المرأة العاقر وازدواجية نظرة المجتمع
03/06/2009شبكة اخبار نركال/NNN/الموصل/
يرى البعض ان المرأة العاقر أشبه بالأرض القاحلة التي لا تعطي فيهجرها أصحابها كونها أرضا بورا غير قادرة على العطاء , كيف لا وقد فقدت مبرر وجودها !؟ هكذا هو وضع المرأة عندما تكون غير قادرة على الإنجاب فدائما ارتبطت صورتها ب ( الأم ) وبدونه لا معنى لوجودها ( اجتماعيا على الأقل ) وعندها تزداد التهم الموجهة إليها بل وأكثر من ذلك فيتم معاملتها بازدراء سواء من قبل المحيطين بها أو المقربين منها ,
( ن \ ع ) بعد ست سنوات من الزواج لم تتمكن خلالها من الإنجاب, طلقها زوجها لأنها عاقر , ولكن هذه الصفة ظلت تلاحقها بعد ثلاثة اشهر من زواجها , فكان زوجها لا يتوانى عن تعييرها بهذا الأمر في كل مرة يقع شجار بينهما وتقول : أصبح موضوع الإنجاب كابوسا يلاحقني ولم اعش يوما واحدا سعيدة إلى جانب زوجي , المشاكل كانت هي الشيء الوحيد في حياتنا عدا عن انتقاصه الدائم والمستمر لي لأنني عاقر ,
أما ( س-س ) فقد قررت عدم الخروج من البيت والاختلاط بالناس لان سؤالهم الوحيد لي متى ستنجبين طفلا ؟ وكأن الأمر يعود إلي , لذلك بدأت اشعر بالمضايقة والتحسس من كل كلمة حتى وان لم أكن أنا المقصودة فقررت الاعتكاف بالمنزل فهذا أفضل لي من الخروج ومواجهة تطفل الآخرين ,
في حين تشير ( م –ق ) إلى انها تزوجت بعد قصة حب ولكن زوجها تركها بعد سنة ليتزوج بأخرى لأنها لا تنجب , في البداية كان يقسم لي بأنني الوحيدة التي تهمه في هذه الدنيا ولكن بعد سنة من زواجنا ( العقيم ) بدأ يحدثني عن رغبته الملحة بأن يكون لديه طفل وفعلا تركني ببساطة ودون أن يكترث إلا لرغباته وطبعا أهله شجعوه على ذلك ,
امتيازات ذكورية
وهكذا فان عقر المرأة يتحول إلى كابوس يتحكم بكل تفاصيل حياتها وفي علاقاتها مع الآخرين فيرفضها المجتمع ويبيح لزوجها تركها والبحث عن امرأة منجبة , ولكن ما ذا يحدث عندما تكون الحالة معكوسة ( رجل عقيم ) وقتها كل الامتيازات ستقدم له فهو رجل بالنهاية ؟
( ن- ب ) اكتشفت ان زوجها عقيما وعندما قررت الانفصال عنه وقف الجميع ضدها , فمن المعيب أن تتخلى المرأة عن زوجها لسبب كهذا : لو كنت أنا العاقر لتركني دون رحمة ولكن المرأة دائما مهضومة الحقوق ومن الممنوع بل من العيب أن تعترض على شيء وعليها أن تقف إلى جانب زوجها بالحلوة والمرة, أما هو فيحق له رميها في الشارع لأتفه الأسباب
ازدواجية المجتمع
الدكتور ( ناهض عبدالله ) الأستاذ في علم الاجتماع يقول : ان ظاهرة المرأة العاقر واسعة الانتشار في كافة المجتمعات الانسانية إلا ان النظرة إلى هذه الظاهرة تختلف من مجتمع لآخر تبعا لمستويات تطور كل مجتمع , ومع الأسف فان مجتمعاتنا العربية والشرقية بشكل عام تنظر إلى المرأة العاقر على انها المسؤولة مسؤولية مباشرة عن حالتها أو عدم قدرتها على الإنجاب دون الأخذ بنظر الاعتبار ان ما يحدث هو شيء خارج إرادتها فتكون النظرة إليها منقوصة وظالمة في اغلب الأحيان , مما يشكل عبئا ثقيلا عليها , ولو أردنا إجراء مقارنة بسيطة بين نظرة المجتمع للمرأة العاقر والرجل العقيم لوجدنا ان هناك مفارقات كبيرة جدا تؤكد ان مجتمعنا لا زال يمارس ظلما أخلاقيا وقيميا وإنسانيا على المرأة بخلاف الرجل , فلو تزوجت المرأة رجلا عقيما وقررت الانفصال عنه لوقف الجميع ضدها بحجة ان هذا قدرها وليس من الأخلاق أن تطلب الطلاق , أما إذا حدث العكس لأباح المجتمع للرجل الزواج من أخرى وهذا شكل من أشكال الازدواجية في نظرة المجتمع لكل من المرأة والرجل , لذا يجب النظر إلى المرأة العاقر كانسانة أولا وجزء فاعل من المجتمع له حقوقه وأحاسيسه وليس آلة للانجاب فقط كما يراها الكثيرون , ففقدان المرأة قدرتها على الإنجاب لا يعني أبدا فقدانها لوجودها وكيانها وإنسانيتها أيضا .