المضحك المبكي في بيان عمانوئيل دلي (البطريرك)
عقد (البطريرك) عمانوئيل دلي، وبحسب الخبر المنشور على موقع عنكاوا.كوم، بتاريخ 15 كانون الثاني 2012 مؤتمرا صحفيا واذيع بيان موقع من قبله للصحفيين، وهو مضوع مقالتي هذه. وقد يستغرب البعض من ابناء امتنا على مخاطبتي لبطريركا بدون القابه مثل كلمة "مار" أو "قداسة" أو "غبطة"على سبيل المثال، فاقول ردا على تساؤلهم بان هذه الالقاب هي روحانية كنسية، ننادي او نناشد بها من يحمل درجة كهنوتية عليا عندما يكون محور الحديث روحاني كنسي، كأن نطلب منه الغفران مثلا، لان رتبته أو درجته الكهنوتية بحسب الايمان المسيحي، هي توكيل من الرب يسوع منحها له ليخدم الكنيسة وشعبها روحانيا، واعتقد بان القارئ يتفق معي بان الرب يسوع لم يوكل أي واحد من درجات الكهنوت بان يذهب الى بول بريمر حاكم العراق في بداية الاحتلال الامريكي ويطلب منه ان يعينه في مجلس الحكم المؤقت، ولم يوكله ان يعقد مؤتمرا صحفيا ويذيع بيانا حول تعين مدير عام او وزير لان الذي تم تعيينه، وإن كان من ابناء الكنيسة الكاثوليكية، لا يمثل مصالح عمانوئيل دلي. وطالما اختار عمانوئيل دلي (البطريرك) ان يقحم نفسه عالم السياسة، اذا فقد تنازل طواعية من تلك الالقاب الكنسية المقدسة، واصبح بالامكان أن نخاطبه بدون القابه الكنسية كما نخاطب اي سياسي اخر، مثل يونادم كنا أو عماد يوخنا أو خالص ايشوع، إلا اذا أصدر البطريرك مرسوما بطريركيا يخلع على سياسيينا لقب مار او قداسة، وعنئذ سوف اخاطبه بلقب مار او قداسة عمانوئيل دلي كما اخاطب النائب خالص إيشوع اوعماد يوخنا بمار خالص ومار عماد. اتمنى ان يكون هذا التفسير مقنعا للقارئ المعتدل والمنطقي، مع علمي المسبق بان هذه الجج سوف لن تمنحي الحصانة من بعض الانفصاليين المتطرفيين المعروفين لدى المتابعين والمطلعين على شؤون شعبنا، وسوف يعلو الصراخ والعويل ويطلقون العنان للسانهم وكلماتهم خلف حدود الادب والاخلاق، وإنهم معذورين لانه ليس بامكانهم ان يرقوا بانفسهم الى درجة اعلى من ادب واخلاق التخاطب.عندما زار عمانؤيل دلي الحاكم بول بريمر، لم يَعقُد بعد تلك الزيارة مؤتمرا صحفيا، كما فعل اليوم، ليعلن في حينه عما تمخض عنه ذلك اللقاء، وعن طلبه، وعن أن الحاكم بريمر رفض التماسه بتعيينه عضوا في مجلس الحكم المؤقت، لانه تصور بان ما قيل في تلك الجلسة سيبقى اسير جدران تلك الغرفة، وكانه سر اعترف به امام كاهن كاثوليكي، وبسبب قلة خبرته بالسياسة نسي انه يكلم سياسيا سيعلن ما اراده البطريرك عندما يحين الوقت، ونسي بان هنالك ويكيليكس تنتظره على طريق الايام، كل هذه وعمانوئيل دلي يقول بانه وباقي رجال الكنيسة لا يتدخلون في السياسة، فهل هذه التصريحات هي تكتيك سياسي يا حضرة البطريرك؟
ودفاعا عن حقي وحق كل ابناء امتنا ممن تجشم عناء الوصول الى المراكز الانتخابية ليدلوا باصواتهم لاختيار من يمثلهم في مجلس النواب، وخاصة الناخبين داخل العراق الذين خاطروا بحياتهم لكون معظم المراكز الانتخابية كانت اهداف محتملة للاعمال الارهابية. دفاعا عن حقي وحقوق كل هؤلاء، وليس دفاعا عن النائب يونادم كنا وزملائه النواب الذين يمثلوننا شرعا في مجلس النواب، هيا عزيزي القارئ/ـة نقرأ ونحلل معا احداث هذا المؤتمر الصحفي والبيان الصادر عن (البطريرك) عمانوئيل دلي:
يبدو بانه بسبب قلة الخبرة السياسية لـ (البطريرك) عمانوئيل دلي ومعاونيه كان الاعداد لهذا المؤتمر الصحفي ليس بالمستوى المطلوب، وجاء البيان ضعيفا مليئا بالتناقضات، ولا اعلم ما هو دور ومنصب المهندس نامق ناظم جرجيس الذي قرأ البيان، هذا الشخص كان احد المرشحين لمجلس النواب ولم يحقق الفوز في الانتخابات، فهل اعطى له البطريرك هذا الدور للتنفيه عنه؟ أم هو الذي اراد ان ينتقم من الفائزين الخمسة؟ ولنقرأ معا مقدمة البيان.
