الوالدين والموقف من الغريزة الجنسية لدى الأبناء المراهقين
21/12/2010تعتبر الغريزة الجنسية من أقوى الغرائز البشرية، وأخطرها في الوقت نفسه، أنها غريزة البقاء للجنس البشري، والتي تتشابك مع غريزة الأبوة والأمومة لتكونا معاً اتحاداً مقدساً يجمع بين الذكر والأنثى، لكي تنشأ الخلية الصغيرة في مجتمعنا أي [الأسرة] حيث يكّون مجموع الأسر المجتمعات البشرية.
تبدأ هذه الغريزة بالظهور منذ مراحل الطفولة الأولى بشكل بسيط وبدائي في بادئ الأمر، لكنها سرعان ما تتطور في بداية مرحلة المراهقة، وتشتد عنفواناً، حيث نجد الأبناء يميلون كل إلى الجنس الآخر[الذكر والأنثى].
ففي هذه المرحلة يأخذ الجنس لدى المراهقين بالسيطرة على تفكيرهم باستمرار، ولذلك فأن مرحلة المراهقة تعتبر اخطر مراحل النمو، وأكثرها حاجة لإشراف الآباء والأمهات والمربين، وضرورة تقديم النصائح والإرشادات للمراهقين غير مكتملي النضوج، والذين يمكن أن يتعرضوا لأخطار كثيرة إذا أهملنا واجبنا تجاههم كمربين، وتركناهم يتخبطون في سلوكهم وتصرفاتهم.
ينبغي أن نعطي اهتماماً كبيراً للتربية الجنسية، سواء في البيت أو المدرسة، وعدم التهيب من إعطاء أبنائنا وبناتنا المعلومات الكافية عن الحياة الجنسية، وينبغي لنا أن ندرك أن الاضطراب العصبي الذي نجده لدى المراهقين عائد في الواقع لتهديدهم من الاقتراب من المسألة الجنسية.
إن سياسة السكوت وحجب الحقائق الجنسية عن الأبناء تؤثران تأثيراً سلبياً بالغاً عليهم، إضافة إلى أنهم سيدركون أن ذويهم يكذبون عليهم، وهم سوف يجدون الحقيقة عاجلاً أم آجلاً، وعندما يكتشفونها فإنهم سوف لن يستمروا بمتابعة طرح الأسئلة على ذويهم، وسوف يستعيضون عن ذلك بالحصول على كل المعلومات المتعلقة بالحياة الجنسية من زملائهم الآخرين.
إن الكذب على الأبناء عملُ غير صحيح إطلاقاً وغير مرغوب فيه، وإن المعلومات عن المواضيع الجنسية ينبغي أن تعطى لهم تماماً بنفس اللهجة، ونفس الشيء من المعلومات عن المواضيع الأخرى، وأن تعطى بنفس الحديث المباشر.
وإذا كان الوالدان غير قادرين على التحدث مع أطفالهم بشكل طبيعي في المواضيع المتعلقة بالجنس فسيدعونهم يستمعون إلى الآخرين الذين هم أقل تمسكاً بالتقاليد وقيم العائلة، وليس هناك أية صعوبة قبل البلوغ في جعل الطفل يبقى طبيعياً بالنسبة للجنس، تماما كما في المواضيع الأخرى، وحتى بعد البلوغ سوف تكون أقل بكثير عندما ينعمون بصحة سليمة أكثر مما عندما تكون عقولهم قد امتلأت بالرعب والحرمان غير المعقول.
إن التضحية بالذكاء في سبيل الفضيلة عن طريق جعل الأولاد مشغولين ومتعبين جسدياً، كي لا تكون لديهم فرصة أو ميل للجنس يسبب لهم الأضرار التالية:
1 ـ يغرس رعباً وهمياً في عقول الأولاد.
2 ـ يسبب نسبة كبيرة من الخداع.
3ـ يجعل التفكر في المواضيع الجنسية مشيناً ووهمياً.
4ـ يسبب تشوقاً فكرياً قد يظهر مخطئاً ومدمراً، وقد يصبح مؤذياً قذراً يفقد الراحة، ويعيق الإدراك.
إن من المهم في جميع تصرفاتنا مع الأطفال أن لا نشعرهم أن الحصول على فكرة عن الجنس هو شيء قذر وسري.
إن الجنس موضوع هام جداً، ومن الطبيعي للمخلوقات البشرية أن تفكر به، وتتكلم عنه وخير لنا أن لا ندع أبنائنا يتعلمون عنه من الجهلة أو المراهقين المنحرفين فينزلقون وينحرفون، وخاصة ما نراه اليوم من انتشار الأمراض الفتاكة الناجمة عن فقدان الوعي الجنسي والصحي لدى المراهقين بصورة خاصة، والمنتشرة بشكل خطير في أنحاء العالم كمرض [ فقدان المناعة] الذي بات يهدد حياة مئات الملايين بالموت المحقق، وحيث لم يتوصل العلم لحد الآن إلى علاج شافٍ له، أو الوقاية منه، والذي يمكن أن يُنقله المصابون للآخرين الذين لا يملكون المعرفة والخبرة الكافية لتجنب هذا الوباء الوبيل.
إن مصارحة الآباء والمهات لأبنائهم وبناتهم في كل ما يتعلق بالمسألة الجنسية هي السبيل القويم لأعطائهم الثقافة الجنسية الصحيحة، وتجنيبهم تلقي هذه المعلومات من مصادر غير موثوق بها، وحسناً فعلت المدارس في العالم المتقدم بتدريس طلابها وطالباتها المسألة الجنسية، ومن المؤسف أن يقف جانب كبير من الآباء والأمهات المهاجرين موقفاً سلبياً من ذلك، ويعتبرونه يشكل خطراً على ابنائهم وبناتهم!، غير مدركين انهم سيحصلون على هذه المعلومات عاجلاً أم آجلاً من زملائهم في المدرسة وخارجها ، وأن من الأسلم لهم أن يتلقوا هذه المعلومات المتعلقة بالحياة الجنسية من ذويهم بكل تأكيد.
حامد الحمداني
الموقع الجديد :www.Hamid-Alhamdany.blogspot.com