برلمان بدون معارضه يعني شعب بدون غطاء وسيارة المصفحة لن تفيد
من الديباجات التي يتنفس ساستنا بها الصعداء أزاء تذمر المواطنين وأنتقادات الناس لهم, هي حكاية كونهم عارضوا حكم النظام الديكتاتوري وناضلوا طيلة خمس وثلاثون عام, ونحن نقول لابأس وبارك الله بيكم, لكن سؤالنا اليوم هو, على ماذا صوت الشعب وانتخبكم؟ هل سيأخذ الشعب بهذا الكلام كجواز مرور يجيز لكم التربع في البحبوحات وهو ساكت يتذوق الضيم والحرمان ؟ إن حكاية كنت وكانوا قد شاخت لا تفيد ولم يعد هناك عراقيا يطيبه سماعها , فالعراقيون شعب صبور على المكاره مهما حاول الحاكم ان يتحكم , الشعب العراقي كأي شعب سوف لن يدع الحاكم يحكمه على مصير مجهول , إذن حبذا لو غادر ساستنا هذه الديباجات والحكايات لأن حكم الشعب وتقييمه لأهلية الحاكم هو المعيار الوحيد لمشروعية حكمه وديمومته وليس اسم الحزب او لونه ,من يريد ان يكسب ود الشعب وتأييده , فالباب موجود لكن مفتاحه هو الإخلاص لهذا الشعب والجد في معاملته والا ما بالكم من لحظة غضب لا يفيد فيها الندم .الملاحظ في الحاله العراقيه,هوتكرار الخلل الذي لم يجرؤ الساسة على تجاوزه ولأسباب متعددة لكن أهمها هو غياب الثقة بين الكتل التي لا تختلف ولا تتفق فيما بينها الا على توزيع المكاسب والمناصب , أما الشعب المسكين, فما عليه سوى أن يهتف لهؤلاء المناضلين ويرتضي صاغرا بما يقررونه له لانهم قد نالوا شرف معارضة صدام وكانهم الوحيدون الذين فعلوها.
عيب كبير آخر في حال ساستنا وعجزهم الذي تؤكده مساعي تبرير سلوكهم من خلال الإدعاء بأن مقتضيات المرحلة تستوجب اللجوء الى أسلوب التوافقات كما يسمونها بينما هي المحاصصه السياسية او الطائفيه بعينها الغرض منها حصر تقسيم المناصب بينهم و إبقاءالإمتيازات لصالح كتلهم وأحزابهم على حساب البرامج التي على أساسها صــوّت الناخب, ,ولنفترض جدلا ان قصد الكتل من هذا السلوك هوخلق حالة من التوفيق والإتفاق, لكن حين يتجاوز ذلك ليصبح وسيلة لتمريرمصالحهم تحت شماعة تهدئة الوضع وتخفيف الصدامات فيما بينهم,فمثل هذه الفعاليه تخفي في ثناياها الكثير وهو اكبر وأخطر من ان يتغافله سياسييونا,لان تبجحهم بالتوافق والمراضاة سوف لن يعفيهم من تهمة التعسف والتهميش بحق مطالب الشعب المهمه.
لقد أصبح شغل برلمانيينا الشاغل فرض إمتيازاتهم وشرعنتها ثم توريثها للأحفاد رغما عن أنوف ملايين العراقيين بحيث تجاوز سقفها العالي كل الأعراف والاصول , بحيث لم نعد نستغرب ونحن نرى أيادي ألجميع ترتفع تأييدا لإحقاق هذه الإمتيازات التي لا تلاقي اي معارضة برلمانيه عدا إنتقادات وإحتجاجات العامة من خارج البرلمان , أذن كيف ومن اين نأتي بالبرلماني الأسطوري الذي سيوصل صرخة المواطن العراقي الرافضةلهذه التجاوزات, ومن سينقل معانات العراقي وهمومه اليوميه, ناهيك عن من منهم سيعارض حين تأتي المسألة حول مصير الوطن وحدوده ومصالحه ؟
المؤسف والمخيب حقيقة لآمال الشارع هو أن كثرة تجاوزات برلمانيينا في الدورات السابقه , لم تشكل درسا يتعظ منه البرلمانيون الجدد, كما لم تلقى أصوات الناس المعترضة أية آذانا صاغيه ,الى ان وصل بهم الامر اليوم مطالبتهم بتخصيص مبالغ لشراء سيارات مصفحه (مدرعات) تصل قيمتها الى حدود الثمانين مليار دينار!!! ماذا يتوقع هؤلاء الساده البرلمانيون من ردة فعل الشارع العراقي الذي طال صبره وتحمل الكثير من اجل يوم يرى فيه نفسه يتمتع بموارد بلده؟
لو اراد الساسة الكبار ضمان امن حياتهم وثقة شعبهم بهم, فالشعارات والوعود لم تعد تغني ولن تنطلي على احد ما لم يكن التسابق على كيفية برمجة الجهود من اجل حل مشاكل المواطنين ,في ذلك فقط يكمن الضمان الوحيد لإقناع الشعب وتهدئته, أما أن تجعلوا من تحت قبة البرلمان ساحة مزاد برلماني مخصصه لإقرار المكاسب الخاصه بكتلكم وبحماية حياتكم , فالعراقييون لن يسكتوا عليكم وعلى الظلم الذي يطال الشارع العراقي الذي أصبح مسرحا للأحزان والازمات .
البرلماني العراقي الذي يطالب بسيارة مصفحه شخصيه , الأفضل له أن يتنحى لان
المصفحة التي ستحميه من نيران الإرهابي كما يدعون ,فهي لن تحميه أمام حرمان العراقي , و لن تمنع المواطن بعد نفاذ صبره من حرقها وحرق نفسه معها ,ففي العراق الملايين من المحرومين الذي اوشك صبرهم على النفاذ , وهنالك الالاف من الخريجين العاطلين أمثال البو عزيزي التونسي , لسنا هنا في موقع التحريض إطلاقا, لكن التحذير واجب .
الوطن والشعب من وراء القصد