"نحن المسيحيون شعب واحد ,ومع مكونات الشعب الاخرى نشكل الشعب العراقي,فنحن نفتخر دائما بأنتمائنا العراقي الاصيل,ولكوننا شعب له حقوق مثلما عليه من واجبات نود ان نوضح الاتي لابناء شعبنا العراقي والمسؤولين في الدولة العراقية "
ما هذه؟ هل هي نظرية جديدة في علم الاجتماع او الانثروبولوجي؟ أعتقد بان القراء الكرام يتفقون معي بركاكة هذه المقدمة وهزالتها وبانها خالية من اي معنى، حاول كاتبها ان يَحشر جُمَل وعبارات غامضة لا يمكن للقارئ النبيه والمطلع ان يُكَّوِن فكرة عن المقصود، وحاولت ان افهم منها ما الذي اراده كاتب او كاتبوا هذه المقدمة ايصاله الى الى المتلقي، ولم افلح، واتصلت بعدد من المهتمين بشؤوننا القومية والكنسية مستفسرا، فلم احصل على اي توضيح مقنع، وجميع من اتصلت بهم كانوا ايضا حيرى اما هذا اللغز. فما معنى " نحن المسيحيون شعب واحد" ؟ عبارة غامضة لا معنى لها، عن اي مسيحيين يتكلم البيان؟ وعن اي "شعب واحد" يتحدث؟ فاذا اسلمنا بان المقصود هم المسيحيون العراقيون، لماذا لم يعقد المؤتمر الصحفي ولم يصدر البيان باسم "مجلس رؤساء الطوائف المسيحية" في العراق؟ هل اراد البطريرك ذر الرماد في العيون وايهام القارئ بانه يتحدث باسم جميع مسيحي العراق؟ البطريرك ومعاونيه مدينون لمسيحيي العراق بتوضيح قصدهم.
بامكاننا ان نقول إن البيان بمجمله، أو ان خففنا هذه الجملة نقول بان الجزء الرئيسي لهذا البيان كان للتهجم على النائب يونادم كنا، وهنا اود ان اشير الى ان البطريرك لم يذكر النواب المسيحيين الاخرين، ليس حبا بهما ولكنها مناورة سياسية القصد منها عدم فتح اكثر من جبهة واحدة ضد الخصوم، وسوف يتناول لاحقا كل واحد من هؤلاء النواب منفردا. علما بان النائب يونادم كنا كان تسلسله رقم 11 من قائمة النواب الموقعين على تعين المرشح الثاني من قاشمة مجلس رؤساء الطوائف المسيحية، ولننتقل الى النقطة الرابعة للبيان لان لها علاقة مباشرة فيما ذهبنا اليه:
"4. اننا في الكنيسة الكلدانية أحرار في أتخاذ قراراتنا ونود ان تكون علاقتنا مع الدولة العراقية التي نحترمها ونجلها مباشرة بدون الحاجة الى وسيط , ولانسمح ولانقبل ان ,يتدخل كائنا" من كان, ومهما علت مرتبته او شأنه في قضاياها الداخلية او علاقاتها مع الدولة العراقية وان طلباتنا هي في حدود القانون ولانحاول ان نأخذحقا" ليس لنا ولكننا نرفض ليﱡ الذراع الذي يحاول البعض ممارسته معنا ,وفي هذا الاطار اننا لانوجه انذار ولكننا نوجه النصح في هذا الامر وعليه فاننا سنضطر اسفين, مجبرين,مكرهين الى قطع كافة انواع العلاقة والتعامل والانسحاب من ديوان اوقاف المسيحيين والديانات الاخرى ومن كل ما يتعلق باوضاع الكلدان المسيحيين مع الحكومة العراقية ................"
