Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

المشتركات الثقافية الوطنية للكلدواشوريين

المقدمة
الكلدوآشوريون السريان ، شعب وريث لكبريات الحضارات في العالم و هم سليلو حضارة بابل و اشور و يعدّون من اقدم شعوب العالم و يرجع تاريخهم المكتوب الى أكثر من 6700 سنة و موطنهم الاصلي بلاد النهرين أو الرافدين وما يسمى بالسريانية الآرامية ( أثـرا د بــيـث نهـريـــن) .

لغتهم الأمّ هي السريانية و قاعدتها العريضة و الأصيلة هي الارامية التي ما يزال يتحدث بها اكثر من مليون مواطن في العراق و ربما اكثر من هذا العدد في ايران و سوريا و تركيا و لبنان و غيرها من بلدان المهجر و قسم غير قليل منهم يتقنها قراءة و كتابة. وقد كانت هذه اللغة تكاد تكون محصورة بعض الشيء في نطاق الطقوس الكنسية لغاية العقد الاخير من القرن الماضي حيث تسنّت فرصة التعليم بها في مدارس محافظات دهوك و اربيل. و في السنوات الاخيرة بعد انتهاء الدكتاتورية توسعت سبل وفرص التعليم بها حيث تجري الان الاستعدادات كي يشمل التعليم بها جميع المناطق التي يقطنها أو يتركز فيها الكلدواشوريون السريان في عموم العراق.

ينتمي الكلدوآشوريون السريان الى أمّة واحدة بالرغم من تعدد التسميات التي أُطلقت عليهم من سريان ، وكلدان ، و اثوريين أو اشوريين ، و كلدواشوريين و اخيرا الكلدواشوريين السريان وجميع هذه التسميات نعدّها تسميات مقبولة وصحيحة لشعب واحد عرف بتميزه من حيث عمق التاريخ النهريني وحضارته وتراثه ولغته التي تشكل المقوّمات الأساسية لأيّ قوم حيّ. وبلا شك أن التسميات الانفة الذكر تولدت نتيجة ظروف و متغيرات و تفاعلات الوضع السياسي والثقافي والاجتماعي و الفلسفي خلال هذا التاريخ الطويل لهذا الشعب الواحد العريق.
يعيش الكلدواشوريون السريان في مواطنهم الاصلية(العراق، سوريا، تركيا، ايران، لبنان) في ظل ظروف سياسية و اجتماعية و ثقافية و اقتصادية متباينة الا ان وضعهم العام ياخذ ابعادا و مسارات تتفاوت نسبيا من بلد الى اخر. لكنها تتمحور جميعا حول العراق البلد الأمّ ، الذي هو بحق مركزَ ثقلهم التاريخي و الحضاري و الثقافي و السكاني... يبلغ تعداد الكلدواشوريين السريان العراقيين اكثر من 1.5 مليون مواطن و في سوريا ما يزيد عن نصف مليون نسمة ، اما في ايران و تركيا فقد يصل تعدادهم الى 75 الف نسمة. كما يتوزع الكلدواشوريون السريان في بلدان المهجر و يبلغ عددهم في الولايات المتحدة الامريكية اكثر من 300 الف ، و نيوزيلاندة و استراليا 50 الفا ، اما في دول اوروبا و امريكا الجنوبية فيزيد عن 300 الف نسمة ، و هناك ما يقارب ضعف هذا الرقم في بقية بلدان العالم.

يقطن الكلدواشوريون السريان في العراق بشكل كبير و في بغداد بشكل خاص و يبلغ عددهم فيها لوحدها اكثر من نصف مليون نسمة، و في الموصل يتمركزون بشكل متجانس في الاقضية و النواحي و القرى الواقعة في سهل نينوى مثل: باخديدا ( قرة قــوش) و برطلة و كرمليس ) كرملش) و بعشيقة و تلكيف و الشيخان و تللسقف و القوش و باطنايا و غيرها، كما تضمّ محافظة دهوك و توابعها مناطقَ مثل: العمادية و صبنا ، و مانكيش و زاخو و برواري بالا و سِمّيل و سهل سليفاني، فيما يتمركزون في محافظة اربيل و توابعها في قصبات عنكاوا و شقلاوة و ديانا و أيضاً في السليمانية و كركوك و توابعهما وايضا في محافظات بابل و ديالى والرمادي والبصرة وغيرها من المحافظات العراقية.

