انطوان دنخا الصنا
رغم اني لست مختصا في التحليل الرياضي ، لكن شغفي وعشقي الكبير لكرة القدم والمنتخب العراقي ، حالي حال اغلب العراقيين ، دفعني لكتابة هذا التحليل والاستقراء المتواضع ، لواقع الرياضة والكرة العراقية حاليا على الارض ، والصورة المؤلمة والحزينة التي وصلت اليه ، وخاصة في بطولة كأس الخليج (19) بعد خسارة منتخبنا لكرة القدم القاسية والغير متوقعة ، مع منتخب سلطنة عمان بنتيجة (4 - 0) وكذلك خسارته امام البحرين (3 - 1 ) وخروجه من المنافسة على الكأس ، حيث اصيب جمهوره بالاحباط من ادائه البائس ، علما ان العراق سبق له ان فاز ببطولة كأس الخليج العربي ثلاثة مرات في السنوات 1979 -1984 -1988 في ادناه سوف اسلط الضوء ، وحسب رأيي الشخصي على الاسباب الحقيقية والفعلية ، لهذا التدهور والتراجع في الرياضة العراقية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص :1_ وضع الرياضة والمنتخب العراقي لكرة القدم حاليا في العراق ، هو انعكاس لحالة الوضع السياسي والاجتماعي والامني والاقتصادي ، المحيقة بالبلاد من الاحتقان الطائفي ومخاطر الارهاب ، والفساد المالي والاداري وضعف الاداء الحكومي ، وضعف الاداء والخدمات ، وتردي الشفافية والنزاهة ، حيث تبوء في اغلب المراكز والمواقع القيادية والادارية والفنية ، في الاختصاصات الرياضية ، اشخاص وعناصر لا علاقة لهم بالرياضة واصولها وعلومها وشجونها او اشباه الرياضيين ،حيث تسلق وتسلل قسم منهم الى وزارة الشباب والرياضة او اللجنة الاولمبية او الاتحادات الرياضية او الاندية الرياضية ، وكل التشيكلات الملحقة بها ، بغفلة من الزمن اناس طفيليين واصحاب مصالح خاصة وضيقة ، لقيادة هذه المؤسسات والاتحادات والاندية ، بطريقة متخلفة وغير علمية ومهنية وفق التطور الحديث لاصول الرياضة في العالم ....
بذلك اصبحت القرارات والصلاحيات كافة ، رهينة واسيرة ، بيد هذه المجاميع والقيادات ، بعيدا عن المهنية والمسؤولية والاختصاص والنزاهة ، حيث حصلت فوضى وتلوث وارباك فيها ، حالها حال بقية مؤسسات الدولة العراقية ، التي يستشري فيها الفساد والبيروقراطية وضعف الكفاءة والاداء ، حيث تم ابعاد المختصين والرياضيين وابطال العراق الرياضيين السابقين والاكاديميين والمخلصين ، من هذه المواقع لاسباب سياسية او مذهبية او قومية ، وفق نظام المحاصصة المقيت ، الذي ينخر جسم البلاد بأستثناء اقليم كردستان ، لتمرير اجندات ونشاطات مختلفة قسم منها لاعلاقة له بالرياضة .....
حيث طفح على السطح المشاكل والاتهامات المتبادلة ، بين الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم ، الذي يترأسه اللاعب الدولي المعروف والمتألق سابقا ، السيد (حسين سعيد) ووزارة الشباب والرياضة التي يترأسها السيد المهندس (جاسم محمد جعفر) الذي ليس له علاقة بالرياضة ، لانه تولى قيادة الوزارة الرياضية وفق نظام المحاصصة انف الذكر ، مما ادى الى ضعف في كفاءة الاداء ، والنتائج المتحققة في مختلف المجالات الرياضية عربيا وقاريا ودوليا ، وضعفت هيبة ومكانة الاتحادات الرياضية والاندية ، وتراجع التنسيق والانسجام الفني بين حلقات الرياضة واصبح موقع العراق الرياضي دوليا في ذيل القائمة ...
2_ بسبب ما اشرنا اليه في الفقرة (1) اعلاه ، حصل تعقيد وتقصير وتراجع وارباك وخلل ، في اداء منتخب العراق لكرة القدم ، حيث ان منتخبنا خلال الستة اشهر الماضية ، لم يستطيع ان يخوض مبارات تجريبية دولية واحدة ، في رحلة الاعداد لكأس الخليج ، مع اي فريق دولي مرموق ، عدا المبارات الاستعراضية الرمزية مع نجوم العالم في ايطاليا ، التي خسر فيها منتخبنا مع عجائز العالم وليس نجومه ، هذا من جهة ومن جهة اخرى ، لم يستطيع الاتحاد المركزي لكرة القدم ، او وزارة الشباب والرياضة ، لملمة وتجميع منتخبنا للمشاركة في وحدة تدريبية مشتركة لجميع اللاعبين ، كفريق متكامل ومنسجم ومتفاهم ، لتعزيز كفائته ورشاقته وتأهيله ، مما ادى الى ارباك وترهل خطوطه الثلاثة ، اثناء بطولة كأس الخليج (19) ، وهذا ما ظهر جليا وواضحا في الملعب ، خلال الخسارتين انفة الذكر ، اضاف الى التوتر والخوف والوجل ، وضعف الشعور بالمسؤولية الوطنية والتربوية لدي قسم منهم .....
