الموصل ووضع المسيحيين فيها
وردتني عبر البريد الالكتروني الخاص رسالة من مواطن عراقي مخلص؛ هكذا اطلق على نفسه مناشداً إنقاذ ما تبقى من الارواح البريئة من اخوته المسيحيين الطيبين حسب وصفه والمنتجين في العراق وخاصة في الموصل. كما ناشدني لكي انقل رسالته لغبطة الكاردينال عمانوئيل دلي.نعم ان الخيرين في العراق يبحثون عن الخيرين الآخرين, لأن المثل يقول ان الطيور على اشكالها تقع, ونتيجة ذلك نجد إن الرابط الانساني يلغي فوارق الدين والمذهب واللون والقومية لينتج بديلاً عنها علاقات انسانية رائعة؛ فنجد حينها المسلم يدافع حتى الموت عن المسيحي, وكذلك يهرع المسيحي لنجدة اخيه الآخر مهما كان دينه, لننال في المحصلة مجهوداً انسانياً متماسكاً يكون الرابح منها هو المجتمع بذاته.
والموصل اليوم ومنذ فترة ليست بالقصيرة تعيش حالة من الاحتقان ويسودها مظاهر العنف والتوتر والقلق، ينتج عنها ضحايا كقتلى أو معوقين تثير القلق على مستقبل هذه المدينة الطيبة والتاريخية... وكل ذلك يحدث وفي الموصل حكومة منتخبة وتمارس نشاطاتها بحرية وتبسط سيطرتها وتحت امرتها الآلآف من قوى الامن والشرطة والجيش ومئات السيطرات والمخبرين. وكل هؤلاء من المفترض ان وجودهم هو لحماية المواطن.
وخلال كل الحوادث الماضية كانت قيادات الكنيسة لا تطالب بحماية المسيحيين وحدهم انما تتحدث عن العراقيين عموماً كونها تشعر بمسؤولياتها الانسانية وواجبها الديني الذي يدفعها لكي تدافع عن الانسان كإنسان مجرد, رغم إن كل تلك الدعوات لم تجد آذاناً صاغية في معضمها، ومخطط المجرمين واجنداتهم مستمر بالتطبيق.
وليس عام 2008 بعيدا عندما حدث هروب جماعي من الموصل لأكثر من 2000 عائلة وبفترة قياسية، وحينها لم نجد رد فعل رسمي سوى ما قام به الخيرون من المنظمات الانسانية والشخصيات التي وضعت حداً مؤقتاً للمعاناة. لكن بؤر التوتر لم تتوقف وفقدان اعداداً جديدة من ابناء شعبنا كنزيف الدم مستمر دون توقف ودائماً يكون الجاني مجهولاً وكان الجناة يسرحون ويمرحون بحرية، ويتهيأ للمراقب لأول وهلة ان لا حكومة ولا قانون في نينوى وكأن الحكومة المركزية غائبة او لا تسمع او تعلم بما يحدث. والمراقب يستغرب عن ازدواجية القرارات, فعندما حدثت احداثاً مؤلمة في البصرة هرعت الدولة بعملية عسكرية امنية لم تتوقف الى ان ساد الامان هناك, لكن ازاء الموصل لم نجد ذات شئ سوى حدوث عملية ابسط ما يمكن ان يقال عنها انها خجولة وكنا نسمع اقوال للتخدير تفيد بأن المعركة الاخيرة مع الارهاب ستكون في الموصل لكن الى متى؟
- يتجول الارهابيون بحرية في الموصل...
- يستخدمون مكبرات الصوت في نشر واعلان ما يعتزمون فعله....
- خطفوا وقتلوا.. نساء.. رجال ولم يسلم من اذاهم حتى رجال الدين الذين ينشرون ثقافة التسامح والمحبة.
- تم اتهام الاكراد تارة والعرب أُخرى وكل ذلك لتمييع القضية تمهيداً لتسجيلها ضد مجهول.
- استخدموا الترهيب الجماعي وحدثت هجرة جماعية ولم ينجحوا فاليوم يقتلون البشر فرادى علَّ ذلك يدفع الجميع للهرب.
- الم يعلم الجميع ويقتنع بأن مسيحيي الموصل اليوم هم يتعرضون لخطر الابادة الجماعية والاجتثاث من ارض آبائهم واجدادهم؟ وهم بأمس الحاجة للحماية اليوم من اي وقت مضى.
- لماذا لا يتم محاسبة حكومة المدينة ومجلس المحافظة إن هم ليسوا قادرين على حماية اهلها؟ فلماذا لا يتركون ذلك لمن يقدر؟
- اين دور الحكومة المركزية من كل ذلك؟
كتبنا ذلك لكي نضع الحقائق كما هي امام الجميع لأن هناك خطر حقيقي وان طال اليوم المسيحيين في الموصل فغداً سيطال الاكراد والعرب الشيعة او السنة او التركمان او الايزيديين. فمتى تتحرك السلطات لوضع حد لهذا المسلسل الدامي الذي يستهدف العراق؟
عبدالله النوفلي .. الموصل