يتقاسم الكلدواشوريون السريان الارض و المصير في اكثرية مدن و نواحي المنطقة الشمالية مع الايزيديين و الكورد والشبك والعرب وبعض الأقليات الأخرى في المنطقة. و لم يبخل الكلدواشوريون السريان بدمائهم في الدفاع عن الوطن في مختلف مراحل التاريخ كما دافعوا عن حقوقهم في الارض و المنطقة عندما تعرضت الى ظروف عصيبة او اعتداء، وكان لهم فيها شهداء وأبطال...

بدأ الكلدواشوريون السريان في مطلع القرن الماضي بالمطالبة بحقوقهم القومية الانسانية المشروعة في العراق، و التي تتمحور بالاعتراف الدستوري بهويتهم الثقافية و الدينية ووجودهم القومي ضمن اطار الوحدة و السيادة الوطنية و احترام خصوصيتهم القومية التي تميّزهم عن بقية القوميات الاخرى في العراق بعد أن كانوا يُعامَلون كمواطنين من الدرجة الرابعةأو ما دونها. وقد أن الأوان كي يُنظَرَ إليهم كمواطنين أصلّيين لهم ما لغيرهم من حقوق و عليهم ما على غيرهم من واجبات. إن المحاولات المتواصلة التي كانت تستهدف انكار هويتهم وخصوصيتهم القومية من قبل جميع الانظمة السياسية التي تعاقبت على حكم العراق، قد رافقتها في معظم الأحيان أنواع شتى من ممارسات القمع و الاضطهاد و القتل و الذبح ضدهم. و خير مثال على ذلك مذبحة (سمّيل) عام 1933 و التي راح ضحيتها اكثر من ثلاثة الاف كلدواشوري سرياني لمجرد انهم كانوا يطالبون بابسط حقوقهم الانسانية في وطنهم الأم العراق.

واصلت السلطات المتعاقبة على العراق ممارسة سياسات شوفينية و عنصرية ضدهم و ازدادت وتائر هذه السياسات في عهد النظام الدكتاتوري البائد فعلى سبيل المثال لا الحصر، قام النظام السابق بتدمير عشرات الكنائس و الاديرة التي يعود تاريخها الى القرون الاولى للمسيحية في شمال العراق قبل و خلال و بعد عمليات الانفال سيئة الصيت عام 1988 ، الى جانب تدمير اكثر من 200 قرية و قتل و تهجير سكانها الكلدواشوريين السريان و إسكانهم قسرياً في مجمعات مع ما رافق ذلك من عمليات إعدام و اغتيال رجال الدين المسيحيين و التدخل في شؤون الكنائس. ولعلّ مذبحة قرية " صوريّة" في سهل سليفاني التابعة لمحافظة دهوك ابرز مثال للقتل الجماعي ضد الكلدواشوريين السريان، حيث تم جمع العشرات من ابناء القرية رجالا و نساءاً و اطفالاً في حقل و بضمنهم كاهن القرية و تم فتح النار عليهم و ابادتهم جميعا.

ان الكلدواشوريين السريان يحدوهم الامل بالتعايش بشكل طبيعي مع جميع شرائح و فئات و طوائف و قوميات الشعب العراقي الاخرى بالرغم من التنوع الديني و القومي،انطلاقا من ايمانهم العميق بأن المشتركات الوطنية كثيرة ومتعددة سواء كانت تاريخية او ثقافية او اجتماعية وغيرها وان التفاعل بين المكونات الوطنية ينبغي ان يكون على القواسم المشتركة ، ولابد أن يكون ايجابيا للتأسيس لعراق ديمقراطي تعدّدي متطور قادر ان يعيد وجهه الحضاري المعروف.

العناصرالثقافية لدى الكلدوآشوريين التي تميزهم والمشتركات الوطنية.

