بعثة الصليب الأحمر في العراق والحصة التموينية
رغم ان التفجيرات والاغتيالات التي شهدتها بغداد والبصرة والكوت والموصل والرمادي، خلال أيام الأسبوع الحالي، قد احتلت صدارة نشرات الأخبار، كان هناك خبر لا يقل إيلاما من رؤية أشلاء الشهداء، وسماع أنيين الجرحى، و أصداء صيحات الإغاثة التي يطلقها المواطنون، بعد كل حادث إرهابي يتعرض له المدنيون.فخبر البيان الذي أعلنه (دوشان فيكوفيتش) مندوب بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الى العراق، ببدء البعثة حملتها لتوزيع مساعدات على 64 ألف عراقي معوز في عشر محافظات منهم 12 ألف في بغداد بمناسبة حلول شهر رمضان، بحسب مندوب اللجنة المسؤول عن عملية التوزيع، هذا الخبر جاء ليكذب، من جهة، كل دعوات حفظ الكرامة الإنسانية للمواطن العراقي التي كثيرا ما وعد المتنفذون بتحقيقها، وكانت عنوان حملاتهم الانتخابية، وهو يثبت من جهة أخرى ان ليس الفساد وحده هو الوجه الآخر للإرهاب، وإنما تجويع الشعب العراقي وإذلاله وعدم توفير الحد الأدنى من وسائل المعيشة التي تضمن له الحياة بكرامة، هو إرهاب آخر، وله فعل المتفجرات ذاتها.
لو كانت عملية التوزيع قد تمت أيام الحصار الدولي المفروض على العراق، لبدا الأمر مفهوما، حيث عاش العراقيون تحت حكم دكتاتوري متسلط على رقاب الشعب بقوة الحديد والنار، وتسبب في إشعال الحروب وإدخال العراق في أزمات حادة، أوصلت الشعب على حافة المجاعة والبؤس.
اعتقد جازما ان هناك بلدانا اولى من العراق بالحصص الغذائية التي ستوزعها البعثة، هناك الصومال حيث الحروب الأهلية والمجاعة، وهناك جنوب السودان، وهناك شعوب ما تزال تعيش على تخوم الحضارة، هي أحوج ما تكون للدعم، فنحن بلد يتباهى حكامه بالميزانيات الانفجارية، هذا التعبير الذي استعاروه من القاموس الاقتصادي للدكتاتورية، في بلد عادت فيه صادراته النفطية الى حد كبير الى مستواها السابق، وهي تدر مليارات من الدولارات سنوياً. لا يمكن ان يكون فيه الجوع والفاقة هما عنوان الحياة.
من اين الوقت للمتنفذين في العراق كي يفكروا بجوع الشعب الزاحف؟ فهم منشغلون بجولاتهم المكوكية بين العواصم الإقليمية، وكذلك في استقبال المبعوثين الأجانب، اما مداولاتهم المستمرة فهي شكلية غير منتجة، لا يمكن لها ان تثمر اتفاق تسمية مرشح لرئاسة الوزراء، ما دامت العيون مسمرة نحو الحدود تنتظر توافقا مركبا (اقليمي – دولي) ليحل معضلة تشكيل الحكومة العراقية المرتقبة!.
ان كانت بعثة الصليب الأحمر ستوزع السلات الغذائية "من الفاصولياء والعدس والحمص والأرز وزيت الطهي والسكر والملح ومعجون الطماطم فضلا عن مستلزمات النظافة"، الى العوائل العراقية الفقيرة، فماذا تبقى لوزارة التجارة كي توزعه في شهر رمضان على عباد الله؟
ألف تحية لقلوب بعثة الصليب الأحمر الدولية في العراق، الفياضة بالمشاعر الإنسانية، وهي قلوب رحمة، وتحية أخرى الى فعلهم الخير هذا عسى ان يكون رسالة محفزة للضمائر الحية، التي تعمل بوجدان على دفع شبح الجوع عن شعب العراق