Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الفنان عامر فتوحي ورأيه في التعديل الأخير لعلم العراق

أجرى الحوار زيد ميشو
في يوم الأربعاء 32 كانون الثاني من عام 2008 تم إجراء تعديل على علم العراق بصورة مؤقتة بعد أن حذفت النجمات الثلاثة وإبقاء كلمتي ألله وأكبر لكن ليس بخط يد صدام حسين وإنما بالخط الكوفي ، وقد صوت لقرار التعديل أعضاء مجلس النواب بموافقة 110 نائباً مقابل 50 نائباً لم يوافق على شكل العلم المعدل . وهذا دليل على وجود معترضين بنسبة الثلث من أعضاء البرلمان ناهيك عن رأي الشعب المنقسم بين غالبية غير مؤيدة وبعض المؤيدين . ولكسر الحيرة التي راودت الكثيرين إرتأينا إجراء لقاء مع الأستاذ عامر فتوحي رسام ومصمم وناقد تشكيلي ومؤرخ عراقي معروف يشغل حالياً منصب المدير الفني الأقدم لمؤسسة ميسوبوتاميا في الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد وجهت له بعض الأسئلة المهمة ليشرح فيها لنا تاريخ العلم العراقي والتغييرات التي طرأت إليه وصولاً إلى التعديل الأخير الذي أقره أعضاء البرلمان ، وذلك ولكونه الفنان الفائز بمسابقة علم العراق الرسمية لعام 1986م وهيّ المسابقة التي ألغيت من قبل المجلس الوطني لأسباب سندخل في تفاصيلها . كما أنه صاحب تصميم علم العراق الحر لعام 2003م والذي تمت مناقشته على الهواء من قبل إذاعة البي بي سي البريطانية بمشاركة رئيس جمهورية العراق السيد جلال الطالباني المحترم ، كما أنه صاحب مشروع علم العراق (الوطني) الذي تم نشره ضمن رسالة مفتوحة إلى سيادة رئيس جمهورية العراق وذلك في العديد من المواقع العراقية ومنها موقع الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، ولمن يرغب بقراءة نص الرسالة يرجى زيارة الرابط المثبت في آخر الموضوع .

الأستاذ عامر فتوحي ، خرج لنا البرلمان العراقي بتصميم جديد للعلم العراقي كحل مؤقت ، هل أنت مقتنع بشكل العلم الجديد والذي من المفروض أن يمثل كل العراقيين ؟
كلا ... أن الذي جرى ليس تعديلاً وإنما ضحك على الذقون ... فعلم البعثيين العروبوي ما زال على ما هو عليه عروبوياً إسلاموياً ، وكما يقال في العامية العراقية (ذاك الطاس وذاك الحمام).


كما هو معروف بأن العراق هو ليس لفئة معينة ، كيف لك أن تثبت من إن العلم بشكله الحالي والشكل الذي تبناه البعثيين والذي عدل براية ألله وأكبر ، هو علم لايشمل كل أطياف الشعب العراقي ؟
ألوان العلم هيّ ذاتها ألوان علم ثورة الحجاز العربية (الأحمر والأبيض والأسود والأخضر) وهيّ ألوان( شوفينية) تنتقص بكل وضوح وصلافة من القوميات العراقية الأخرى ، أما عبارة التهليل (ألله أكبر) فهيّ ليست لفظ الجلالة (ألله) كما يعتقد البعض ، إذ أستخدمها الحجازيون المسلمون (الغرباء عن العراق) في القرن السابع للميلاد ، وهيّ عبارة إسلامية (تحث على قتال غير المسلمين) ، كما أنها تنتقص جملة وتفصيلاً من العراقيين من أصحاب الديانات الأخرى الذين لا يدينون بالإسلام ، وبالتالي فهو (علم شوفيني وطائفي) متخلف لا يمكن لي أو لأي عراقي حقيقي أن يعترف به أو يحترمه .
بالنسبة لي شخصياً ، فأنه من غير الممكن ، لا بل من رابع المستحيلات أن أعترف بعلم ينتقص مني ومن قوميتي وديانتي ويذكرني في كل ثانية بمذابح وممارسات دموية تستمر منذ ثلاثة عشر قرناً ، ذهب ضحيتها من أهلي من المسيحيين العراقيين وحدهم ما يقرب من عشرة ملايين عراقي مسالم ، ناهيكم عن أبناء الطوائف العراقية الأخرى !!
وهنا يهمني أن أتوجه بسؤال بريء إلى السادة البرلمانيين (حفظهم ألله) والسيد مسعود البرزاني المحترم رئيس (ما يسمى) بإقليم كوردستان العراق : هل (حرام) يا سيادة رئيس الإقليم رفع راية ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الأخوة الكورد في مجزرة الأنفال ، ولكن (حلال) رفع راية (ألله أكبر) التي ذهب ضحيتها عشرة ملايين من سكان العراق الأصليين وعشرات الملايين في شتى أرجاء المعمورة . وبالتالي أين هيّ العدالة والحق والمساواة في مثل هذا المنطق الأعوج يا برلمانيي العراق ويا سيادة رئيس الإقليم ؟؟



لكن كلمة ألله وأكبر صحيحة ولاغبار عليها من قبل جميع المؤمنين الموحدين وإن كانت تحمل بعض الخصوصية في أحيان كثييرة ، لكن مع ذلك فما رأيك ان يكون على العلم لفظ الجلالة فقط ( الله ) .

