بعد ان بان شعر تلك المرأة،عرفت انها امي
-1-التقيته بعد فراق الف عام
يُدَورُ على جسده المتاهة
املا مشرنقا ببصاق عنكبوت
ولد لتوه برعما في سمرة امرأة وحشية.
وجهه سَأمُ مشوه بخطايا الابرياء.
جلس على نتوء حجارة سجيلية حمراء
يرسم صلبانا معكوفة بلون قيِّ الشيطان
على افخاذ عذارى دير مهجور،
ويغتسل قبل الفجر بعصير زيت القار.
حيث تسقط قطرة سوداء
يورق على صدره شجرة تفاح.
-2-
قال بسَأم المطحون في عقله:
الالم،نزوة يخلفها فينا الندم سهوا.
تلعثم دخان السيكارة في فمه.
اطرق اوان البحر السادر في غيه.
عرفتُ ان على حيرة وجهه...
امرأة تبحر في جذع سنديانة هرمة.
عرفتُ...
حيثما تدور الارض...
يشتهي لو يمضغ نور القنديل.
لو ان ريحا صرصرا
حطت عند تخومه التي هناك
فتشهق المرايا حوله...
موجة تغرق في لجج امرأة غادرته
لانها نست ان تعوم.
-3-
التقيته يمشي على نصل احزانه.
عند يمين مفترق الطريق
فتح ذراعيه على اشدها.
فعرفتُ انه يشتهي...
لو مسخته الالهة الشريرة...
صليبا تعلق عليه اوزار العاشقين.
-4-
قال بسَأم:لنفترق يا صاحبي.
لا يليق بالعشاق الوداع
بين احضان جثة امرأة خرساء.
قلتُ:امهلني بعض صبرك.
انت عدت من الموت قبل ان تموت.
قال:تراك هل نسيت؟
نيرون المزين رأسه بالغار.
قبل ان يلثم شفاه الكأس الاخيرة...
وقف على مضجع اميرة بأثداء قصديرية،
دس دموع فرحه المشدوهة بالجنون
سرا،بين رموش عيونها المسمولة بوميض العاج.
سقطت عنه سهوا...
دمعة اولى ترتدي معطفا اسودا.
النساء في افريقيا تأزرن تويجات الياسمين،
ورجال من عبر حدود الصحارى
تخاصموا على تخوم درب التبانة.
امسك نيرون دمعته الثانية.
على يسار مشيمته القرمزية...
وقف فارس بلحية كثة،
وشارب املط بسحنة تراب القبر.
تفرس نيرون ختم صدغ الجندي.
سهمت ثمالة كأس الدم بين اصابعه.
قال نيرون يحدث نيرون:
هذا رجل من بقايا ضجيج الغزوات
عاد لتوه من صلاة مساء العيد.
هذا رجل ولد بين قوائم الداحس والغبراء
مكتوب على بطاقة تعريفه الشخصية:
لو قتلتك او قتلتني...
غدا،في جنة خلد ربي...
تحت ظل وارف غصن سدرة المنتهى
حورية كاعب لعوب حوراء
ترضعني اللبن والخمرة والعسل.
اومأ اليه نيرون بخائنة عينه اليسرى:
لتحترق روما يا ولدي.
اريج بخور شواء رميم الاجساد
تعطر ساعة الانس ليلة عرسي.
-5-
حملته قبل غروب لمعان الثلج
عاصفة زغاريد نسوة القصر
الى البعيد الف عام.
التقيته يؤوب واديا اجدبا...
معفر جبينه بكحلة سيقان بلقيس،
ورطوبة عش هدهد سليمان.
قلتُ استقرأ شفرة الزهو في عينيه:
اين مضى بك الدهر يا رجل؟
ادنى قدمه اليسرى حيث ارنو
قال:اتذكر المرأة العارية القرعاء؟
تلك امسكوها تزني بخصيان الامير
في جحر النمل في آشور.
كل من مر عليها من رجال نينوى
وبابل وممفيس* واورشليم...
رماها بيمينه جحارة جمرة الزناة.
وحين حل الموكب في تونس والقاهرة.
كان شعرها قد حرث عري كتفيها
فعرفت انها امي.
*ممفيس:مدينة مصرية فرعونية قديمة جدا.