وكأن (البطريرك) عمانوئيل دلي له دستور خاص به ينظم علاقة مسيحي العراق بالدولة العراقية، وكانه يريد ان يعلن العصيان على الدولة العراقية، ويبدو بانه نسي بان للعراق دستور وحكومة وإن المسيحيين مواطنون عراقيون، ولهم نواب يمثلونهم جلسوا على مقاعدهم من خلال انتخابات ديمقراطية وباصوات الناخبيين(المسيحيين) وهؤلاء النواب يمثلونهم في البرلمان والدولة العراقية، إن النائب يونادم كنا وزملائه النواب الاربعة الاخرون هم الممثلين الحقيقيين لجميع المسيحيين العراقيين، وان كنت قد نسيت فاني اذكرك بانهم يمثلونك انت ايضا باعتبارك احد مسيحيي العراق. فاذا كان هؤلاء النواب الذين انتخبناهم بطريقة ديمقراطية لا يمثلوننا، فمن يمثلنا اذا في البرلمان والحكومة العراقية؟ البطريرك؟ نحن لم نختارك لهذا المنصب لكي تفرض نفسك ممثلا عنا، فاذا كنت انا شخصيا احد اتباع الكنيسة الكلدانية ومعي جميع اتباع الكنيسة الكلدانية لم ننتخبك لدرجة المطران ولا لدرجة البطريرك، فكيف اذا تنكر على النواب الخمسة المنتخبين حق تمثيلنا، وتتحدث باسمنا وتفرض نفسك ممثلا عن المسيحيين العراقيين؟ يا عجبي!! أما باقي ما ورد في الفقرة 4 من البيان من التهديد بالانسحاب من ديوان الوقف المسيحي وقطع العلاقة وعدم التعامل مع الحكومة العراقية فهو حشو لا معنى له وللاستهلاك المحلي كما يطلق عليه السياسيون. فانت لست مؤهلا لاصدار مثل هذا التهديد لرئيس الوزراء، وأُذَّكر وقد تنفع الذكرى، كيف خَفَّت ارجلكم للقاء رئيس الوزراء ودم شهداء كنيسة سيدة النجاة لم يزل على ارض الكنيسة شاهدا على تلك البربرية التي وقعت امام انظار الحكومة، وبالرغم من كل الصرخات التي تعالت من شعبنا ومن العراقيين عموما بالاداء الهزيل والمشكوك به للحكومة العراقية في انقاذ الضحايا الابرياء من ابناء شعبنا. ولا اعتقد بانكم هددتم في ذلك اللقاء السيد رئيس الوزراء بقطع العلاقة مع الحكومة إن هو لم يهتم بكشف المجرمين واعلان نتائج التحقيق امام الشعب، أَوَ لم تكن هذه مداهنة منكم لرئيس الوزراء؟ فاي حادث كان الاكبر والاكثر ألما؟ ارواح ستون بريئا من طفل وشيخ وإمراة ، أم مَنصبَ رئيس ديوان الوقف المسيحي ، ولست اكشف سرا ان اقول بان المرشح الاخر السيد رعد جليل كجه جي هو ايضا من اتباع الكنيسة الكلدانية وبشهادة موقعة من راعي احدى كنائس بغداد، واقتراحي لكم هو سحب التهديد، وكما ورد في بيانكم "حفظا لكرامتنا وكرامة ابناء شعبنا" وبخلافه فان السيد رئيس الوزراء لسان حاله سيقول " بدراهمي وليس بالكلام الناعم........نزار قباني" . إن الصورة الصارخة كانت واضحة باستماتة (استعير هذا التعبير من احد المصفقين للبيان) البطريرك لاحلال كلداني محل كلداني اخر لشغل هذا المنصب، وليس لاحلال سرياني محل كلداني! علما بان كلا الشخصين كانا مرشحين من قبل مجلس رؤساء الطوائف المسيحية.
