Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الوطن’ بيث نهرين‘ أولا وأخيرا !

في مطلع القرن الماضي وبعد ظهور بوادر انهيار الأمبراطورية العثمانية أو كما يحلو للمؤرخين الغربيين تسميتها " بالرجل المريض " منذ القرن الثامن عشروبعد تدخل الغرب بشكل مباشر في شؤون الشرق الأوسط تحت غطاء ما يسمى وقتئذ ، بالمسالة الشرقية – The Eastern Question ‘ ( 1 ) حيث كان وازعها الأوحد وهو تقسيم تركة الدولة العثمانية .
وبعد مباحثات من خلال المؤتمرات والاتفاقيات الدولية على سبيل الذكر سايكس بيكو 1916 و سان ريمو 1920 بين هذه الدول حول مصير المنطقة ، اذ نرى بعد 1918 ولأول مرة منذ السيطرة الاجنبية لبلادنا بدءا بالفرس واليونان ومرورا بالرومان والعرب والعثمانيين ظهرت التسمية - ميزوبوتاميا- اي بيث نهرين / بلاد الرافدين من جديد على مسرح السياسة العالمية .
لقد تشكلت هذه الدولة الحديثة وان لم تغط ارض بلاد الرافدين كما كانت قديما ، ولكن الأهم انها شملت مراكز الحضارة لبلادنا كلها التي نشات على ايدي اجداد نا الاوائل في سومر , بابل واشور المتمثلة في العهد العثماني بالموصل/ نينوى ، بغداد والبصرة.
والآن لنلقي نظرة خاطفة حول بروز " العراق " كتسمية لبلادنا . من المعروف تاريخيا قد استخدمت التسمية هذه لأول مرة من قبل العرب المسلمين في مطلع القرن السابع الميلادي حينما أدخلوا بلادنا ضمن الامبراطورية العربية الاسلامية . والجدير بالذكر أن التسمية هذه لم تكن تشمل وطننا كما هوعليه اليوم بل التسمية العراقية في البداية كانت تشمل كل المناطق على الخليج السومري من جنوب بغداد والآخرون يسمونه اليوم بالخليج الفارسي اوالعربي اي ضمنا منطقة الأهوازأيضا اليوم في إيران .
ومن المعروف أن مصدر التسمية لها تفسيرات عديدة وخصوصا عند العرب ومن أطرفها اذ يرجعوها الى " عرق ، اعرق وعروقا " وهي مبادرة لا بأس بها ولكن للأسف غير صحيحة والأكثر دقة أنها جاءت من اسم مدينة " أوروك - Uruk/Erech " وهي من مدن بيث نهرين الجنوبية ذات الشهرة الواسعة . وهكذا نجد أن التسمية تبعث من جديد ابان تنصيب فيصلا بن الشريف حسين في عام 1921 ملكا على العراق بعد أن خلعه الفرنسيون من العرش السوري في دمشق .
و المؤسف قوله أن العروبيين ( لا العرب ) يحاولون جاهدين أن يكون بلدنا هذا ضمن اطار ما يسمى ب " الوطن العربي " هذا الوطن الذي ليس له حدود . ففي تعليق للدكتور يوسف الصايغ والمطبوع في كتاب باللغة الانكليزية "
Opec &Future Energy Markets 1981 ( 2 ) يقول المحاضر الصايغ: هناك خطط طموحة, حيث قمت بمسح الخطط هذه لعشرين دولة عربية بدون – جيبوتي في (منطقة القرن الافريقي) التي اعتبرت حديثا لتكون عربية حيث الحاضرين عندها طفقوا ضاحكين!" واخرون كالكرد يحاولون بدورهم ان يحولوه الى كردستان الوطن الذي لا وجود له الا في مخيلتهم . ان حجة العرب ان العراق يعتبر عربي منذ البداية ولكن لو تفحصنا عن كثب ، نرى وجود العرب في بلادنا اذا قورن بتاريخه الطويل 8000 عام ، لا أهمية له اطلاقا لقصرالفترة ، اذ هناك محتلون آخرون قد حكموه ايضا على سبيل الذكر الأتراك ولكن ليس هناك نية بالحاق شعبنا أواعتباره تركيا ، وقد يكون هناك من يقول أن الشعب العراقي اليوم يتكلم اللغة العربية ويدين بالاسلام ، نرد عليهم قائلين إن لغة هذا البلد لم تكن عربية ولا دينه كان الاسلام سابقا . واذ كان نتيجة سيطرة العرب على وطننا أدى الى ذلك وفق ما قاله الاخ الدكتور ماجد خدوري ( 2 ) وهو عراقي بنفسه في كتاب له باللغة الانكليزية " حرب الخليجThe Gulf War -1988 , صفحة 3 ,4 " إن هوية العراق تقريبا قد اختفت وشعبها انصهر ثقافيا وقد تبنى لغة الحكام العرب ." وفي نفس المصدر يقول " العراق قد طور حضارة (البابلية والاشورية) ونظام اداري متقدم جدا وبزمن طويل قبل ظهور بلاد فارس " اذا حان الأوان للعراقي الشهم ان يعود إلى جذوره الاصيلة ولا اعتقد أان هناك شعبا ينكر هويته الحقيقية وخصوصا كشعبنا ذي حضارة لا مثيل لها تقريبا حيث تبعث الفخر والاعتزاز .
