الرافدين كي يكون آراميا ام كلديا لأن جذور " الآشورية " اكثر صلدة من الجميع وهذا باعتراف المؤرخين أنفسهم !
إن المؤمنين بالقومية الآشورية كانوا ولا يزالون السباقين في الإعلان عن نهضتهم القومية حتى قبل العروبة في دارهم شمالي العراق بإيمان في وقت ما نراه اليوم أن مناوئي القومية الاشورية الجدد وخصوصا بعد 1992 وبالضبط بعد 2003 في العراق ، قد أصابتهم حمى القومية شيئا لم نألفه من قبل، كما بوسعنا القول بالنسبة لمن يسمون أنفسهم ب " السريان الآراميين " في سوريا، حيث لا يزالون مختبؤون في دهاليزهم ويخشون الظهور علنا على سبيل المثال في الجيب الآرامي " معلولا " رغم أنهم في حيرة كيف يكتبون لغتهم الارامية وما هنالك ، والفرد قد يسأل لماذا ؟ الجواب واضح أن هؤلاء أبناء معلولا لا يؤمونون بما يقومون به هؤلاء من ذوي الفكر الآرامي الهزيل الجبان وهم في الغرب، الذين لا يمدون أيديهم لمساعدتهم، وكل همهم هو مهاجمة القومية الآشورية مستغلين الظروف القاهرة التي ابتلي شعبنا بها للأسف هذه الأيام . هؤلاء الذين يريدون إحياء الآرامية كان بالأولى ان يتجهوا نحو بلدهم الأصلي – سوريا – وبصورة أصح يمكننا القول انهم لا يؤمنون بآراميتهم ، بل هم عرب ولغتهم هي العربية ودمشق هي " قلب العروبة النابض " وهؤلاء راضون صاغرون وكل همهم يبقى لمهاجمة الآشورية والانكى من ذلك في عقر دارها شيء لا يقبله المنطق ولا التاريخ .
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة الأميركية عادة تصدر دراسات عن دول العالم لوزارة الدفاع الأميركية وقد وقع بيدي منها كتاب " سوريا، دراسة البلاد طبعة 1988 وهي الطبعة الثالثة وهو عبارة عن مقالات عن المجتمع السوري حيث يبحث الكتاب عن الناحية القومية، حيث يقول في فصل الديانات والمسيحية منها حيث يذكر كل المذاهب الرئيسية وحتى الثانوية منها السريانية الأرثوذكسية والنسطورية والكاثوليكية الكلدانية والأرمنية إذ يقول بالحرف الواحد :
" من كل هؤلاء ما عدا الأرمن والآشوريون، الباقي معظم المسيحيين يعتبرون أنفسهم عربا. “Syria, a country study. Copyright 1988 ; First Printing . 1988 U.S. Government, pp 99
إن الإخوة الباحثين هنري بدروس والدكتور أسعد صومي أسعد ومن هم في حلبتهما مع احترامنا يشبهون كما المثل العربي الذي يقول، " أسمع جعجعة ولا أرى طحنا " إذ في الحقيقة من اهتماماتهم الأولية هي التوجه الى العراق وخصوصا الى الشمال الآشوري منه حيث نظرا للجهود القومية المبذولة من قبل كل المذاهب المؤمون بالقومية الآشورية . شيء يؤسف قوله ان الحقد والحسد الذي مع احترامي يبثه وينشره بعضا، نعم أقول " بعضا " من ذوي النفوس المريضة إذ يقف عائقا لنا وفي نفس الوقت لهم إذ ليس هناك حتى من الشعب العراقي من يؤمن بهم وهم عروبيو اللسان والكلام . إذ هذه الصيحات بالطبع مصدرها واحد ، وليست إلا من الذين كانوا كالحرباوات يتلونون بمختلف الألوان لخدمة أنفسهم وزد على ذلك نشاطهم لا وجود له اطلاقا غير السير في ركاب السياسة المحلية التي كانت ركيزتها القومية العربية.