والنقطة المثيرة للجدل هي ما ورد في نهاية البيان:
"دولة السيد رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي الجزيل الاحترام بعد مابلغ السيل الزبى وبعدما فاض الكيل نتوجه اليكم يامن تعملون لتكونوا ابا لكل العراقيين جميعا على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم واطيافهم لنجد لديكم الحلول التي تثلج الصدر في انصاف الحق الذي انتم اهل له واحقاقه ووضعه في نصابه الصحيح لذا:
ا. نطلب مقابلة دولتكم الموقرة لعرض كل الامور امامكم."
أنظر عزيزي القارئ التزلف والتذلل في هذه الفقرة من البيان، والتناقض الصريح مع ما ورد بخصوص تمثيل المسيحيين من قبل نوابهم، أَو ليس السيد نوري المالكي رئيس الوزراء هو الاخر منتخبا باصوات ناخبيه العراقيين؟ والتي اهلته للحصول على هذا المنصب؟ وما الفرق بينه كممثل للشعب العراقي وبين يونادم كنا وبقية النواب المسيحيين. ولماذا تعترف باحقية السيد رئيس الوزراء وتنكر على ممثلينا هذا الحق. أم ان الخنوع والتذلل والمداهنة من الفترة الماضية لازالت مترسخة في اعماق نفوسكم ولا ترغبون في التخلص منها؟
عزيزي القارئ: بعض ما ورد في هذا البيان مضحك حقا والبعض الاخر مبكي، ولكن المبكي حقا هو ان (البطريرك) قد ترك سفينة كنيستنا الكلدانية المقدسة تتوه في وسط الامواج المتلاطمة والتي تكاد أن تبتلعها، واستهوته لعبة السياسة والمناصب والدراهم (بيان السينودس المطالب بحصة من الاموال). كنيستنا الشرقية الكلدانية المقدسة التي بناها اباؤنا بدمائهم وسلموها وديعة للبطريرك هي الان في مهب الريح، غير متماسكة ككنيسة واحد، فبدلا من يوجه البطريرك جهوده مع جميع اخوته من الدرجات الكنسية الاخرى لتنظيم امور هذه الكنيسة، فطقسها اصبح لانحسد عليه، وبقية الامور الروحانية. فان جهود البطريرك متجهة بعكس هذا الاتجاه، واود ان الفت انتباهه الى نص من صلاة الحوذرا لليوم الاول من باعوثا دنينواي ونحن على ابواب الباعوثا:
لِأ نَةةخَل عل عوةلآرِأ وعٍل شولطِنِأ, دلِأ فرقتن / مِوظِ ولِأ / نورِأ دلعِلم. نَىوًأ ةوخلِنٍن عل أٍلِىِأ, دثأتدلآِوىي مِوةن وأف حٍيٍيُّن.
دٍنفؤٍين / ىِو حشولأخِأ دمطٍيٍث لعٍثدٍيُّ بتشظِ
أما ما ورد من برقيات تأييد لبيانكم هذا فلا تستحق التوقف عندها لانها على طريق الذين يهتفون "يا .... يعيش" في مثل هذه المناسبات.
ويبقى السؤال المحير بدون جواب، هل ان الشيخ البطريرك هو الذي يفكر وينفذ هذه الخطط التي تقسم وتشتت شعبنا ولا تجمع؟ أم ان هناك من يخطط له ويقوم بدفعه في هذا الاتجاه بدون ارادته، لان هذا الشيخ الذي امضى عمره في خدمة الكنيسة، من غير المعقول ان يقوم يزرع بذور الفتنة والتقسيم بين ابناء الشعب الواحد بدون اية تأنيب من الضمير، شخصيا اميل الى ان شيخنا البطريرك يسير في هذا الطريق مسلوب الارادة.
alkoshbello@gmail.com