الكاتب الاميركي William Pfaff يقول في كتابه - 1993 The Wrath of Nations او " غيظ الامم " ( 4 ) عندما يتحدث حول تكوين الامم يقول: " ليس هناك قومية عربية وان التجربة التاريخية للمنطقة لا تدل على وجود امة كهذه بل كل ما هنالك مذهب / ديانة ، مجتمع , امبراطورية وخلافة... " و يستطرد ويقول عندما يتحدث عن الدول الحديثة في المنطقة بعد 1918 منها – العراق وحده الذي يملك كل المقومات الضرورية لأن يكون امة... والعراق وحده يملك الادعاء بالهوية القومية لان هذه الدولة الحديثة لها استمرارية تاريخية بارزة ومدهشة " .
هدفي من هذه المقدمة ليس الذم اوالتعيير بالعروبة وغير العروبة - لا سمح الله - ليس هذا مأربنا , ولكن الهدف من ورائه ليس الا التشدد والتشبث على الوطنية ، الوطنية العراقية التي تجمع مصيرنا ، واضعين جانبا العروبة والاسلام وكذلك هذه القوميات الدخيلة وفي طليعتها الكردية والعمل معا لبناء صرح هذا الوطن من الانهماك في قضايا دينية او اثنية التي من المؤكد كانت في الماضي وكذلك في الحاضر العائق الوحيد في طريقنا للم شملنا واحلال السلام والطمانينة في ربوع عراقنا الحبيب .
ليس هناك من ينكر العروبة ووجودها ، انما الذي ننشده هو تبيان الحقيقة باننا لا ننكر وجود العروبة او العروبة الامبراطورية الذي موطنها هوالجزيرة العربية . وليعلم القارئ المحترم أن العرب الذي عرفهم للعالم كانوا من ورائه أجدادنا واجدادكم الآشوريين ولن نقف ضدها اطلاقا ، اي ضد الوحدة العربية في بلاد العرب – الجزيرة العربية - بل نشجع كل الدول ذات العلاقة باحرازها ولكن العراق ليس بعربي مهما حاول البعض فرض العروبة عليه ، إن المنطق لا يتطلب أن تحذف تاريخ كامل وطويل ينوف على 7000 سنة لهذا الوطن بأسره وتعويضه بتاريخ المحتل العربي الذي لا شان له ولا جاه بنا ، ورب قائل يقول ان العرب كان لهم حضارة زاهية وزاهرة ولكن بالحقيقة العرب لم يكن لهم تلك الحضارة بمعناها الصحيح ( 5 ) بل ورثوها من الشعوب التي رزخت لنيرهم واولهم شعبنا الآشوري البابلي ليس الا ! واذا كان لهم حضارة ما ، فتلك الحضارة ليست سوى ما هو موجود في الجزيرة العربية موطن العروبة الاصلي .
وأما بخصوص الاكراد وباقي الاثنيات / جنسيات من أصول غير عراقية فنحن نرحب بهم أجمل ترحيب ولكن بالمقابل يجب أن يحترموا قوانين الوطن ووحدته ، أما في حال تحقيق طموحات قومية التي تخص بهم فليس هناك مانع من جانبنا ولكن يجب أن يدركوا أن لا مكان لطموحاتهم في وطننا العراق اطلاقا . اذا بالنسبة للاكراد ما عليهم الا العودة الى ايران الذي هو موطنهم ووفق ما يدعون به انفسهم وفي ادبياتهم لبعث قوميتهم .
اننا نطلب ونحض المواطن العراقي احترام كل الاديان سواء الدخيلة منها كاليهودية ، المسيحية ، الاسلام والمحلية ، ولكن شريطة ألاّ تتدخل في القضايا والشؤون السياسية . ومن المعروف أن الديانات عموما لم تظهر الا لخير البشرية واما اذا كانت هذه الديانات مصدرا للفرقة والانقسام والأنكى من ذلك أن تكون مصدرا لهدر الدماء البريئة عندها مع الأسف تغدو مخالفة للقواعد والمبادئ لا الدينية التي جاءت من اجلها فحسب ، بل الانسانية أيضا .
وحري برجال الدين أي دين ان يتحلوا بالأخلاق الرفيعة السامية والعمل الدؤوب لاحلال السلام العادل وبدون انحياز لجانب ضد آخر ومطلوب من رجال الدين المسلمين خاصة أن يكفوا باصدار فتاوى بهدر الدماء ، بل لتكن فتاواهم لحقن الدماء واحقاق الحق بين العامة .