ومن المظاهر السلبية الاخرى التي ظهرت على اللاعبين اثناء سير المباريات وقبلها ، حيث اصبح كل لاعب يهتم بمظهره الخارجي ، مثل تسريحة شعره وحركاته البهلوانية والاعتراض على الحكم بسبب او بدونه ، لتبرير اخفاقاتهم واستعراض عضلاتهم الخاوية امام الجمهور والكامرة ، دون الانتباه الى ادائهم المتواضع الهش ، اما دموع التماسيح التي يذرفها بعض اللاعبين والمشجعين ، كحالة عاطفية لا تخدم مسيرتنا الرياضية ولا تنطلي على الجمهور الرياضي ، لان قسم من هذه الدموع مفتعلة ، هدفها للظهور امام الكامرة واستعطاف مشاعر الجمهور الجياشة ...لاهداف شخصية ...
3 _ ضعف شخصية مدرب المنتخب العراقي القيادية ، السيد (فييرا) واهتزازها ، مما دفع بعض الاداريين والاعبين المحترفين ، في صفوف المنتخب ، للتدخل في شؤون المدرب الفنية وخططه وتشكيلة الفريق ، بسبب شلل وضعف وارباك عمل الاتحاد المركزي لكرة القدم ، وانعدام رقابته واشرافه على المدرب والفريق ، حيث تعصف بالاتحاد المشاكل والهموم مع وزارة الشباب والرياضة ، وتتولى ادارات غير رياضية قد تكون سياسية العمل بالنيابة عنه في مثل هذه المهمات ، وكذلك عدم قدرة الوزارة المذكورة ، من تحمل المسؤولية بشكل كامل ومهني ومسؤول وينحصر دورها في الامور الادارية والمالية فقط ...
4_ عدم وجود ضوابط وشروط ادارية وفنية ملزمة للاعبين المحترفين ، للموازنة بين الاحتراف للعب خارج العراق ، ومصلحة العراق الوطنية وسمعته ، حيث هناك بعض التسيب واللامبالاة وسوء السلوك والتمادي ، وعدم الشعور بالمسؤولية والالتزام ببرنامج المنتخب التدريبي ، لدى قسم منهم ، خاصة بعد حصولهم على عقود الاحتراف والمبالغ المالية ، من الاندية خارج العراق ، حيث تكون المصلحة الوطنية وسمعة العراق والكرة العراقية ، ثانوية وهامشية لديهم ، في ظل غياب نظام فرض غرامات مالية وعقوبات ادارية رادعة ، بحق كل من لم يلتزم بشروط الاحتراف والتدريب ، ورفع اسم العراق عاليا ، لذلك لا بد من وضع ميزان عادل ومتوازن ، يكون كفه الوطن وسمعة الرياضة والكرة العراقية اولا ، هي الراجحة ، ومصلحة اللاعب الشخصية ثانيا ، ويمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول العربية التي سبقتنا في مجال الاحتراف مثل مصر وتونس والمغرب حيث مستوى منتخباتها متميز ....
ازاء ما تقدم اضع هذه الملاحظات والايضاحات والافكار ، امام انظار المسؤولين في الحكومة العراقية ، ووزارة الشباب والرياضة ، واللجنة الاولمبية العراقية التي لازال مصير رئيسها السيد (احمد الحجية) منذ فترة طويلة في خبر كان وسط صمت مريب للحكومة العراقية ، وكذلك امام انظار الاتحادات والمؤسسات الرياضية ، لاعداد دراسات وبحوث فنية رياضية متخصصة لدراسة اسباب التدهور في الرياضة العراقية والمعالجات العلمية اللازمة ، في كافة مجالات الرياضة ، ومنها بشكل خاص كرة القدم ، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وبالتنسيق مع الاتحادات الرياضية العربية والقارية والدولية المتخصصة ....
ويجب ان تعرف الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا ، ان دورها وانجازاتها في مجال الرياضة وكرة القدم ، لازالت بالحد الادنى او دونه ولا يرتقي بطموحات وامال الجماهير الرياضية ، واغلب المؤسسات والاتحادات والاندية الرياضية حاليا تعيش حالة من الفوضى التخبط والعشوائية والفساد ، وهي ليست افضل من حالها عندما كان الكسيح (عدي) ، يشرف عليها حسب مزاجه واهوائه وعقد نقصه ، واذا اردنا المقارنة بين العهدين عهد قيادة ابن الدكتاتور الفاشي (صدام حسين) (عدي) والعهد الحالي في مجال الرياضة والمنتخب بشكل تفصيلي فأننا قد نظلم الطرفين وللحديث بقية ...
الحكمة :
----------
(ما اصعب ان تجد نفسك مع الوقت .... تتنازل عن احلامك الواحد تلو الاخر ... )
انطوان دنخا الصنا
مشيكان
antwanprince@yahoo.com