اللغة : ان اللغة تشكل احدى العناصر الاساسية لتمييز أي امة او أي شعب عن غيره ، ومن خلالها يمكن الاستدلال على خصوصية المجتمعات فالكلدواشوريين السريان لهم لغتهم المميزة و هي السريانية الارامية و هي لغة وطنية اصيلة ولدت و ترعرعت في هذا الوطن فهي لغة النبي ابراهيم عليه السلام الذي خرج من مدينة اور العراقية و تقدست بشفاه السيد المسيح له المجد و كما هو معروف ان الارامية هي احدى اللغات الاولى في المنطقة و التي كان لها دور مهم في ابراز ادابها و علومها كما حكمت ما يقارب الالف سنة و انها من اللغات السامية التي شكلت مع شقيقتها اللغة الكنعانية، فرعين لاصل واحد ففي بلاد النهرين انتشرت اللغة الاكادية بفرعيها البابلية و الاشورية و هناك اللهجات التي تدخل اللغة العربية ضمن هذه اللغات و التي تشترك بخصائص مشتركة و تعتبرها كلها من اصل واحد.
استعمل العراقيون القدامى في الفترة التي كانت الدولة الاشورية في اوج قوتها و ازدياد توسعها الحرف الارامي من لغة الاراميين الذين كانوا يشكلون مجموعة كبيرة من القبائل في بلاد الشام و الجزيرة الفراتية و قام الاشوريون بتوظيف الحرف في لغتهم الاكادية و بالنظر لسلاسة استخدامه و اعجابهم بالتطور الحاصل في لغتهم و سهولة تداولها ساهموا في انتشارها نتيجة التوسع الحاصل في امبراطوريتهم و انتعاش التجارة و محاولتهم تامين التسهيلات التجارية و خطوط سير القوافل . فانتشرت اللغة في كل انحاء بلاد الشام و اطراف في بلاد الرافدين و بمرور الزمن ترك الاشوريون لغتهم الاشورية الاكادية و استبدلوها بالارامية البسيطة و حدث الشيء نفسه في بلاد بابل فاستخدم الخط الارامي البسيط بدلا من الخط المسماري المقطعي الذي يتكون من مئات العلامات المسمارية الصعبة . و استمرت اللغة السريانية في الانتعاش و الانتشار فبالاضافة الى بلاد الرافدين و بلاد الشام دخلت مصر و بلاد فارس و اصبح لها اهمية كبيرة خاصة في الترجمة من اليونانية الى السريانية و من ثم الى العربية او من اليونانية الى العربية عن طريق المترجمين السريان في العصر العباسي الذي ازدادت فيه حركة النقل و الترجمة و التاليف. كما انتشرت في الدولة الاخمينية، و في اثناء حكم الساسانيين كان لها تاثير كبير الى درجة ان الفرس استعاروا الخط الارامي و الكثير من المفردات الارامية و السريانية بدل التعبيرات الجامدة في لغتهم ، كما قام المبشرون النساطرة بنشر تعاليمهم بهذه اللغة في بلدان الهند و الصين ووجدت اثار اللغة السريانية في هاتين الدولتين و نصوص مكتوبة ترجع الى القرن الثالث للميلاد.
اخذت اللغة السريانية بالتراجع منذ اواخر القرن الثامن الميلادي تبعا لانتشار العربية الى ان اصبحت اللغة العربية لغة الدولة الرسمية و زاد عدد المتكلمين بها و قل عدد المتكلمين باللغة السريانية ، و عندما تعرضت بلاد الرافدين و سوريا الى هجمات المغول التي قضت على العلم و الثقافة و تبع ذلك الغزو الفارسي و العثماني قل شان اللغة السريانية و اصبح التداول بها في الكنائس و الاديرة و بعض المناطق المنعزلة التي استطاعت الصمود امام الاقوام الاجنبية و لغاتها ، و بعد تاسيس الدولة العراقية لا يزال ما لا يقل عن مليون مواطن عراقي يتحدث هذه اللغة و تنتشر في بغداد و البصرة و قرى كثيرة في سهل نينوى حول مدينة الموصل و في محافظات دهوك و اربيل و كركوك و السليمانية و بعد هذا التاريخ الطويل لهذه اللغة الوطنية لازالت لغة حية و باقية و بلهجات متطورة و هذا امر طبيعي لكل لغة عالمية.
و من هذا يثبت ان منبت هذه اللغة هي ارض الرافدين و هو مشترك وطني هذا بالاضافة الى كونها شقيقة للغة العربية و هنالك مئات من المفردات المشتركة بينهما فعلى سبيل المثال و ليس الحصر...
نلاحظ تقاربا كبيرا في اسماء اشياء طبيعية و كذلك في اعضاء جسم الانسان و غيرها من المفردات الحياتية اليومية فمثلا..
)شمشا( و تعني بالعربية شمس.. الشين في السريانية اصبحت س في العربية.
)شميا( و تعني سماء
)قريتا( و تعني قرية
)دقلت( و تعني دجلة – القاف اصبحت جيماً