والخلاصة أقترح هذه الخطوات للشعب وللحكومة العراقية :

- وحدة البلاد الجغرافية غير قابلة للتجزئة .

- الدستور العراقي وجب تعديله مجددا لأن كاتبه والمشرف عليه صهيوني ولأنه لا يتناسب مع الدولة العصرية بمعناها الصحيح أيضا .
- الدستور الجديد للعراق يجب أن يكون عصريا بكل معنى الكلمة واولها عدم اقحام الدين في شؤون الدولة .
- منح المراة او بالأحرى – الأم او الأخت العراقية بكامل حقوقها مساوية للرجل تماما اذ هي النصف الآخر من النسيج العراقي وكذلك العمل بمنع تعدد الزوجات !
- بناء جيش قوي للعراق الذي يكون ممثلا لكل الأطياف بدون تفرقة كما لا يسمح اطلاقا بتكوين ما يسمى بالجيش الشعبي او بالميليشيات المحلية واذا وجدت وجب حلها على الفور.

وهذا غيض من فيض ، وما أتيت به بهذه العجالة من المؤكد ليس الا كبداية لوضع اللبنة الأولى في صرح عراقنا الجديد القديم وأنا لي ثقة أن في شعبنا كثير من المثقفين الذين بوسعهم وضع خطة شاملة وكاملة لانتشال وطننا من الوضع الماساوي المزري لللأسف الشديد الذي فيه اليوم.
اللهم أتقدم اليك بتواضع وخشوع لتبارك شعبنا وأطلب منك انقاذه من المحنة التي هي فيها كما أطلب أن تغرس في نفوسهم المحبة والالفة لخدمتك اولا ومن ثم لخدمة الوطن والشعب – عاش العراق وشعبه موحدا معززا الى الأبد
ولك الهي الشكر والحمد الى دهر الداهرين !


( 1 ) George Lenczowski, The Middle Eastern World Affairs – Fourth Edition , Cornell University Press , Ithaca and London 1980 , 76 -77 , 81 -88 , 102 , 314
( 2 ) Opec & Future Energy Markets , St. Martin’s Press 1981 page 183
( 3 ) Majid Khadduri , The Gulf War , Oxford University Press 1988, New York, page 3 ( 4 ) William Pfaff , The Wrath of Nations – A Touchstone Book by Simon & Schuster- 1993 – pages 109 -122
) 5 ) W. Montgomery Watt , The Majesty that was Islam, Sidgwick & Jackson , London 1976 – page 2

Opinions