النازحون بسبب الجفاف وشحّة المياه في مواجهة الظروف البيئية وقرارات مجالس المحافظات
المصدر: طريق الشعب
في الأيام الأخيرة، صدرت تصريحات من بعض أعضاء مجالس المحافظات جنوب بغداد، تشير إلى عدم قدرتهم على استقبال النازحين من الفلاحين، مربي الماشية، وصيادي الأسماك الذين اضطروا لترك قراهم وأراضيهم بسبب الجفاف وشحّ المياه، رغم تزايد أعدادهم المستمر. فقد نزح أبناء أكثر من 70 قرية في مناطق الجنوب الأكثر تضررًا، وهلكت آلاف من حيواناتهم، خاصة الجاموس، وانخفضت كميات الأسماك المنتجة من الأهوار إلى أقل من 10بالمائة، مما أدى إلى انقطاع مصدر رزقهم.
تشمل هذه الحالة أيضًا المزارعين في السماوة، حيث نزحت أكثر من 1100 عائلة، والديوانية أكثر من 1350 عائلة، إضافة إلى مناطق النجف وديالى وكركوك والموصل. والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت مجالس المحافظات، المسؤولة عن شؤون المواطنين وحمايتهم، ترفض استقبالهم بذريعة تغير التركيبة السكانية والمتغيرات الأمنية، فمن المسؤول عن هؤلاء المواطنين؟ أليست الدولة وحكوماتها المتعاقبة هي المسؤولة عن معاناتهم والمشاكل المعيشية التي يواجهونها؟ ألا يجب إنصاف هؤلاء المواطنين الذين تجاوزت أعدادهم عشرات الآلاف؟
أليس من الضروري توفير المياه لهم للشرب ولريّ مزارعهم وسقاية مواشيهم؟ والتفاوض مع دول الجوار، تركيا وإيران، التي استولت على حصة العراق المائية بمختلف الحجج والذرائع. خصوصًا أن رئيسي هاتين الدولتين قاما بزيارة العراق خلال هذا الشهر والشهر الماضي، ومع ذلك لم تُحرّك حكومتنا ساكنًا في مفاوضاتها معهم للضغط من أجل استعادة حصة العراق المائية! بل أن الحكومة ووزارة الموارد المائية لم تعلنا عن نتائج هذه المفاوضات!
ألم يكن بإمكان مجالس المحافظات توفير مقطورات المياه لهم أو حفر آبار ارتوازية بدلاً من التهديد بعدم استقبالهم بذريعة التركيبة السكانية والوضع الأمني؟ إنها تساؤلات كثيرة، فهؤلاء مواطنون عراقيون، لم يأتوا من خلف الحدود. كما يجب على وزارة الهجرة والمهجرين ألا تكتفي بما قدمته لهم بداية العام الدراسي الماضي، فهو لا يغني ولا يسمن من جوع.
المطلوب من جميع الجهات المذكورة، بما فيها وزارة الموارد المائية، وزارة الزراعة، وزارة الهجرة والمهجرين، مجالس المحافظات، والمحافظين وإداراتهم، أن تتحرك بسرعة لاتخاذ إجراءات عاجلة وحلول فعّالة لمشكلة مواطنينا النازحين بسبب الجفاف وشحّ المياه، وألا يتركوا هؤلاء بين سندان الظروف البيئية والجفاف وشحة المياه، ومطرقة مجالس المحافظات.