و في جسم الانسان نجد...
)عينا( و تعني عيناً بالعربية
)رغلا( و تعني رجل..اي ان الغين اصبحت جيماً
(كرسا) و تعني بالعربية كرشاً.. السين تحولت الى شين
)سعرا( و تعني بالعربية شعراً .. السين تحولت الى شين
(ايدا) و تعني يد و احيانا نستخدم بالعامية (ايد)
(لشانا) و تعني لسان بالعربية
و غيرها من الكلمات التي نستخدمها
(شلاما) و بالعربية السلام
(حبا) و تعني الحب

ان الكلمات الانفة الذكر في اللغة السريانية و مشابهتها في المقابل بالعربية هي مفردات ليست دخيلة على لغتنا كما ادعى بعض المختصين و الاكاديميين لا بل هي مفردات اشورية بحتة تم التاكد منها بعد اكتشاف النصوص المسمارية و حل رموزها و لغاتها و منها الاشورية الاكادية و التي تعد من اللغات القديمة و التي كانت منتشرة في بلاد الرافدين قبل اكثر من ثلاث الاف سنة و اصبحت دليلا علميا و تاريخيا يدعم تصورات الباحثين الاختصاصيين .
و هكذا يتبين ان اللغة السريانية التي يتحدث بها الكلدواشوريون هي لغة وطنية اصيلة و قديمة و فيها الكثير من المفردات التي استخدمت قبل اكثر من خمسة الاف سنة في بلاد الرافدين و هي مستمرة الاستخدام الى يومنا هذا مع شقيقتها العربية.