يا أخي الكريم ، العراق ليس تكية أو جامعاً أو حسينية وإنما وطن عريق يضم العديد من القوميات والديانات وقد نشأت وأزدهرت فيه الحضارة الإنسانية كما تأسست فيه أولى معالم القانون والنظام وإدارة الدولة العصرية ، وعلى سبيل المثال : هل تعرف بأن سرجون الأكدي الكلدي الأصل كان أول من فصل الدين عن الدولة وأكد ذلك حمورابي في مسلته الشهيرة ، كما أن الديمقراطية بمفهومها الراقي قد عرفها ومارسها العراقيون منذ عصر الملك كلكامش . فكيف من الممكن أن أوافق على أن ينحدر العراقيون إلى درك الطائفية والتمييز العرقي البغيض موالاة لمتخلفين قابعين في السعودية وإيران ؟



كما تعرف تبنى الهاشميون علم ثورة الحجاز العربية التي قادها الشريف الحسين والذي تبنته كل من المملكة الأردنية الهاشمية وسوريا ومصر والعراق ، فهل لك كمؤرخ هذه المرة أن تذكر لنا تفاصيل العلم العراقي منذ طرد العثمانيين من العراق حتى تعديل عام 1991م ؟
في الثلاثين من شهر تشرين أول عام 1918م توقف العمل في العراق بإستخدام علم الدولة العثمانية الذي كان يتألف من مستطيل أحمر مع هلال ونجمة خماسية باللون الأبيض ، حيث أستبدل إبان الإنتداب البريطاني على العراق بالعلم البريطاني وذلك للفترة من 30 تشرين أول عام 1918م لغاية العاشر من شهر كانون الثاني 1919م ، وأستبدل الأخير بعلم الحجاز المعروف أيضاً بأسم (علم الثورة العربية) وهو العلم الذي رفعه الشريف الحسين في ثورة الحجاز عام 1916م حتى أستقر المقام به في دمشق . ويتألف علم الحجاز من ثلاثة مستطيلات أفقية هيّ من الأعلى إلى الأسفل الأسود فالأخضر فالأبيض يخترقها من من جهة اليسار إلى اليمين مثلث أحمر قاعدته في الجهة اليسرى ومقدمته تتجه نحو اليمين ، وفي عام 1924م أعتمد علم المملكة العراقية الذي شهد تحويراً بسيطاً لعلم الحجاز ، حيث أعيد ترتيب المستطيلات الأفقية الثلاثة فوضع الأبيض بين المستطيل الأسود العلوي والأخضر السفلي فيما تم قص مقدمة المثلث الأحمر ووضعت نجمتان سباعيتان ترمزان لألوية (محافظات) العراق الأربعة عشر آنذاك ، وقد أستمر العمل بهذا العلم حتى يوم 31 تموز عام 1959م ، حيث أستبدل بعلم الجمهورية العراقية الأولى (ثورة الرابع عشر من تموز لعام 1958م) ، والذي كان بدوره تحويراً لعلم المملكة العراقية ، حيث تم تدوير علم المملكة العراقية بزاوية 90 درجة فأصبحت الألوان الأفقية عمودية وعلى النحو التالي : الأخضر من اليمين ثم الأبيض في الوسط والأسود في اليسار ، فيما ألغي المثلث المقطوع الرأس وأستبدلت النجمتان بنجمة مركزية ثمانية باللونين الأحمر والأصفر ، وقد بقي هذا العلم في الإستخدام حتى 31 تموز عام 1963م ، حيث أستبدل بعلم البعثيين الذي مزج بين ألوان علم ثورة الحجاز وأهداف حزب البعث البائد (وحدة حرية أشتراكية) ممثلة بثلاث نجمات خضراء ، كما أعطي تفسير جديد للنجمة الخماسية على أساس أنها أركان الدين (الإسلامي) الخمسة ، وبدلاً من من تفسير الألوان بحسب تفسيرات علم الحجاز الطائفي وعلم الجمهورية الأولى الذي تم التأكيد فيه على (القومية العربية) والأفكار العروبية مع هوامش عرقية حسب ، فقد فسرت ألوان علم البعثيين ببيتين من الشعر من نظم الشاعر العراقي صفي الدين الحلي يقول فيهما :
بيض صنائعنا ، سود وقائعنا ... خضر مرابعنا ، حمر مواضينا
وفي الثالث عشر من شهر كانون الثاني عام 1991م أضاف الدكتاتور السابق صدام حسين بخط يده عبارة التهليل (ألله أكبر) !!