إننا نؤسف القول ان هؤلاء في كثير من الأحيان يتحاليون على الشعب بخدعهم ومكرهم وهم المؤمنون ب" الآرامية " ولكن نظرا للآرامية المفلسة تاريخيا يحاولون ربطها ب" السريانية " لذلك تجد في كل مرة يذكرون " الآرامية " تسبقها مفردة السريانية وهي عندهم كما يفسرونها بان المفردتين هن واحدة، ولكن هذا بالنسبة لهم، بينما بالحقيقة مفردة السريانية شملت كل الشعوب المختلفة في الهلال الخصيب وعلى سبيل المثال، الكنعانيون، الإبليون، الفينيقيون، الآراميون والآشوريون البابليون والكلدانيون. لتغدو في العصور اللاحقة للمسيحية ب" السريانية " خاصة بالشعب الذي موطنه شمال بلاد الرافدين و للمذهبين الشقيقين النسطوري واليعقوبي ( كونهما الأصل وما تبعه الكلدان والسريان الكاثوليك هم عبارة عن منشقين، الكلدان من النساطرة والسريان الكاثوليك من السريان الأرثوذكس ) عدا كون مفردة " السريان " ليس لها علاقة ب" الآرامية " اطلاقا وكل المفسرين والكتاب أجمعوا بأن أصلها آشوري بحت.
في كتاباتنا السابقة، أشرنا إلي تلك المراجع بكل وضوح وتفصيل ولكن هنا سأستشهد بشخصية لها مكانها المرموق لا في تاريخنا الكنسي، بل حتى في تاريخنا القومي ألا وهو المغفور له البطريرك ܡܝܟܐܝܠ ܪܒܐ/ مار ميخائيل الكبير (1199 ميلادية ) الذي قال على لسان " التلمحري " الذي أدلى ببيانته الحقيقية، لأحد أساقفة اليونان قائلا : بأن سركون وسنحاريب وأسرحدون وآشور بانيبال المذكورين في الكتاب المقدس ويبين في ذلك بأنه قد كان للسريان ، الرئاسة والسيادة العالمية، حسب فتوحاتهم الثقافية والسياسية والدينية لزمن طويل وأجيال عديدة ( من كتاب المقالات في الأمة السريانية للكاتب المرحوم إبراهيم كبرائيل صومي- سان باولو – البرازيل 1979 ). هذا ما تؤكده المصادر التاريخية أن الآشورية كانت أطول فترة عاشها شعبنا في بلاد الرافدين التي تربو على 7-8 قرون حيث أنجبت عددا كبيرا من الملوك التي يصل الى 117 ملكا. هذا، رغم ما قاله التلمحري في تعريف السريان، هنا نضيف أن المفردة هذه كما قلنا دائما شملت كل الشعوب في الهلال الخصيب من آشوريين بابليين وكنعانيين إبلويين/ إيبلا وآراميين وكلديين. كما ليكن معلوما ان التسمية هذه لم يكن القصد منها تكوين قومية بحتة بحيث لم يكن هناك سياسة وملك وجيش أو عاصمة لهذه الشعوب المنضوية تحت " السريانية " .
وللتأكيد على دور الشعب الآشوري الفريد نستشهد هذا الكلام عن كتاب " عظمة آشور " لهاري ساغز* بما أتى به المترجمون كل من الأساتذة خالد أسعد عيسى واحمد غسان سباتو على مغلف الكتاب باللغة العربية:
" كما الولايات المتحدة الأميركية – هذه الأيام – قوة عظمى تحاول التحكم بمصائر الشعوب والأوطان، كذلك كانت آشور قوة عظمى تسيطر على العالم الذي كان في الألفين الثاني والثالث قبل الميلاد وتقيم في الشرق القديم وحدة طبيعية ونظاما قوميا يوحد الوطن الممتد من ذرى جبال زاغروس الى قمم جبال طوروس ومن أمواج البحر المتوسط حتى رمال الصحراء العربية في الجنوب. "
وختاما، نحن كما أشرنا أعلاه لسنا ضد بعث قومية من القوميات القديمة اطلاقا، بل نحن ضد اولئك الذين يحاولاون محو القومية الآشورية حتى وفي عقر دارها من قبل الكلدان او ما يسمى السريان/ الأراميون الذين لم يبق لهم وجودا في مكانهما التاريخي المعروف، الكلدان في الجنوب والآراميون في جنوب سوريا/ منطقة القلمون.
…………………….
* H.W.F. SAGGS , THE MIGHT THAT WAS ASSYRIA