التقاليد و العادات و الاعراف الشعبية:-

بلا شك تعد التقاليد و الاعراف الشعبية الخزين المتراكم للسلوك الاجتماعي و الشعبي المتوراث عبر الاجيال لاية امة او مجتمع يعيش في بقعة او منطقة او بلد ما.
و ان الغوص في دراسة التقاليد و الاعراف الشعبية لاي مجتمع تحتم علينا الدخول في تفاصيل كثيرة منها الفلكلور و الموسيقى و الالات الموسيقية و الغناء و الاعياد و المناسبات و الفن بصورة عامة و الموروث الشعبي المتناقل و المطبخ و ما يحتويه من الاكلات الشائعة و الالعاب الفلكلورية و غيرها من التفاصيل التي تعكس قصة الانسان و شخصيته المتميزة التي يمكن اعتبارها مرآة تظهر حقيقة تراكيب بنيته الاجتماعية و سلوكه و خصوصيته .. و ان خزينها الجمعي بلا شك يشكل ميزة يمكن بواسطتها تمييز المجتمعات عن غيرها ،فضلا عن كونها واحدة من المقومات المهمة التي يمكن ان يعتمد عليها الباحثون في دراسة المجتمعات و مدى تشابهها او تمايزها عن بعضها.
و الكلدواشوريون العراقيون يمتلكون موروثا من التقاليد و العادات و الفلكلور و الاعراف الشعبية يقل نظيره في مجتمعات العالم قاطبة بالنظر للعمق التاريخي الذي يمتلكونه اضافة الى التاثيرات العديدة بما فيها الثقافة المسيحية و امتزاج الموروث الشعبي بالموروث الديني و كذلك التاثر بثقافات و عادات القوى الغازية خاصة و ان العراق كان و لا يزال هدفا للطامعين الغزاة.
و بالرغم من امتلاك الكلدواشوريون السريان موروثاً ثراً من التراث الشعبي و التقاليد و الاعراف التي تؤكد اصالتهم و ارتباطهم بهذا الوطن و تميزهم عن باقي المكونات العراقية الا انهم يشتركون مع غيرهم من ابناء العراق في كثير من الاعراف و التقاليد فمثلا: المشاركة في الافراح و التعازي.. فلو اجرينا مسحا في مناطق العراق المختلفة للعادات و التقاليد التي تتبع في التعازي و الافراح سنجدها بالرغم من تمايزها الا انها لا تختلف كثيرا من حيث الجوهر العام الذي يمارسه العراقيون على العموم.
و في حالة الوفاة هنالك فترة الحداد و المشاركة في التشييع و في احزان ذوي الفقيد و الاجتماع في بيت المتوفي او اي مكان اخر يحدد لتقديم التعازي و مرافقة الجثمان الى المقبرة و لف الميت بكفن من الخام الابيض. و في الزواج هناك توزيع الحلوى على الحاضرين و الغناء و الزغاريد و نثر النقود و تقديم الهدايا العينية و الرقص و الدبكات التي لا تختلف كثيرا بين مكونات المجتمع العراقي و التي اغلبها تجتمع على تشابك الايدي مع بعضها لتاكيد التضامن و المحبة و الوحدة و اعتماد اغلب العراقيين على الطبل و الناي او ) الزورنا( و اقامة الولائم بالمناسبة.

اما في عالم الازياء فان الكلدواشوريين يتميزون بازياء فلكلورية جميلة تختلف كل منطقة او قرية من مناطق تواجدهم عن الاخرى و تعكس طبيعتها و روح الحياة للسكان فيها و غالبا ما تكون بدلات النساء طويلة و ذات اكمام طويلة تصل الى المعصمين و تكون غنية بالزخارف و يتم ارتداء الشال الموشح بالشراشيب فوق البدلة و قد نلاحظ هذا في الازياء الاشورية القديمة و اذا ابتعدنا عن التفاصيل الدقيقة التي تتعلق بما يوضع على الراس و عدد القطع الذي يتكون منه الزي فان العراقيين اليوم على العموم يشتركون بطبيعة اللبس التقليدي الذي اعتمده الاجداد الاوائل و هي مشتركات لا يختلف فيها العراقيون كثيرا .
اما الرجال فان الزي التاريخي لا يختلف كثيرا عما يلبسه العراقيون اليوم فالدشداشة المستخدمة و الشال او "العباءة" يمكن ملاحظتها في زي الملوك الاشوريين القدامى حيث تظهر رسوم للملك سرجون الثاني مثلا (720 - 705 ق.م) بوقفة رسمية يرتدي زيا مكونا من بدلة طويلة ذات شراشيب من الاسفل و مزخرفة بزخارف لزهرة البيبون " دشداشة مزخرفة" و فوق البدلة يرتدي الملك شالا يغطي الكتف و معظم الجسم "العباءة"و هذا هو الزي الدارج بين ابناء العراق و خاصة بين ابناء العشائر و في الريف.
اذن ان ابناء العراق يشتركون في كثير من العادات و التقاليد و الفلكلور و الموسيقى و الزي و غيرها و هي مشتركات وطنية ورثناها جيلا بعد جيل و بالرغم من ان الكلدواشوريين يتميزون ببعض التفاصيل الا ان المشتركات بين ابناء الوطن الواحد كثيرة و متشعبة.





الشعور و الحس بالانتماء الى الوطن.

