المسيحيون في العراق والساكتون عن الحق !!
يعتبر الكلدانيون والآشوريون والسريان عماد المسيحية في العراق , وهم من مواطني العراق الأصليين فهم لم يهاجروا اليه من خارجه بل هم فيه منذ الأزل ولكن الظروف التاريخية التي مرّت بالعراق جعلتهم أقليّة في محيط من الديانات والقوميات الأخرى, حيث كانت التقارير الدولية تشير الى أن نسبة المسيحيين من شعب العراق كانت حوالي 10% لتصبح الآن أقل من 3% بسبب الهجرة القسريّة لهم لمختلف بلدان العالم .بدأت مأساة المسيحية في العراق( المعاصرأن صحّ التغبير ) بعد الأحتلال الأمريكي وما أفرزه من حكومات طائفية عنصرية ضعيفة , ولم تبال القوات المحتلة بمحنة المسيحيين ربما خوفا من أن تتهم بمحاباة المسيحيين كما وأن الحكومات المتعاقبة التي نصّبها المحتل أو كانت من نتاج الدستور الذي سنّه المحتل , لم تقدم أي نوع من الحماية للمسيحيين الذين كانوا عزّلا من أي سلاح أو مليشيا كبقية الأطراف المهيمنة على الأوضاع بعد أسقاط حكومة العراق السابقة !!. ومسيحيوا العراق الذين عرف عنهم أخلاصهم وحبهم لوطنهم ( العراق ) كانوا من أوائل المدافعين عنه في زمن الملمّات ولم يتنكروا يوما لوطنهم أو يتحالفوا مع أعدائه, كما وأن أيديهم كانت نظيفة طاهرة من دم أي مواطن عراقي سواء كان على دينهم أو من غير ديانتهم, لا بل حتى لم يحملوا سلاحا للدفاع عن أنفسهم في وجه البربرية التي واجهتهم مع قدوم المحتل . ولكن مما يؤسف له أن أيّ من رجال الدين المسلمين ولا سيّما الذين على رأس المسؤولية , لم يصدروا أي بيان أو أدانة أو فتوى شرعية شديدة اللهجة والوضوح تجاه ما جرى ويجري للمسيحيين أخوتهم في الوطن, بل خضعوا لتفسيرات الأرهابيين المتطرفين ( الوافدين من خارج الحدود سواء من الشرق أو الجنوب )كسند لأعمالهم الأرهابية , مع الأحترام الكامل لبعض الأصوات الخافتة للمسلمين العراقيين المعتدلين التي نبذت الأعمال الأرهابية بحق مسيحيي العراق لأنهم يعون جيدا أن المسيحي لا يكنّ أيّة ضغينة لأحد بحكم تعاليم دينه الذي يدعو الى المحبة والتسامح والغفران ولكن لم صار كل ذلك ؟ ومن كان المسبّب ؟ برأيي أن مجموعة جهات كانت السبب في حدوث المأساة , منها :
1 - قوات الأحتلال كانت الساكتة الرئيسية عن الحق , لأنها وحسب القوانين الدولية هي المسؤولة الرئيسية عن حماية المواطنين المدنيين للبلد المحتل, وحلّها للجيش العراقي وقوات الأمن وفسحها المجال لمليشيات الأحزاب الطائفية لتقتل وتنهب وتهجّر خدمة للأحزاب التي تتبعها , وتحت أنظار القوات المحتلة التي لم تقم بأي رد فعل وكأن الأمر ليس من ضمن أهتماماتها .
2 - الحكومات العراقية المتعاقبة ما بعد الأحتلال هي الساكتة عن الحق أيضا لأنها أنصرفت عن واجبها في توفير الحماية لشعبها الى الركض خلف أهداف شخصية طائفية للحصول على منافع ذاتية لطائفتها ولقوميتها , ولتخاذلها وجبنها في كشف أسرار الحملة الأرهابية على المسيحيين والأعلان عن مسببي أستشهاد شهيد الكنيسة الكلدانية مار بولس فرج رحو ورفاقه الكهنة الآخرين وبقية أبناء شعبنا المسيحي
3 - جميع الأحزاب والكتل الكبيرة والتي تسيطر على مفاتيح اللعبة هي الساكتة عن الحق أيضا رغم بعض الأصوات الخافتة التي تطلقها بين حين وآخر فأنها لا تجدي نفعا , بعكس لو كان التهديد قد وقع على أي من مصالحها الذاتية , لأقامت الدنيا ولم تقعدها في الدفاع عنها .
4 - هناك كذلك بعض الساكتين عن الحق الصغار من الذين أدعوا معرفة الجهات المسببة لمأساة المسيحيين , ولكنهم لحسابات خاصة بهم وبمصالحهم أو خوفا وجبنا منهم لا يعلنون عنها حفاظا على شعرة معاوية كما يدّعون, كتصريح السيد أثيل النجيفي الى مندوب عنكاوة.كوم بقوله " لدينا الوثائق التي تشير الى علاقة أحد الأطراف السياسية , ولكن سير التحقيق والوصول الى نتائج نهائية قد يدفع الى التقاطع الشامل " !! .
5 - بعض من أبناء شعبنا المسيحي سواء كانوا في أحزاب أو منظمات من الذين قبلوا على أنفسهم أن يكونوا حصان طروادة أو وسيلة مساعدة للطامعين بأرث شعبنا المسيحي لأستخدامهم في تنفيذ مخططات وأجندة ومشاريع تخدم أهدافهم وهي بالضد من مصلحة المسيحيين العراقيين ومنشارا لتفتيت وطنهم العراقي بالضد من رغبة المواطنين الحريصين على قوة ووحدة وطنهم أسوة بجميع البلدان, يمهّد لهم أعلاميا عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من مقتاتي فضلات موائد أسيادهم .
وكلمة مهمة الى كل من يعتقد بأنه بممارسات كهذه سوف يطفىء نور الأيمان المسيحي ويمنعه من الأنتشار, أن كنيسة الرب يسوع المسيح ليس البشر يسيّرها ليعتقد الجهلاء والمتعصبين والطائفيين بأنهم بأستطاعتهم القضاء عليها , بل المسيح نفسه هو يحفظها من عدوّها الأزلي ( الأبليس )لأنه القائل بفمه المقدس أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها, وهو الذي وبّخ شاول الطرسوسي عندما كان يضطهد الكنيسة , فقال له وهو في طريقه الى دمشق لألقاء القبض على الرسل والمؤمنين النشطين قائلا له ((شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟)) َسَأَلَهُ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَال: ((أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ)) (( أعمال 9 : 4 – 5 ))وهكذا أصبح شاول الطرسوسي من مضطهد للكنيسة , الى رسول لنقل البشارة والأيمان المسيحي للعالم أجمع أن المسيحيّة في العراق كانت وستبقى نجما نيّرا في سماء هذا الوطن منذ أن أشرق نور الأيمان المسيحي في هذا البلد ,والكنيسة المجاهدة في العراق , وأن كانت تمر في الوقت الحاضر بصعوبات وأضطهاد ومحاولة التهميش, الا أنها في نفس الوقت تزرع شتلات مباركة في كافة أنحاء العالم وذلك بأنشاء الكنائس والخورنات بل وحتى الأبرشيات في كافة أنحاء العالم ولا سيّما كنيستنا الكلدانية العريقة لرعاية أبناءها الذين أضطرتهم ظروف العراق للأغتراب وفي نفس الوقت لتكون منبرا حضاريا بين الجاليات التي يعيشون بينها لتعريفهم بثقافتنا وتراثنا
بطرس آدم
تورنتو - كندا