ما هو رأيك بعلم الجمهورية العراقية بعد أنهيار الملكية أي العلم الذي تبنته الجمهورية العراقية؟

لا يختلف علم الدولة العراقية لعام 1959م كثيراً عن بقية التصاميم الأوحادية الرؤية ، كما أشرت إلى ذلك آنفاً ، لاسيما مسألة التأكيد على فئات قومية محددة وتجاهل العناصر القومية العراقية الأخرى ، ذلك أن علم العراق لعام 1959م لا يعد في الواقع أكثر من تدوير بزاوية تسعين درجة لعلم الثورة العربية مع تحويرات طفيفة وتفسيرات مرتبة تم فيها الإشارة إلى الكورد والكلدان الذين يمثلون القومية الثالثة في العراق من ناحية التعداد السكاني ، مع أن الكلدان من الناحية العملية (سكان العراق الأصليين) .




لديك أكثر من تصميم لعلم العراق ذهبت جميعها أدراج الرياح لأسباب قلت عنها في بعض المقابلات التي أجريت معك وفي بعض مقالاتك المنشورة وقد تناولتها وسائل الإعلام في أكثر من مناسبة من إنها أسباب طائفية ، فلماذا هذا التهميش بالرغم من تبوأها للمرتبة الأولى في المسابقات الرسمية ؟

أعتقد أنني بينت ذلك بكل وضوح في رسالتي إلى مام جلال والتي لم يجبني عليها حتى الآن متمنياً أن يفعل ذلك على الأقل لكي لا يفقد ثقتي به ، ولمن يشاء الإطلاع على تصاميمي لعلم العراق فأن بإمكانه زيارة موقع رابطة الفنانين العراقيين الذي يتواجد في نهاية اللقاء ، أما عن تصميمي الأخير فأنه بسيط وواضح ووطني مائة في المائة يتحاشى أي إشكالية طائفية أو عرقية ، فهو يتألف من مستطيل مركز أبيض يحتوى على شمس الحضارة العراقية الرافدية بالألون الأحمر والأزرق والأصفر ، يحيط بالقسم المركزي مستطيلين عموديين أزرقين يمثلان نهري دجلة والفرات ، ولمن يرغب بمعرفة المزيد يمكنه زيارة موقع رابطة الفنانين العراقيين كما أشرت آنفاً .


هل تعتقد ان العلم الحالي الذي لاتعترف به شريحة كبيرة من العراقيين سيتغير خلال عام كما وعدت الحكومة العراقية بذك ؟

أعتقد بأن عليك أن توجه سؤالك هذا إلى الحكومة العراقية .

هل ترشح تصاميم أخرى لفنانين عراقيين لتكون علم العراق المستقبلي ؟

فيما يخص التصاميم التي أراها هنا وهنالك في مواقع الإنترنيت ، فإنني لست مقتنعاً إلا بتصميم واحد للفنان العراقي الراحل زياد مجيد حيدر رغم عدم توفر شروحاته ، أما بقية التصاميم المنشورة في المواقع العراقية فجميعها ومن دونما إستثناء (وأنا مسؤول تماماً عن حكمي هذا) إما تعوزها الرؤية والإمكانيات الفنية أو أنها تدور في فلك الطائفية المقيتة والإنحيازات العرقية الشوفينية .
مع ذلك فأنا أدعم أي (تصميم وطني) يتحاشى السقوط في درك الطائفية والتمييز العرقي ، وأدعو إلى إجراء مسابقة عادلة (مع أن هذا لن يحدث) ، لا سيما والعراق اليوم يرزح تحت ظل حكومة ودستور يروج للطائفية البغيضة وللمحاصصة السياسية والعصبية القومية المتخلفة التي ستستمر إلى سنوات قادمة عديدة ، لذلك لن تكون هنالك من وجهة نظري الشخصية أي عدالة في أية مسابقة قادمة حتى يتحول العراق إلى دولة علمانية عصرية ، وحتى ذلك الحين فإنني وأمثالي من العلمانيين إنما نطرق في حديد بارد.

بكلمات قليلة ، ماذا تريد أن تقول لبرلمانيي العراق الذي وقعوا وصادقوا على التعديل الجديد القديم للعلم ؟
(رقعة قماش بيضاء عليها أسم العراق) لمدة عام واحد أو أعوام قادمة (أعزكم ألله) أكرم لنا ولكم من مهزلة (علم تكية وحسينية برلمانكم) المستباح شرقاً وجنوباً وغرباً ...فيا برلمانيينا لقد ملأتم قلوبنا قيحاً .

* نص رسالة الأستاذ عامر فتوحي إلى سيادة رئيس جمهورية العراق السيد جلال الطالباني المحترم مع صورة مقترح علم العراق الوطني :
http://www.kaldaya.net

لمن يرغب بالإطلاع على تصاميم الأستاذ عامر فتوحي ، يرجى زيارة الصفحة الرئيسة (مشاريع) من الموقع :
www.iraqiartists.org


Opinions