يلتصق الكلدواشوريون السريان بالوطن التصاقا غريبا و بدرجة عالية قد لا نجدها في باقي مكونات المجتمع العراقي فان ارتباطهم بالارض و الوطن يتعدى حدود الارتباط الروحي او المعنوي فهو ارتباط حقيقي بكل مفرداته فبالرغم من الاضطهادات و عمليات القمع و المذابح التي مورست بحقهم بسبب اختلافهم الديني و القومي خلال القرون الماضية و معاناتهم المستمرة بعد تشكيل الدولة العراقية من سياسات التهجير القسري و الاقصاء و التهميش و التي ادت بالنتيجة الى هجرة اعداد كبيرة منهم الى دول المهجر الا انهم لا يزالون متشبثين بالارض و الوطن و حتى الذين يقيمون في المهجر و على الرغم من ان ظروف القهر و الظلم هي التي ساهمت في وجودهم في الشتات نجدهم متواصلين مع هموم الوطن و يعملون جاهدين لدعم نهوضه و تطوره ..
ان شعور الكلدواشوريين بالانتماء الى ارض الرافدين و احساسهم العميق بانهم احفاد اولئك الذين اسسوا اولى الحضارات في العالم و ان ارضهم هي مهد الحضارة البشرية ساهم كثيرا في التشبث بالارض و التقاليد و الفلكلور و المحافضة على التاريخ و التفاخر به امام العالم.
و قد يتلمس المرء و كثير من الباحثين في الشان العراقي ان الكلدواشوريين و لربما ينفردون من بين المكونات العراقية في تبني و استخدام اسماء المدن العراقية و معالم تاريخية و ازلية من حضارة و تاريخ العراق في تسمية ابنائهم و بناتهم فقد نجدها غريبة جدا ان تخلو عائلة كلدواشورية من اسماء البنات الاتية: نهرين، عشتار، اربيلينا و تعني اربيل و اربائيلو و ايضا تعني اربيل ، اور و تعني الارض و اورشينا و تعني ارض السلام ، نوهدرا " اسم دهوك قديما" شميرام، اوروك ، نينوى، سميل و غيرها من الاسماء المرتبطة بارض العراق و تاريخه و غالبا ما يستخدمون بكثرة اسماء الاولاد، باول" بابل "، دقلت "دجلة" و هذا الاسم استخدمه الملوك الاشوريون ( تغلات بلاسر) اي دجلت بلاسر و فرات و اشور و خمو اي حمورابي (و تعني المعلم خمو او الاستاذ خمو ) و غيرها. و اليوم نجد ايضا على يافطات محلاتهم و مطاعمهم و شركاتهم مثل هذه الاسماء و غيرها و المرتبطة بالوطن كشركات النهرين و دجلة و الرافدين و اسماء فضائياتهم فهنالك " اشور" و "عشتار" و"بيت نهرين" و جميع هذه الاسماء جاءت من عمق التاريخ النهريني .
و قد اصبح امراً طبيعياً ان نجد متاجر و مطاعم و شركات في ديترويت و شيكاغو في الولايات المتحدة الامريكية لها اسماء عراقية معروفة و ان اصحابها من الكلدان الاشوريين و كذا الامر في اوروبا و غيرها من بلدان المهجر.

و ان هذا الامر يتميز به الكلدواشوريون عن غيرهم من باقي مكونات الشعب العراقي فمن النادر ان تجده عند الكورد او العرب او التركمان و ربما في الفترة الاخيرة بدا بعض العرب تسمية بناتهم بعشتار او بعض شركاتهم بدجلة او فرات، اذ يتغلب على العرب و الكورد و التركمان التفاخر بالتاريخ الاسلامي اكثر من التفاخر بالتاريخ الوطني و لربما عند الكورد في الاونة الاخيرة بعد ان بدأ المد القومي يتزايد اخذ الكورد يلجؤون الى تسمية اولادهم و شركاتهم بمسميات من وحي التاريخ الكردي او باسماء جبال معروفة في كردستان العراق.

اذن فاسماء المدن و الانهر و القرى و الجبال هي مشتركات لابناء الوطن كافة و ان استخدام الكلدواشوريين هذه الاسماء بكثرة امر طبيعي فنرى ضرورة تطوير ذلك من ابناء العراق كافة لتنمية الحس الوطني و عمق الارتباط بالوطن و التفاخر بالوطن اكثر من اي تفاخر اخر ايديولوجي او ديني.
عن جريدة الصباح
Opinions