اللاجئون السوريون في العراق في دائرة الضوء مع تزايد الدعوات لعودتهم إلى وطنهم
المصدر: امواج ميديا
أشعلت الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد الجدل في العراق حول مستقبل اللجوء السوري الكبير في البلاد. ويفتقر الكثير من السوريين إلى وضع قانوني مستقر. وعلى الرغم من الغموض الكبير بشأن استقرار سوريا الحالي والمستقبلي، تتزايد الدعوات في وسائل الإعلام العراقية لعودة السوريين إلى ديارهم. وفي حين لم تصدر بغداد ردًا رسميًا، فقد أشعل النقاش جدلًا شعبيًا حول هذه المسألة.
التغطية: أصدر المجلس الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ديسمبر/كانون الأول تقريرًا يشير إلى أن السوريين المقيمين في الخارج، بما في ذلك العراق، يتبنون بشكل أساسي نهج "الانتظار والترقب" للعودة بعد الإطاحة بالأسد.
- لكن بعض وسائل الإعلام العراقية روت القصة من زاوية مختلفة. ففي 6 يناير/كانون الثاني، نقلت قناة السومرية نيوز عن مصدر حكومي لم تسمه أن أغلب السوريين "رفضوا العودة إلى سوريا".
وفي إشارة إلى أن السوريين يسعون إلى البقاء لأسباب مالية، اعتبرت السومرية نيوز أن السوريين "يسيطرون على قطاع الفنادق والمطاعم".
- وفي ما بدا أنها مخاوف مماثلة، تساءل الناشط الكردي العراقي البارز إسلام زيباري في 7 يناير/كانون الثاني بشكل واضح عن سبب "عدم عودة أي منهم إلى بلده حتى الآن".
- وسط الجدل الساخن حول السوريين، قال كريم النوري، وكيل وزير الهجرة، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية في 3 يناير/كانون الثاني إن قضية الإعادة "لم تُفتح" رسميًا.
وفي رد على مزاعم غير محددة بأن "الميليشيات" الشيعية العراقية "تقتل الناس"، تساءل معلق آخر على أكس عن سبب اختيار السوريين البقاء في مثل هذه الظروف.
- كما دعا المستخدم السوريين إلى "العودة إلى أحضان الجولاني وعصابته"، في إشارة إلى جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية السنية الحاكمة الآن وزعيمها أحمد الشرع.
- وعلّق آخرون بنبرة مماثلة، حيث سأل أحدهم السوريين على تويتر/إكس، "ماذا بقي لديكم في العراق؟" وحثهم على "العودة إلى وطنهم"، حيث "الجولاني يحتاجكم".
في المقابل، وردت تقارير في وسائل الإعلام الغربية حول مخاوف البعض في العراق بشأن العواقب الاقتصادية المترتبة على فقدان القوى العاملة السورية الراسخة في البلاد.
- نقل تقرير لبي بي سي العربية في أواخر ديسمبر/كانون الأول، بعد أسابيع من سقوط الأسد، عن أحد أصحاب الأعمال العراقيين وصفه العمال السوريين بأنهم "مسؤولون ومخلصون"، وأن أجورهم أقل من "نظرائهم العراقيين".
السياق/التحليل: يعكس النقاش حول السوريين في العراق الجغرافيا السياسية العالمية والإقليمية المتشابكة والتحديات المحلية. ففي أعقاب اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، استضاف العراق مئات الآلاف من السوريين الفارين من بلادهم.
- تتفاوت تقديرات إجمالي عدد السوريين الموجودين في العراق، حيث تتراوح الأرقام بين 280 ألفًا و400 ألف. ويُعتقد أن الغالبية العظمى منهم يقيمون في منطقة كردستان شبه المستقلة، والتي تستوعب ما يقرب من 90 في المئة من إجمالي عدد اللاجئين في العراق.
وتقدر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه بالإضافة إلى 6 ملايين سوري يقيمون خارج سوريا معظمهم في ألمانيا والعراق والأردن ولبنان وتركيا، هناك نحو 7.4 مليون نازح داخليًا.
- خلق هذا الواقع قلقًا كبيرًا بين المراقبين الإنسانيين والسياسيين من أن العودة السريعة للسوريين المقيمين في الخارج قد تؤدي إلى تفاقم التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الملحة في البلاد التي مزقتها الحرب.
والمفارقة في هذا السياق تكمن في أن وزارة الهجرة والمهجرين العراقية تصنف معظم السوريين على أنهم "نازحون وطالبو لجوء"، وليسوا لاجئين. ويرى بعض المراقبين أن هذه السياسة تهدف إلى تجنب الالتزامات طويلة الأجل بموجب القانون الدولي للاجئين.
- يزعم المنتقدون أن حرمان السوريين من وضع اللاجئ سهّل في الماضي ترحيلهم التعسفي، وقيّد قدرة السوريين على الوصول إلى تصاريح العمل والخدمات الاجتماعية والحماية القانونية.
وفي حديثه إلى شفق نيوز، قال الخبير القانوني العراقي محمد جمعة إن العراق مُلزم بواجب قانوني بموجب قانون اللاجئين السياسي لعام 1971 لرعاية أولئك الذين يطالبون بوضع اللاجئ لأسباب "عسكرية أو سياسية".
- كما دان جمعة الاستخدام الشائع من قبل المسؤولين العراقيين لمصطلح "الضيوف" لوصف السوريين في العراق، والذي قال الخبير القانوني إنه "لا أساس له في القانون العراقي".
- مثل هذه الانتقادات ليست جديدة. ففي مقال مطول نشر في عام 2023 على موقع أكس، وصف المحلل العراقي أحمد رمضان المقيم في لندن محاولات بغداد السابقة لإعادة اللاجئين إلى وطنهم بأنها "انتهاك قانوني وأخلاقي"، وأضاف أن "تحويل اللاجئين إلى نازحين داخليًا ليس إنجازًا".
المستقبل: تظل الاحتمالات المباشرة للعودة قاتمة بالنسبة للسوريين، سواء في العراق أو في أماكن أخرى. ووفقًا لمسح أجرته المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سبتمبر/أيلول 2024، فإن أكثر من 90 في المئة من السوريين الذين شملهم الاستطلاع في العراق لا ينوون العودة في غضون العام المقبل، مشيرين في المقام الأول إلى المخاوف الأمنية والاقتصادية.
- على الرغم من الظروف السياسية المتغيرة والهدوء النسبي الذي يبدو أنه يسود في سوريا، من غير المرجح أن تتغير وجهات النظر بين النازحين السوريين في المدى القريب.
كذلك، تشير تقارير غير مؤكدة إلى أن الحكومة التي تقودها هيئة تحرير الشام في دمشق فرضت قيودًا متبادلة على السفر على العراقيين. ومن المرجح أن يؤدي التوصل إلى اتفاقات بشأن هذا الموضوع إلى تنشيط المناقشات الثنائية المستقبلية.
- وفي الوقت نفسه، أُفيد بأن قضية إعادة فتح المعابر الحدودية مدرجة على جدول أعمال زيارة حسن الشيباني، وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة، إلى بغداد. ومن الجدير بالذكر أن الزيارة تأخرت بسبب تضارب المواعيد.